موقع 24:
2025-06-04@12:33:10 GMT

على أعتاب عالم جديد.. وصعب

تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT

على أعتاب عالم جديد.. وصعب

مع أن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية كان مفاجئاً للكثيرين، إلا أن خطاب التنصيب الذي ألقاه من يومين جاء مفاجئاً بقدر أكبر، في الشكل وفي المضمون.

في الشكل، فقد خرق التقاليد والأعراف السياسية بعدم ذكر الرئيس المنتهية مدته بكلمة طيبة بينما الرجل جالس على بعد مترين منه! ثم عدم الإعلان التقليدي عن مد يديه لمن صوتوا له أو ضده على حد سواء، بل جاء خطابه مليئاً بالتشفي والنية الواضحة في التنكيل بخصومه.

ولكن الأهم هو المضمون. وهنا يستوقفني ليس السياسات والبرامج المعروفة التي كان قد وعد الناخبين بها، بل ما تعبر عنه من فلسفة جديدة للحكم وتوجهات طويلة المدى ستكون ذات نتائج عميقة على المجتمع الأمريكي وعلى العالم بأسره. وفي تقديري أن هناك 5 توجهات كبرى تستحق التوقف عندها:
1- الاستعداد لتجاهل قواعد القانون الدولي التي شكلت الإطار الحاكم للعلاقات الدولية منذ منتصف القرن الماضي، بما في ذلك مبدأ سيادة الدولة ذاته. ويرتبط بذلك خروج الولايات المتحدة من المنظمات الدولية التي لا تأخذ مواقف متفقة مع سياساتها.
2 - العدول عن كثير من السياسات الداعمة للبيئة- مع أنها لم تكن كافية أصلاً- والانحياز لتنشيط الصناعة واستخراج المواد الطبيعية دون اعتبار لمصلحة الإنسانية في حماية البيئة والحد من التدهور المناخي.
3 - العمل على تنفيذ السياسات الاقتصادية التي تحقق منافع مباشرة للولايات المتحدة (أمريكا أولاً) أياً كان أثرها السلبي على الاقتصاد العالمي وعلى التجارة والاستثمار الدوليين، والعدول عن منهج العولمة الذي قاد التفكير الاقتصادي العالمي من سبعينيات القرن الماضي.
4 - الانتقال بالولايات المتحدة من بلد جاذب للمهاجرين ومشجع لانخراطهم في «أسلوب الحياة الأمريكي» إلى دولة ذات أسوار عالية وبوابات منيعة لا تُرحب إلا بمن له حاجة في سوق العمل أو سيضيف للمجتمع والاقتصاد.

5 - التعامل مع مبدأ سيادة القانون بشكل أقل قطعية، ليس باعتباره أساس تنظيم المجتمع، بل كواحد من أسس متعددة ومتصارعة لتنظيمه، مع القوة والسلطة والنفوذ المالي والاعتبارات العملية التي قد ترتفع فوق العدالة معصوبة العينين.

هذه أسس فكرية مختلفة جذرياً ليس فقط عن تلك التي انتهجها الرئيس السابق بل وعن الاتجاه العام الذي ساد مع الأنظمة الغربية حتى تحت حكم الحكومات اليمينية التي ربما انتهجت سياسات اقتصادية محافظة، ولكنها لم تتبنَ بهذا الوضوح رؤية شاملة ومغايرة لأسس الليبرالية الغربية المستقرة.

وهذا لا يعني أن الرئيس «ترامب» مخترع هذه الأفكار أو أنه جاء بجديد، بل لعله كشف الغطاء أكثر من غيره عن عجز الليبرالية التقليدية عن مواكبة تغيرات ديمغرافية وتكنولوجية وثقافية لعالم جديد، وعن إخفاء تناقضات متراكمة بين الأفكار المثالية والحالمة لطبقة حاكمة استراحت في مواقعها الوثيرة واحتياجات العصر ومتطلبات الجماهير.

فوز «ترامب» عام 2017 كان يبدو حدثاً استثنائياً وغريباً وعابراً. أما فوزه الثاني فيعبر عن شيء أكبر وأكثر استمراراً حتى بعد نهاية ولايته، عن تغير حادث في الولايات المتحدة وخارجها، نحو عالم أكثر قسوة وأقرب إلى الصدام على الموارد، وأبعد ما يكون عن أحلام العولمة والتكامل والأمن والسلم العالميين.

فاستعدوا لأننا على أبواب عصر جديد.. صعبٍ وقاسٍ.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب

إقرأ أيضاً:

ترامب عن الرئيس الصيني: اتفاق معه أمر في غاية الصعوبة

ترامب عن الرئيس الصيني: اتفاق معه أمر في غاية الصعوبة

مقالات مشابهة

  • هآرتس: إسرائيل وإيران وصلتا للامتحان الحقيقي الذي سيحسم في واشنطن
  • ترامب عن الرئيس الصيني: اتفاق معه أمر في غاية الصعوبة
  • تحليل لـCNN: ما الذي يميز صورة ترامب الجديدة عن صور رؤساء أمريكا السابقين؟
  • تلغراف: داخل وكالة المساعدات التي تزرع الخوف والفوضى في غزة
  • مخاطر إهمال القضايا الكبرى في عالم غارق بالصراعات
  • بايدن أم روبوت | من الذي حكم الولايات المتحدة لأربع سنوات قبل ترامب؟.. نخبرك القصة
  • اعتقلوه أمام ابنه.. الشاب الذي دمرت أميركا حياته بترحيله إلى بلده
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • هذا هو عقاب هارفارد والجامعات التي خانت طلابها
  • وزارة الأوقاف تطالب بتعزيز السياسات والبرامج التي تدعم الأسر والوالدين