تشكّلت مجموعة «أبو شباب» خلال عام واحد فقط حول ياسر أبوشباب، السجين الجنائي السابق الذي حاول أن يصنع لنفسه موقعًا قياديًا عبر اسم «الحركة الشعبية». ونشأت المجموعة في ظل ارتباط واضح بالاحتلال الذي استخدمها لتنفيذ مهام داخل قطاع غزة، قبل أن ينهار هذا المسار مع مقتل قائدها في واقعة غامضة كشفت حدود قدرة تل أبيب على تشكيل ميليشيات محلية تخدم أهدافها.

فشلت إسرائيل في إنقاذ حياته رغم نقله بطائرة عسكرية إلى مستشفى «سوروكا» في جنوب النقب، لكن مصرع ياسر أبوالشباب، الذي هيأت له دورًا أكبر داخل قطاع غزة، زاد ارتباك قوات الاحتلال التي تسعى إلى تثبيت ميليشيا تنفذ المهام «القذرة» نيابة عن حكومة بنيامين نتنياهو، مقابل حماية أمنية وحوافز مشوّهة.

وجاء مقتله بعد أيام قليلة من تهديد إسرائيل بفتح معبر رفح من اتجاه واحد، وهو طرح ترفضه مصر التي تتمسك بتشغيله في الاتجاهين. واعتمدت تل أبيب في تلك اللحظة على تحريك بعض عملائها للضغط على القاهرة، عبر دفع سكان غزة المنهكين إلى التجمّع عند المعبر أملاً في الخروج من واقع يفرضه الجوع والعطش والقصف المتواصل الذي ينفذه جيش الاحتلال بلا توقف.

تستخدم إسرائيل شبكات من العملاء لفرض ممارساتها الإجرامية، وكان ذلك جوهر وظيفة ميليشيا «أبوشباب». حرّك الاحتلال هذه المجموعة لإثارة القلاقل على الحدود مع مصر، مع الادعاء بأن أفرادها يعبّرون عن الفلسطينيين، بينما هدف التحرك هو دفع القطاع نحو فراغ سكاني يخدم مخطط تصفية القضية. ويواصل الاحتلال منذ سنوات تهجير الفلسطينيين عبر وعود خادعة بالعودة لم تتحقق يومًا.

ونفذت ميليشيا «أبوشباب» مهام أخرى لا تقل خطورة، منها إضعاف الجبهة الداخلية في غزة، وتقديم غطاء للمحتل في مواجهته مع المقاومة الوطنية. واعتمدت الميليشيا على افتعال اشتباكات مع فصائل المقاومة وإشعال نزاعات داخلية تسهّل ضرب الصف الفلسطيني وتشتيته.

رجّحت تقارير عبرية أن مقتل قائد ميليشيا «أبوشباب» جاء بعد تعرضه لضرب شديد من أقرباء حمّلوه مسؤولية التعاون مع إسرائيل وتنفيذ عمليات لحسابها، ولم تتمكن قوات الاحتلال من إنقاذه قبل أن يموت. وفي المقابل، أصدر عناصر الميليشيا، الذين يُقدَّر عددهم بنحو 300 فرد، بيانًا ادعوا فيه أن وفاته نتجت عن «إصابته بطلقة نارية أثناء محاولته فض نزاع عائلي»، وزعموا أنهم سيواصلون ما وصفوه بـ«مسيرته».

قبيلة الترابين التي ينتمي إليها أبوشباب (تتمركز في رفح جنوبي قطاع غزة، وتمتد جذورها العائلية إلى جزء من رفح داخل الحدود المصرية)، أعلنت عبر مشايخها تبرؤها منه، وأكد بيان سابق لها أن «مقتل ياسر أبو شباب يمثل نهاية صفحة سوداء لا تمتّ إلى تاريخ القبيلة». أما حركة حماس، فأصدرت بيانًا اعتبرت فيه أن «مقتل ياسر أبوشباب مصير محتوم لكل من يخون شعبه ووطنه ويختار أن يعمل في خدمة الاحتلال»، مشيرة إلى أن ممارسات أبوشباب ومجموعته شكّلت خروجًا واضحًا عن الموقف الوطني والاجتماعي في قطاع غزة.

ويعيد المشهد نفسه تجربة جيش لبنان الجنوبي «جيش لحد» الذي أسسه سعد حداد عام 1976 لخوض معارك ضد المقاومة الفلسطينية ثم اللبنانية لحساب إسرائيل. وتحركت تلك الميليشيا تحت رعاية الاحتلال حتى لحظة انسحابه من لبنان، ثم فرّ معظم عناصرها إلى أوروبا أو إسرائيل، بينما مثل الباقون أمام القضاء اللبناني.

أصدر جهاز أمن حماس مطلع يوليو الماضي قرارًا طالب فيه ياسر أبوشباب بتسليم نفسه للمحاكمة بتهمة «الخيانة»، ومنحه مهلة عشرة أيام، لكنه تجاهل القرار واستمر في الاستيلاء على المساعدات المتجهة إلى القطاع، معتمدًا على حماية قوات الاحتلال وتحركه داخل المناطق الخاضعة لسيطرتها فقط.

وتزايدت الاتهامات ضده بسرقة المساعدات والتنسيق الأمني مع إسرائيل، واعترف الإعلام الإسرائيلي بأن تل أبيب تدعم جماعة مسلحة تعارض حماس في غزة، ملمحًا بوضوح إلى مجموعة أبوشباب، كما تناولت تقارير عبرية إخفاق إسرائيل في «إنتاج قيادات ميدانية موالية لها» داخل القطاع، رغم محاولاتها المتكررة خلال العامين الماضيين.

وبعد نفي متكرر، عاد أبوشباب واعترف لوسائل إعلام إسرائيلية بصلاته مع جيش الاحتلال، وقال إن مجموعته «تتلقى دعما ومساندة»، وإنها تُعلم الجيش قبل أي تحرك داخل القطاع أو ضد فصائل المقاومة. وتعود نشأة مجموعته المسلحة إلى عام 2024، حين ظهر أبوشباب باعتباره قائدًا لتشكيل محلي ينتمي إلى إحدى العائلات البدوية في قطاع غزة.

اقرأ أيضاًالاحتلال الإسرائيلي يواصل خروقاته بقطاع غزة ويكثف من عمليات نسف مبانٍ في خان يونس

دبلوماسي فلسطيني سابق: ترامب مصمم على المرحلة الثانية رغم العراقيل وملف الضفة لا يزال محل جدل دولي

مؤامرة «الخروج بدون عودة» تفضح إسرائيل.. جهات رسمية تشارك في تفريغ مناطق فلسطينية استراتيچية من سكانها

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إسرائيل غزة قطاع غزة ميليشيا ياسر أبوشباب قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

غزة: وزارة الداخلية تتحدث بشأن مقتل ياسر أبو شباب

أصدرت وزارة الداخلية في غزة ، اليوم، بياناً علّقت فيه على مقتل ياسر أبو شباب، المتهم بالتخابر مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة أنّ نهايته تمثل “مصيراً حتمياً لكل من يختار الوقوف إلى جانب الاحتلال ضد أبناء شعبه”.

تقدير لموقف العائلات الفلسطينية

وأعربت الوزارة في بيانها عن تقديرها لما وصفته بـ“المواقف الوطنية الأصيلة” للعائلات والعشائر والقبائل الفلسطينية، التي أعلنت منذ البداية رفع الغطاء العائلي عن المتورطين في التعاون مع الاحتلال ضمن المجموعات التي حاول تشكيلها لزعزعة الاستقرار الداخلي.

وأكدت أن هذا الموقف كان “صمام أمان لوحدة المجتمع الفلسطيني في مواجهة محاولات الاحتلال”.

اتهامات للاحتلال بتشكيل مجموعات مسلحة لزعزعة الاستقرار

وأضاف البيان أن الاحتلال “فشل في إحداث شرخ داخل المجتمع الفلسطيني أو المسّ بوحدته الوطنية”، مشيراً إلى أن المجموعات التي حاول تشكيلها “بقيت معزولة دون أي امتداد شعبي”، قبل أن تنتهي –وفق تعبيره– إلى “الزوال”.

دعوة للمتورطين لتسليم أنفسهم

ودعت وزارة الداخلية جميع المتورطين في “المجموعات الإجرامية المرتبطة بالاحتلال” إلى تسليم أنفسهم فوراً للأجهزة الأمنية، قبل “فوات الأوان”، مؤكدة أن ذلك قد يسهم في التخفيف من إجراءات المحاكمة ومعالجة ملفاتهم وفق القانون.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الرئيس عباس يتسلم دعوة لحضور قداس عيد الميلاد المجيد وفق التقويم الشرقي وزير الدفاع القبرصي: نؤيد حل الدولتين في فلسطين مسؤول أممي: يجب الضغط على إسرائيل لإنهاء هجماتها على غزة الأكثر قراءة إصابة مواطن إثر اعتداء مستوطنين عليه شرق نابلس ساعات عمل معبر الكرامة خلال الأسبوع المقبل الاحتلال يُغلق طريق واد أم سلمونة جنوب لحم إصابات إثر منع الاحتلال المواطنين من الوصول إلى أراضيهم غرب الخليل عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • زامير: الخط الأصفر يشكل حدودًا جديدة فاصلة بين إسرائيل وغزة
  • إسرائيل تنسف مباني وتطلق النيران داخل الخط الأصفر بخان يونس
  • هل قتل ياسر أبو شباب بالرصاص؟ “يديعوت أحرونوت” تكشف “السبب الحقيقي”
  • لغز نهاية ياسر أبو شباب.. روايات متضاربة وحقيقة لا تزال غامضة| تفاصيل
  • التعاون الإسلامي تطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل
  • محلل: مصرع ياسر أبو شباب رسالة واضحة بشأن مصير المليشيات المرتبطة بالاحتلال
  • خليفة ياسر أبو شباب: سنقاتل حماس إذا انسحبت إسرائيل من غزة
  • مباشر. صدى التفجيرات في غزة يهزّ وسط إسرائيل.. وألمانيا تجدّد رفضها للاستيطان بالضفة الغربية
  • غزة: وزارة الداخلية تتحدث بشأن مقتل ياسر أبو شباب