مساحة شاسعة من الأراضي الزراعية اكتست باللون الأحمر تداعبها أشعة الشمس، في مشهد يبعث البهجة في قلوب مئات الشباب والسيدات الذين انتشروا للعمل في تجفيف الطماطم، فهنا من يغسل الطماطم، وهناك من يقطعها لدوائر صغيرة، ثم يتم توزيعها على مفروشات في الأرض، ورشها بالملح لتجفف، قبل أن تُصدَّر إلى عشرات الدول الأجنبية والعربية، تلك الانتعاشة التي تشهدها محافظة الأقصر كل شتاء بالتزامن مع انتعاش موسم حصاد الطماطم.

لا يختلف هذا النشاط كثيراً عن الموجود في منازل آلاف السيدات من ربات البيوت، واللاتي يستغللن موسم الطماطم ورخص أسعارها هذه الفترة في تخزين أكبر كمية منها ليستخدمنها في وقت انتهاء الموسم الذي يقل فيه المحصول هرباً من شرائها بأسعار مرتفعة، نتيجة زيادة الطلب وقلة المعروض، خصوصاً قبيل شهر رمضان المبارك الذي يفصلنا عنه أقل من 90 يوماً.

انتعاش تجفيف الطماطم بالأقصر

يوضح الدكتور النوبي حنفى سالم، أستاذ مساعد بكلية الزراعة بجامعة أسوان، مسؤول أحد مناشر الطماطم في محافظة الأقصر، لـ«الوطن»، أنّ هناك العديد من المراحل التي يمر بها محصول الطماطم داخل المناشر وصولاً إلى تجفيفها وتصديرها للعديد من الدول الأوروبية والعربية، وأبرزها ألمانيا، والبرازيل، وإيطاليا، والإمارات، مشيراً إلى أنّ الأيدي المصرية الماهرة هي أساس تجفيف الطماطم، فلا تجاريهم أيّة آلات، ولا غنى عنهم في هذه الحرفة كل موسم.

تجفيف الطماطم يوفر مئات فرص العمل

ويذكر «النوبي» أنّ تجفيف الطماطم يوفر نحو 250 فرصة عمل أكثرها للسيدات والفتيات من مراحل عمرية مختلفة يومياً طيلة موسم الطماطم الذي يبدأ في شهر نوفمبر ويمتد لمدة 9 أشهر خلال فصلي الشتاء والصيف، في مختلف مراحل التجفيف، بدءاً من النقل، مروراً بالغسيل، والتقطيع، والنشر، والتجفيف، والتعبئة.

وأوضح أن العاملين في تجفيف الطماطم بنسبة 95% من السيدات، وذلك لكونهن أكثر صبراً وخبرة، سواء في النظافة أو التقطيع أو الترتيب.

البرازيل أكبر سوق لتصدير الطماطم المجففة

وبحسب «النوبي»، تبدأ مراحل تجفيف الطماطم من فحص كل حبة منها بعد حصاد الطماطم وإحضارها من الحقول والتأكد من جودتها، ثم غسيلها جيداً والتأكد من نظافتها، وبعد ذلك تقطيعها يدوياً من خلال السيدات اللاتي احترفن ذلك الأمر، ثم نشرها وتجفيفها، موضحاً أنّ أكبر سوق لديهم هى البرازيل، مما يدر عليهم أرباحاً جيدة بالعملة الصعبة، إذ كل التعامل في التصدير من خلال الدولار.

أبرز المشروعات المهمة بالأقصر

ويعتبر طاهر كامل، أحد مسؤولي مناشر الطماطم بالأقصر، في حديثه لـ«الوطن»، أنّ تجفيف الطماطم يُعد أبرز المشروعات المهمة في المحافظة منذ أن بدأ فى عام 2012، حتى أصبحت مصر تحتل المركز الخامس عالمياً في إنتاج محصول الطماطم.

تجفيف الطماطم بأشعة الشمس

وذكر أنّهم اختاروا البر الغربي تحديداً لإنشاء أحد أكبر مناشر الطماطم بالأقصر؛ بسبب اعتدال المناخ وجفافه، خصوصاً أنّهم يعتمدون على التجفيف الشمسي، مشيراً إلى أنّهم يحصلون على الطماطم من خلال التعاقد مع المزارعين في شهري يوليو وأغسطس لزراعة الطماطم لحسابهم بهدف توفير الكمية المطلوبة من الطماطم الفريش، وذلك بمحافظات الأقصر وقنا وسوهاج وأسيوط وبنى سويف.

تنتظر شروق محمود، إحدى السيدات العاملات في تجفيف الطماطم، هذا الموسم من عام إلى آخر، إذ يُدر عليها أرباحاً جيدة من خلال حرفة سهلة وغير شاقة، تجعلها تدّخر الكثير من المال لتستخدمه فيما بعد في شراء احتياجاتها من الأجهزة الكهربائية قبل زفافها.

باب خير ورزق للسيدات

وتعتبر أم عصام، إحدى السيدات بالمنشر، هذا الموسم «باب خير ورزق» لها، يجعلها تدّخر الكثير من المال لتدبير نفقات أسرتها ومساندة زوجها، خصوصاً قبيل شهر رمضان وبعده عيد الفطر والذي يحتاج إلى الكثير من النفقات، سواء في الطعام، أو شراء ملابس العيد لأبنائهما.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: تجفيف الطماطم تجفيف الطماطم بالأقصر محافظة الأقصر الطماطم المجففة شهر رمضان حصاد الطماطم البر الغربي تجفیف الطماطم من خلال

إقرأ أيضاً:

السياحة البيئية .. فرص الاستكشاف وجمال الطبيعة

تُعدّ السياحة البيئية شكلًا من أشكال السياحة التي تهدف إلى الاستخدام المستدام للموارد البيئية، ورغم تعددية التعريفات المرتبطة بمفهوم السياحة البيئية إلا أن معظم المفاهيم تشير إلى أنها نوع من أنواع السياحة القائمة على تنمية الموارد الطبيعية واستثمارها.

وتمثّل السياحة البيئية رافدًا اقتصاديًا من خلال المكاسب الاقتصادية المتوقعة الناتجة عن نشاط الزوّار والسيّاح من خلال ارتيادهم للمواقع البيئية السياحية التي تتميز بطبيعة خلابة وأماكن تحظى باهتمام الزوّار لاستكشافها والتعرف على مكوّناتها وتاريخها، وتتميز سلطنة عُمان بتنوع تضاريسي بيئي في الوديان والسهول والصحارى والشواطئ وما تزخر به من تنوّع أحيائي من أقصاها إلى أقصاها، ما يجعلها محط أنظار السياح القادمين من مختلف دول العالم، ومما لا شك فيه أن السياحة البيئية في سلطنة عُمان ستسهم في تنمية القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة من خلال زيادة الغطاء النباتي في المناطق الريفية خصوصا وأن سلطنة عُمان تتميز بزراعة بعض أنواع التمور والخضراوات والفواكه الموسمية وتنوع ثرواتها البحرية وكثرتها، أيضا تتميز السياحة البيئية في سلطنة عُمان برياضة تسلّق الجبال؛ لكثرة الجبال وتنوعها ووجود عديد الكهوف والمغارات التي تثير فضول السائح لاكتشافها، إضافة إلى وجود بعض الرمال التي يستفاد منها في التخييم وممارسة رياضات الدراجات والسيارات، كما أن السياحة البيئية محرك أساسي للنمو الاقتصادي من خلال الأنشطة والفعاليات المقامة في المواقع الطبيعية منها دعم القوة الشرائية وتعزيز المحتوى المحلي وتشجيع المبادرات المجتمعية وتنمية العمل التطوعي، وتشجيع البحوث والدراسات المرتبطة بالسياحة البيئية، إضافة إلى توليد فرص عمل للباحثين عن عمل في بعض المهن المرتبطة بتنمية السياحة البيئية.

إن الجهود المبذولة خلال السنوات الماضية لتنمية القطاع السياحي في سلطنة عُمان وتعزيز الاستثمار السياحي في المحميات الطبيعية أدت إلى ارتفاع نسبة السيّاح القادمين إلى سلطنة عُمان بنحو 37% عام 2024م، رغم ذلك هناك فرصٌ أخرى لتنمية قطاع السياحة ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 2.4%، من بينها الاهتمام أكثر بالسياحة البيئية التي تتميز بها سلطنة عُمان؛ بسبب تنوّع تضاريسها وطبيعتها الخلابة في المناطق المطلة على الشريط الساحلي خصوصًا إلى محافظة ظفار التي تتفرد عن غيرها من المحافظات بجوّها الاستثنائي خلال موسم الصيف، ولتعظيم الاستفادة من السياحة البيئية لا بد من تبني أفكار مبتكرة للاستفادة من المواقع الطبيعية بدءًا من تهيئة البنى الأساسية للإقامة وتكون مناسبة لتنظيم الفعاليات والمناشط طيلة العام وعدم اقتصارها على فترة المهرجانات الشتوية التي غالبا ينتهي النشاط السياحي بانتهاء المهرجانات أو بانتهاء موسم الشتاء، من الجيد تشجيع الباحثين والمبتكرين على استطلاع آراء أفراد المجتمع؛ بهدف الاستفادة من آرائهم ومقترحاتهم لتطوير المواقع الطبيعية، وفي ظني أن هناك كثيرا من المبادرات المجتمعية معززة للسياحة البيئية يمكن البناء عليها بعد تطويرها مثل رياضة تسلق الجبال والتخييم في الأماكن الصحراوية، لكن بحاجة إلى تعزيز إجراءات السلامة خصوصا في رياضة تسلّق الجبال وزيارة الأماكن الوعرة وارتياد بعض المسطحات المائية.

من فوائد السياحة البيئية أنها تحافظ على مكونات الطبيعة والبيئة وتمنع الإضرار بها من خلال التصدي للسلوكيات المؤذية والمدمرة للبيئة، ما يبقيها أماكن جاذبة للسياح والزوّار، ويسهم في رسم صورة جمالية عن الطبيعة في سلطنة عُمان أمام زائريها ومرتادي مواقعها السياحية، حيث إن الصورة الذهنية المرسومة عن جمال الطبيعة والمناظر الخلابة في محافظة ظفار تولّدت نتيجة الاهتمام المستمر بالسياحية البيئية والحفاظ على مواقع العيون المائية والمسطحات الخضراء وإقامة الفعاليات والمناشط خلال فترة موسم الاستثنائي الذي تشهده المحافظة في الفترة من يونيو إلى سبتمبر من كل عام، إذ تتميز سلطنة عُمان دون غيرها من البلدان بتنوع أحيائي في المحميات الطبيعية ستشهد نشاطًا اقتصاديًا كبيرًا خلال الفترة المقبلة؛ خصوصا مع التوجه الاستثماري الذي تشهده المحميات لتعزيز السياحة البيئية.

إن استدامة السياحة البيئية تتطلب رفع مستوى الوعي المجتمعي بالحفاظ على البيئة والابتعاد عن السلوكيات غير المسؤولة المسيئة للبيئة مثل ترك المخلفات في الأماكن السياحية وعدم رميها في حاويات القمامة، والتفحيط في المسطحات الخضراء ما يؤثر على جمال الطبيعة وتضرر الناظر الخلابة؛ بسبب التلوث الناتج عن حرق الأوراق والأشجار والاحتطاب من النباتات التي تضفي جمالية للطبيعة خصوصا في الأماكن الصحراوية، لذلك من المهم أن نبدأ بالاشتغال على تعزيز السياحة البيئية بالاستفادة من المقومات الطبيعية التي تزخر بها سلطنة عُمان من سهول وجبال وشواطئ؛ لتسهم بفاعلية في رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي المعوّل عليه كثيرا في تنويع مصادر الدخل وفقا لـ«رؤية عُمان 2040» وتقليل الاعتماد على الموارد النفطية.

مقالات مشابهة

  • زيارات ميدانية لفريق مشروع نساء من ذهب للسيدات المستفيدات بالأقصر
  • وكيل تعليم الأقصر يناقش استعدادات امتحانات الشهادة الإعدادية
  • الشباب والرياضة بالأقصر تنظم البرنامج القومي للتوعية بمجال الابتزاز الالكتروني
  • تسليم 25 مشروع تمكين اقتصادي للعمالة الزراعية بالأقصر
  • حملة مكبرة لإزالة 25 حالة تعد على أراض زراعية بأرمنت بالأقصر
  • دورة تدريبية لأعضاء برلمان الطلائع بمركز شباب العشى بالأقصر
  • السياحة البيئية .. فرص الاستكشاف وجمال الطبيعة
  • انطلاق أول فوج من حجاج الجمعيات الأهلية بالأقصر
  • مدير التضامن الاجتماعي بالأقصر يودع الفوج الأول من حجاج الجمعيات
  • بحث حلول 31 طلب وشكوى للمواطنين باليوم المفتوح بالأقصر