كيف استطاع ترامب إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
شهد ستيف ويتكوف، مستثمر العقارات الأمريكي، خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأمريكي في يوليو (تموز) 2024، وهو ما وصفه بأنه تجربة "ملحمية" و"روحية".
وبعد 5 أشهر فقط، وجد هذا المستثمر الذي ولد في حي برونكس، نفسه ومن دون أي خبرة دبلوماسية، مبعوثاً من قبل دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ليضغط على نتانياهو من أجل تقديم تنازلات، لإنهاء الحرب المدمرة التي استمرت 15 شهراً في غزة.
وبعد محادثات متقطعة مليئة بالتعقيدات والعوائق، بدا أن احتمالات التوصل إلى اختراق قبل انتهاء ولاية جو بايدن كرئيس للولايات المتحدة، ضعيفة جداً، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز".
ومع ذلك، كانت لحظة حاسمة عندما أعلن رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، من الدوحة أن إسرائيل وحماس توصلتا إلى اتفاق وقف إطلاق النار، مما سمح بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع المحاصر. وكان ويتكوف حاضراً في هذا الإعلان إلى جانب الوسطاء الآخرين.
ووفقاً لشخص مطلع على المحادثات تحدث للصحيفة: "ما الذي تغيّر خلال الأشهر الـ 8 الماضية؟ إنه ترامب وويتكوف. الطريقة التي أدار بها ترامب الأمور أحدثت الفرق". وعلى الرغم من أنه لم يُعرف ما إذا كان ويتكوف قد نقل تهديدات مباشرة من ترامب، أو قدم وعوداً لنتانياهو بشأن الاتفاق، إلا أن تأثيره كان واضحاً في تسريع المحادثات.
Trump team was 'critical' to advancing the ceasefire deal and prisoner-hostage swap
'This incoming administration does not want to see Hamas in power at all, have any sort of say in the post-war governance of the Gaza Strip,' @nicole_zedek tells @manu_claram pic.twitter.com/cv6vzxdQgr
وبدأت فكرة اتفاق يتضمن مراحل متعددة، تؤدي في النهاية إلى السلام وإعادة الإعمار على يد الوسطاء، وتم دعمها علناً من قبل بايدن منذ أكثر من 6 أشهر. لكن التدخل الشخصي لترامب وإيفاده لويتكوف هو ما حسم الاتفاق في النهاية، بحسب الصحيفة.
وبعد فوزه في الانتخابات، ركز ترامب على تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مهاجماً إخفاق بايدن في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار. في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أرسل ويتكوف إلى قطر للقاء الشيخ محمد، حيث ناقش أسباب تعثر المفاوضات. ثم سافر ويتكوف إلى تل أبيب للقاء نتانياهو، مما أدى إلى دفع المحادثات قدماً.
وقد واجه نتانياهو ضغوطاً من حلفائه اليمينيين المتشددين، الذين هددوا بترك ائتلافه الحاكم إذا وافق على أي اتفاق مع حماس. كما كان هناك شعور داخل بعض الدوائر الأمنية الإسرائيلية، بأن نتانياهو يعيق التقدم عمداً. إلا أن ذلك لم يثني نتانياهو عن الموافقة على الصفقة بدعم ترامب ومبعوثه.
Israel and Hamas reached ceasefire deal after President-elect Trump threatened to decimate Hamas if hostages were not returned pic.twitter.com/ohiLxDq7YG
— The Post Millennial (@TPostMillennial) January 16, 2025 تحدياتومن جهة أخرى، أكدت إدارة بايدن علناً أن حماس هي المسؤولة عن فشل المحادثات، رغم أن بعض المسؤولين الأمريكيين كانوا يدركون دور نتانياهو في تعقيد العملية. وبحلول نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2024، كانت إسرائيل قد حققت أهدافها العسكرية تقريباً ضد حماس، بما في ذلك اغتيال معظم قياداتها العليا.
وأدرك الجميع أن أي اتفاق يتم التوصل إليه في عهد بايدن سيُنفذ في عهد ترامب. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2024، هدد ترامب عبر منشور على منصته Truth Social أنه يريد إنهاء النزاع قبل تنصيبه، مؤكداً أن عدم الإفراج عن الرهائن سيؤدي إلى "جحيم في الشرق الأوسط”.
ومع دعم ترامب القوي، لعب ويتكوف دوراً حاسماً في دفع نتانياهو للموافقة على النقاط الحرجة التي أعاقت الاتفاق سابقاً، مثل إعادة انتشار القوات الإسرائيلية في غزة. وكشفت تقارير أن ويتكوف استخدم نهجاً شبيهاً بإبرام الصفقات التجارية، حيث وضع الضغوط المناسبة وأظهر دعماً قوياً لإسرائيل.
وقد أدى فوز ترامب إلى حث قطر ومصر على الضغط على حماس لتقديم تنازلات، إذ كان لديهم مصلحة في إظهار قدرتهم على تحقيق نتائج إيجابية مع إدارة ترامب الجديدة. وأكدت مصادر مطلعة أن تأثير ترامب كان واضحاً ليس فقط على إسرائيل، بل أيضاً على الوسطاء الإقليميين.
Israel's security cabinet is set to meet Friday after final details of a Gaza ceasefire and hostage release deal were ironed out, Prime Minister Netanyahu's office sayshttps://t.co/Sxdp3UhKAC pic.twitter.com/72k8p2XXzt
— AFP News Agency (@AFP) January 17, 2025 إعلان وقف إطلاق النارومن المقرر أن يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، يوم بعد غد الأحد، مع الإفراج عن أول دفعة من الرهائن قبل يوم واحد من تنصيب ترامب في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري. وتم الاحتفال بهذا الاتفاق على نطاق واسع في غزة، حيث نزل آلاف الفلسطينيين إلى الشوارع في خان يونس للاحتفال بالخبر.
وأظهر التدخل الشخصي لدونالد ترامب، وستيف ويتكوف، قدرة غير عادية على التأثير في مسار المفاوضات التي بدت مستحيلة، مما أبرز كيف يمكن للسياسة الدبلوماسية غير التقليدية، أن تؤدي إلى نتائج ملموسة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية دونالد ترامب غزة اتفاق وقف إطلاق النار اتفاق غزة عودة ترامب غزة وإسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار فی غزة
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تتبنى قرارًا لوقف إطلاق النار في غزة.. حماس ترحب
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء الخميس، قرارًا بأغلبية ساحقة يدعو إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، وفتح الممرات الإنسانية، ورفض استخدام التجويع كسلاح حرب، رغم اعتراض الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل وعدد محدود من الدول.
وجاء القرار الذي تبنته الجمعية العامة المكونة من 193 دولة، بعد أيام من استخدام واشنطن حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لإفشال مشروع مماثل، ما أثار موجة انتقادات دولية واتهامات لها بالانحياز المطلق للاحتلال، والتغطية على جرائمه المتواصلة في القطاع المحاصر.
149 دولة صوتت لصالح القرار، في مقابل رفض 11 دولة فقط، بينما امتنعت 19 دولة عن التصويت، ما يعكس عزلة سياسية واضحة للموقف الأمريكي والإسرائيلي. وينص القرار أيضًا على الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس، وإعادة المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة بشكل كامل.
من جانبها، اعتبرت حركة "حماس" القرار بمثابة انتصار سياسي وأخلاقي لشعب غزة ومقاومته، ودليلًا على فشل الرواية الإسرائيلية والدعم الأمريكي في كسب الشرعية الدولية، مؤكدة أن الإرادة الحرة للدول والشعوب تزداد وضوحًا يومًا بعد يوم في رفضها للإبادة الجماعية والحصار.
وفي بيان صحفي صدر عن الحركة، ورصدته "عربي21"، رحّبت "حماس" بأغلبية الأصوات الساحقة التي صوتت لصالح القرار الأممي، معتبرة ذلك دليلاً على عزلة الاحتلال وتهاوي روايته الدعائية، وعلى سقوط مزاعم "الدفاع عن النفس" التي تروّج لها إسرائيل وتتبناها الولايات المتحدة لتبرير حرب الإبادة في غزة.
وبحسب البيان، فإن القرار الذي أدان استخدام التجويع كسلاح حرب، وأكد على ضرورة فتح الممرات الإنسانية وضمان تدفق المساعدات، يعكس الإرادة الحرة للمجتمع الدولي، ويؤكد أن "الحق الفلسطيني لا يزال حاضرًا في وجدان العالم، رغم محاولات تشويهه وتغييبه".
ورأت "حماس" أن التصويت الكاسح في الجمعية العامة، والذي جاء بعد أيام فقط من استخدام واشنطن حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار مشابه في مجلس الأمن، يمثل ردًا حاسمًا على الانحياز الأمريكي الفج، ويكشف فشل الولايات المتحدة في "فرض إرادتها أو عزل المقاومة الفلسطينية".
وأكدت الحركة أن محاولة واشنطن تمرير إدانة لحركة حماس داخل الجمعية العامة خلال المداولات لم تلقَ تجاوبًا من الدول الأعضاء، مما يشير إلى أن العالم بات أكثر وعيًا بـ"الواقع الاستعماري والإجرامي" للاحتلال الإسرائيلي، وأقل قابلية للابتزاز السياسي والإعلامي.
دعوة لتحويل القرار إلى خطوات عملية
ودعت "حماس" في ختام بيانها الأمم المتحدة إلى عدم الاكتفاء بالقرار، بل العمل على تحويله إلى إجراءات عملية مُلزمة، من شأنها وقف العدوان على غزة، ورفع الحصار المتواصل منذ 17 عامًا، ومحاسبة قادة الاحتلال على الجرائم الموصوفة بأنها إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
كما شددت الحركة على أن المدنيين في قطاع غزة، وخاصة الأطفال والنساء، يواجهون شبح المجاعة والموت الجماعي، وأن التحرك الدولي الآن بات واجبًا أخلاقيًا قبل أن يكون مسؤولية سياسية أو قانونية.
في المقابل، هاجم مندوب الاحتلال، داني دانون، القرار، ووصفه بأنه "مهزلة" و"فرية دم"، معتبرًا أنه يُضعف جهود تحرير الرهائن، ويفتح المجال أمام "شرعنة الإرهاب"، على حد قوله، وهو موقف أثار ردود فعل غاضبة من عدة وفود دبلوماسية، خاصة من دول الجنوب العالمي.
ليبيا، وعلى لسان مندوبها طاهر السني، أكدت أن "وصمة عار ستلاحق من يصوتون ضد القرار"، في حين أشار مراقبون إلى أن تصاعد التحركات الدولية في الجمعية العامة يعكس فقدان الثقة بالقدرة الأمريكية على فرض تسوية عادلة، في ظل استمرار الحرب ومأساة المدنيين في غزة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 183 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.