طالعنا خلال الفترة الماضية عدداً من حوادث العنف داخل المدارس علي مختلف أنواعها (دوليك - حكومية - تجريبي مميز- خاصة) ، وأيضاً في محافظات مختلفة من كسر أنف طالبة من قبل زميلاتها بالقاهرة، إلي إعتداء ولية أمر علي زميل ابنها في مدرسة بمحافظة قنا، مروراً بإعتداء تلميذ علي ثلاثة من زملائه بمحافظة الإسكندرية، بالاضافة لمئات الحكايات الأخري من عنف وتنمر وهو ما يجب أن نتوقف أمامه ونحاول فهم أسبابه وعلاجها لأنها خطورة تتجاوز المدرسة وتهدد المجتمع ككل.

تعد ظاهرة العنف  المدرسي، من أخطر الظواهر ، و تأخذ أشكالا عدة، أبرزها اللفظية والجسدية والرمزية، والتي ينجم عنها سلوكات مرضية لدى المعتدي عليه تنعكس بدورها على كل جوانب حياته، المعرفية، النفسية والاجتماعية.

وتلك  الظاهرة لم تنشأ من العدم، ولكن تقف خلفها جملة من الأشياء المهمة والعوامل الاجتماعية المرضية، التي شكلتها ، و تتجلى أبرزها في أساليب التنشئة الاجتماعية، بالإضافة إلى وسائل الإعلام والمسلسلات والأفلام غير الايجابية وما تحمله من مضامين مشجعة على ممارسة العنف، إلى جانب تأثير المخدرات، وكذلك العوامل الفسيولوجية لبعض  الطلاب . 

لذا فإن الأمر يستدعي تضافر الجهود، من أجل ضمان تنشئة أسرية ومجتمعية سليمة، وتعتبر الأسرة بمثابة أول مدرسة يتعلم فيها الفرد القيم والأخلاق والسلوكيات الاجتماعية، ولذلك تلعب دورًا بارزًا وحيويًا في الوقاية من ظاهرة العنف المدرسي ، حيث يعتبر العنف المدرسي من أخطر المشاكل التي يمكن أن تواجه الطلاب، و يؤدي إلى تداعيات سلبية على صحتهم النفسية والاجتماعية، ويؤثر بشكل كبير على أدائهم الأكاديمي، ومن هنا تأتي أهمية دور الأسرة في تعزيز التحصينات النفسية والاجتماعية للأبناء، وتحقيق بيئة تربوية تسهم في الحد من العنف المدرسي.

يعتبر التواصل العائلي الصحيح من أهم عوامل الوقاية من العنف المدرسي، يجب على الأهل أن يولوا اهتمامًا كبيرًا للتفاهم مع أبنائهم وفهم احتياجاتهم ومشاكلهم، يمكن أن يساعد التواصل الفعال على التحقق من تجاربهم المدرسية ومشاكلهم، وبالتالي التدخل المبكر لحل المشكلات قبل أن تتفاقم، علاوة على ذلك، يساهم التواصل العائلي في بناء الثقة بين الأهل والأبناء، مما يجعل الأبناء يشعرون بأن لديهم دعمًا قويًا يمكنهم الاعتماد عليه أثناء التعامل مع التحديات المدرسية.

يمثل الأهل نموذجًا حيًا لأبنائهم، وعليهم أن يكونوا قدوةً حضارية تحتذى بها، يؤثر النموذج الحضاري للأهل على تكوين شخصية الطفل وسلوكه، وبناء قيمه وأخلاقياته، إذا كان الأبوان يتعاملان بالاحترام والرحمة والتفاهم، فمن المرجح أن ينعكس ذلك على نمط تعامل الطفل مع زملائه في المدرسة ويمتنع عن اللجوء إلى العنف كسبيل للتعبير عن مشاعره أو حل المشكلات.

تعتبر التوعية بأضرار العنف المدرسي أمرًا حيويًا في الوقاية منه، يجب على الأهل أن يعلموا أبناءهم عن خطورة التحرش والتنمر والاعتداءات اللفظية والجسدية، يمكن تحقيق ذلك من خلال مناقشات مفتوحة حول تجارب الأبناء المدرسية وتشجيعهم على مشاركة مخاوفهم واحتياجاتهم، علاوة على ذلك يجب تعزيز الوعي بأهمية التسامح واحترام الآخرين، وتعزيز مبادئ حل النزاعات بطرق سلمية وبناءة.

يعتبر الدعم النفسي والعاطفي من قبل الأهل عاملاً رئيسيًا في الوقاية من العنف المدرسي، يجب على الأهل تقديم الدعم اللازم لأبنائهم، سواء كان عن طريق الاستماع إلى مشاكلهم وتوجيههم أو تشجيعهم على تطوير مهارات التعامل مع التعبير عن طريق تقديم نصائح وإرشادات، قد يواجه الأطفال تحديات عديدة في المدرسة، مثل ضغوط الدراسة، والصداقات، والمشاكل الشخصية.

يجب أن يكون الأهل متواجدين بجانبهم لتقديم الدعم العاطفي والنفسي اللازم ، 
لابد من إعادة الأسرة الترابط الأسرى أمام الطفل، ليخفف من أعبائه النفسية، وكذلك لا بد من الحوار مع الطفل بدلا من ضربه أو تعنيفه، وعلى وسائل الإعلام ومنها التليفزيون ان تهتم بعرض أفلام مخصصة وموجهة للطفل، لتعليمه سواء بطريقة مباشرة أو  غير مباشرة، كما أن الأب يكون له دور هام جدا من خلال المتابعة والمراقبة الدائمة، ولا بد من وجود تفاعل بين الأسرة وأى مؤسسات وبخاصة المدارس، لأن النمو النفسى للأطفال يكون من خلال التربية السليمة .

وعلي المدارس أيضاً يقع عبء كبير حيث يقضي التلاميذ والطلاب وقتهم الأكبر فيها، وإذا غابت القواعد وغاب الانضباط والحزم وسياسة الثواب والعقاب ، فإن العواقب ستكون وخيمة ، وسنشاهد حالات مضاعفة من العنف داخل المدارس.

والانضباط هنا يبدأ من المظهر وإجبار الطلاب علي الالتزام بقواعد السلوك الصحيح واحترام الاخر ، وليس منطقياً أن تقوم الأسرة بواجبها ثم تهدم المدرسة كل ذلك الجهد بغياب الانضباط، الذي ساهم فيه  عدم قيام المدرسة بواجبها التعليمي لتسهيل عملية الدروس الخصوصية التي حولت العلاقة بين المعلم والتلميذ من علاقة احترام وتقدير الي علاقة تجارية ، وحولت العملية التعليمية الي مشروع ربحي وليس تربوي حتي في المدارس الحكومية.

ومن هنا علينا جميعاً أن نعمل علي عودة الاحترام والانضباط إلي مدارسنا ، وأن نتكاتف لإعلاء فضيلة التربية قبل التعليم كما هي موجودة في إسم الوزارة لنحافظ علي الأجيال القادمة لتحافظ هي بدورها علي الوطن الحبيب وتماسك مجتمعه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: العنف المدرسي ظاهرة العنف المدرسي العوامل الاجتماعية المزيد العنف المدرسی الوقایة من من العنف

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: مصر.. القلب المحرّك لوقف إطلاق النار وضامن الأمن الإقليمي

الدور المحوري لمصر

لم تكن مصر مجرد طرف على هامش الحدث، بل شكّلت المحور المحوري وصاحبة الفضل الأكبر في بلورة تفاهمات وقف إطلاق النار الحالي بين إيران وإسرائيل. ففي مشهد بالغ التعقيد، وبين تشابك موازين القوى على امتداد محاور بغداد، دمشق، بيروت، وغزة، كانت القاهرة حجر الزاوية وصمام الأمان الذي حال دون انزلاق المنطقة نحو مواجهة مفتوحة، وحرب عالمية ثالثة، مؤكدةً على دورها الريادي كحارس لاستقرار محيطها، وضامن لأمنها الوطني، وصاحب صوت مؤثر على ساحة تتزايد فيها التقاطعات والتحديات.

على الصعيد الإقليمي، قادت القاهرة جهودًا دبلوماسية على أعلى المستويات، حيث أجرى الرئيس السيسي اتصالات مباشرة ومستمرة بالأطراف الفاعلة من إسرائيل إلى إيران، مرورًا بحلفائها وحلفاء الأطراف المتنازعة، مؤكدًا على ضرورة تغليب الحل السياسي وضبط النفس قبل اتساع لهيب المواجهة.

على الصعيد الدولي، نسّقت مصر مواقفها مع القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وكذلك الأطراف الأوروبية، سعيًا لتهيئة المناخ المناسب لوقف الأعمال العدائية قبل تمددها على محيط أوسع، مهددةً ممرات الملاحة الدولية، وفي القلب منها باب المندب وقناة السويس.

على الأرض، عملت أجهزة الدولة المصرية على تفعيل قنوات التواصل الاستخباراتي والدبلوماسي، ومارست دور الوسيط المحايد، مما مهد الطريق لفتح خطوط الحوار وتذليل العقبات، وحوّلها إلى القلب المحرّك لجهود تثبيت وقف إطلاق النار.

ليس مبالغةً القول إن مصر، بثقلها السياسي وحضورها الجيوستراتيجي، كانت المحفّز الرئيسي لنجاح هذه المرحلة، وحائط الصد الدبلوماسي الذي حال دون تمدد المواجهة على عدة محاور، مؤسِّسةً بذلك مرحلة جديدة على أرض شرق أوسط مفتوح على تحديات وضبابية المرحلة المقبلة.

وقف إطلاق النار الحالي نقطة فاصلة على خريطة الأمن القومي المصري
ليس وقف إطلاق النار الحالي بين إيران وإسرائيل حدثًا معزولًا عن محيطه، بل يحمل انعكاسات مباشرة على الأمن القومي المصري، وعلى موازين القوى التي سعت القاهرة للحفاظ عليها على مدار العقود الماضية. ففي شرق أوسط متحرك، تتداخل حدود الجغرافيا مع مصالح الأطراف، وتتقاطع ملفات الأمن، مما يجعل مصر على تماس مباشر مع مخرجات المرحلة القادمة.

تأثير المرحلة الحالية على الأمن القومي المصري 
على الحدود الشرقية، تترقب مصر النتائج على الساحة الفلسطينية، حيث يتمدد تأثير وقف إطلاق النار على جبهة غزة، وتنشط أذرع المحور الإيراني عبر حماس والجهاد الإسلامي، مهددةً بفرض تحديات على ضبط الأمن على المحور الحدودي، وعلى استقرار منطقة شمال شرق سيناء.

أما على المحور الجنوبي، وعلى امتداد البحر الأحمر، تراقب مصر محاولات الحوثيين وحلفائهم توسيع رقعة نفوذهم، والتأثير على ممر باب المندب، الذي يشكل شريانًا إستراتيجياً لقناة السويس، أحد أعمدة الاقتصاد المصري.

القاهرة تدرك تمامًا أن المرحلة المقبلة تختبر محيطها الجيوستراتيجي من حدودها الشمالية الشرقية، مرورًا بليبيا والسودان، وصولًا إلى البحر الأحمر، لذلك تبني سياستها على مبدأ مزدوج:
–    الأول: تعزيز جاهزيتها الدفاعية وضبط حدودها، للحيلولة دون تهريب السلاح وتسلل العناصر المسلحة.
–    الثاني: توظيف قنواتها الدبلوماسية وحضورها السياسي، والسعي لترسيخ وقف إطلاق النار قبل خروجه عن السيطرة، مما يحمي مصالحها الاقتصادية والأمنية ويوفر مساحة للحوار قبل اتساع لهيب المواجهة.

ليس سرًا أن المرحلة الحالية تحمل على السطح ملامح عسكرية، حيث تبرر إسرائيل عملياتها بالسعي لردع القدرات النووية الإيرانية وضرب مراكزها المحورية قبل أن تصل إلى نقطة اللاعودة، مستخدمةً طائرات مسيّرة وضرب أهداف محصّنة تحت الأرض، مما يشير إلى توظيف غير مسبوق للذكاء الاصطناعي والتقنية الدقيقة.

لكن هذه المرحلة، على أهميتها، ليست سوى جزء من مسار طويل، يحاول كل طرف من خلاله رسم موازين قوى جديدة وضبط سلوك المحور الإيراني على امتداد بغداد، دمشق، بيروت، وغزة. على الطرف المقابل، تعتمد إيران على مزيج من وقف إطلاق النار المحسوب وضبط النفس، متمسّكةً بردود ميدانية عبر وكلائها، دون التورط المباشر في مواجهة واسعة، إذ تدرك حجم التكاليف الاقتصادية والسياسية التي قد تنجم عن صراع مفتوح.

خلف الحدث الحالي، تبرز أهداف طويلة المدى: – بالنسبة لإسرائيل: يتمحور الهدف حول تحجيم القدرات النووية والتقنية لإيران، وضرب محورها المحيط، بل والدفع نحو إمكانية زعزعة النظام من الداخل على المدى الطويل.
–    بالنسبة لإيران: يتمحور الهدف حول الحفاظ على دورها كحاضنة لقوى المحور، وضبط موقعها كقوة محورية على خريطة الشرق الأوسط، وتعزيز نفوذها السياسي قبل التقني، على أمل تثبيت مكانتها وضبط إيقاع المرحلة القادمة على امتداد محيطها الحيوي.


القوة الدولية تراقب المشهد بترقب وحذر. ففي الوقت الذي تقدم فيه الولايات المتحدة دعمًا مباشرًا لإسرائيل، تبدي تحفظًا على التصعيد المباشر، خشية اتساع دائرة المواجهة على عدة جبهات، مما يشعل المنطقة برمتها ويهدد مصالحها الاقتصادية، وكذلك مسارات الملاحة الدولية. القوى الأوروبية، من جانبها، تدعو إلى تثبيت وقف إطلاق النار وضبط المرحلة القادمة، بينما تترقب روسيا وحلفاؤها مداخل تسمح بتوسيع دورها على رقعة النفوذ شرقًا وغربًا.

ليس ما نراه على السطح سوى مظهر لصراع عميق على تعريف الدور، وضبط موازين القوى، وإعادة رسم ملامح النظام الإقليمي الجديد. إسرائيل تبحث عن ضمان تفوقها وضبط المحور الإيراني، بينما تعتمد طهران على توازن حساس من وقف إطلاق النار المحسوب والدبلوماسية، للحفاظ على دورها المحوري وضبط مواقفها على امتداد محيطها الحيوي.


بنود اتفاق وقف إطلاق النار

تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار عبر مسار تفاوضي محكم، قادته مصر بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة، وبدعم مباشر من قطر، حيث أُعلن عنه رسميًا مساء 23 يونيو 2025. تضمن الاتفاق جدولًا زمنيًا على عدة مراحل، يبدأ بوقف إيران لجميع عملياتها العسكرية أولًا، على أن تلتزم إسرائيل بوقف عملياتها بعد 12 ساعة، ثم يُعلن عن تثبيت وقف الأعمال العدائية على الجانبين بعد مرور 24 ساعة على سريان المرحلة الأولى. ورغم هشاشة المرحلة وحساسيتها، شكّل الاتفاق نقطة فاصلة وضابطًا مؤقتًا لتهدئة التصعيد، ممهِّدًا الطريق نحو تفاهمات أوسع، وضامنًا عدم انزلاق المواجهات إلى حرب شاملة تهدد استقرار الشرق الأوسط برمته.


خلاصة المشهد الحالي بين هذه الحسابات، تبرز مصر كحائط صد وضامن لاستقرار محيطها، تبحث عن حماية مصالحها الوطنية قبل كل شيء، وتعزيز دورها المحوري على ساحة تتزايد تعقيدًا وضبابية. إنه مشهد مفتوح على كل الاحتمالات، لن يُحسم بالسلاح وحده، بل بتفاهمات طويلة وحوار على عدة محاور، تحدد ملامح المرحلة القادمة وتكتب قواعد المرحلة على أرض شرق أوسط جديد.

طباعة شارك إيران وإسرائيل إيران إسرائيل

مقالات مشابهة

  • رشق القطارات بالحجارة يهدد الأرواح.. والنقل تطلق نداء عاجلا للمواطنين
  • افتتاح فعاليات معرض التقنية والفن الحرفي بمحافظة الظاهرة
  • إحراق العجلات المطاطية وقنينات الغاز.. طقوس عاشوراء الخطيرة تبدأ مبكراً
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: مصر.. القلب المحرّك لوقف إطلاق النار وضامن الأمن الإقليمي
  • دونتاي: إزالة مخلفات الحرب الخطيرة
  • تفوّق جوي مقابل تكتيك صاروخي: حرب إيران وإسرائيل تكتب معادلتها
  • الأزهر: في البحر أو بين الأهل الكل محتاج إلى الله
  • برج الحمل .. حظك اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025: دعم من الأهل
  • الشيوخ يحيل طلبات مناقشة بشأن العنف والتنمر و التحرش بالمدارس للجان المختصة
  • افتتاح جلسة الشيوخ لمناقشة مواجهة العنف والتنمر والتحرش في المدارس