كتب وزير الشباب والرياضة جورج كلاس:   كثيراً ما يجد الإعلامي نفسه مقيداً بمأزقية العلاقة مع المؤسسة التي يعمل فيها  و مأزومية الواقع  الذي تفرضه عليه طواعية العمل و الإنصياع لرغبة مسؤولي المؤسسة حفاظاً على موقعه في الوسيلة ، كمدخل للإرتزاق و البقاء في دائرة الولاء للسطلة الاعلامية من حيث هي رب عمله و مصدر رزقه و حامية دوره ، فيعيش تناقضاً حاداً بين  مفهوم الحرية  بثلاثية التفكير و التعبير و النشر،  وهامش الحرية الذي تسمح به المؤسسة.


اكثر التوصيفات دلالة على العلاقة التبعية بين المؤسسة الاعلامية و الإعلامي  المتفرغ للعمل في الوسيلة و المنضوي في سياستها و المنفذ لخططها الإستراتيجية و المتماهي في شخصيتها و الرافع لعلامتها التجارية ، هو تشبيه العلاقة العضوية  بين السمكة و المجتمع  المائي  الملائم لها  حياتيا و بيئياً ،  إذ لا حياة للسمك خارج  البيئة المائية. فكيف يمكن للإعلامي السمكة  ان يجد له بيئة إحتياطية ينتقل إلى العيش فيها إذا ما ما وجد نفسه في مستنقع رطب مهدد بالنضب و الجفاف؟  
يتظهّر وضع  (الإعلامي السمكة) بكونه موظفاً  في مؤسسة إستثمارية لها إقتصادها الخاص ،  و تتبع إستراتيجية عمل تسعى الى تحقيق ربح معنوي و كسب مادي و تعمل لتسجيل تطويرات و تحديثات في خططها المعتمدة للبقاء في دائرة النجاح و المنافسة  السياسية و الفنية ، اضافة الى العمل لتثبيت دورها ككيان مرجعي في المجالات التي تستهدفها و القطاعات التي تتوجه اليها و تشكل منبراً للدفاع عن شخصيتها و منصةً لتسويق سياستها .  (الاعلامي السمكة) هو الموظف الذي يعمل في وسيلة اعلامية ، هي اشبه ببركة فيها سمك ، و الاعلامي هو سمكة تعيش في إنائها ، و اصبح لديه قناعة راسخة  انه لصيق بها و لا يمكنه العيش خارج وعائها و نطاقها ، و ( الإعلامي السمكة ) هو دائم القلق و يعيش حالة عدم إستقرار و خوف من ان يتم الإستغناء عنه في أي وقت ، و يخاف ان تنضب الماء في حوض المؤسسة الإعلامية بشكلها المائي،  فيموت بموت الماء في الحوض  و حلول الجفاف فيه.     (الاعلامي السمكة)، دائم الخوف من ان يجف الماء في البحيرة الاعلامية ، فيكثر من الولاءات و يصطنع التزلف ، من خلال إطلاق نكتٍ و طرائف ، يستلطف بها رئيسه و يسترضي طاعته للحفاظ على موقعه ، وَلَوْ غَلـتِ كلفة الكرامة الشخصية ، و تهدد رصيده المعرفي عند الجمهور. ففي مجتمع الماء ، السمكة الكبيرة تأكل السمكة الصغيرة ، و بدورها تكون السمكة الكبيرة، السمينة و الثمينة،  حصيلة الصيد الوفير، و صَيْدةً للصيَاد وربحيَّةً للسمّاك ومشهىً للذوّاقة ، و ليس من مفرَّ للسمكة من العيش في الماء، في حين ان مجتمع الغاب تعم فيه الفوضى و تسود الغلبة و تكثر المحميات و يشيع منطق القوة،   مقابل الاعلامي السمكة يظهر نمط  ( الاعلامي الدبور ) الذي يكثر من العقص و يتفنن بالقنص ، فيؤذي البشر و يتلف المواسم  و يقتل النحل و يسطو على العسل ، دأبه انه يدمر ولا يعمِّر.   و هذه حالة الإعلامي الذي يعمل في اجواء حرية مقيَّدة ، فإذا به يصطدمُ بأن الحرية المعطاة له من الوسيلة  هي حرية نسبية تحت الرقابة، و ان المؤسسة الإعلامية هي ترسم له خطوط تحركه و تحدد له الساحة المسموح له العمل فيها . على هذه القاعدة تبرز معضلة قوامها انه إذا قُيِّدَت الصلاحيات و انعدمت الثقة ، لن يكون هناك أيُّ قيمة و فاعلية للمهارات، وإن كل نظام حكم يوجد خلفه نظام ظلم ، انطلاقاً من التلازم بين الحرية التي يوفرها النظام السياسي للإعلام كسلطة كيانية ، و الحرية التي توفرها الوسيلة للإعلاميين العاملين عندها . فهل حرية الإعلام مطلقة و حريةُ الإعلامي نسبية ؟ و أيُ دورٍ للديمقراطية المعرفية في توفير حظوظ النجاح للإعلامي خارج آفاق الحرية ؟ و هل مطلوبٌ من الإعلامي ان يكون أسير حرية المؤسسة التي تتمتع بحصانة الحرية الدستورية المعطاة لها ، بحيث يتحوّل الإعلامي إلى مملوك و المؤسسة الإعلامية مالكة له ؟
فالإعلامي الناجح و ذو الرصيد المعرفي و الخبرة المهنية ، يتصف بأنه سمّّاعٌ للأحداث ، جمّاعٌ للمعارف ، لَحَّاظٌ لما يدور حوله ، حَفَّاظٌ لما يمرُّ  أمامه ، كليمٌ  بالحريَّة ، بلّاغٌ بالحقّ .و  يترافق كل ذلك مع الحرص على الإعلام كسلطة و نفوذ و قيادة رأي و صناعة معرفية و توعوية كاشفة للوقائع و راعية للحقائق.   المعضلة الإشكالية التي تنتظم العلاقة  بين المؤسسة الاعلامية و الإعلامي ، هي التي تحدد مستوى المسؤولية الملقاة على عاتق كلٍّ منهما . و هذا ما يستوجب النظر إلى هذه العلاقة بواقعية ، و التعامل معها على اساس تكامل الركائز الثلاث  بين مكوِّنات العملية الاعلامية في دورها الإبلاغي و المعرفي ، انطلاقاً من مفهوم الإعلام كسلطة ، و صولاً إلى إلى دور الإعلامي في خدمة الحقيقة و نشرها، مروراً بدور المؤسسة الإعلامية كصانعة و منتجة و مروِّجة للمعرفة . و إذا ما إختَلَّ ركنٌ من هذه الأركان ، تداعى البنيان الإعلامي كلُّه ، و إنتكست السلطة الإعلامية و ضاعت الحقائق، و بطلُ الدور.   في مجتمع الماء يسود قانونُ السّمَك ..! حياتُنا مُحيطاتٌ بلا قَعْر..! مياهُها حُلْوَةٌ ، فيها فَوْضى ، و سُموم..!  في مفاصلِ الحياةِ، تتقاذفُنا الظروف..! أحياناً تتحطّمُ مقاذِفُنا ، فيستضيفنا البحرُ ؛ بلا إستئذان ! وأحياناً ، تَكْسِرُ مجاذيفَنا الأيّامُ ، فنُسَلِّمُ للرَّبِ وَديعتَهُ ؛ بلا كلام ! وإذا ما تباطئ الزّمنُ ، وإسْتَهْدفنا القَدَرُ، وعزَّتِ الدُّنْيَا ، نُخابِطُ المَوْجَ فَننجو بفروسيّة ، ونرفعُ اليُمْنى إنتصاراً؛ أَوْ نُغْرِقُ مراكبنا ، غَبَّ الطَّلَب ، فَننتحِرُ إغْراقاً ؛ قَبْلَ أنْ يستضيفنا البحرُ و يأكلنا السّمَك قانوناً !  على الأرض، تسودُ ( شريعةُ الغاب ) ، حيثُ الغَلَبَةُ للأقوى..!  هنا القرارُ للأسد! وفي البحرِ ، السيادةُ ل (قانون السمك) ، حيثُ الكبيرُ يأكلُ الصغيرَ..! هنا القرارُ لكبيرِ السّمَك..! في لبنان... الوطنُ جاروفةٌ ، و النَّاسِ، سَمَك بِزْري...! أللَّهمَّ ، أعْطِنا أنْ نَفْهَمَ... وإذا فَهِمنا ، أعْطِنا أنْ نَصْبرَ على ما فَهِمنا... وما لَمْ نَفْهمْ...!      

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المؤسسة الإعلامیة

إقرأ أيضاً:

حاصباني: حماية الحرية مسؤوليتنا اليوم

كتب نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسان حاصباني عبر حسابه على منصة "اكس":

"في الذكرى العشرين لاستشهاد جبران تويني، نستعيد صوته الحرّ وكلمته الشجاعة. مسؤوليتنا اليوم أن نحوّل ذكراه إلى فعل، ونحمي الحرية، ونبني دولة سيّدة عادلة بكل مواطنيها، موحدين إلى أبد الآبدين، مهما اختلفنا بالرأي، لبنان الذي استشهد من أجله ولم يساوم عليه". مواضيع ذات صلة محفوض يدعو النواب إلى حماية حرية البرلمان Lebanon 24 محفوض يدعو النواب إلى حماية حرية البرلمان 12/12/2025 13:04:24 12/12/2025 13:04:24 Lebanon 24 Lebanon 24 مرقص: المشروع الجديد لقانون الإعلام يهدف لحماية حرية التعبير Lebanon 24 مرقص: المشروع الجديد لقانون الإعلام يهدف لحماية حرية التعبير 12/12/2025 13:04:24 12/12/2025 13:04:24 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الإعلام بول مرقص: المشروع الجديد لقانون الإعلام يهدف لحماية حرية التعبير (الحدث) Lebanon 24 وزير الإعلام بول مرقص: المشروع الجديد لقانون الإعلام يهدف لحماية حرية التعبير (الحدث) 12/12/2025 13:04:24 12/12/2025 13:04:24 Lebanon 24 Lebanon 24 محافظة القدس: 920 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى اليوم تحت حماية القوات الإسرائيلية Lebanon 24 محافظة القدس: 920 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى اليوم تحت حماية القوات الإسرائيلية 12/12/2025 13:04:24 12/12/2025 13:04:24 Lebanon 24 Lebanon 24 النائب غسان حاصباني رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني مجلس الوزراء جبران تويني غسان حاصبان نائب رئيس حاصباني قد يعجبك أيضاً القضاء يكسر معادلة النفوذ… شاطئ ذوق مصبح يُنتزع من النافذين ويعود للدولة Lebanon 24 القضاء يكسر معادلة النفوذ… شاطئ ذوق مصبح يُنتزع من النافذين ويعود للدولة 06:00 | 2025-12-12 12/12/2025 06:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأشغال: مشاريع عاجلة وطويلة الأجل لضمان سلامة مستخدمي طريق ضهر البيدر Lebanon 24 الأشغال: مشاريع عاجلة وطويلة الأجل لضمان سلامة مستخدمي طريق ضهر البيدر 05:51 | 2025-12-12 12/12/2025 05:51:07 Lebanon 24 Lebanon 24 العلامة الخطيب: مخططات خطيرة تهدد لبنان Lebanon 24 العلامة الخطيب: مخططات خطيرة تهدد لبنان 05:43 | 2025-12-12 12/12/2025 05:43:53 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو... حريق في الضاحية الجنوبية Lebanon 24 بالفيديو... حريق في الضاحية الجنوبية 05:31 | 2025-12-12 12/12/2025 05:31:30 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا ما قررته إسرائيل بشأن لبنان.. صحيفة تُعلن الأمر Lebanon 24 هذا ما قررته إسرائيل بشأن لبنان.. صحيفة تُعلن الأمر 05:30 | 2025-12-12 12/12/2025 05:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بالصورة... شخصٌ واحدٌ فاز بأكبر جائزة "لوتو" في تاريخ لبنان Lebanon 24 بالصورة... شخصٌ واحدٌ فاز بأكبر جائزة "لوتو" في تاريخ لبنان 13:34 | 2025-12-11 11/12/2025 01:34:13 Lebanon 24 Lebanon 24 شقيقة المبدع جورج خباز.. ممثلة لبنانية تتعرض لحادث سير مروّع (فيديو) Lebanon 24 شقيقة المبدع جورج خباز.. ممثلة لبنانية تتعرض لحادث سير مروّع (فيديو) 08:38 | 2025-12-11 11/12/2025 08:38:32 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد تعرّضها لحادث سير ونقلها إلى المستشفى... ما هو وضع الممثلة لورا خباز الصحيّ؟ Lebanon 24 بعد تعرّضها لحادث سير ونقلها إلى المستشفى... ما هو وضع الممثلة لورا خباز الصحيّ؟ 11:21 | 2025-12-11 11/12/2025 11:21:06 Lebanon 24 Lebanon 24 حالات تسمّم في بلدة لبنانية.. أكثر من 70 مصابا بينهم راهبات Lebanon 24 حالات تسمّم في بلدة لبنانية.. أكثر من 70 مصابا بينهم راهبات 07:14 | 2025-12-11 11/12/2025 07:14:37 Lebanon 24 Lebanon 24 معلومات استخباراتية.. هذه خطة إسرائيل في جنوب لبنان Lebanon 24 معلومات استخباراتية.. هذه خطة إسرائيل في جنوب لبنان 12:00 | 2025-12-11 11/12/2025 12:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 06:00 | 2025-12-12 القضاء يكسر معادلة النفوذ… شاطئ ذوق مصبح يُنتزع من النافذين ويعود للدولة 05:51 | 2025-12-12 الأشغال: مشاريع عاجلة وطويلة الأجل لضمان سلامة مستخدمي طريق ضهر البيدر 05:43 | 2025-12-12 العلامة الخطيب: مخططات خطيرة تهدد لبنان 05:31 | 2025-12-12 بالفيديو... حريق في الضاحية الجنوبية 05:30 | 2025-12-12 هذا ما قررته إسرائيل بشأن لبنان.. صحيفة تُعلن الأمر 05:26 | 2025-12-12 مخزومي: الاجتماع الرباعي يؤكد أن الجيش ركيزة الاستقرار فيديو هل بدأ العدّ التنازلي لعمل عسكري أميركي ضد فنزويلا؟ Lebanon 24 هل بدأ العدّ التنازلي لعمل عسكري أميركي ضد فنزويلا؟ 10:00 | 2025-12-11 12/12/2025 13:04:24 Lebanon 24 Lebanon 24 محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! Lebanon 24 محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! 05:09 | 2025-12-06 12/12/2025 13:04:24 Lebanon 24 Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) 04:00 | 2025-12-06 12/12/2025 13:04:24 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • دراسة: تناول السمك مرتين أسبوعيًا يحمي من الاكتئاب الشتوي
  • تحالف أسطول الحرية يعلن خططًا لتوسيع رحلات كسر حصار غزة عام 2026
  • العراقيون في خطر.. الحرية محاصرة بـالخوف والملاحقات اليومية
  • مؤسسة النفط تستعرض الشراكات التي تقيمها مع الشركات الأوروبية وسبل تطويرها
  • حاصباني: حماية الحرية مسؤوليتنا اليوم
  • التمر.. غذاء خارق يحمي الدماغ ويقلل خطر الزهايمر
  • جيش جنوب السودان يحمي حقل هجليج واشتباكات في كردفان
  • النضال من أجل الحرية كل لا يتجزأ
  • يحمي من السرطان والسكر .. فوائد مذهلة لخضار مهمل
  • نجاح باهر.. لقاح جديد قد يحمي البشر من الحساسية المفرطة