بشكل مفاجئ، أعلن مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لشركة "ميتا" مالكة منصات "واتساب" و"فيسبوك" و"إنستغرام"، أن الشركة أنهت التعاون مع شركات مراقبة المحتوى الخارجية التي كانت تساهم في تنقيح وإدارة المحتوى الموجود داخل المنصة.

وبدلا من ذلك، تتبع الشركة الآن النموذج المستخدم في منصة "تويتر سابقًا/ إكس حاليا" التابعة لإيلون ماسك، حيث يتم مراقبة المحتوى وإدارته داخل المنصة من خلال مستخدمي المنصة أنفسهم، وذلك في محاولة للتحول إلى منصة أكثر حرية استعدادا لإدارة ترامب الجديدة للبلاد.

في الظاهر، تبدو هذه الخطوة مبشرة بمستقبل جديد في منصات "ميتا" التي تعد الأبرز والأكثر استخداما في العالم، وفي باطنها، تحمل هذه الخطوة خطورة غير مسبوقة حتى وإن كانت منصات مثل "إكس" تستخدمها، وذلك بفضل الشعبية الواسعة لمنصات "ميتا"، فهل يتحول "فيسبوك" إلى صحيفة صفراء لنقل الشائعات؟

بعض الشركات بدأت التواصل مع منصات تواصل اجتماعي غير تابعة لشركة "ميتا" للتعاقد معها لتدقيق المعلومات (غيتي إيميجز) ماذا حدث؟

إعلان زوكربيرغ كان مباغتا للجميع، فحتى الشركات العاملة في هذا القطاع لم تدرك نيّة "ميتا" حتى إعلانها رسميًا، خاصةً بعد المناقشات حول تجديد عقود "ميتا" مع هذه الشركات للعام المقبل.

هذا الأمر دفع الشركات للدخول في اجتماع افتراضي مباشر لمناقشة هذا الأمر وتبعاته، وفق ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز"، وأوضح التقرير أيضًا أن هذا القرار يؤثر على المتعاقدين مباشرةً مع قسم توثيق المعلومات داخل "ميتا" إلى جانب الشركات الخارجية التي تتعاقد معها الشركة.

تفاجأ آلان دوك، وهو رئيس مجلة "ليد ستوريز" (Lead Stories) وأحد أقدم المتعاقدين مع قسم توثيق المعلومات منذ عام 2019، برسالة في بريده الإلكتروني من "ميتا" لإنهاء تعاقده مع الشركة في مطلع مارس/آذار المقبل، رغم أنه وقع عقدًا ممتدًا لمدة عام قبل أسبوعين.

إعلان

وربما يختلف الأمر قليلًا من ناحية الجهات الخارجية التي كانت تتعاقد معها "ميتا" من أجل تدقيق المعلومات، فمثلًا "بوليتيفاكت" (Politifact) وهي إحدى الصحف المستقلة في أميركا كانت ضمن المتعاقدين مع "ميتا" من أجل تدقيق المعلومات، وكانت تعتمد على هذا العقد في الحصول على 5% من إجمالي أرباحها السنوية قبل إنهاء التعاقد معها.

وحتى مجلة مثل "ليد ستوريز" كانت تعتمد على أمر مماثل، ولكن بدلًا من تدقيق المعلومات والحقائق في اللغة الإنجليزية فقط، فإنها كانت تعتمد على 80 شخصا من خارج الولايات المتحدة من أجل مراجعة المعلومات في مختلف اللغات الكبيرة.

أثر واضح على الشركات

في السنوات الماضية، أصبح العمل مع "ميتا" ومنصات التواصل الاجتماعي من أجل تدقيق المعلومات والوصول إلى تفاصيلها أمرًا رائجًا، لدرجة أن العديد من الشركات والصحف اتجهت إلى هذا الأمر لتضمن دخلا إضافيا لها بعيدًا عن طرق الدخل المعتادة.

وربما كانت "بوليتيفاكت" و"ليدز ستوريز" مثالًا حيًا على هذا الأمر، إلا أن قائمة الشركات المتعاونة مع "ميتا" في قطاع تدقيق المعلومات داخل الولايات المتحدة تمتد لأكثر من 10 شركات توظف مئات الأشخاص، فضلًا عن عدة شركات عالمية تعمل في مختلف اللغات الأخرى مثل "فتبينوا" الأردنية المسؤولة عن تدقيق المحتوى باللغة العربية مع "ميتا" و"إيه إف بي" (AFP) الفرنسية التي تعمل في المنطقة أيضًا.

في الوقت الحالي، كان قرار "ميتا" نافذًا على الشركات الأميركية فقط التي تعمل في قطاع تدقيق المعلومات، أي أن الشركات المسجلة خارج الولايات المتحدة لن تتأثر بهذا الأمر، ومن المتوقع أن يمتد قرار الشركة ليشمل جميع شركائها حول العالم.

عقب هذا القرار، بدأت بعض الشركات في التواصل مع منصات التواصل الاجتماعي الأخرى غير التابعة لشركة "ميتا" من أجل التعاقد معها على تدقيق المعلومات، وذلك أسوةً بشركة "ليدز ستوريز" التي تعتمد على "بايت دانس" المالكة لمنصة "تيك توك" بشكل أساسي.

لا يمر يوم دون ظهور معلومة جديدة تتشاركها المجموعات الكبيرة آلاف المرات داخل المنصة (رويترز) لماذا اتخذ زوكربيرغ هذا القرار؟

لا يوضح البيان الذي نشرته "ميتا" أسباب اتخاذ زوكربيرغ هذا القرار، باستثناء أنها خطوة من أجل منصة أكثر حرية، لأنها ابتعدت كثيرًا عن هذا المسار في السنوات الماضية وكانت أداة للقمع والحجر على آراء المستخدمين.

إعلان

في مقطع مرفق مع البيان، قال زوكربيرغ إن هذه الخطوة قد تجعل منصاتها مليئة بالمعلومات السيئة والخاطئة، ولكنها أيضًا تترك المجال للأبرياء للتعبير عن آرائهم بحرية أكبر، وهي مقايضة تستعد الشركة لاتخاذها.

وبحسب ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن مجموعة من التنفيذيين داخل الشركة، فإن هذه الخطوة جاءت بالتنسيق مع إدارة ترامب القادمة، إذ تقابل زوكربيرغ وترامب في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ثم تبرعت الشركة بقيمة مليون دولار لصالح حملة ترامب تزامنًا مع ترقية جويل كابلان، الجمهوري الذي يشغل منصبًا إداريًا في الشركة، ليصبح هو المسؤول الأول عن سياسة الخصوصية والاستخدام وتدقيق المعلومات.

هذه الخطوات إلى جانب التوقيت الذي يتزامن مع صعود دونالد ترامب إلى الرئاسة تؤكد أن زوكربيرغ قرر الانصياع وراء ترامب واتباع مسيرة إيلون ماسك في تحويل منصته لشكل يشبه منصة "إكس"، وهو ما عززته تصريحات دونالد ترامب التي انتقد فيها "ميتا" وإدارة زوكربيرغ.

ورغم أن مثل هذه الخطوة تتيح حرية أكبر للمستخدمين، فإن حجم المستخدمين في منصات "ميتا" يصل إلى أضعاف مضاعفة لمستخدمي منصة "إكس"، فضلًا عن انتشارها الواسع في مختلف الدول حول العالم وتحديدًا دول العالم الثالث التي تفضل استخدام "واتساب" كمثال، وهو الأمر الذي ينبئ بطوفان من المعلومات المغلوطة.

بيئة خصبة للمعلومات المغلوطة

في عام 2019، قامت شركة استطلاعات رأي إندونيسية بإجراء بحث حول انتشار المعلومات المغلوطة والمضللة عبر منصة "واتساب" تحديدًا، وخلال فترة الدراسة التي امتدت إلى بضع أشهر، تمكنت الشركة من العثور على أكثر من 480 معلومة مغلوطة منتشرة عبر "واتساب"، وبحسب الدراسة، فإن أكثر من 60% من كبار السن الذين يتجاوزون 50 عامًا يؤمنون بدقة وصحة هذه المعلومات مع نسبة مشاركة وإعادة إرسال تصل إلى 46%.

هذه الدراسة بمفردها تشير إلى دور "واتساب" في نشر المعلومات المغلوطة والمضللة، وهو دور يعرفه كل من يستخدم المنصة، إذ لا يمر يوم دون ظهور معلومة جديدة تتم مشاركتها آلاف المرات عبر المجموعات الكبيرة داخل المنصة.

إعلان

وتجدر الإشارة إلى أن هذا المعدل الكبير لانتشار المعلومات المغلوطة كان أثناء تطبيق سياسة تدقيق المعلومات والحقائق السابقة للشركة، أي أن المستقبل يحمل بداخله المزيد من المعلومات المغلوطة والشائعات مع غياب شركات تدقيق المحتوى.

ونظرًا للانتشار الواسع لمنصة "واتساب" في المنطقة العربية فضلًا عن "فيسبوك" و"إنستغرام"، فإنه من المتوقع أن ينفجر بركان من الرسائل المغلوطة والمعلومات الكاذبة، إضافة إلى الرسائل الاحتيالية عبر المنصات.

حرية أكبر لكشف الحقائق

ورغم أن مثل هذا النظام قد يحمل في داخله الملايين من المعلومات المضللة، فإنه فرصة أيضًا لكشف الحقائق ونشر القضايا التي كانت "ميتا" توقف نشرها في الماضي، وربما كانت القضية الفلسطينية إحدى أبرز هذه القضايا.

إذ استمرت "ميتا" منذ بداية الحرب من أكثر من عام وعدة أشهر في قمع المعلومات وإيقاف جميع الحسابات التي تشير إلى هذه القضية وتشارك المعلومات المتعلقة بها، ولكن مع النظام الجديد، قد يصبح النشر أكثر سهولة.

ويظل السؤال هنا، هل تزيل "ميتا" حقا كل القيود؟ أم تترك بعض القيود لترضي جهات بعينها؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المعلومات المغلوطة تدقیق المعلومات المعلومات ا داخل المنصة هذه الخطوة هذا القرار هذا الأمر تعتمد على أکثر من من أجل

إقرأ أيضاً:

سوار ميتا الذكي.. تحكم بالأجهزة دون لمس!

#سواليف

#خطوة_جديدة أعلنتها #ميتا تعكس تطور #الذكاء_الاصطناعي وتقنيات #التفاعل_البشري مع #الأجهزة.

وكشفت عملاق التكنولوجيا “ميتا” عن تطوير #سوار_ذكي يُرتدى في المعصم، يتيح للمستخدمين إرسال أوامر إلى الحاسوب من دون لمس أي شاشة أو سطح. السوار، الذي أطلق عليه اسم “السوار العصبي الحركي” (Neuromotor Wristband)، يعتمد على قراءة النبضات الكهربائية الدقيقة التي ترسلها عضلات الساعد حتى عند أدنى حركة.

ويهدف هذا الابتكار إلى تحويل النية الحركية إلى أوامر رقمية، حيث يمكن للسوار أن يترجم إشارات عضلات اليد والساعد إلى تعليمات مفهومة للحاسوب، مما يفتح آفاقًا جديدة للتحكم في الأجهزة دون الحاجة إلى لوحات مفاتيح أو شاشات لمس.

مقالات ذات صلة تطبيق “بت شات” قاتل “واتساب” يصل رسميا للهواتف 2025/07/30

وفي عرض توضيحي بالفيديو، ظهر أحد المستخدمين يكتب عبارة “Hello World” في الهواء، لتظهر الكلمات فورًا على الشاشة دون أن يلمس شيئًا. كما تم عرض استخدام السوار في تحريك المؤشر على الشاشة ولعب الألعاب من خلال مجرد نقرات خفيفة أو تحريك بسيط لليد.

قراءة الإشارات العصبية
ويختلف هذا الجهاز عن واجهات الدماغ-الآلة الأخرى التي تتطلب تدخلًا جراحيًا وزرع أقطاب داخل الدماغ. فبدلًا من ذلك، يلتقط سوار “ميتا” الإشارات الكهربائية التي تصدرها عضلات الساعد عندما يرسل الدماغ أوامره إليها، دون الحاجة إلى أي تدخل داخل الجسم.

ويقول توماس ريردون، نائب رئيس قسم الأبحاث في “Meta Reality Labs”: “قررنا اتباع نهج مختلف، يعتمد على قراءة المخرجات الطبيعية للدماغ من خارج الجسم، دون الحاجة إلى التوغل داخليًا. يمكننا التقاط تلك الإشارات من جانب المعصم”.

ويضيف أن العضلات في اليد والساعد غنية بالإشارات العصبية، وتوفر بيئة مثالية لتفسير الحركات، مشيرًا إلى أن الجهاز يعالج هذه الإشارات لحظيًا، ويرسلها إلى الحاسوب عبر اتصال بلوتوث.

ذكاء اصطناعي للجميع
ومن أجل تطوير نموذج دقيق وفعّال، جمعت “ميتا” بيانات من أكثر من 300 مشارك، بما في ذلك أكثر من 100 ساعة من إشارات العضلات، لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على أنماط حركة متنوعة. ويؤكد الفريق أن السوار مصمم ليعمل بكفاءة مع الجميع، بغض النظر عن اختلافات الأسلوب أو الحركة.

ويقول ريردون: “سعينا لبناء جهاز يعمل مباشرة من العلبة مع ثمانية مليارات شخص.. لقد اكتشفنا قوانين خفية تتيح لنا تصميم نموذج عام يمكنه التفاعل مع الحضارة بأكملها”.

ويأمل باحثو “ميتا” أن يكون هذا الابتكار بداية لانطلاق واجهات عصبية جديدة في عالم التكنولوجيا. ويقول باتريك كايفوش، مدير أبحاث العلوم في “Reality Labs”: “ما نراه هو أن فعالية هذه التقنية تتحسن كلما زاد عدد المستخدمين والبيانات، وهذا يعني أن المستقبل يحمل إمكانيات أوسع”.

وتسعى “ميتا” إلى تشجيع المجتمع العلمي على المساهمة في تطوير هذه التكنولوجيا، حيث نشرت مؤخرًا مجموعات بياناتها للجمهور، في خطوة تهدف إلى تحفيز المزيد من الأبحاث في مجال واجهات الدماغ والآلة. الابتكار لا يخدم فقط المستخدمين العاديين، بل يحمل وعودًا مهمة للأشخاص ذوي الإعاقات الحركية، ممن قد يجدون فيه وسيلة تواصل وتحكم جديدة كليًا.

وبهذا السوار، تقترب “ميتا” خطوة أخرى نحو مستقبل يتحكم فيه العقل مباشرة بالتكنولوجيا.

مقالات مشابهة

  • مصر توضح الحقائق حول معبر رفح وتفنّد الادعاءات المغلوطة بشأن دخول المساعدات إلى غزة
  • سفارة سودانية تحذر من انتحال اسمها وتكشف عن صفحتها الرسمية على “فيسبوك”
  • سوار ميتا الذكي.. تحكم بالأجهزة دون لمس!
  • وظائف شاغرة في شركة أوقاف للاستثمار
  • بعد فيسبوك وتيك توك… يوتيوب يلتحق بالقائمة السوداء للأطفال
  • ترامب يغير موقفه ويتعاطف مع أطفال غزة.. أعرف دور السيدة الأولى في كشف الحقائق
  • هذه النتائج المالية التي حققتها الشركة المركزية لإعادة التأمين (CCR)
  • إدارة شبيبة القبائل تعلن تعاقدها مع بلول
  • مدير الشؤون القانونية في الهيئة العامة للطيران المدني السوري هادي قسام لـ سانا: توقيع اتفاقية استثمار الإعلانات في مطار دمشق الدولي مع شركة “فليك” الإماراتية، جاء بعد فوزها في المزايدة التي أُجريت وفق الأصول واستيفائها لكامل الشروط الفنية والق
  • إتحاد الحراش تعلن تعاقدها مع الحارس عميري