قال الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن حفظ حقوق الجار ورعايتها، والحرص على أدائها وصيانتها، من المبادئ الإنسانية، والآداب الشرعية، والقيم العربية، لأنها من مكارم الأخلاق، التي هي معيار القيم والفضل، وهي ميزان القسط والعدل.

 لا يتم إيمان المرء ما لم يأمن جاره من إيذائه وغدره وخيانته

وأوضح " البعيجان" خلال خطبة الجمعة الأخيرة من رجب اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن الله تعالى حث على الإحسان إلى الجار وأوصى به، قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}.

وأضاف أن إكرام الجيران والإحسان إليهم من أعظم الواجبات، ومن أزكى شيم ذوي المروءات، ومن أسس بناء وصيانة المجتمع الإسلامي، منوهًا بأن جبريل أكد على النبي صلى الله عليه وسلم حق الجار، وبالغ في الوصية به حتى ظن أنه سيفرض له نصيب من الإرث.

واستشهد بما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» متفق عليه، مشيرًا إلى أن من لوازم وشروط الإيمان بالله واليوم الآخر إكرام الجار والإحسان إليه، وكف الأذى عنه، والصبر عليه، وحفظ الجار.

وأفاد بأنه لا يتم إيمان المرء ما لم يأمن جاره من إيذائه وغدره وخيانته وظلمه وعدوانه، وأن يحب المرء لجاره ما يحب لنفسه، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ - أَوْ قَالَ: لِأَخِيهِ - مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" رواه مسلم.

من أسباب دخول الجنة

وأشار إلى  أن من أسباب دخول الجنة الإحسان إلى الجار، وإيذائه من أسباب دخول النار فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي النَّارِ» ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ» رواه ابن حبان.

وأوصى المسلمين على أداء الواجبات والحقوق التي فرضها الله عليهم، والإحسان إلى الجوار، ومراعات حرمة الجار وإن جار, موضحًا أن من حقوق الجار الصبر عليه، وتحمل الأذى منه، وغض البصر عن حرمه وعوراته.

وأردف: والصفح عن هفواته وزلاته، وعدم تتبع عثراته ومن حقوق الجار الكف عن الأذى و السلام عليه عند لقائه، وعيادته إذا مرض وزيارته، وتعزيته في المصيبة ومواساته، وعدم كشف سره وهتك ستره ومتابعته.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة من المسجد النبوي إمام وخطيب المسجد النبوي المزيد

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: الإسلام أولى الوقت والزمان عناية فائقة.. فيديو

قال الدكتور ربيع الغفير أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، إن الإسلام أولى قضية الوقت والزمن عناية فائقة وشغل الحديث عن الزمان مساحة واسعة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من رحاب الجامع الأزهروفاة الدكتور محمود مزروعة عميد كلية أصول الدين الأسبق بجامعة الأزهر

وأضاف الغفير، في خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر، أن القرآن تحدث عن الزمان والوقت في حياة الإنسان، بأن جعل الله الزمان دليلا على خلقه وقوته وعظمته على هذا الكون، بل أمرنا أن نتفكر في ذلك.

واستشهد بقوله تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

وتابع: جعل الله خلق الزمان وتقسيمه إلى ليل ونهار، مظهرا من مظاهر قدرته وعظمته، كما أقسم الله بكثير بأجزاء الزمان في كثير من سور القرآن حاملة أسماء هذه الأجزاء من الزمان، فهناك سورة العصر وسورة الفجر وسورة الليل، وأقسم سبحانه في مطالع هذه السور  بأجزاء الزمان.

واستشهد بقوله تعالى (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ) كما قال تعالى (وَالضُّحَى ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) وقال تعالى (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) وقال تعالى (وَٱلۡعَصۡرِ (1) إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ).

وأكد أنه معلوم عند العلماء أن الله لا يقسم في كتابه بشيء إلا  بشيء ذي قيمة عنده تعالى، وما دام القرآن نظر إلى الوقت تلك النظرة المعظمة وجاءت السنة النبوية فأكدت ذلك وأهمية هذا الخلق في حياة الإنسان فلابد للإنسان من التفكر والتدبر تجاه الوقت والزمان.

طباعة شارك الأزهر الجامع الأزهر خطبة الجمعة خطبة الجمعة اليوم الوقت الزمن

مقالات مشابهة

  • تيقظوا من سنة الغفلات .. خطيب المسجد الحرام: انقضى محرم وحل بكم صفر
  • خطيب الجامع الأزهر: من علامات غضب الله على الإنسان ضياع عمره فيما لا يفيد
  •  الهلال الأحمر يباشر مهامها الإسعافية في المسجد النبوي أثناء صلاة الجمعة
  • سبيل السعادة في الدنيا والآخرة .. خطيب المسجد النبوي: أعظم نعم الله
  • خطيب المسجد الحرامي يحذر من سبّ الأوقات والتشاؤم بالأيام والسنين والشهور
  • خطيب المسجد النبوي: لو أجاب الله طلبات المشركين لزادوا استكبارًا وعنادًا
  • خطيب المسجد الحرام: ابتعدوا عن الأوهام والخيالات واحذروا التشاؤم والطيرة فإنها تجلب البلاء
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: المؤمن يعتبر بسرعة انقضاء الأيام والشهور.. واتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سبيل السعادة والفلاح
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • خطيب الجامع الأزهر: الإسلام أولى الوقت والزمان عناية فائقة.. فيديو