الجوع والكوليرا يهددان حياة الملايين في السودان
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
السودان – حذرت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة، امس الثلاثاء، من انتشار أكبر للمجاعة في السودان هذا العام ما يهدد حياة ملايين الأشخاص حال عدم وصول الإغاثة وتوفير الدعم المالي.
وأعلن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي حدوث مجاعة في 5 مناطق تستمر إلى مايو 2025، متوقعا وقوعها في 5 مناطق أخرى في الوقت الذي تواجه 17 منطقة إضافية خطر المجاعة، ونفت الحكومة وقوع مجاعة.
وقالت منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” في بيان مشترك، إنه “دون وصول المساعدات بشكل فوري دون عوائق وتوفير الدعم الدولي العاجل، قد تنتشر المجاعة بشكل أكبر في 2025، ما يهدد حياة ملايين الأشخاص خاصة الأطفال”.
وأفاد البيان المشترك، بأن معاناة 24.6 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي الحاد تمثل تفاقما مقلقا في حال الجوع خلال موسم الحصاد الذي يكون فيه الغذاء متوفرًا بكمية كبيرة.
وأشار إلى أن المحاصيل لا تصل إلى كل مكان بسبب استمرار النزاع الذي يفرض قيودًا على الأسواق وحركة البضائع، وذلك نقلًا عن التصنيف المرحلي.
وأرجعت الوكالات أزمة الجوع إلى النزاع والنزوح وتقييد وصول المساعدات الإنسانية، محذرة من بداية موسم الجوع القادم قبل هطول الأمطار بغزارة.
وترتفع معدلات انعدام الأمن الغذائي في الفترة بين هطول الأمطار في يونيو وموسم الحصاد في ديسمبر ويناير، فيما تعيق رداءة الطرق والسيول وصول الإمدادات.
وطالبت الوكالات باتخاذ إجراءات فورية لإعداد مخزون الإمدادات، للحيلولة دون حدوث معاناة على نطاق غير مسبوق.
الكوليراوفي سياق آخر، كشفت وزارة الصحة، امس الثلاثاء، عن تجاوز حالات الكوليرا إلى أكثر من 51 ألف إصابة، وسط مخاوف من تفشي موجة جديدة في ظل تكدس النازحين في مراكز الإيواء.
وتفشى وباء الكوليرا في 12 أغسطس 2024 بعد أن اجتاحت أمطار غزيرة وسيول جارفة أجزاء واسعة من البلاد التي تعاني من ضعف النظام الصحي، حيث تعطل عمل قرابة 80% من المرافق الصحية في مناطق النزاع و40% من المرافق في المناطق الأخرى.
وقال مركز عمليات الطوارئ بوزارة الصحة في بيان إنه “جرى تسجيل 36 إصابة جديدة بالكوليرا يوم الاثنين 13 يناير، ليرتفع تراكمي الحالات في 82 محلية بـ 11 ولاية إلى 51.202 إصابة تتضمن 1.356 وفاة.
وكشف عن تسجيل 10 حالات جديدة بمرض حمى الضنك، ليصل إجمالي الإصابات إلى 9.543 حالة تشمل 16 وفاة.
وأفاد مركز عمليات الطوارئ بارتفاع أعداد الأسر النازحة من شرق الجزيرة لولايات كسلا والقضارف ونهر النيل إلى 48.851 أسرة تقيم في 70 مركز إيواء.
وذكر المركز أنه يرتب لتكوين فريق إسناد بالتعاون مع الدفاع المدني لوضع خطة عن أولويات التدخل في المناطق التي استردها الجيش من قوات الدعم السريع خاصة مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة.
المصدر: “سودان تربيون”
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
أدولف آيخمان.. موظف “عادي” خطط لإبادة الملايين ما القصة؟
في كواليس أكثر الجرائم فظاعة في القرن العشرين، لم يكن أدولف آيخمان يرتدي الزي العسكري ولا يحمل سلاحًا في الميدان، بل جلس خلف المكاتب، وأدار بعقله البيروقراطي أكبر عمليات التهجير القسري والقتل المنظم في التاريخ الحديث.
لم يكن قائدًا كاريزميًا ولا منظرًا سياسيًا، بل موظفًا «ملتزمًا» يرى عمله واجبًا إداريًا، حتى وإن كان هذا العمل هو تنظيم إبادة ملايين البشر.
من موظف إلى مهندس للموتولد أدولف آيخمان عام 1906، وعمل بعد انضمامه للحزب النازي في وحدات الـ SS، حيث لمع اسمه في قسم “شؤون اليهود”، ليتحول بسرعة إلى أحد المسؤولين الرئيسيين عن تنفيذ الحل النهائي، أي الخطة النازية لإبادة يهود أوروبا.
كان آيخمان مسؤولًا عن تنظيم قطارات الترحيل التي نقلت مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال إلى معسكرات الموت، وعلى رأسها أوشفيتز.
لم يشارك في القتل المباشر، لكنه كان المنسق البارد والدقيق لكل ما يجعله ممكنًا.
“الشر العادي”بعد انتهاء الحرب، هرب آيخمان إلى الأرجنتين، لكن في عام 1960 تم القبض عليه سرًا من قبل الموساد الإسرائيلي، ونُقل إلى القدس لمحاكمته.
أثناء محاكمته، كانت الفيلسوفة الألمانية اليهودية حنة آرندت حاضرة، وكتبت سلسلة تقارير شهيرة نشرتها لاحقًا في كتابها “آيخمان في القدس: تقرير عن تفاهة الشر”.
آرندت صُدمت من الرجل لم يكن وحشًا دمويًا، بل بيروقراطيًا تقليديًا، يتحدث بهدوء، يدافع عن نفسه بأنه “كان ينفذ الأوامر فقط”.
ومن هنا أطلقت آرندت مصطلح “تفاهة الشر”، لتشير إلى أن الشر لا يأتي دائمًا في صورة درامية، بل أحيانًا يظهر على هيئة موظف منضبط يقتل بالأوامر، لا بالقناعة.
هل كان مجرد منفذ؟محامي آيخمان في المحاكمة حاول تصويره كحلقة ضعيفة، مجرد ترس صغير في آلة ضخمة.
لكن الوثائق والشهادات أثبتت أنه كان أكثر من ذلك بكثير فكان يبتكر حلولًا لوجستية لتسريع الإبادة، ويعقد اجتماعات، ويقترح أساليب أكثر فاعلية لترحيل اليهود، بل وأظهر حماسًا واضحًا في أداء دوره.
آيخمان لم يكن مجرد منفذ، بل موظف مثالي في نظام غير إنساني، ينفذ دون تفكير في العواقب، ويجد مبررات لكل فعل.