تغير المناخ يُكسِب شتاء روسيا بعض الدفء
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
يقول علماء نبات وخبراء أرصاد جوية إن فصول الشتاء الباردة الشهيرة في روسيا لم تعد كسابق عهدها، بدليل الازدهار المبكر لنبات "زهرة الثلج" ودرجات الحرارة المعتدلة في يناير وعدم تجمد الأنهار والبحيرات، وكلها علامات على تغير المناخ.
وقال فلاديمير تشوب مدير حديقة النباتات في جامعة موسكو إن ثلاثة من بين 12 نوعا من "زهور الثلج" ازدهرت بالفعل في الحديقة، رغم أن موسم ازدهارها يبدأ عادة في أوائل أبريل.
وأضاف "نشعر بالإحباط بسبب انخفاض سُمك الغطاء الثلجي، لأن الثلج لا يعمل فقط كعازل للنباتات من الصقيع، بل وأيضا كمصدر للرطوبة في الربيع".
وقال يفجيني تيشكوفتس خبير الأرصاد الجوية إن طقس الأسبوع المقبل سيكون دافئا على نحو غير معتاد في العاصمة الروسية موسكو، حيث تصل درجة الحرارة إلى خمس درجات مئوية، وهو مستوى يزيد بمقدار 11 درجة مئوية فوق المعدل الطبيعي لهذا الوقت من العام.
وأثر الطقس أيضا على تقاليد دينية. ففي منتصف يناير الجاري، قيدت السلطات في عدة مناطق روسية أو ألغت طقس الاستحمام في عيد الغطاس، وهو تاريخ مهم للمسيحيين الأرثوذكس الروس.
ويفضل البعض الاحتفال بالعيد الديني بالنزول في الأنهار والبحيرات من خلال ثقوب محفورة في الجليد، لكن المسؤولين في المناطق المعنية قالوا إن هذا سيكون غير آمن هذا العام لأن الجليد رقيق للغاية لدرجة لا تسمح للناس بالمشي عليه.
وتحتفي روسيا بالشتاء المتجمد في ثقافتها وفولكلورها ولعب دورا مهما في تاريخها، وأشهر مثال على ذلك كان عام 1812 عندما هزم البرد القارس جيش نابليون أثناء انسحابه من موسكو، فخسر عشرات الآلاف من الرجال.
وقال ليونيد ستاركوف كبير خبراء الأرصاد الجوية في موقع "جيزميتيو" الروسي إن أكبر انحراف حتى الآن عن درجات الحرارة الطبيعية كان أكثر من 10 درجات مئوية في وسط سيبيريا.
وقال ستاركوف "المناخ أصبح أكثر تطرفا. أصبحنا نرى إما الطقس الحار جدا أو البارد جدا في كثير من الأحيان، في حين أصبح الطقس الطبيعي نادرا".
وانقسمت آراء سكان موسكو الذين أجريت معهم مقابلات في الشوارع. وقالت ناتاليا إنها سعيدة بدرجات الحرارة الأكثر دفئا، لكن إجنات تاراسوف (38 عاما) وأليكسي يوروف (57 عاما) قالا إنهما يفتقدان ممارسة التزلج.
وأضاف يوروف "كشخص ولد ونشأ في الاتحاد السوفيتي، أتذكر عندما كان الثلج الذي يصل لمستوى الركبة يغطي موسكو وكنا نستمتع بالتزلج على الجليد في يناير، ولكن الآن لا يوجد ثلوج". أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: روسيا تغير المناخ البرد القارس
إقرأ أيضاً:
لإنقاذ قراهن من تغير المناخ.. نساء من السكان الأصليين في الهند يرسمن "خرائط الأحلام"
قامت نساء القبائل بمسح الموارد ورسم خرائط لها لإظهار ما يتضاءل منها وما يحتاج إلى إعادة هيكلتها. اعلان
في ولاية أوديشا شرق الهند، وفي قرية نائية يسكنها أفراد من قبيلة الباراجا، تحتفل المجتمعات المحلية بموسم الحصاد. وعلى ضفاف مجرى مائي صغير، يصطاد القرويون الثعابين والأسماك لتحضير وجبة تقليدية، إيذانًا ببداية موسم جديد.
لكن خلف مظاهر الفرح، تتلاشى الموارد الطبيعية، والأسماك باتت أقل، والمطر لم يعد يأتي في موعده، وحبوب الذرة التي تُزرع على أراضٍ واسعة تنتظر موسمًا مطريًا يزداد غموضًا عامًا بعد عام.
تقول سونيتا مودولي، وهي مزارعة من السكان الأصليين: "تتأخر الأمطار الآن، وهذا يضرب زراعتنا مباشرة، ويقلّل الإنتاج. الوضع أصبح مقلقًا".
الهوية تحت تهديد المناخعاش السكان الأصليون في هذه القرى لآلاف السنين، معتمدين على نظم حياتية بسيطة: زراعة الذرة والأرز، جمع الفاكهة والأوراق من الغابات، وصناعة الأطعمة والمشروبات المحلية. ومع ذلك، أصبح هذا النمط من العيش مهددًا بسبب تغير المناخ الذي يضرب قلب أنظمتهم البيئية والاجتماعية.
في محاولة لمواجهة هذا التحدي، بادرت نساء من عشر قرى، بقيادة مودولي، إلى مشروع فريد من نوعه: رسم "خرائط الأحلام"، وهو تصور بصري يعكس ما ينبغي أن تكون عليه قراهن من حيث الموارد، المساحات الخضراء، والغطاء النباتي.
وبدعم من منظمة غير حكومية محلية، أجرت النساء مسحًا بيئيًا شاملاً لموارد قراهن، وقارنّ النتائج مع بيانات حكومية تعود لستينيات القرن الماضي، ليتبين أن المناطق المشتركة تقلصت بنسبة تصل إلى 25%.
الخرائط الملونة التي أنجزنها، والتي يُطغى عليها اللون الأخضر، ليست مجرد رسومات بل أداة ضغط تهدف إلى إقناع السلطات بمنحهن تمويلًا قدره مليوني دولار، للمساعدة في ترميم الغابات، واستعادة الأراضي المشتركة، وتطوير البنية البيئية المحلية.
قيادة نسائية للمرة الأولىللمرة الأولى، تتصدر النساء هذا النوع من الجهد المجتمعي المنظم، مما منحهن ثقة أكبر للتحدث باسم مجتمعاتهن أمام المسؤولين.
تقول مودولي: "نريد أن نحافظ على الموارد من أجل أطفالنا. هذه الأرض والغابة مصدر حياتنا، وإذا حصلنا على حقوقنا، ستكون أولويتنا هي إحياء الغابة وازدهارها من جديد".
يسعى السكان إلى اعتراف قانوني بحقوقهم في الأراضي المشتركة، بما يمنع أي جهة، بما فيها الحكومة، من تنفيذ تغييرات دون موافقتهم.
ويرى بيديوت موهانتي، مدير منظمة تنموية محلية، أن السكان الأصليين لم يساهموا في أزمة المناخ لكنهم يدفعون الثمن الأكبر، مضيفًا: "الغابة ليست فقط رئة بيئية، بل هي مطبخ خفي ومصدر حياة لمجتمعات بأكملها".
تعد الهند من أكثر دول العالم تأثرًا بتغير المناخ. وبحسب مؤشر مخاطر المناخ لعام 2025، تعرضت البلاد لأكثر من 400 حدث مناخي شديد بين عامي 1993 و2022، ما أسفر عن وفاة 80 ألف شخص وخسائر تقدر بـ180 مليار دولار.
وفي ولاية أوديشا وحدها، أظهرت دراسة حديثة انخفاض إنتاج الغذاء بنسبة 40% خلال العقود الخمسة الماضية. معظم مزارعي الهند يعتمدون على الزراعة البعلية، ومع تزايد عدم انتظام الأمطار الموسمية، باتت سبل العيش على المحك.
بحسب خبراء، فإن مشروع "خرائط الأحلام" في أوديشا قد يشكل نموذجًا يُحتذى به في مناطق أخرى داخل الهند وخارجها. وتقول نيها سايغال، خبيرة السياسات المناخية والجندرية: "80% من التنوع البيولوجي العالمي يقع ضمن أراضي الشعوب الأصلية. هؤلاء النساء لا يتحدثن فقط عن الحلول، بل يقمن بقيادتها بالفعل".
وتضيف: "عملهن يمكن أن يكون حاسمًا في صياغة خطة التكيّف الوطنية للهند مع المناخ، خاصة وأنهن يملكن معرفة متجذّرة بالطبيعة".
في قرية باداكيتشاب، تُلخص بورنيما سيسا، إحدى المشاركات في المشروع، العلاقة العميقة بين الإنسان والطبيعة، قائلة: "الغابة هي حياتنا. نحن وُلدنا فيها، وسنموت فيها. إنها ليست فقط الأرض التي نعيش عليها، بل مصدر وجودنا كله".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة