الأب بطرس دانيال يكتب: دعوة واستجابة
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
الله يمنحنا الطمأنينة على لسان داود النبي بهذه الكلمات: «مَنْ يدعوني، أستجيبُ له، أنا معهُ في الضيق، أُخلِّصهُ وأمنحهُ مجدا» (مزمور 90: 15).
تمر البشرية بظروفٍ صعبة على جميع الأصعدة، سواء تقلبات واعتراض الطبيعة وكوارثها، أو اختلافات سياسية تدفع البعض للتخلص من الطرف الآخر، أو الأمراض التي تحلّ علينا كل فترة وليس لها علاج وغيرها.
ما يدفع البعض إلى عتاب الله هكذا: «أين معونتك وقدرتك وسلطانك أمام هذه التحديات التي نعيشها كل يوم؟»، هنا نتذكر الحكاية التي تُروى ما حدث مع أحد الأشخاص الذي كان يحلم بأنه عندما كان يعيش في سعادةٍ ورخاء بفضل الغنى والصحة والنجاح.
كان يشاهد أثناء سيره على شاطئ البحر آثار أربع أقدام على الرمال، ففهم أن اثنتين لله الذي كان يسير بجواره واثنتين له، فكان مطمئن البال لوجود الله بالقرب منه، ولكن مع مرور الوقت ضاقت به الدنيا، حتى إنه فقد كل ما يملك، وبدأ المرض يحلّ عليه، ووقع في الفشل والضعف والفقر.
وعندما ذهب مرةً أخرى إلى شاطئ البحر، وجد آثارا لقدمين فقط لا غير، فبدأ يعاتب الله على ما وصل إليه حاله قائلا: «كنتُ أرى قدميك بجواري عندما كنتُ أعيش في سعادةٍ وغنى وصحة ونجاح؛ ولكن عندما بدأت العواصف والأمواج تثور عليّ، تركتني بمفردي في مواجهتها!» فأجابه الله: «اِعلم جيدا، عندما كنتَ في حالةٍ ميسورة وبصحةٍ جيدة، كنتُ أسير بجوارك، ولكن عندما بدأت المشاكل والصعوبات تحلّ عليك، حملتُكَ على ذراعي!».
تُعلّمنا هذه القصة الرمزية درسا مهما، نستطيع به أن ندرك ونفهم بعض التساؤلات التي تمر في عقولنا أو نفكر فيها ونطرحها على الآخرين، نتيجة ما يحدث لنا أو لغيرنا في هذا العالم المتقلب، وهو أن نثق في الله القادر على كل شيء، والذي لن يتركنا أبدا بمفردنا لمواجهة صعوبات الحياة اليومية، كما يجب أن نتكل عليه لأنه يستجيب لنا، ويمحو من طريقنا العقبات التي لا نستطيع التغلب عليها، لضعف إمكانياتنا وقدراتنا.
مما لا شك فيه أنّ الله موجود دائما وأبدا في حياة كل واحدٍ منا، حتى وإن لزم الصمت. وعندنا نموذج رائع لأيوب البار الذي فهم وأدرك معنى صمت الله في نهاية حياته وغروبها، وعرف تماما أنّ كل شيء يحدث معه، له معنى ومخطط من الله لأجل خيره، وبكلمةٍ واحدة تخرج من فم الله يستطيع تغيير كل شيء إلى الأفضل.
كما يجب أن نستغل هذه الظروف التي تسير عكس الاتجاه في حياتنا، لندرك قدراتنا وضعفنا، ولا نستطيع العيش بدون اللجوء لله القادر على كل شيء، الذي يقوينا ويعضدنا لنتخطى الصعوبات والعوائق ومطبات الحياة.
إن الإنسان الذي يؤمن بقرب الله منه، يتحلى بالرجاء الذي يدفعه لقبول كل ما يحدث له، لأن الله يدبر له كل ما هو أفضل.
وهناك دروس كثيرة لما يحدث في حياتنا من مضايقات وفشل وإحباط، وهي أن نشعر بالآخرين وبالظروف التي يمرون بها وهم صامتون، ونكتشف أننا نملك نِعما عديدة يتمناها الملايين من البشر، والإنسان القوي الذي يصمد أمام نار المحن، يتطهر من شوائب كثيرة عالقة بداخله، ويصير كالذهب الخالص الذي يبرق ويلمع بعد وضعه في النار، وكلما كانت المحنة قوية والألم شديدا، ازداد معدن الإنسان قيمة وصلابة.
فحياة كل إنسان منا مليئة بالمفاجآت والتقلبات، وتحمل في داخلها بعض التناقضات: الفرح والحزن، النور والظلمة، الراحة والتعب، الرجاء واليأس، اللحظات السعيدة والأخرى التعيسة، النجاح والفشل. إذا.. الحياة تحمل في جذورها الأفضل والأسوأ.
وعلى كل واحدٍ منا أن يقبل كل هذا، طالبا من الله أن يساعده في توجيه قارب الحياة إلى بر الأمان، مستغلا الرياح العاتية والأمواج الشديدة من أجل خيره ونضجه.
ونردد مع داود النبي: «إني ولو سِرتُ في وادي ظلالِ الموت، لا أخافُ سوءا لأنَّكَ معي» (مزمور 23: 4). لذلك يجب علينا أن نثق في معونة الله الذي لن يتركنا أبدا بمفردنا لمواجهة مشاكل الحياة اليومية، وأن نتكل عليه لأنه يستجيب لنا حتما، فهو يعرف ما هو الأفضل لنا.
والإيمان بالله يملأ القلب بينابيع الأمل والثقة والطمأنينة، ويُبعد عن النفس المخاوف والقلق.
ونختم بالكلمات الموجودة على حائط أحد المخابئ بألمانيا حيث كان بعض الأسرى مختبئين هناك أثناء الحرب العالمية الثانية: «أؤمن بالشمس حتى وإن لم تسطع؛ أؤمن بالحب حتى وإن لم أشعر به؛ أؤمن بالله حتى عندما يصمت».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: النبي داوود الأب بطرس دانيال کل شیء
إقرأ أيضاً:
رحلة الهروب نحو الأمل: عندما يخسر لبنان أدمغته الشابة
حزينة هي لحظات الوداع على أرض المطار. فمع كل رحلة ذهاب من بيروت، تخسر عائلة لبنانية أفراد أفرادها من الجيل الشاب، اختار أن يحلّق بأحلامه وقدراته بعيداً عن وطن يكسر كل ما فيه من طموح بسبب "الظروف". إنها ليست مجرد هجرةٍ عابرة، بل هي نزيفٌ عميق في شرايين الوطن، نزيفٌ من العقول الشابة التي هي وحدها الأمل بمستقبل مشعّ.
لم تكن هذه الهجرة قرارًا سهلًا لا بالنسبة للشبان ولا بالنسبة لعائلاتهم، بل هي نتاجُ تراكمٍ مريرٍ من خيبات الأمل. هي صدى لأزمة اقتصادية قضت على الأحلام، وأزمات سياسية أكلت الثقة، وفساد استشرى كالسرطان في جسد الدولة. يرحل الشاب اللبناني، لا بحثًا عن الثراء، بل عن أبسط حقوقه: كرامةٌ في العيش، فرصةٌ عمل، ومستقبلٌ لا تُحدد معالمه الطائفية أو الولاءات السياسية.
في حقائبهم، لا يضعون فقط ملابسهم وأوراقهم، بل يحملون معهم روح لبنان. يحملون ذكريات شوارعه الضيقة، عبق قهوته الصباحية، وحكايات الأجداد التي رُويت على شرفةٍ تطل على البحر. يرحلون وقلوبهم معلقة، كأوراق شجرٍ تتساقط في خريفٍ قارس، تنتظر ربيعًا قد لا يأتي.
إلا أن كل هذا الحزن يتبدد في لحظة نجاح، حين يلمع إسم شبان لبنان في مجالات شتىّ، ومن أبرزها المجال التكنولوجي.
وآخر هذه الإنجازات، تميّز شباب لبنان في بطولة مختصين مايكروسوفت العالمية (MOS) و بطولة المحترفين المعتمدين من أدوبي (Adobe Certified Professional World Championship 2025) فتفوّقوا عالمياً.
فأحرزت ماريا أبي خليل المركز الأول عالميًا في فئة Excel، بينما حقق مارتن غزال المركز الرابع عالميًا في فئة Word، ونالت رينا الشامي المركز الخامس عالميًا في فئة Adobe.
بدورها اكتسحت لين رمضان المركز السابع عالميًا في فئة Word، وجانا عبد الله حازت على المركز الثامن عالميًا في فئة Excel.
إنهم أطباء المستقبل، مهندسو الغد، فنانو الغد، وصناع التغيير. إنهم الأمل الذي كان يُنير عتمة لبنان. لكنّ لبنان، بوعود مسؤوليه الكاذبة، لم يعد يحتملهم. وفي كل مرة يغادر فيها شاب، يترك ثقبًا في نسيج المجتمع، ثقبًا يزداد اتساعًا مع كل رحيل.
هجرة الأدمغة الشابة من لبنان حزينة، أبطالها شبابٌ أجبرتهم الظروف على أن يصبحوا غرباء. فهل سيأتي يومٌ تعود فيه هذه العقول لتُنير لبنان من جديد؟ أم سيبقى هذا النزيف جرحًا مفتوحًا، يختتم قصة وطنٍ كان يومًا واعدًا؟ المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة إلغاء نحو ألف رحلة في فرنسا بسبب إضراب الملاحة الجوية Lebanon 24 إلغاء نحو ألف رحلة في فرنسا بسبب إضراب الملاحة الجوية 02/08/2025 17:30:45 02/08/2025 17:30:45 Lebanon 24 Lebanon 24 السرطان هزم ممثلة شابة... رحلت عن 31 عاماً Lebanon 24 السرطان هزم ممثلة شابة... رحلت عن 31 عاماً 02/08/2025 17:30:45 02/08/2025 17:30:45 Lebanon 24 Lebanon 24 الحريري: برحيل زياد الرحباني يخسر لبنان قيمة فنية وموسيقية عالمية Lebanon 24 الحريري: برحيل زياد الرحباني يخسر لبنان قيمة فنية وموسيقية عالمية 02/08/2025 17:30:45 02/08/2025 17:30:45 Lebanon 24 Lebanon 24 الحدث: أجواء رئاستي الجمهورية والحكومة تشير إلى أن لبنان لن يخسر فرصة العودة لمحيطه العربي والدولي Lebanon 24 الحدث: أجواء رئاستي الجمهورية والحكومة تشير إلى أن لبنان لن يخسر فرصة العودة لمحيطه العربي والدولي 02/08/2025 17:30:45 02/08/2025 17:30:45 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص مقالات لبنان24 قد يعجبك أيضاً عون يعبّد طريق جلسة الحكومة.. هل يتلقّف "حزب الله" خطابه إيجابًا؟ Lebanon 24 عون يعبّد طريق جلسة الحكومة.. هل يتلقّف "حزب الله" خطابه إيجابًا؟ 17:28 | 2025-08-02 02/08/2025 05:28:01 Lebanon 24 Lebanon 24 الأردن: نؤكد دعمنا للبنان في الأزمات Lebanon 24 الأردن: نؤكد دعمنا للبنان في الأزمات 17:05 | 2025-08-02 02/08/2025 05:05:36 Lebanon 24 Lebanon 24 هدوء "حزب الله" في مواجهة الضغوط.. اوراق قوة ام تمرير للوقت؟ Lebanon 24 هدوء "حزب الله" في مواجهة الضغوط.. اوراق قوة ام تمرير للوقت؟ 17:00 | 2025-08-02 02/08/2025 05:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 في بداية كل شهر.. هذا ما يحصل مع فئة كبيرة من اللبنانيين Lebanon 24 في بداية كل شهر.. هذا ما يحصل مع فئة كبيرة من اللبنانيين 16:30 | 2025-08-02 02/08/2025 04:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 رئيس الجمهورية يملك مفتاح الحلّ...فإلى جلسة الثلاثاء درّ Lebanon 24 رئيس الجمهورية يملك مفتاح الحلّ...فإلى جلسة الثلاثاء درّ 16:00 | 2025-08-02 02/08/2025 04:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة خبر جديد عن الـ100 دولار القديمة.. ما هو؟ Lebanon 24 خبر جديد عن الـ100 دولار القديمة.. ما هو؟ 22:21 | 2025-08-01 01/08/2025 10:21:07 Lebanon 24 Lebanon 24 صورة نادرة جداً لزياد الرحباني.. التقطها "مصور فيروز" الخاص Lebanon 24 صورة نادرة جداً لزياد الرحباني.. التقطها "مصور فيروز" الخاص 21:56 | 2025-08-01 01/08/2025 09:56:29 Lebanon 24 Lebanon 24 شاركت بمراسم دفنه: خطيبة الراحل زياد الرحباني السابقة تعود للواجهة.. هي ممثلة شهيرة أيضا (صور) Lebanon 24 شاركت بمراسم دفنه: خطيبة الراحل زياد الرحباني السابقة تعود للواجهة.. هي ممثلة شهيرة أيضا (صور) 11:41 | 2025-08-02 02/08/2025 11:41:36 Lebanon 24 Lebanon 24 قبيل الجلسة المفصلية: لقاء عون – رعد يثير الهواجس… فهل يمهّد للتصعيد؟ Lebanon 24 قبيل الجلسة المفصلية: لقاء عون – رعد يثير الهواجس… فهل يمهّد للتصعيد؟ 18:00 | 2025-08-01 01/08/2025 06:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 اتصلت به لتهنئته... هذا ما دار بين وزيرة التربية وأحد الطلاب الأوائل (فيديو) Lebanon 24 اتصلت به لتهنئته... هذا ما دار بين وزيرة التربية وأحد الطلاب الأوائل (فيديو) 19:45 | 2025-08-01 01/08/2025 07:45:59 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب زينة كرم - Zeina Karam أيضاً في لبنان 17:28 | 2025-08-02 عون يعبّد طريق جلسة الحكومة.. هل يتلقّف "حزب الله" خطابه إيجابًا؟ 17:05 | 2025-08-02 الأردن: نؤكد دعمنا للبنان في الأزمات 17:00 | 2025-08-02 هدوء "حزب الله" في مواجهة الضغوط.. اوراق قوة ام تمرير للوقت؟ 16:30 | 2025-08-02 في بداية كل شهر.. هذا ما يحصل مع فئة كبيرة من اللبنانيين 16:00 | 2025-08-02 رئيس الجمهورية يملك مفتاح الحلّ...فإلى جلسة الثلاثاء درّ 15:51 | 2025-08-02 بالصورة... شارع باسم "ضحايا الرابع من آب" فيديو "هاي شو الصورة؟".. شاهدوا ماذا حصل مع كاظم الساهر في حفله على مسرح إهدنيات (فيديو) Lebanon 24 "هاي شو الصورة؟".. شاهدوا ماذا حصل مع كاظم الساهر في حفله على مسرح إهدنيات (فيديو) 09:30 | 2025-08-02 02/08/2025 17:30:45 Lebanon 24 Lebanon 24 انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو) Lebanon 24 انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو) 09:31 | 2025-07-30 02/08/2025 17:30:45 Lebanon 24 Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو) Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو) 08:32 | 2025-07-30 02/08/2025 17:30:45 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24