اليمن ضمن محور المقاومة
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
محمد بن سالم البطاشي
في موضوع مُساندة معركة طوفان الأقصى وإسناد الشعب الفلسطيني، فإنَّ المرء يحار من أين يبدأ وأين ينتهي؛ ذلك أن محور المقاومة- ومعه كل شرفاء الأمة- قد انخرطوا في هذه المعركة بنسب متفاوتة وكان لكل مُشارك نصيب من الجهد قلَّ أو كثر من أجل نصرة الأقصى ومشاغلة الأعداء المتحالفين ضد هذه الأمة.
فقد أراد الله أن تكون معركة طوفان الأقصى كاشفة فاضحة يمحص بها الله الغث من السمين والحق من الباطل، وقد حصحص الحق وبان وارتفعت رايته، وارتكس أصحاب الظلم وأرباب الباطل وانتكسوا، وارتقى منصة الشرف والرجولة والفداء رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
لقد أدى محور المقاومة دورًا بارزًا ومُشرِّفًا في نصرة إخوانهم المرابطين في أرض الرباط فمن بلاد الرافدين مرورا ببلاد الأرز إلى اليمن السعيد اشتعلت الجبهات وشاغلت العدو واستنزفت قواه التي أضحت خائرة وبثت الرعب في نفوس مستوطنيه، وأحالتهم إلى الملاجئ والخيام ليذوقوا وبال أمرهم، وتمَّ إخلاء المغتصبات من كامل الحدود شمالها وجنوبها، وعطلت الموانئ والمطارات والمصانع والمدارس والجامعات وغيرها من المرافق الحيوية، ومع كامل التقدير لكل محور المقاومة ولدورهم المشرف الذي سيسطره التاريخ بأحرف من نور، فإنَّ مقالنا هذا سيتطرق إلى دور اليمن السعيد في معركة طوفان الأقصى وكيف قلب هذا الدور كل الموازين وأربك كل الحسابات.
إنَّ اليمن عبر التاريخ دوخ أشاوس اليمن أعتى الجيوش وأشدها، وأحالوها ركاماً وجثثاً متناثرة تتوسل من يدفنها، ولك أيها القارئ الكريم أن تتصور مسيرة الشعب اليمني الحافلة بالانتصارات منذ الألفية الثانية قبل الميلاد وحتى القرن السابع بعده، ممثلًا في مملكة سبأ ومملكة حضرموت ومملكة قتبان ومملكة معين ومملكة حِميَر، إنه تاريخ حافل بالفخار والأمجاد يتوارثه اليمنيون كابراً عن كابر.
وفي العصر الحديث تعتبر تجربة اليمن في المقاومة نموذجًا يحتذى به لبقية الدول العربية حيث إن الهجمات اليمنية على المصالح الأمريكية والإسرائيلية ليست وليدة طوفان الأقصى أو ردة فعل عليه، بل هي قبل ذلك بكثير ربما منذ عام 1963 ضد الاستعمار البريطاني لبلاد اليمن وما خاضه اليمنيون من قتال مرير توجت بانتصار الإرادة اليمنية مما دفع بالاستعمار البريطاني ليحمل عصاه ويرحل غير مأسوفٍ عليه، أما في السنوات الأخيرة التي سبقت طوفان الأقصى نفذ أنصار الله عدة هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد الأهداف الإسرائيلية والأمريكية، دفاعاً عن أرضه وشعبه من هجمات العدوان ومكائدهم ومحاولات تركيعهم.
اليمن ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها، أثبت أنه يمتلك إرادة قوية وقدرة على مواجهة التحديات، ذلك أن التصدي للاحتلال الإسرائيلي ليس مجرد قضية يمنية، بل هو جزء من النضال العربي المشترك، فكلما نجح اليمن في كسر أنف إسرائيل، فإنَّ ذلك يُساهم في تعزيز روح المقاومة في جميع أنحاء العالم العربي.
لم يكن أرباب العدوان وأساطين الظلم يتوقعون أن يدخل اليمن في معركة طوفان الأقصى نظرا للبعد الجغرافي الشاسع وما كانوا يظنونه من بساطة الأدوات العسكرية التي يمتلكها رجال اليمن وقلة حيلتها، ليفاجئهم اليمن بما لم يخطر على بالهم، ويثبت لكل العالم من جديد أنه بلاد الحكمة والشكيمة القوية والعقيدة الراسخة والتصميم الذي يقهر الجبال.
لقد دخل اليمن معركة طوفان الأقصى نصرة للقضية الفلسطينية والمسجد الأقصى ودفاعاً عن قطاع غزة، حتى يتم وقف المجازر والإبادة الجماعية التي ترتكب ضدهم، وكان شعاره واضحا وبسيطا (أوقفوا جرائمكم في غزة نرفع حصارنا عن موانئكم ونوقف بطشنا بكم بحرا وجوا). وبالرغم من الأساطيل التي حشدوها والطيران الذي يشن غاراته آناء الليل وأطراف النهار، فإنَّ اليمني هيهات أن تلين له قناة أو ترهبه المدافع والصواريخ والطائرات، أو يساوم على المبادئ، فقد صادف المعتدون أنفساً باعت أرواحها الطاهرة لله في تجارة رابحة، نصرة للدين والمسلمين والمقدسات.
إنَّ الدعم الذي يُقدمه اليمن أصبح يشكل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل، حيث تمكن من تطوير قدراته العسكرية بشكل ملحوظ، مما جعله قادرًا على استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية بشكل فعّال الأمر الذي سبب حالة من القلق في تل أبيب، حيث بدأت إسرائيل تدرك أن اليمن يمكن أن يكون جزءًا من محور المقاومة الذي يهدد مصالحها بشدة وقد جربت كل الوسائل السياسية والعسكرية سواء بالهجوم المباشر أو عن طريق رعاتها من دول حلف الناتو وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية الذين جاؤوا إلى المنطقة بقضهم وقضيضهم تصحبهم حاملات الطائرات والمدمرات وأحدث الطائرات وقصفوا ودمروا وأرعدوا وأزبدوا على أمل أن يتراجع رجال اليمن عن مناصرة إخوانهم في غزة، ولكن هيهات فقد صادفوا همما تقتلع الجبال الرواسي ورجال مسلحون بصواريخ فرط صوتية كأنها البرق الخاطف تباغت العدو ولا يدري متى ومن أين تأتي، وطائرات كالرعد القاصف تدك غرفة نوم نتنياهو ولا تبالي.
ومن نافلة القول إنَّ اليمن الذي كسر أنف العدو هو رمز للصمود، وبفعله هذا فهو يعكس إرادة الشعب اليمني في الدفاع عن حقوقه واستعادة سيادته، ومع استمرار الدعم العربي والتضامن، يمكن لليمن أن يصبح مثالًا يُحتذى به في مواجهة الظلم والاحتلال؛ فالتاريخ يُعلِّمُنا أن الشعوب التي تصمد أمام التحديات هي الشعوب التي تُكتب اسمها بأحرف من نور في صفحات التاريخ.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سرايا القدس في مرور عامين على معركة طوفان الأقصى: نتوجه بالتحية إلى يمن النخوة والعزة الذين لا زالوا على العهد
الثورة نت /..
وجهت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، اليوم الثلاثاء، التحية إلى “يمن النخوة والعزة” الذين لا زالوا على العهد يواصلون ضرب الكيان الصهيوني منذ عامين بالصواريخ والمسيرات والزوارق المفخخة نصرة لغزة وأهلها.
وقالت السرايا، في بيان عسكري بمناسبة مرور عامين على معركة طوفان الأقصى: “نُبرق بالتحية إلى إخواننا في يمن النخوة والعزة ونخص منهم إخواننا في حركة أنصار الله نعم العون والنصير الذين لا زالوا على العهد يواصلون ضرب الكيان الصهيوني منذ عامان بالصواريخ والمسيرات والزوارق المفخخة نصرة لغزة وأهلها”.
وخاطبت جماهير الشعب الفلسطيني “الصابر المحتسب” قائلة: “تمر علينا اليوم الذكرى الثانية لمعركة طوفان الأقصى البطولية والتي تتزامن مع الذكرى السنوية الثامنة والثلاثين لانطلاقتنا الجهادية المباركة، التي شكلت مرحلةً مفصليةً في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني”.
وذكرت السرايا أن هذه المرحلة “كتبت فيها المقاومة الفلسطينية واحدةً من أعظم المعارك ضد النازية والظلم الصهيوني لشعبنا على مدار عقود من الزمن، مارس فيها العدو كافة أشكال القتل والتدمير والتهجير ضد أبناء شعبنا في كل مكان في القدس المباركة وفي الضفة المحتلة وفي قطاع غزة، فقصف وحاصر وجوع، ليُسجل أسوأ محرقة ومأساة على مر العصور وعلى مرأى من العالم المتفرج بصمت”.
وأضافت: “لقد نفذت المقاومة الفلسطينية قبل عامين، عمليةً مباركةً ضد مواقع جيش العدو على طول السلك الزائل شرق قطاع غزة، سطر فيها مجاهدونا الأبطال مشاهد عظيمة من البطولة والإقدام والفداء، وقد ظفروا بعدد كبير من الأسرى الجنود والضباط، وخاضوا الاشتباكات المباشرة من نقطة الصفر تمكن خلالها مجاهدونا من قتل المئات من جنود العدو وأسروا العشرات، وقدمت خلالها مقاومتنا قوافل من خيرة مقاتليها شهداء وجرحى وأسرى”.
وتابعت: “ومنذ هذا التاريخ تواصل مقاومتنا التصدي لهذا العدو المجرم القاتل، الذي أعلن حرباً مجنونة وفتاكة بالقتل الجماعي لعشرات آلاف المواطنين العزل في غزة غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ ولكنه لم يجد سبيلًا للنيل من عزيمة شعبنا الثابت المتجذر والمتمسك بأرضه ووطنه”.
وأكدت سرايا القدس أن المقاومة حرصت على مدار عامين من القتال على وقف هذه الحرب وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وقدمت كل المرونة اللازمة لإبرام اتفاق شرطه الوحيد ضمان وقف الحرب ورفع الحصار عن الشعب، إلا أن حكومة مجرم الحرب المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية نتنياهو، واصلت الحرب لتحقيق أهداف ائتلافه المتطرف”.
وأردفت: “عامان على معركة طوفان الأقصى، وما زلنا نواصل مواجهة فرق جيش العدو وألويته وكتائبه، التي تُدمر بيوت وشوارع ومباني غزة، ونتصدى لقواته ونوقع فيها الخسائر في أطول معركة مع هذا العدو منذ تأسيس كيانه المؤقت، قدمنا خلالها مئات المقاتلين والقادة شهداء الذين كانوا في طليعة عشرات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني خلال عامين من القتال الشرس والصمود منقطع النظير بأقل الامكانات على طريق القدس والتحرير، هذه المعركة التي شهدت ثباتاً كبيراً لمقاومتنا منعت العدو من تحقيق أهدافه التي أعلنها”.
وأكدت سرايا القدس مع مرور العام الثاني لمعركة طوفان الأقصى المباركة، أن “مقاومة شعبنا وفي مقدمتها سرايا القدس وكتائب القسام مُستمرة ما دام الاحتلال قائم، ولن تدخر جُهداً في قتاله فلقد أعددنا أنفسنا لحرب استنزاف طويلة لن تتوقف ولن تتراجع إلا بزواله”.
وأشارت إلى أن مصير عملية ما يسمى بعربات “جدعون 2” الصهيونية التي تتخذ التدمير الممنهج والقتل الجماعي والإرهاب النفسي لأبناء الشعب الفلسطيني لن تكون إلا مزيداً من الخيبة والهزيمة والانكسار.
كما أكدت السرايا أنها وكافة فصائل المقاومة الفلسطينية لن ندخر جُهداً لإيجاد الوسيلة لإنهاء هذه الحرب والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مشيرةً إلى أنه حرصت لتحقيق ذلك منذ شهور طويلة.
شددت على أن أسرى العدو لن يروا النور إلا بصفقة تبادل مشرفة يلتزم فيها الكيان الصهيوني بإنهاء الحرب، وأن أي طريقة أخرى لن تُعيدهم، مجددة التأكيد على أن سلاح المقاومة هو سلاح وجد لتحرير الأرض ولقتال العدو لن يُغمد إلا بتحقيق هذين الهدفين.
ووجهت سرايا القدس “التحية إلى كتائبنا المباركة في الضفة المحتلة، التي كانت جزءاً أصيلاً من هذه المعركة، فالتحية لكتائب جنين ونابلس وطولكرم وطوباس وكل المقاومين وندعوهم لتصعيد المواجهة ومواصلة ضرب هذا العدو بكل قوة واقتدرا”.
كما وجهت التحية لأرواح فدائيي الأردن وأبطال أساطيل وقوارب كسر الحصار، والأحرار من شعوب العالم الداعمة والمناصرة للقضية الفلسطينية أمام الغطرسة والإجرام الأمريكي الصهيوني.
واستطردت: “نوجه التحية لأسرانا الأبطال في سجون التعذيب والاضطهاد الصهيونية، ونشد على أيديهم ونعلم أن سياسة العدو قاسية بحقهم، ولكننا نعدهم بأن الحرية باتت قريبة، وأن الفرج قادم لا محالة”.
ومضت قائلة: “نُبرق بالتحية الكبيرة لإخوان السلاح والدم في حزب الله، الذين شكلوا لنا سنداً مهماً وكبيراً وقدموا خيرة قادتهم ومجاهديهم في هذه المعركة المباركة، وفي مقدمتهم سماحة السيد حسن نصر الله”.
وأكملت سرايا القدس: “نوجه التحية إلى الإخوة في الجمهورية الإسلامية الايرانية الذين كانوا شركاء في هذه المعركة بشكل مباشر في ثلاث مواجهات مباشرة مع العدو وقدموا خلالها ثُلة عظيمة من الشهداء العلماء والقادة الكبار نستذكر منهم شهيد فلسطين الحاج رمضان الذي كان جزءاً أصيلاً في كل إعدادات مقاومتنا لمواجهة هذا الكيان الغاصب”.
وأكدت في ختام بيانها العسكري قائلة: “جهادنا مستمر وقتالنا ماضٍ حتى القدس إن شاء الله”.