خبير عسكري: المقاومة بجنين استفادت من تجربة غزة وهذه إستراتيجية الاحتلال
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة نجحت في توسيع دائرة المواجهة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى خارج حدود المخيم.
وفي تحليله إستراتيجية الاحتلال، أشار حنا في حديثه للجزيرة إلى أن القوات الإسرائيلية تسعى إلى فصل المخيم عن محيطه عبر السيطرة على الطرق الرئيسية، لافتا إلى أن العملية بدأت بتقدم من الشمال عبر القوات الخاصة وحي الجابريات في المنطقة الجنوبية.
ونبه حنا إلى أن الاحتلال يتبع إستراتيجية تهدف في المرحلة الأولى إلى إخلاء المخيم من السكان، إذ تم تهجير نحو ألفي عائلة، في محاولة للاستفراد بالمقاومة، كاشفا أن حجم القوة المستخدمة يتجاوز فرقة عسكرية واحدة، مع إسناد جوي مكثف.
ويتواصل الهجوم الإسرائيلي على مخيم جنين لليوم الثالث، إذ اغتالت قوة إسرائيلية مقاوميْن اثنين بعد اشتباكات استمرت ساعات، في حين قالت فصائل المقاومة إنها نصبت كمائن للقوات المهاجمة، وتخوض اشتباكات عنيفة بمحاور عدة في المنطقة.
ووفق الخبير العسكري، فإن المقاومة في جنين استفادت من تجارب المواجهات السابقة بمناطق مختلفة مثل جباليا وبيت حانون شمالي قطاع غزة، إذ طورت أساليب قتالية تتناسب مع طبيعة المواجهة في المناطق المأهولة.
إعلانوتأتي العملية العسكرية الإسرائيلية بجنين في إطار محاولة الاحتلال استغلال ما وصفها بـ"النافذة الإستراتيجية" المتمثلة في وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان حسب حنا، مضيفا أن العملية تتجاوز كونها عملية عسكرية محدودة لكنها لا ترقى إلى مستوى الحرب الشاملة.
سرية قباطية
ولفت الخبير العسكري إلى أن محاولات جيش الاحتلال في تطويق وحصار المقاومة "لم تنجح في منع الأخيرة من الانتشار بمواقع متفرقة وتنفيذ عمليات وكمائن ضد قواته"، مؤكدا أن المقاومة أظهرت قدرة على التكيف مع الظروف الميدانية.
وبشأن ظهور سرية قباطية التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في جنين، أوضح حنا أن هذا يعكس مستوى الاستعداد والتنظيم لدى المقاومة.
وأشار إلى أن هذه الوحدات تدرك أنها تقاتل في منطقة لا تملك فيها إستراتيجية للانسحاب كما هو الحال في غزة، مما يجعل خياراتها محصورة بين الاستشهاد أو الانتصار.
وربط الخبير العسكري بين العملية العسكرية والأهداف السياسية الإسرائيلية بعيدة المدى، معربا عن قناعته بأن الهدف الأساسي هو "قضم المزيد من الأراضي الفلسطينية وتعزيز الاستيطان".
وأشار حنا إلى أن امتداد المواجهات إلى مناطق مثل برقين وعرابة وفحمة يؤكد انتشار المقاومة في مختلف أنحاء محافظة جنين، مؤكدا أن هذا الانتشار يصعّب مهمة قوات الاحتلال في السيطرة على المنطقة.
وأكد أن جنين تمثل رمزا نضاليا في التاريخ الفلسطيني منذ ثلاثينيات القرن الماضي خلال الثورة العربية ضد الإنجليز، مرورا بحرب 1967 وصولا إلى عملية السور الواقي عام 2002، مما أكسب المقاومة فيها خبرة تراكمية في مواجهة الاحتلال.
وخلص إلى أن المعركة في جنين تتجاوز بُعدها العسكري المباشر لتشكل رمزا للصمود الفلسطيني في مواجهة مخططات الاحتلال، مؤكدا أن تراكم الخبرات النضالية في المدينة عبر عقود من المقاومة يعزز قدرة أبنائها على الصمود في المواجهة الحالية.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الخبیر العسکری إلى أن
إقرأ أيضاً:
أهالي مخيم جنين للجزيرة نت: الاحتلال يهدم المنازل ويلغي المخيمات
جنين – تتفقد ميس الغول صور الخرائط الجوية التي نشرها جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنازل ينوي هدمها في مخيم جنين، تحاول التأكد مرة بعد أخرى أن منزل عائلتها المكون من 4 طوابق لن يشمله الهدم والتجريف.
تعيش الغول (32 عاما) في مساكن الطلاب التابعة للجامعة الأميركية في مدينة جنين، منذ نزوحها عن بيتها في المخيم قبل 5 أشهر، فيما نزحت أسرتها إلى الحي الشرقي في المدينة. وبعد نزوحها بعدة أيام تلقت خبر إحراق منزلها في حارة الوهدان بشكل كامل.
وتقول للجزيرة نت "خسرتُ كل شيء، منزلي أُحرق بكامل ما فيه، واليوم أسكن في غرفة واحدة مع أطفالي الستة، ولا أملك تكاليف دفع فواتير الماء والكهرباء المتراكمة منذ شهر".
وتعبّر عن استغرابها من قرارات الهدم الجديدة، وتقول إن الجيش الإسرائيلي "قضى على المخيم بشكل كامل وإنه أصبح خرابا، لقد أخذوا كل شيء منا فماذا يريدون أكثر؟ ما يحدث غصة في قلوبنا".
وتضيف ميس "بعد أن فقدتُ منزلي أحاول التأكد أن بيت والدي ليس ضمن إخطار الهدم، فعلى الرغم من مدة نزوحنا الطويلة فإننا ننتظر يوم عودتنا إلى المخيم".
وتعتزم إسرائيل هدم قرابة 95 منزلا جديدا داخل مخيم جنين، خلال 72 ساعة، وهو ما سيُضاف لقرابة 600 وحدة سكنية هدمتها بشكل كامل فيه، ولأن البناء في المخيمات يقوم على النظام العمودي فإن أعداد المنازل المهدمة على أرض الواقع أعلى مما يعلن عنه.
وتشير الخرائط التي نشرها الاحتلال، أمس الاثنين، إلى أن الهدم سيطال المناطق الموجودة في أطراف المخيم، بداية من منطقة المخيم الجديد وحتى شارع السكة.
وحسب الأهالي، فإنه بعد تطبيق إخطار الهدم الحالي، فإن عمليات الهدم والنسف طالت كل حارات المخيم سواء بشكل جزئي أو كلي، ويؤكدون أن الاحتلال لا يلتزم بالإخطارات التي ينشرها، بل يمتد الهدم لمناطق وبنايات لم يعلن عنها من خلال الخرائط أو الهيئة العامة للشؤون المدنية والعسكرية (الارتباط الفلسطيني).
إعلانوكان الاحتلال الإسرائيلي بدأ عمليات النسف في عمق مخيم جنين بعد أقل من أسبوعين من بدء العملية العسكرية فيه، وتحديدا في 2 فبراير/شباط الماضي، حيث فخخ قرابة 20 منزلا ونسفها بشكل متزامن في ذلك الوقت.
وبعد شهر واحد أخطر بنيّته هدم 66 بناية داخل المخيم وفي أحياء مختلفة فيه أبرزها الدمج وعبد الله عزام، وقد بدأت عمليات الهدم فعليا، واستمرت بشكل شبه يومي، بعدها اختفت الأخبار الواردة من داخله بحكم إفراغه من سكانه وتحويله لمنطقة مغلقة بالبوابات الحديدية ومنع الدخول إليه بشكل كامل. لكن جرافات الاحتلال واصلت عملها في هدم المنازل وتوسيع الشوارع وشق طرقات بين حاراته الضيقة.
يقول نضال نغنيغة، النازح من مخيم جنين ورئيس جمعية "فلسطيننا نداء الحياة"، إن هدف العملية العسكرية في مخيمات شمال الضفة الغربية سياسي بحت وليس أمنيا، حيث تسعى إسرائيل لإلغاء المخيمات بشكل كامل لإنهاء قضية اللاجئين.
ويؤكد للجزيرة نت أن المنازل التي يهدمها جيش الاحتلال في المخيم تحدَّد وفق خطة لتغيير واقعه وتحويله لحي من أحياء مدينة جنين، وذلك وفق ما نُشر في خرائط الاحتلال خلال الفترة الأخيرة.
ويعمد الاحتلال -وفق نغنيغة- لهدم أحياء في المخيم لتوسيع الشوارع وشق طرقات وممرات جديدة، ويتركّز الهدم في الأحياء الأكثر التصاقا والمناطق التي تُعد مكتظة وبيوتها متراصة وذلك لتوسعة الأزقة أو إلغائها.
ووفق بعض الصور التي وصلتهم من المخيم، فإن الاحتلال أوجد ساحات في بعض مناطقه وأحيائه، كما شكّل الأحياء وفق مربعات سكنية تضم كل منها 5 منازل على الأكثر.
ويؤكد "المخيم بالنسبة لأهله هو رمز وليس بقعة جغرافية، لذلك نجد أن كل النازحين ينتظرون خروج قوات الاحتلال منه للعودة إليه، حتى وإن كانت العودة لمحيطه وليس المنازل فيه".
إعلانوكانت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية قد أدانت، صباح اليوم الثلاثاء، إخطارات الاحتلال بهدم 100 منزل في مخيم جنين وطالبت بتوفير الحماية الدولية لمخيمات شمال الضفة، مؤكدة أن ما تقوم به إسرائيل "جريمة حرب وتطهير عرقي".
وحسب بلدية جنين، فإن الاحتلال أقام قرابة 15 شارعا داخل المخيم، البالغة مساحته أقل من نصف كيلومتر مربع فقط، كما أن البنية التحتية فيه مدمرة بشكل كامل إضافة إلى:
تدمير 60% من البنية التحتية في مدينة جنين. تدمير 120 كيلومترا من الشوارع. تدمير 42 كيلومترا من الخطوط الناقلة للمياه. تدمير 99 كيلومترا من خطوط الصرف الصحي.
أضرار كبيرة
في حديثه للجزيرة نت، قال محمد جرار، رئيس بلدية جنين، إن الأضرار المباشرة فقط من العملية العسكرية الإسرائيلية بلغت 30 مليون دولار، بينما يمنع طواقم البلدية من الدخول للمخيم لحصر الأضرار في المباني وشبكات الصرف الصحي والمياه، لكن تقديرات البلدية تشير إلى أن المخيم يحتاج إلى إعمار كامل بسبب تدمير أكثر من 600 وحدة سكنية، وتضرر باقي المباني بشكل جزئي ما يجعلها غير صالحة للسكن.
وأضاف أن الاحتلال دمر شبكات الطرق والمياه والكهرباء والصرف الصحي، وأحرق عددا كبيرا من المنازل وهدم منازل أخرى بشكل جزئي، وهو ما يعني ضرورة إعادة بنائها ليتمكن أصحابها من السكن فيها، وأن ذلك -حسب دراسة البلدية- يحتاج إلى قرابة 160 مليون دولار لإعادة المخيم لشكله السابق، "مكانا صالحا للحياة والسكن".
وتعمل البلدية -حسب جرار- ضمن خطة طوارئ تقوم على إغاثة المدينة "لأن بقاءها في حالة شلل اقتصادي يعني انهيار جنين بشكل كامل وهو ما نسعى لتجنبه، حيث أدى توقف الحركة الاقتصادية فيها على مدى الأشهر الأربعة الماضية إلى إفلاس 1200 تاجر بشكل نهائي وخسارة 4000 عامل مصدر رزقهم، وإذا بقي الوضع كما هو فإن هذه الأرقام مرجحة للارتفاع، خاصة مع خسارة سوق جنين قرابة 50 إلى 70 ألف زائر يوميا من الريف والقرى".
إعلانوخلال أكثر من 4 أشهر من بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على جنين ومخيمها، نزح قرابة 22 ألف مواطن من المخيم ومحيطه، وبلغت نسبة النازحين 25% من إجمالي سكان المدينة، وهو ما خلق تحديا على الجانب الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والخدماتي والصحي.
وأكد جرار أن حجم الأضرار المباشرة للعدوان الإسرائيلي المستمر بلغ حتى الآن 300 مليون دولار، "وهي أضرار مستمرة بشكل يومي بفعل تواصل العدوان".