علي جمعة: جوهر الإصلاح في تحويل العادات إلى عبادات
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
في خطبة جمعة سابقة، ألقى فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق خطبة بتاريخ 12-8-2005، تناول فيها أهمية خطبة الحاجة التي استهل بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلامه، مشيرًا إلى ما رواه عبد الله بن مسعود: "كان يعلمنا خطبة الحاجة كما يعلمنا القرآن"، دلالة على أهميتها ومكانتها في الإسلام.
استشهد فضيلة الدكتور بالآية الكريمة من سورة آل عمران:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾.
وأوضح أن هذه الآية تعد من أعظم آيات القرآن من حيث العمل؛ إذ تدعو المسلم للبقاء على ذكر الله وطاعته حتى يأتيه الموت وهو على الإسلام. فالإنسان لا يعلم متى يموت، ولذا يجب أن يكون دائم الذكر والعبادة، دون غفلة أو نسيان.
وأشار فضيلته إلى أن الغفلة عن الله سبحانه وتعالى هي عائق بين العبد وربه، وأن هذا النقص البشري يدعو المسلم إلى الاستغفار والتضرع لله ليغفر له هذه الغفلة.
تحويل العادات إلى عبادات: جوهر الإصلاحناقش فضيلة الدكتور أهمية تحويل العادات اليومية إلى عبادات بنية صالحة خالصة لله تعالى، محذرًا من أن تحول العبادة إلى عادة هو أول طريق الفساد. فالصلاة، على سبيل المثال، إذا أداها المسلم دون خشوع أو تركيز، تتحول إلى عادة لا تؤدي وظيفتها التي أرادها الله لها، وهي النهي عن الفحشاء والمنكر كما جاء في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.
أشاد جمعة بالسلف الصالح الذين استطاعوا تحويل العادات إلى عبادات من خلال تطبيق حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى". فكانوا يخلصون النية في جميع أفعالهم وأقوالهم، حتى في أبسط أمور حياتهم اليومية، فصاروا عبادًا ربانيين يستجيب الله لدعائهم.
استعدادًا لرمضان: دعوة للتقوى والإخلاصاختتم الدكتور الخطبة بدعوة المسلمين لاستثمار شهر رجب الفرد كتهيئة روحية لشهر رمضان، وتحقيق معنى التقوى في قوله تعالى:
﴿ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾.
وحثهم على نقل أنفسهم من دائرة الغفلة إلى دائرة رضا الله، وتحويل عباداتهم إلى إخلاص كامل، وعاداتهم إلى عبادات تقربهم من الله سبحانه وتعالى.
إن خطبة الجمعة هذه تحمل دعوة واضحة لإحياء القلوب بالذكر، وتحقيق معنى العبودية لله سبحانه وتعالى، والسعي لأن تكون كل لحظة في حياة المسلم فرصة للتقرب إلى الله، استعدادًا لمواسم الخير والطاعة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجمعة خطبة الجمعة رمضان الخطبة شهر رجب جمعة إلى عبادات
إقرأ أيضاً:
خطبة الجمعة من المسجد الحرام
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: إن الله عز وجل أودَعَ فيَّ بَني آدم من الغرائز والشهوات، والميل والرَّغَباتِ، ما صَيَّرَ ذلكَ مِناطًا للتكليف بالأوامر والمِنْهِياتِ، وكتب عليهم حظهم من المخالفات، ابتلاءً منه واختبارًا، عن أنس بن مالك له قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ.
وأوضح الشيخ بندر بليلة أن من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أن أنزل عليهم كُتبَهُ وأرسل إليهم رسله، ولم يُعَجِّلْهم بالعقُوبَةِ {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى} [فصلت: 45]، وانتدبهم إلى التوبة، ودعاهم إلى الأوبة، ووعدهم سبحانه بمغفرة الذنوب وتكفير السيئات.
أخبار قد تهمك “هيئة العناية بشؤون الحرمين”: أكثر من 20 مليون مستفيد من الخدمات في المسجد الحرام خلال العام الماضي 1446هـ 8 يوليو 2025 - 10:45 صباحًا خطبة الجمعة من المسجد الحرام 4 يوليو 2025 - 1:57 مساءًوحثّ فضيلته عباد الله في التلطَّف بعباد الله، والإحسان إليهم، والشَّفاقة عليهم، تأسيًا بهدي رسول الله، فعن أبي هريرة: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ لِيَقَعُوا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ أَوْ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ”ُ.
وحذّر فضيلة الشيخ بندر بليلة من أن يكون المؤمن عقبةً يصُدُّ عن سبيل الله، وحجَرُ عَثْرَةٍ يُنَفِّرُ عن دينِ الله، وحاجزًا يحول دون الوصول إلى الله، وهو لا يشعُرُ، فالقُلوبُ بِيدَيْهِ سَبَحَهُ، وَهُوَ الَّذِي يَعْلَمُ مَا فِي الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَالْصَّدَقَةِ وَالْمَحْبَةِ، مَهْمَا تَلِبَسُ إِلَى الْعَبْدِ مِنَ الْمَعَاصِي، وَهُمَا قَارِفَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ.
وبين فضيلته أن الغَيْرَةُ على الدِّينِ والغضَبُ على شرع الله قد تحمل طائفة من أهل الإسلام، ونَفَرًا مِن أهل الإيمان -إن هم رأوا المنكرات أو صادفوا المخالفات- علَى مُجاوزَةِ الحَدِّ فِي النَّهي، وتَعَدِّي المشروع في الإنكار، ولربما وصل الحال بالبعض -نسأل الله السلامة والعافية- إلى الدخول فيما هو من سمات الخالق، وخصائص الربوبية، وهذا لعمرُ الله زلل كبير، ومَزْلَقٌ خطير، عن ضَمْضَمِ بنِ جَوْسِ الْيَمَامِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ : يَا يَمامِيُّ ، لَا تَقُولَنَّ لِرَجُلٍ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللهُ الْجَنَّةَ، قُلْتُ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنَّ هَذِهِ لَكَلِمَةٌ يَقُوهُا أَحَدُنَا لِأَخِيهِ وَصَاحِبِهِ إِذَا غَضِبَ، قَالَ: فَلَا تَقُلْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلَانِ، كَانَ أَحَدُهُمَا مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ، وَكَانَ الْآخَرُ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ، فَكَانَا مُتَآخِيَيْنِ، فَكَانَ الْمُجْتَهِدُ لَا يَزَالُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى ذَنْبٍ، فَيَقُولُ : يَا هَذَا، أَقْصِرْ فَيَقُولُ: خَلَّنِي وَرَبِّي أَبْعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا ؟! قَالَ: إِلَى أَنْ رَآهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبِ اسْتَعْظَمَهُ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ، أَقْصِرْ، قَالَ : خَلَّنِي وَرَبِّي، أَبْعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا ؟! قَالَ: فَقَالَ: وَالله لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا، قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا مَلَكًا، فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، وَاجْتَمَعَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي وَقَالَ لِلْآخَرِ: أَكُنْتَ بِي عَالِمًا، أَكُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِي قَادِرًا، اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ، لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْ بَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ».
واختتم فضيلته الخطبة قائلًا: إنَّ بَعْضَ المعصية، وإنكار المنكر، لا يتعارَضُ مَعَ الشَّفَقَةِ بِالمُذنِبِ، والرَّحْمَةِ بالعاصي، بل اجتماعهما دليل كمال الإيمان، كما كان عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.