خطة عون.. كيف سيتعاطى الرئيس مع سلاح حزب الله؟
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
لا يمكن حتى الآن توقع ما قد يُقدم عليه رئيس الجمهورية جوزاف عون بشأن سلاح "حزب الله"، علماً أنه تحدث في خطاب القسم إثر انتخابه رئيساً عن "حق الدولة باحتكار السلاح".
اليوم، يدخل عون مرحلة جديدة من العمل باتجاه ملفات أمنية عميقة، أما ملف الحزب وسلاحه فيعتبر رئيس الجمهورية "الأكثر معرفة به" خصوصاً أنه ليس بعيداً عنه منذ إن كان قائداً للجيش بين العامين 2017 و 2025.
عملياً، قد لا يكون خطاب عون عن "حصرية السلاح" استفزازياً لـ"حزب الله"، بل هو مقدمة لإستراتيجية دفاعية تحمي لبنان، وقد تأخذ الدول الخارجية نحو تقوية الجيش أكثر فأكثر وضمان حصانةٍ فعلية للبنان من أي أطماعٍ إسرائيليّة. لهذا، يعتبر خطاب عون عن الملف المذكور إشارة واضحة لعدم تجاهل الحزب، فقد تكون من خلال رئيس الجمهورية البداية لإنخراط الأخير في الدولة، والإنطلاق نحو تشكيل قوة عسكرية جديدة أساسها جنوب لبنان وتكون قيادتها مرتبطة بالجيش.
وفي الأساس، فإن عون يعتبرُ العالم الأساس بمنطقة جنوب الليطاني التي يتم العمل بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الحالي والقرار 1701 على أن تكونَ "مجردة من السلاح غير الشرعي". فقبل توليه قيادة الجيش عام 2017، كان عون قائداً للواء التاسع في الجنوب، وكان على تنسيق كبير مع الحزب، أقله من النواحي الأمنية، لكنه في الوقت نفسه لم يُسلّم للأخير كافة أوراقه فيما لم يكن "متآمراً" أو متواطئاً ضده، والدليل الأكبر هو أن علاقة الثقة بين الطرفين كبيرة جداً.
كل هذا يدفعنا للقول إنّ بداية تعاطي عون مع "السلاح غير الشرعي" ستكونُ موضع نقاش، فيما المسألة المرتبطة بـ"حزب الله" لن تكونَ بقرار وحيد منه، بل ستشملُ عملاً مع مختلف الكتل السياسية للوقوف عند آرائهم بشأنها. في المقابل، فإنّ تطبيق القرار 1701 وإتفاق وقف إطلاق النار سيمثلان "اللبنة" الأساس لتسوية هذا الملف، ومن خلالها سيعمد عون إلى وضع خطوط عريضة للإستراتيجية الدفاعية التي تُعطي الجيش الحق الأساس بالتحرك في جنوب الليطاني وسائر المناطق الحدودية، وهو الأمر الذي لن يُعارضه "حزب الله" لاسيما بعد الإنتكاسات التي مُنيَ بها.
هنا، لا يمكن استبعاد فرضية أن يكون لدى عون الخطة الواضحة لمعالجة مسألة السلاح من دون إستفزاز أحد، علماً أن رئيس الجمهورية وفي خطابه الرئاسي الأول رفض "إنكسار أي طرف"، وبالتالي فإنه قد لا يجنح نحو كسرِ "حزب الله" بل إلى تأسيس حوار واضح معه بشأن سلاحه، وبالتالي ضمان وجوده وقوته السياسية وعدم جعله مُنكسراً في الداخل.
قد تكون هذه خطوط العمل العريضة لعون في المرحلة المُقبلة، والتصادم بشأن السلاح ليس وارداً، فيما الفرضية التي تتحدث عن إستغلال عون للجيش لفتح جبهة صراع مع الحزب ساقطة قبل ولادتها في أذهان البعض. ضُمنياً، فإن عون، لم يستخدم الجيش نهائياً في أي صدامٍ داخلي، وهذا ما رفع أسهمه لدى القوى الدولية، في حين أن أي خطوة في هذا الإطار ستعني انهياراً للمؤسسة العسكرية التي يريد المجتمع الدولي تقويتها.
الباب هذا هو الذي عزّز تزكية عون للرئاسة، فعمله على تماسك الجيش وتعزيز قوته كان الأساس الذي جعلهُ العنصر الأساس المخول للرئاسة، كما أن عدم تصادمه مع "حزب الله" لا يزعج الدول الأخرى بل قد يكون مفتاحاً لمعالجات ضمنية تحفظ أمن لبنان واستقراره، وهذا الأمر مطلوبٌ بشدة من الدول العربية والغربية على حدّ سواء.
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس الجمهوریة حزب الله
إقرأ أيضاً:
«سلاح المقاومة».. اتفاق «لبناني- فلسطيني» ينهي «عسكرة المخيمات»!!
قبل 56 عامًا، تم توقيع اتفاق القاهرة بين قائد الجيش اميل البستانى فى عهد الرئيس اللبناني شارل حلو، وأمين عام منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك، ياسر عرفات. الاتفاق الموقَّع في 3 من نوفمبر عام 1969، كان يسمح للفدائيين الفلسطينيين بالكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي من الداخل اللبناني. لكن الآن، ومع سعي الدولة اللبنانية لحصر السلاح بيد الدولة، أسفرت زيارة أخيرة قام بها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى بيروت عن متغير جديد.
الزيارة التي التقى خلالها «عباس» الرئيس اللبناني، جوزيف عون، أسفرت عن خطوات أخرى لتعزيز حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتشكيل لجنة لبنانية فلسطينية مشتركة لوضع خطة هدفها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية في المخيمات، في إطار الخطة اللبنانية لحصر السلاح في يد الدولة فقط، عقب خطوات جادة لنزع سلاح حزب الله، وقطع الطريق أمام أي حجة إسرائيلية توظفها للاعتداء على لبنان.
يضم لبنان 12 مخيمًا معترفًا به للاجئين الفلسطينيين، تضم نحو 493 ألف لاجئ فلسطيني، بينهم نحو 1500 مقاتل مسلح من «حماس» فرع لبنان، يتعاونون مع حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، و«الجماعة الإسلامية» التي أسست تشكيلها المسلح الخاص المعروف باسم «قوات الفجر». ويتركز السلاح الثقيل في مخيم «عين الحلوة» و«الرشيدية» جنوب لبنان.
وأعلنت لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، أن اجتماع «عباس» و«عون»، بحضور رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، أسفر عن إطلاق مسار لنزع السلاح وفق جدول زمني يبدأ خلال شهر من الآن، وأن الاتفاق بين الجانبين ينص على أن الفصائل الفلسطينية لن تستخدم الأراضي اللبنانية كمنصة لشن هجمات ضد إسرائيل، كما أن ملف السلاح يجب أن يُحسم تحت سلطة الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطقة لبنان في إطار استقلاله ووحدة أراضيه.
اتفق الجانبان على تشكيل لجنة مشتركة لبنانية - فلسطينية لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والعمل على تحسين الظروف المعيشية للاجئين، مع عدم المساس بحقهم في العودة، أو التأثير على هويتهم الوطنية، مع احترام السيادة والالتزام بالقوانين اللبنانية، مع الاتفاق على تعزيز التنسيق بين السلطات الرسمية اللبنانية والفلسطينية لضمان الاستقرار داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها، مع تأكيد الجانب الفلسطيني التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية، واحترام سياسة لبنان المعلنة، والمتمثلة في عدم التدخل في شئون الدول الأخرى، والابتعاد عن الصراعات الإقليمية، وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وضمان عدم تحوُّل المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة.
وفيما أكد الاجتماع أن «زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية قد انتهى، بعدما تحمَّل الشعبان اللبناني والفلسطيني طيلة عقود طويلة أثمانًا باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة»، فبعد انتهاء لقاء عون وعباس، أصدرت اللجنة المشتركة بيانًا رسميًا جاء فيه أن الجانبين يجددان التأكيد على «ضرورة التوصل إلى سلام عادل وثابت في المنطقة، يسمح للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، كما يعطي كل بلدان المنطقة وشعوبها حقوقها المشروعة».
وطالب البيان المجتمع الدولي (لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا) بالضغط على إسرائيل لتنفيذ اتفاق الهدنة في نوفمبر من العام الماضي، ووقف الأعمال العدائية، والانسحاب من التلال التي تحتلها إسرائيل، وإعادة الأسرى اللبنانيين، لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود المعترف بها دوليًا، تطبيقًا للقرار الأممي 1701. وأكد البيان إدانة استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما نتج عنه من خسائر بشرية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، ورفض كل مشاريع التوطين والتهجير، واستمرار دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ومواصلة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، والعمل على زيادة مواردها المالية.
وطالب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والجاد لوقف هذا العدوان، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية بشكل فوري، وانسحاب قوات الاحتلال بالكامل من قطاع غزة، وتمكين دولة فلسطين من تولي مهامها كاملة، وحشد الدعم الدولي لتنفيذ الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، ووقف الاستيطان والاعتداءات على الضفة الغربية والقدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والذهاب إلى المؤتمر الدولي للسلام في نيويورك الشهر المقبل، وحشد المزيد من الاعترافات الدولية والعضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وصولًا إلى نيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله.
يأتي الإعلان المشترك بين الجانبين الفلسطيني واللبناني بعد أن أبدى «عباس» موافقته على تسليم الفصائل الفلسطينية في لبنان سلاحها للدولة اللبنانية، خلال لقائه الرئيس «عون» على هامش القمة العربية الطارئة في 11 نوفمبر 2024 (القمة العربية الإسلامية الاستثنائية الثانية العام الماضي قمة طارئة مشتركة بين دول جامعة الدول العربية ودول منظمة التعاون الإسلامي، استضافتها العاصمة السعودية، الرياض، برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وجاء انعقاد القمة لبحث تطورات العدوان الإسرائيلي على كل من لبنان وقطاع غزة، في ظل تصاعد وتيرة المواجهات والأوضاع الإنسانية المتدهورة في المنطقة).
وأوفدت السلطة الفلسطينية، ممثلة في الرئيس «محمود عباس»، عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة فتح «عزام الأحمد»، للتنسيق بشأن السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، فيما زار رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطيني، ماجد فرج، لبنان الشهر الماضي، والتقى عددًا من المسئولين اللبنانيين، وعلى رأسهم الرئيس جوزيف عون.
وجاءت الزيارة بغرض التنسيق لنزع سلاح الفصائل الفلسطينية في لبنان بالتنسيق مع الجيش والمخابرات اللبنانية. وبالفعل، قام الجيش اللبناني بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية بإقامة ما يشبه الطوق الأمني حول مخيم «البداوي»، وإقفال جميع الطرق الفرعية التي تربط المخيم بالجوار، بما يسهل على الجيش اللبناني ضبط المخيم، وسحب السلاح من الفصائل وتسليمه للجيش، بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية.
وتُعد هذه الخطوة جزءًا من مرحلة أولى، أُسوة بما تم في مخيم «نهر البارد» من نزع سلاح الفصائل، وخلوه من السلاح منذ عام 2007 بعد معارك عنيفة استمرت أكثر من 3 أشهر بين الجيش اللبناني وتنظيم «فتح الإسلام»، بعد شنه هجمات ضد المؤسسات اللبنانية، قُتل فيها العشرات، وبعد سيطرة الجيش اللبناني على القواعد والمعسكرات خارج المخيمات، تحديدًا في بلدة «الناعمة» بمنطقة «الشوف» والبقاعين الأوسط والغربي، وكانت تتبع للجبهة الشعبية - القيادة العامة وحركة «فتح الانتفاضة».
اقرأ أيضاًلأول مرة.. «الصحة العالمية» تسمح رسميا برفع علم فلسطين داخل مقرها
برنامج الأغذية العالمي: العائلات الفلسطينية بغزة لا تزال على شفا المجاعة
«طوفان الأقصى.. من غيّر قواعد اللعبة؟».. الحقيقة من منظور فلسطيني في كتاب جديد لـ حسين عبد الغني