المجلس الدستوري ابطل الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون المهل الدستورية
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
قرر المجلس الدستوري في جلسة عقدها صباح اليوم في مقره في الحدت، بحضور كامل الأعضاء وغياب القاضي عمر حمزة لوجوده في المستشفى، إبطال الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون المهل الدستورية التي كان قد تقدم بطعن فيه نواب"التيار الوطني الحر"و التي تنص على "تعليق حكما بين تاربخ 31- 3-2022 وتاريخ 30 حزيران 2024 ضمنا، سريان جميع المهل القضائية أمام المحاكم اللبنانية على اختلاف انواعها ودرجاتها والممنوحة لأشخاص الحق العام والخاص بهدف ممارسة الحقوق على انواعها سواء كانت هذه المهل شكلية أو جزائية أو امتد اثرها إلى اساس الحق ،وابطال المادة الخامسة من القانون .
كما رد سبب الابطال المسند إلى مخالفة مبدأ فقه القانون ووضوح فيما خص الخلط بين المهل الدستورية والأهل القضائية وتحسين القانون لهذه الناحية بالتحفظ التفسيري واعتبار ان مهل الإجراءات القضائية مشغولة بتعليق المهل القانونية .
كما رد سائر اسباب الطعن.
وجاء فيه:
"موضوع المراجعة: القانون رقم 328/2024، الصادر في 4/12/2024 (تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية) المنشور في ملحق العدد 49 من الجريدة الرسمية تاريخ 5/12/2024.
المستدعون: النواب: جورج نعيم عطاالله، سليم جورج عون، سيزار ريمون أبي خليل، إدكار جوزف طرابلسي، غسان آمال عطاالله، سامر أسعد التوم، نقولا صحناوي، جيمي جورج جبور، شربل كميل مارون وندى نهاد البستاني.
إنّ المجلس الدستوري الملتئم في مقرّه بتاريخ 16/1/2025، برئاسة رئيسه القاضي طنوس مشلب وحضور الأعضاء القضاة: عوني رمضان، أكرم بعاصيري، ألبرت سرحان، رياض أبو غيدا، فوزات فرحات، ميشال طرزي، الياس مشرقاني وميراي نجم.
وبغياب نائب الرئيس القاضي عمر حمزة لوجوده في المستشفى.
بعد الاطلاع على المراجعة وعلى التقرير،
وبعد التدقيق والمذاكرة،
تبين أنّ النواب الواردة أسماؤهم أعلاه قدموا إستدعاءً بتاريخ 19/12/2024 سجل في قلم المجلس برقم 14/و/2024 بتاريخ وروده، طعنا بالقانون رقم 328/2024 (قانون تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية) الصادر في 4/12/2024 والمنشور في ملحق العدد 49 من الجريدة الرسمية تاريخ 5/12/2024، طلبوا فيه قبول المراجعة شكلا وتعليق مفعول القانون المطعون فيه وقبولها أساسا وإصدار القرار النهائي بإبطاله، واستطراداً، وفي حال عدم إبطاله تفسيره ليكون متوافقاً مع الدستور، وأدلوا بتوافر جميع الشروط الشكلية المطلوبة وفي الأساس بأسباب الإبطال التالية:
1- مخالفة آلية التصويت المنصوص عليها في المادة 36 من الدستور.
2- مخالفة أحكام المادة 18 من الدستور.
3- تعدي السلطة التشريعية على صلاحيات السلطة القضائية بعدم استطلاع رأي الأخيرة.
4- مخالفة مبدأ فقه القانون ووضوحه وبالتالي مبدأ المساواة.
5- عدم توافر شروط رجعية القوانين.
6-واستطراداً، بأنّه في حال عدم إبطال القانون يعود للمجلس إعطاء التفسير الذي يجعله متوافقاً وأحكام الدستور.
وتبين أنه بتاريخ 23/12/2024 تقرر وقف مفعول القانون.
بنـــــــــــــــــــــــــــــاء عليــــــــــه
أولاً: في الشــــــكل:
حيث إنّ المراجعة وردت ضمن المهلة القانونية موقّعة من العدد المطلوب من النواب ومستوفية سائر الشروط الشكلية، فتقبل شكلاً.
ثانياً: في الأساس:
حيث يقتضي البحث تباعاً في مدى دستورية القانون المطعون فيه سنداً للأسباب المدلى بها، ولما يمكن ان يثيره المجلس عفواً، إذا لزم الأمر، لأن رقابته لا تقتصر فقط على ما أثير في الطعن إنما تمتد، بمجرد تسجيل الطعن ووضع يده عليه، لتطال كل ما يشوب القانون برمته من مخالفات دستورية، فيرتب عليها النتائج دون التقيد بالأسباب الواردة في الطعن أو بحرفية المطالب أو بالمواد المطعون فيها.
1-في السبب المتعلق بآلية التصويت:
حيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي بأن المادة 36 من الدستور تنصّ على أنّه " في ما يختص بالقوانين عموماً أو بالإقتراع على مسألة الثقة فإنّ الآراء تعطى دائماً بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عالٍ"، وبأنّ الدستور نصّ على الأكثرية الواجب توافرها للنصاب القانوني في جلسات مجلس النواب في اتخاذ القرار بشأن الأمور المطروحة عليه، ومنها القوانين العادية والدستورية ما يعني أنّ للعدد دور حاسم في اتخاذ القرارات ووضع القوانين في الأنظمة الديمقراطية،
وحيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي في السياق ذاته أنّ الغاية من نصّ المادة 36 المذكورة هي التصويت على القوانين بشفافية تامة ليكون الشعب مطّلعاً على ما يقوم به نوابه، وهذه المادة تتضمّن قاعدة جوهرية لورود تعبير دائماً في النص الدستوري وقد اعتمدها النظام الداخلي لمجلس النواب في المادتين 78 و85 منه،
وحيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي أيضاً بأنّه لم يتبيّن من محضر الجلسة التي أقرّ فيها القانون، أنّ الأصول الدستورية المنصوص عليها في المادة 36 من الدستور قد روعيت في التصويت، فتكون الطريقة التي اعتمدت في إقراره مخالفة للدستور ويقتضي بالتالي إبطاله،
وحيث إنّ رقابة المجلس الدستوري، على أي نص تشريعي يطعن به لديه، لا تقتصر على النظر في مدى إنطباق مضمون ذلك النص على الدستور انما تتعداه الى النظر في عيوب عدم الدستورية التي قد تشوب أصول التشريع المنصوص عليها في الدستور أو في القواعد العامة الواردة في مقدمته أو في متنه وهو ما يعرف بالرقابة الخارجية على القوانين،
وحيث يتبيّن من مراجعة محضر الجلسة، المرسل إلى هذا المجلس من قبل مجلس النواب، أنّه جرى نقل إقتراح القانون حرفياً مع أسبابه الموجبة في مطلع المحضر، كما جرت تلاوة مواده مادة مادة، ومناقشتها من قبل النواب، والموافقة عليها تباعاً كلّ مادة على حدة برفع الأيدي فنالت كل منها الاكثرية، ثم جرت عملية التصويت على القانون بالمناداة بالأسماء وفق ما يلي:
"القانون المطروح على التصديق بالأسماء- نودي السادة النواب بأسمائهم. أكثرية. الرئيس: صدّق القانون بالأكثرية،
وحيث تبين ممّا تقدّم أنّه تمّ إقرار القانون بالأكثرية دون تدوين أي اعتراض على آلية التصويت ولا يكون بالتالي ثمة تشويه لإرادة النواب المقترعين وللإرادة الشعبية ما يوجب رد هذا السبب.
2- في السبب المتعلّق بمخالفة أحكام المادة 18 من الدستور:
حيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي بأنّ المادة 18 من الدستور تنصّ على أنّ لمجلس النواب ومجلس الوزراء حق اقتراح القوانين ولا ينشر قانون ما لم يقرّه مجلس النواب، وأنّ الفقرة "د" من مقدّمة الدستور التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الكتلة الدستورية، تنصّ على كون الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية، وبالتالي يكون إصدار ونشر أي قانون، بصيغة مختلفة عن تلك التي تمّ التصويت عليها واعتمادها من قبل النواب، حسبما ورد في المراجعة، تزويراً لإرادة الشعب وخرقاً لسيادته يؤدي إلى إبطال القانون،
وحيث إنّ الجهة الطاعنة اكتفت بنقل نصّ المادة 18 من الدستور والفقرة "د" من مقدّمته بدون الإشارة إلى النص الذي تمّ التصويت عليه من قبل النواب أو بيان وجه الإختلاف بينه وبين نصّ القانون رقم 328/2024 بالصيغة التي جرى نشره فيها لإمكان القول بحصول تحريف أو تزوير، وبدون المقارنة ما بين النصين المعوّل عليهما أعلاه وبين وقائع جلسة مناقشة القانون والتصويت عليه في مجلس النواب، لإمكان الأخذ بما وصفته بتزوير الإرادة الشعبية وخرق السيادة،
وحيث لم يتبين للمجلس من الاطلاع على محضر مناقشة القانون المطعون فيه في الهيئة العامة، وجود أية مخالفة للمادة 18 من الدستور، ما يوجب رد هذا السبب أيضاً.
3- في السبب المتعلق بتعدي السلطة التشريعية على صلاحيات السلطة القضائية بعدم استطلاع رأيها.
حيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي ضمن هذا السبب بأنّه لم يتم استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى باقتراح القانون المطعون فيه قبل عرضه على التصويت وفق ما تفرضه الفقرة " ز" من المادة /5/ من قانون تنظيم القضاء العدلي (المرسوم الاشتراعي رقم 150 تاريخ 16/9/1983)، وانّ هذا الاستطلاع يشكّل صيغة جوهرية وتكريساً للضمانة القضائية المنصوص عليها في الفقرة " ه" من مقدمة الدستور ويكون مخالفاً للدستور ومستوجباً الإبطال،
وحيث إّن المادة /20/ من الدستور تنصّ على ما يلي:" السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام ينص عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاء والمتقاضين الضمانات اللازمة.
أمّا شروط الضمانة القضائية وحدودها فيعينها القانون. والقضاة مستقلون في اجراء وظيفتهم وتصدر القرارات والاحكام من قبل كل المحاكم وتنفذ باسم الشعب اللبناني".
وحيث إنّ الفقرة "ز" من المادة الخامسة من المرسوم الاشتراعي رقم 150/83 تنص على أنّه من صلاحيات مجلس القضاء الأعلى "ابداء الرأي في مشاريع القوانين والأنظمة المتعلقة بالقضاء العدلي، واقتراح المشاريع والنصوص التي يراها مناسبة بهذا الشأن على وزير العدل".
وحيث إنّه يستفاد من نص المادة /20/، أن ثمة ضمانات يجب حفظها للقضاة والمتقاضين، من أجل تأمين الإستقلال للقضاة وحفظ حقوق المتقاضين، وإنّ التشريع الذي يمس بهذه الضمانات يكون مخالفاً للدستور،
وحيث إنّ الفقرة "ز" يجب أن تفسّر ضمن إطار تلك الضمانات وعلى أنه يتوجب أخذ رأي مجلس القضاء في كل ما يتعلق بشؤون القضاء العدلي والقضاة كالتعديل في النظام القضائي أو في تنظيم المحاكم أو في سن تقاعد القضاة وذلك على سبيل المثال،
وحيث إنّ ما يخرج عن إطار تلك الضمانات لا يمكن أن يشكل انتقاصاً منها ولا يستوجب بالتالي استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى،
وحيث إنّ القانون المطعون فيه الذي علّق المهل القانونية والقضائية والعقدية لا ينتقص من ضمانات استقلالية القضاء أو من حقوق المتقاضين فلا يكون بالتالي من عداد القوانين التي يجب استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى فيها قبل إقرارها ويكون السبب موضوع البحث في غير موقعه الصحيح ويقتضي رده أيضاً.
4-في السبب المتعلق بمخالفة مبدأ فقه القانون ووضوحه وبالتالي مبدأ المساواة:
حيث إنّ الجهة المستدعية تدلي بأن القانون المطعون فيه تضمن خلطاً مشوهاً واضحاً من قبل المشترع ما بين المهل القانونية والمهل القضائية بحيث انه اذا أريد تطبيقه بصورة قانونية دقيقة تحترم التعريفات المعتمدة لهذه المفاهيم، لجاء غير مبرر بجزء كبير منه، اذ انه علّق في المادة الأولى منه سريان المهل القضائية، ثم استثنى في المادة الثانية المهل القضائية من التعليق، الامر الذي ينطوي على تناقض وغموض كبيرين يستحيل بنتيجتهما تطبيق النص بصورة موحدة،
وحيث إنّ الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المطعون فيه تعلّق حكماً بين تاريخ 8 تشرين الأول 2023 و31 أذار 2025 ضمناً، سريان جميع المهل القانونية والعقدية الممنوحة لأشخاص الحق العام والخاص بهدف ممارسة الحقوق على أنواعها، سواء أكانت هذه المهل شكلية أو إجرائية او جمركية أو امتد أثرها إلى أساس الحق،
وحيث إنّ المادة الثانية من القانون نصّت على الاستثناءات من أحكام التعليق وحدّدت في بندها الأول المهل القضائية التي يترك القانون للقاضي أن يقدرها،
وحيث إنّ الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المطعون فيه تكون، بذلك، قد وضعت القاعدة العامة على ان تليها في المادة الثانية، الاستثناءات، وذلك بصورة واضحة ونافية للغموض خلافا لما أدلى به المستدعون لهذه الجهة،
وحيث إنّ المهل هي على نوعين: قانونية وقضائية فالمهل القانونية هي تلك التي يحُددها القانون بنصوص خاصة، فلا يجوز للقاضي تعديلها زيادة أو إنقاصاً الا إذا خوّله القانون ذلك، اما المهل القضائية فهي تلك التي يقرر القاضي منحها بحسب تقديره، ويكون له ان يمددها عند الاقتضاء،
وحيث إنّ المهل القانونية المذكورة في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون تشمل مهل الإجراءات القضائية، وهي المهل التي يحددها القانون والتي تتناول الإجراءات أمام المحاكم في النزاعات القضائية،
Les délais de procédure se définissent comme le temps laissé aux parties à l'instance pour l'accomplissement des actes et des formalités de la procédure (Dalloz.code de procédure civil, art 640 s.)
وحيث يعود للمجلس الدستوري تحصين القانون المطعون فيه بالتحفظ التفسيري الذي يزيل أي تناقض أو تباين أو التباس لتدارك عدم وضوح النص والتمكين من فقهه بما ينسجم مع المبادئ الدستورية،
وحيث إن النصوص القانونية تفسر بطريقة تكمل بعضها بعضاً وتؤدي الى إعمالها جميعاً،
وحيث إنطلاقاً من كون المادة الأولى من القانون المطعون فيه قد وضعت القاعدة العامة وان الاستثناءات قد وردت في المادة الثانية، فإنه يقتضي إعطاء المادة الأولى مداها اللازم وتفسير الاستثناءات ومنها البند "1" من المادة الثانية بشكل ضيق،
وحيث إنّه بعد أن استثنى البند "1" من المادة /2/ بشكل واضح وصريح المهل القضائية التي يترك القانون للقاضي أن يقدرها، تكون مهل الإجراءات القضائية مشمولة بالتعليق في المادة الأولى من ضمن المهل القانونية بحيث لا يبقى من مجال للقول بوجود التناقض ويكون السبب موضوع البحث مردوداً.
5- في السبب المتعلق بالمفعول الرجعي للقانون المطعون فيه:
حيث إنّ الجهة المستدعية تدلي بأن المشترع أراد من خلال القانون المطعون فيه صون حقوق المواطنين الذين لم يتمكنوا من ممارستها بفعل ظروف العدوان على لبنان الممتد من 8 تشرين الأول 2023 وحتى تاريخ 31/3/2025، وقد تضمن القانون المذكور تعليقاً للمهل القضائية أمام المحاكم ابتداء من 31 آذار 2022 أي بمفعول رجعي ينسحب الى التاريخ الأخير،
وحيث إنّ الاجتهاد الدستوري استقر على اعتبار أنه اذا كان يعود للمشترع أن يعطي مفعولاً رجعياً للنصوص القانونية، الا أنّ مبدأ عدم رجعية النصوص، وان كان يدخل ضمن المبادئ القانونية العامة، فهو لا يرتقي الى مصاف المبادئ الدستورية إلا في ما خص القوانين الجزائية والضريبية في بعض الحالات،
وحيث إنّ حق المشترع في وضع هكذا نصوص ليس مطلقاً فهو خاضع لضوابط أهمها عدم جواز التعرض، بمفعول رجعي، لوضع قانوني مستقر يؤمن حقوقاً مكتسبة وضمانات كرّسها الدستور، الا في حال قيام مبرر كاف لاتخاذ هكذا اجراء يكون بدوره مرتبطاً بالمصلحة العامة، وبمعنى آخر، فان الرجعية لا تكون متاحة الا إذا كان دافعها الحقيقي المصلحة العامة،
وحيث إنّه من الواضح أنّ القانون المطعون فيه " علق حكماً بين تاريخ 31 أذار 2022 وتاريخ 30 حزيران 2024 ضمناً، سريان جميع المهل القضائية ..."(الفقرة الثانية من المادة الأولى)،
وحيث إنّ تعليق المهل على هذا النحو لم يبرر بأية ظروف، ولا توجد على كل حال ظروف استثنائية او مصلحة عامة تبرره، بدليل ان الأسباب الموجبة للقانون المطعون فيه اقتصرت على الإشارة الى الاحداث الاستثنائية التي شهدها لبنان من الثامن من تشرين الأول 2023 والتي حالت بفعل القوة القاهرة المتأتية عنها دون ممارسة الدولة والمواطنين لحقوقهم في خلال المهل القانونية والقضائية والعقدية..."،
وحيث إنّه، ومهما كانت الأسباب وطبيعتها التي أملت على المشترع إقرار القانون المطعون فيه، سواء الواردة في الأسباب الموجبة له او تلك التي كانت محل نقاش النواب في الجلسة التي اقر فيها هذا القانون، فإنها لا تبرر تعليق المهل على النحو الوارد فيه وللمدة غير المعقولة التي شملها، ما يحمل على القول بوجود عدم تناسب واضح بين هذا التعليق ومقتضياته من جهة، وصون حقوق المواطنين وحمايتها من جهة ثانية، ويجعل هذا القانون مخالفا للدستور وللمبادئ الدستورية لهذه الجهة، ما يستوجب إبطال الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون المطعون فيه.
6- في المادة الخامسة من القانون المطعون فيه:
حيث إنّ المستدعين يسندون مراجعتهم ومطاليبهم الى عدم دستورية المادة الأولى من القانون المطعون فيه،
وحيث انطلاقا من صلاحية المجلس بوضع يده على القانون المطعون فيه برمته بمجرد تسجيل مراجعة الطعن في القلم وفق ما صار شرحه في مستهل هذا القرار، فإنّه لا يسعه إغفال أيّ نص من ذلك القانون من الرقابة وترتيب النتائج اللازمة متى رأى فيه مخالفة للدستور،
وحيث إنّه يتبيّن من مراجعة القانون المطعون فيه، أنّ المادة الخامسة منه تنص على ما يلي:
"كل حكم مبرم لم يراع فيه تعليق المهل الملحوظة في هذا القانون، يكون قابلاً لإعادة المحاكمة من تاريخ نفاذ هذا القانون"،
وحيث إنّ هذا النص ينطوي على مفعول رجعي يؤدي الى الزام المحاكم بقبول طلبات إعادة المحاكمة بشأن الاحكام المبرمة التي صدرت بتاريخ سابق لتاريخ نفاذ هذا القانون، ما يشكل تدخلاً في أعمال المحاكم،
وحيث إنّ مبدأ الفصل بين السلطات، والذي ينبثق عنه مبدأ استقلال القضاء، المكرّس أيضاً في المادة 20 من الدستور، لا يجيز للمشترع ان يجري رقابته على أحكام القضاء، او ان يوجه اليه الأوامر او التعليمات او ان يحل محله في الحكم في النزاعات التي تدخل في اختصاصه،
وحيث إنّ مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ استقلالية القضاء اللذين يتمتعان بالقيمة الدستورية يمنعان على أي قانون أو عمل اداري، ان يتدخل في عمل القضاء سواء برفع يده عن قضية عالقة امامه أو إلزامه بإعادة النظر في قضية سبق ونظرها، أو إقرار صلاحياته حيالها، أو إلغاء أحكام قضائية مبرمة، ويجعل القاضي بالتالي بمنأى عن تدخلات السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية،
وحيث إنّ المادة الخامسة من القانون المطعون فيه تكون بالاستناد الى ما تقدم، مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية ومبدأ استقلالية القضاء ذي القيمة الدستورية ومستوجبة الإبطال.
لهــــــــــذه الأســــــــباب
يقرّر بالإجماع،
أولاً: في الشـــــكل: قبول المراجعة شكلاً.
ثانياً: في الأساس:
1- إبطال الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون التي تنص على الآتي:
" يُعلّق حكماً بين تاريخ 31 آذار 2022 وتاريخ 30 حزيران 2024 ضمناً سريان
جميع المهل القضائية أمام جميع المحاكم اللبنانية على اختلاف أنواعها ودرجاتها،
والممنوحة لأشخاص الحقين العام والخاص بهدف ممارسة الحقوق على أنواعها، سواء
أكانت هذه المهل شكلية أو إجرائية أو امتد أثرها الى أساس الحق."
2- إبطال المادة الخامسة من القانون.
3- ردّ سبب الابطال المسند الى مخالفة مبدأ فقه القانون ووضوحه في ما خص الخلط
بين المهل القانونية والمهل القضائية، وتحصين القانون لهذه الناحية بالتحفظ التفسيري
واعتبار أنّ مهل الإجراءات القضائية مشمولة بتعليق المهل القانونية.
4- رد سائر أسباب الطعن.
5- إبلاغ هذا القرار من رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب، رئيس مجلس الوزراء،
ونشره في الجريدة الرسمية".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: مجلس القضاء الأعلى المنصوص علیها فی المجلس الدستوری المادة الثانیة استطلاع رأی مجلس النواب هذا القانون فی المادة تلک التی تنص على نص على على أن على ما ق حکما من قبل
إقرأ أيضاً:
الدستورية تعيد دعوى بطلان مادة إخلاء الأماكن بقانون الإيجار القديم للمرافعة 2 أغسطس
قررت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمى، إعادة الدعوى رقم 90 لسنة 42 دستورية، إلى المرافعة وإعادة اعلان الغائب من الخصوم بجلسة 2 أغسطس المقبل، والتي تطالب بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 18 من قانون إيجارات الأماكن الصادر بالقانون رقم 136 لسنة 1981، فيما تتضمنه من اسباب وحالات يجوز للمؤجر أن يطلب فيها إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد.
وطالبت الدعوى، بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة " لا يجوز للمؤجـر أن يطلب إخلاء المكـان، ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد،... "، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها فى غير غرض السكنى.
نص المادة 18 من قانون الايجار
تنص المادة 18 - لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:
( أ ) الهدم الكلى أو الجزئى للمنشآت الآيلة للسقوط والإخلاء المؤقت لمقتضيات الترميم والصيانة وفقا للأحكام المنظمة لذلك بالقوانين السارية.
(ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية،
ولا ينفذ حكم القضاء المستعجل بطرد المستأجر من العين بسبب التأخير فى سداد الأجرة إعمالا للشرط الفاسخ الصريح إذا ما سدد المستأجر الاجرة والمصاريف والأتعاب عند تنفيذ الحكم وبشرط أن يتم التنفيذ فى مواجهة المستأجر.
فإذا تكرر امتناع المستأجر أو تأخره فى الوفاء بالأجرة المستحقة دون مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه بالإخلاء أو الطرد بحسب الأحوال.
(جـ) إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر, أو أجره من الباطن بغير إذن كتابى صريح من المالك للمستأجر الأصلى, أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائيا وذلك دون إخلال بالحالات التى يجيز فيها القانون للمستأجر تأجير المكان مفروشا أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن أو تركه لذوى القربى وفقا لأحكام المادة 29 من القانون 49 لسنه 1977.
(د) إذا ثبت بحكم قضائى نهائى أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو فى أغراض منافية للآداب العامة.
ومع عدم الإخلال بالأسباب المشار إليها لا تمتد بقوة القانون عقود إيجار الأماكن المفروشة.
حكم سابق بعدم دستورية المادة 18 من قانون الايجار القديم
وكانت المحكمة الدستورية قضت فى جلستها المنعقدة يوم 5 مايو 2018 فى الدعوى مماثلة رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة "لا يجوز للمؤجـر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد،... "، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية، لاستعمالها فى غير غرض السكنى.
كما قضت المحكمة بتحديد اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى السنوى لمجلس النواب اللاحق، لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره.
وقالت المحكمة فى حيثياتها إنه استنادًا إلى أن حرية التعاقد قاعدة أساسية اقتضتها المادة (54) من الدستور، صونًا للحرية الشخصية، التى لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التى ينبغى أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائنًا يُحمل على ما لا يرضاه. وحرية التعاقد بهذه المثابة، فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فإنها كذلك وثيقة الصلة بالحق فى الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التى ترتبها العقود – المبنية على الإرادة الحرة – فيما بين أطرافها بيد أن هذه الحرية – التى لا يكفلها انسيابهـــــا دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على مصالح ترجحها، وإنما يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها – لا تعطلها تلك القيود التى تفرضها السلطة التشريعية عليها بما يحول دون انفلاتها من كوابحها، ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها لأنواع من العقود محددًا بقواعد آمرة تحيط ببعض جوانبها، غير أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التى تباشر فيها الإرادة سلطانها، ولا أن تخلـــط بين المنفعة الشخصية التى يجنيها المستأجر من عقد الإيجار – والتى انصرفت إليها إرادة المالك عند التأجير – وبين حق الانتفاع كأحد الحقوق العينية المتفرعة عن الملكية.
وحيث إن النص المطعـون فيه – محـددًا نطاقًا على النحو المتقدم – إذ أجاز للشخص الاعتبارى المستأجر لعين لاستعمالها فى غير غرض السكنى، البقاء فيها بعد انتهاء المدة المتفق عليها فى العقد، فإنه على هذا النحو – وباعتباره واقعًا فى إطار القيود الاستثنائية التى نظم بها المشرع العلائق الإيجارية – يكون قد أسقط حق المؤجر – مالك العين فى الأعم من الأحوال – فى استرداد العين المؤجرة بعد انتهاء مدة إجارتها، حال أن حق المستأجر لازال حقًا شخصيًا مقصورًا على استعمال عين بذاتها فى الغرض الذى أُجرت من أجله خلال المدة المتفق عليها فى العقد، فلا يتم مد تلك المدة بغير موافقة المؤجر، وبالمخالفة لشرط اتصل بإجارة أبرماها معًا، صريحًا كان هذا الشرط أم ضمنيًا. ومن ثم، فإن ما تضمنه ذلك النص من امتداد قانونى لمدة عقد إيجار الأماكن المؤجرة لأشخاص اعتبارية، لاستعمالها فى غير غرض السكنى، يكون متضمنًا عدوانًا على الحدود المنطقية التى تعمل الإرادة الحرة فى نطاقها، والتى لا تستقيم الحريــــة الشخصية – فى صحيح بنيانها – بفواتها، فلا تكون الإجارة إلا إملاء يناقض أساسها، وذلك بالمخالفة للمادة (54) من الدستور.
قانون جديد بعد حكم الدستورية
وفى عام 2022 صدر القانون الجديد رقم 10 لسنة 2022 والذى نص على أنه مع عدم الإخلال بالأسباب الأخرى للإخلاء المبينة بالمادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه ، يكون إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكني وفقا لأحكام القانونين رقمى ٤٩ لسنة 1977 ، و 136 لسنة 1981 المشار إليهما بانتهاء مدة خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون، ما لم يتم التراضي على غير ذلك.
وصدر هذا القانون ونشر في الجريدة الرسمية يوم 6 مارس عام 2022، وهو ما يعنى أن مدة الخمس سنوات المحددة لـ اخلاء الوحدات والعقارات المؤجرة لغرض غير سكنى في هذا القانون تنتهى 5 مارس 2027.
مشاركة