قال الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر السابق، إن ما يواجهه العالم اليوم من دعوات تحرف الفطرة الإنسانية وتضربها في مقتل يعد أمرًا مفجعًا، موضحًا أن هذه الدعوات تُخالف تمامًا ما فطر الله عليه الإنسان. 


وأضاف في تصريح له، أن الله خلق الإنسان من ذكر وأنثى للتناسل، وأن الفطرة تقتضي أن ينحاز الرجل إلى المرأة والعكس، لكن اليوم يتزوج الرجل الرجل والأنثي الأني، وهذا ما رفضه سيدنا لوط عليه السلام في قوله: "أتأتون الذكران من العالمين"، مؤكدًا أن التروج للشذوذ فساد للفطرة، ويُعتبر جهلًا وسفهًا كما وصفه القرآن الكريم.

وأكد أن ما نراه الآن فى العالم المتقدم من دعوات تحت مسمى "حرية الإنسان" هي دعوات فاسدة تهدف إلى هدم النظام الذي خلقه الله للكون، موضحا أن فكرة "الإنسان الجندر" التي تسمح بتغيير الجنس بحرية، هي دعوة للفوضى والعودة لعهد لوط عليه السلام، لا للحريات، حيث يتم الترويج لحق الإنسان في اختيار جنسه بحرية تامة، بل والانتقال من جنس لآخر دون قيود، وهذا يُعد خرقًا للعقل البشري والفطرة السليمة، بل أن المجتمع يُجبر على تقبل هذه الممارسات، وأي معارضة لذلك تُعاقب بالقانون. 

هل يجوز نشر أسرار البيوت على السوشيال من أجل التربح؟ أمين الفتوى يجيبهل يجوز قراءة القرآن بدون وضوء وبدون حجاب؟ اعرف آراء الفقهاء
ولفت إلى أن هذه الدعوات تؤدي إلى مفاسد عظيمة تشمل التحول الجنسي، والضغط على الأطفال لتقبل هذه الممارسات منذ الصغر، مما يهدد بنية المجتمع ويعطل مفاهيم التناسل الطبيعي، بل وصل الأمر إلى أنهم صنفوا نوع الإنسان إلى سبعة أنواع وليس ذكر وأنثي فقط.

وأشار إلى أن تلك الدعوات لا تؤدي فقط إلى فساد الفرد، بل تهدد استمرار النسل البشري وتؤدي إلى انهيار النظام الكوني الذي أوجدته إرادة الله، حيث يخلق الله كل المخلوقات، بما فيها البشر، على أساس الذكر والأنثى.


وأكد الدكتور الهدهد أن هذه القضية تتعلق بهدم الكون بأسره، وأن ما نشهده اليوم هو نفس ما حذر منه سيدنا لوط عليه السلام في قوله: "أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون"، مشددًا على أن من يدعو لهذا الفساد هو يعاند ما خلق الله الكون عليه ويخالف الفطرة التي لا يمكن تغييرها.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حرية الشذوذ إبراهيم الهدهد المزيد

إقرأ أيضاً:

خمسُ كاملاتٍ أوقفتْ المعجزات

في صباحٍ هادئ، كنتُ أقرأ مع ابني سورة النمل، فتوقّفتُ طويلا أمام مشاهدها العجيبة: سليمان عليه السلام يرى ما لا نرى، ويسمع دبيب النملة وهي تخشى على قومها، ويفهم خطاب الهدهد وهو يحلّق فوق مملكة سبأ. عالمٌ كبيرٌ من المعجزات الحسيّة التي رافقت الأنبياء، من موسى وعصاه، إلى عيسى وشفائه للمرضى، إلى صالح وناقته التي خرجت من الصخر.

معظم الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن جاؤوا بآياتٍ كونية، خارقة، محسوسة، تراها العيون وتلمسها الأيدي. لكنني عندما تأمّلتُ تاريخ الوحي بعد بعثة محمد ﷺ وجدتُ شيئا لافتا: توقّفت المعجزات المادية الكبرى، وانتهى عهد الآيات الكونية التي كانت تباغت الأقوام، وتحسم الموقف بين الإيمان والتكذيب حسّا لا جدال فيه.

لماذا تغيّر هذا النظام الكوني؟ لماذا اختفى نمط المعجزات الحسية تماما بعد البعثة الخاتمة؟ وجدتُ الجواب في سورة الإسراء، في قوله تعالى: "وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ.. وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفا". ومع هذا التأمل، كان الحوار الذي دار بيني وبين ابني سببا في إدراك عددٍ من المعاني العميقة، المستفادة من كتاب الله، حول سرّ توقّف المعجزات الحسية بمجيء رسول الله ﷺ.

أولا: لأن الرسالة الخاتمة جاءت رحمة للعالمين

المعجزات الحسية لم تكن مجرد آيات، بل كانت -في كثير من الأحيان- مقدّمات لعذابٍ عام إذا أصرّ القوم على التكذيب. قوم ثمود كُذِّبوا ثم طُحِنوا، وقوم عاد قُضي عليهم بالريح، وقوم لوط بالصّيحة، وقوم نوح بالطوفان.. كان نظام الكون قبل بعثة محمد ﷺ قائما على الآية ثم العذاب.

لكن الله قال عن نبيه الخاتم: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ"، ومن تمام هذه الرحمة رفع العذاب الاستئصالي عن البشرية، فلم يعد الكافر يُهلك بالخسف، أو الصيحة أو الريح أو النار، بل أُرجئ الحساب إلى يوم القيامة.

ولو استمرت المعجزات الحسية كما كانت، لكان تكذيبها يستوجب العذاب، ولما بقي على وجه الأرض كافر. فكانت الحكمة الإلهية أن يُرفع نظام المعجزة المادية، وأن يُترك البشر لرحمة الله في الدنيا، وعدله الكامل في الآخرة.

ثانيا: لأن التاريخ أثبت أن المعجزات لم تغيّر قلوب المعاندين

في سجلّ الإنسانية، لم يكن الجاحدون ينتفعون بالمعجزات، بل كانت تصبح -كما قال العلماء- "وبالا عليهم"، لأنهم يشاهدون الحقّ ثم يعاندون فيزدادون بُعدا وهلاكا. المعجزة لم تكن تُنتج إيمانا للقلوب المغلقة، بل تُنتج حُجّة عليهم. ولهذا قال تعالى: "وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ". فجاء الإسلام بنمطٍ جديد: ليس المطلوب أن تُجبَر البشرية على الإيمان الصادق عبر الظواهر الخارقة، بل أن تختار الحقيقة بعقلها وفطرتها. معجزة تُرى بالعين قد تُرعب، لكنها لا تهذّب، أما كلمة تُفهم بالعقل فقد تهزّ الإنسان من داخله.

ثالثا: لأن معجزة الإسلام هي معجزة عقلية ـ خالدة تتجاوز حدود الزمن

المعجزة الحسية يشاهدها قوم ثم تُصبح قصة، أما القرآن فهو معجزة تُشاهد بالعقل، وتتكرر كل يوم، ومفتوحة لكل جيل إلى قيام الساعة. القرآن ليس معجزة واحدة، بل هو منظومة من الإبداع والإعجاز: عمق لغوي، منظور تشريعي، تناسق كوني، دلائل غيبية، منهج إصلاحي، إشراق روحي.

وهو المعجزة الوحيدة في التاريخ التي يمكن لأي إنسان -عالما كان أو عاميا- أن يتذوقها، ويُعيد اكتشافها في كل عصر. لذلك تغيّر النظام الكوني في عهد الرسول ﷺ: لم يعد البشر بحاجة إلى معجزات حسية تأتي وتختفي، لأن بين أيديهم معجزة خالدة، لا تنتهي، ولا تشيخ، ولا تتعطّل.

رابعا: لأن البشرية نضجت.. وأصبحت قادرة على الاقتناع لا الإكراه

من معاني الحكمة الربانية أن الإنسان قد وصل -في عصر الرسالة الخاتمة- إلى مستوى من الوعي يسمح له أن يتعامل مع القرآن بالعقل والقلب، لا بالخوف من العذاب المادي. البشرية أصبحت مستعدة: أن تُقنع وتُحاور، أن تبحث وتستدل، أن تُؤمن عن اقتناع لا عن قهر.

وأصبح الأصل هو التدافع الإنساني، والاختبار، والاجتهاد، والإحسان في العمل: "وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا". إنه إعلان إلهي بأن مرحلة الطفولة البشرية -التي كانت تحتاج الآيات الخارقة- قد انتهت، وأن الإنسان اليوم قادر على أن يُقبل على الله من باب الفطرة والعقل والحوار. لم تعد الحاجة إلى الخسف، ولا الصاعقة، ولا الناقة التي تخرج من الصخر؛ بل أصبحت حاجة الإنسان إلى آيةٍ تهدي العقل قبل العين، وتُصلح القلب قبل الجسد.

خامسا: لأن الرحمة الإلهية اقتضت أن يُترك البشر لصناعة مستقبلهم

بعد الرسالة الخاتمة، لم يعد الله يُظهر آيات حسية لفرض الإيمان، ولا يُهلك الأقوام استئصالا؛ بل ترك الإنسان في ميدان الاختيار، يعمل، ويتنافس، ويجتهد، ويبحث، ويتحاور: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ". ومن يُحسن عملا، تتنزل عليه الرعاية الربانية، والنصر، والتوفيق. ومن يُعرِض، يُمهَل إلى يومٍ لا ريب فيه. هذه هي السنة الجديدة التي بدأت بنزول الوحي على محمد ﷺ: سنة الإقناع بدل الإكراه.. وسنة رحمة بدل الاستئصال.. وسنة العقل بدل المعجزة الحسية.

خاتمة: ارتفاع مستوى الخطاب الإلهي.. وارتقاء الإنسان

توقّف المعجزات الحسية ليس نقصا في عصر الرسالة الخاتمة، بل هو ارتقاء للبشرية وتكريم لها من الله سبحانه وتعالى، ونقلة من مرحلة المعجزات إلى مرحلة الهداية المباشرة بالقرآن.

لقد أراد الله أن يدخل الإنسان عصر النضج، عصر الإيمان الحرّ، عصر الإقناع لا القمع، عصر الرحمة لا الهلاك، عصر الكلمة التي تبني، لا الصاعقة التي تهدم.

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: باب التوبة مفتوح ما لم يغرغر الإنسان
  • كيفَ سيقرأ العربُ ومُثقَّفُوهُم بالتَّحديدِ سحبَ الجنسيَّةِ الكويتيَّةِ عنُ المُفكِّرِ الكويتيّ الدُّكتُور/ طارق السُّويدان ؟
  • خمسُ كاملاتٍ أوقفتْ المعجزات
  • إبراهيم عيسى: الدين عند الله هو الإسلام.. ودخول الجنة أمر إلهي
  • كيفَ سيقرأ العربُ ومُثقَّفُوهُم بالتَّحديدِ سحبَ الجنسيَّةِ الكويتيَّةِ عنُ المُفكِّرِ الكويتيّ /  الدُّكتُور/ طارق السُّويدان ؟
  • خطأ شائع في الصلاة على النبي .. اكتبها صح: «اللهم صلِّ» وليس «صلي»
  • خالد الجندي: قصة صبر نوح عليه السلام عبر الزمن تحمل عبرة عظيمة
  • أمل مبدي: قادرون باختلاف غيّر الثقافة المجتمعية وحقق نقلة حقيقية ويجب البناء عليه
  • تونس.. السيادة للشعب وليس لقيس سعيّد.. الحقائق السبع
  • علي جمعة يوضح الفرق بين القلب والفؤاد..فتعرف عليه