نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا يناقش تطورات الذكاء الاصطناعي في الصين رغم القيود الأمريكية على تصدير الرقائق المتقدمة، مسلطًا الضوء على تطوير شركة "ديب سيك" الصينية نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة بأداء منافس لنظيراتها الأمريكية.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الولايات المتحدة عملت على مدى السنوات الثلاث الماضية للحد من وصول الصين إلى رقائق الكمبيوتر المتطورة التي تشغل أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وكان هدفها إبطاء تقدم الصين في تطوير نماذج متطورة للذكاء الاصطناعي.



غير أن شركة "ديب سيك" الصينية أصدرت في الأسابيع الأخيرة عدة نماذج للذكاء الاصطناعي وروبوت دردشة آلي ينافس أداؤها أفضل المنتجات التي تصنعها الشركات الأمريكية، وكل ذلك باستخدام عدد أقل بكثير من رقائق الذكاء الاصطناعي عالية التكلفة التي تحتاجها الشركات عادة، واحتل روبوت الدردشة الآلي الخاص بشركة "ديب سيك" صدارة قوائم متجر تطبيقات آبل حيث قام الناس بتنزيله من جميع أنحاء العالم.

وقد أثار هذا التطور تساؤلات كبيرة حول ضوابط التصدير التي وضعتها الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، فقد أنشأت إدارة بايدن نظامًا من القواعد العالمية ووسعتها بشكل مطرد لمحاولة إبقاء تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة بعيدًا عن أيدي الصينيين، وكانوا قلقين من أن التكنولوجيا ستمنح الصين ميزة ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن أيضًا من الناحية العسكرية.


وأوضحت الصحيفة أن ابتكارات شركة "ديب سيك" تدل على أن إدارة بايدن ربما تصرفت ببطء شديد لمواكبة الشركات الخاصة التي تتجنب ضوابطها.

فقد قالت شركة "ديب سيك" إن أحدث نموذج لها تم تدريبه على شريحة "إتش 800 إس"، وهي رقاقة ذكاء اصطناعي طورتها إنفيديا خصيصًا للسوق الصينية بعد فرض ضوابط التصدير لأول مرة، وقد تسبب ذلك في قدر لا بأس به من الدراما في واشنطن.

فعندما فرضت الولايات المتحدة قيودًا على رقائق إنفيديا الأكثر تقدمًا في سنة 2022، تكيفت إنفيديا سريعًا من خلال إنشاء رقائق مخفضة تقع تحت الحد الذي حددته الحكومة، وكانت هذه الرقائق قانونية من الناحية الفنية، ولكنها سمحت للشركات الصينية بتحقيق نفس النتائج عمليًا.

وأغضب ذلك مسؤولي بايدن، وتحركوا لتقييد الرقائق الجديدة أيضًا، لكن الحكومة تحركت ببطء، واستغرق الأمر قرابة السنة لحظر الرقائق المخفضة، مما أعطى الشركات الصينية فرصة لتخزين الكثير منها.

وأضافت الصحيفة أن شركة "ديب سيك" أمضت سنوات في بناء مخزونها من الرقاقات قبل أن تدخل ضوابط واشنطن حيز التنفيذ، وبحلول سنة 2021، كانت شركة "ديب سيك" واحدة من بين عدد قليل من الشركات الصينية التي حصلت على ما لا يقل عن 10,000 شريحة إنفيديا "إيه 100"، وهي الشريحة المتقدمة التي أصدرتها إنفيديا في سنة 2020.

ورغم عدم وجود دليل على أن شركة "ديب سيك" استخدمت رقائق مهربة، لكن العديد من شركات الذكاء الاصطناعي الصينية فعلت ذلك. وقال ألكسندر وانغ، الرئيس التنفيذي لشركة "سكيل ايه آي" العملاقة لتدريب الذكاء الاصطناعي العملاقة إن الشركات الصينية لديها رقائق متطورة أكثر بكثير مما تسمح به القيود الأمريكية، وأن شركة "ديب سيك" ربما لديها حوالي 50 ألف معالج إنفيديا "إتش 100" المتطور.

وجادلت كل من إنفيديا والحكومة الأمريكية بأن حجم التهريب كان محدودًا، لكن صحيفة التايمز رصدت في تقرير لها السنة الماضية تجارة نشطة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المقيدة في الصين.

وقال ممثلو 11 شركة إنهم باعوا أو نقلوا رقائق إنفيديا المحظورة، ووجدت صحيفة التايمز عشرات الشركات الأخرى التي تعرضها عبر الإنترنت، وأظهر أحد البائعين في شينزين لمراسل الصحيفة رسائل ترتب عمليات تسليم خوادم تحتوي على أكثر من 2000 من رقائق إنفيديا الأكثر تقدمًا، وهي صفقة بلغت قيمتها الإجمالية 103 مليون دولار.


ومنذ ذلك الحين، ظهرت المزيد من التقارير التي توثق عمليات التهريب على نطاق واسع، لا سيما عبر دول أخرى في آسيا.

وأفادت الصحيفة أن إدارة بايدن أصدرت لائحة شاملة هذا الشهر تهدف إلى التعامل مع مشكلة التهريب من خلال وضع حد أقصى لعدد الرقائق التي يمكن أن تبيعها إنفيديا لكل دولة في جميع أنحاء العالم.

ويبقى أن نرى ما الذي ستفعله إدارة ترامب حيال ذلك؛ حيث وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا في أول يوم له في منصبه ينص على مراجعة نظام مراقبة الصادرات الأمريكية، بما في ذلك "كيفية تحديد الثغرات في ضوابط التصدير الحالية والقضاء عليها".

وأشارت الصحيفة إلى أن القيود التكنولوجية الأمريكية سرّعت من جهود الباحثين الصينيين لمحاولة إنجاز المزيد بموارد أقل.

فالشيء الأكثر بروزًا في نموذج "ديب سيك" هو أنه تم تطويره باستخدام جزء بسيط من الرقائق عالية الثمن التي استخدمتها الشركات الغربية لصنع تكنولوجيا مماثلة، وقال مهندسو الشركة إنهم استخدموا حوالي 2000 رقاقة فقط، في حين أن معظم الشركات الكبرى قامت بتدريب روبوتات الدردشة الآلية باستخدام 16000 رقاقة أو أكثر، وقد انخفضت أسهم إنفيديا بشكل حاد يوم الإثنين بسبب المخاوف من أن شركات التكنولوجيا ستكون قادرة على القيام بالذكاء الاصطناعي المتطور في المستقبل مع دفع مبالغ أقل بكثير لشركة إنفيديا.

وحسب جيفري دينغ، أستاذ التقنيات الناشئة في جامعة جورج واشنطن، فإن معظم الشركات العالمية تستخدم كميات أكبر من قوة الحوسبة والبيانات لتحسين أداء الذكاء الاصطناعي، ولكن شركة "ديبب سيك" وغيرها من الشركات الصينية اضطرت إلى السير في المسار الآخر لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم الحصول على أداء جيد بما فيه الكفاية بتكاليف تدريب أقل وحوسبة أقل.

وأوضحت الصحيفة أن الآثار المترتبة على النماذج الأرخص قد تكون عميقة؛ فمع نشر "ديب سيك" للتفاصيل حول كيفية بناء نموذجها بشكل علني، ستتمكن الشركات في الصين وحول العالم من تكرار نهجها منخفض التكلفة.

وهذا يعني أن بناء وتشغيل الذكاء الاصطناعي سيكون أرخص وأقل استهلاكًا للطاقة، كما قال مارتن تشورزيمبا، وهو زميل بارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي.

غير أنه من المرجح أن تكون الصين متقدمة أكثر بكثير في مجال الذكاء الاصطناعي بدون ضوابط التصدير؛ فقد أقر مؤسس شركة ديبسيك في مقابلات أجريت معه بأن عدم القدرة على الوصول إلى قوة الحوسبة كان قيداً على الشركة.

وعلى عكس شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية، لن تتمكن شركة "ديب سيك" من شراء أحدث جيل من رقائق الذكاء الاصطناعي التي تطرحها شركة إنفيديا في الوقت الحالي، والتي تضاعف سرعة وأداء الرقائق السابقة.

وختمت الصحيفة التقريربأن نجاح "ديب سيك" يشير إلى أن تقدم وادي السيليكون في مجال الذكاء الاصطناعي يتراجع على الرغم من الجهود التي تبذلها واشنطن للحد من وصول الصينيين إلى الرقائق المتقدمة، ولكن من الملاحظ أن شركة ديب سيك لا تزال تبني نماذجها على رقائق إنفيديا؛ حيث لا توجد شركة صينية قادرة حتى الآن على صنع رقائق ذكاء اصطناعي متقدمة تنافس رقائق إنفيديا، أو نوع الآلات المعقدة اللازمة لصنع تلك الرقائق.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الصين الرقائق الصين الذكاء الاصطناعي رقائق المزيد في تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا سياسة سياسة تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی الشرکات الصینیة ضوابط التصدیر رقائق إنفیدیا الصحیفة أن فی الصین أن شرکة دیب سیک تقدم ا

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يتنبأ بسكر الدم!

في خطوة رائدة نحو تحسين إدارة مرض السكري، أعلنت شركتا IBM وRoche عن تطوير حل ذكي مشترك يُعالج واحدة من أكثر التحديات الصحية تعقيدًا: العبء اليومي المستمر لمراقبة مستويات السكر في الدم.
جاءت النتيجة على شكل تطبيق مبتكر يحمل اسم Accu-Chek SmartGuide Predict، يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمستويات الجلوكوز قبل حدوث التغييرات المفاجئة، ما يمنح المستخدمين فرصة استباق الأحداث واتخاذ قرارات صحية مبنية على التوقع لا رد الفعل.

تنبؤ بسكر الدم... كما تتنبأ بالأحوال الجوية
يأخذ التطبيق مفهوم مراقبة السكري إلى بُعد جديد، إذ لا يكتفي بإظهار مستوى السكر الحالي، بل يرسم خريطة لتوجهاته المستقبلية. تمامًا كما تعتمد على نشرة الطقس لتخطط ليومك، يمكنك الآن الاعتماد على هذا التطبيق للتخطيط لمستويات سكر في الدم خلال الساعات المقبلة.
ويعمل التطبيق بالتكامل مع جهاز الاستشعار المستمر للجلوكوز من Roche، حيث يعالج البيانات لحظيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليمنح المستخدم رؤى دقيقة تساعده على تفادي التقلبات المفاجئة والخطيرة في مستويات الجلوكوز.

ثلاث ميزات رئيسية تحدث فرقًا حقيقيًا
يمتاز تطبيق SmartGuide Predict بثلاث وظائف رئيسية، كل منها يستهدف قلقًا شائعًا لدى مرضى السكري:
* Glucose Predict: ميزة تعرض تصورًا لمسار مستوى الجلوكوز خلال الساعتين المقبلتين، ما يمنح المستخدم وقتًا كافيًا لتعديل نظامه الغذائي أو أخذ جرعة إنسولين وقائية.
* Low Glucose Predict: بمثابة نظام إنذار مبكر، ينبّه المستخدم باحتمال حدوث انخفاض حاد في السكر قبل 30 دقيقة تقريبًا من وقوعه—وقت كافٍ لاتخاذ إجراء تصحيحي سريع.
* Night Low Predict: خاصية تُعد الأهم لكثير من المرضى، إذ تتنبأ بخطر انخفاض السكر أثناء النوم وهو أكثر الأوقات خطورة. التطبيق يقيم المخاطر قبل النوم ويقترح ما إذا كانت وجبة خفيفة ليلية ضرورية.
يقول موريتز هارتمان، رئيس قسم حلول المعلومات في شركة Roche: «من خلال تسخير قوة التكنولوجيا التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن لتطبيق Accu-Chek SmartGuide Predict أن يمنح مرضى السكري قدرة أكبر على اتخاذ قرارات استباقية لإدارة حالتهم الصحية بثقة ووعي».

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أبحاث السكري
تتجاوز فوائد التعاون بين IBM وRoche الجانب العلاجي، لتصل إلى مجال الأبحاث السريرية. فقد طوّرت الشركتان أداة ذكية مدعومة بمنصة watsonx من IBM، تعيد تعريف كيفية تحليل البيانات في التجارب السريرية.
بدلًا من العمليات اليدوية البطيئة، تقوم الأداة الجديدة برقمنة وتصنيف وترجمة البيانات السريرية المجهولة الهوية، وربطها تلقائيًا بمعلومات أجهزة مراقبة السكر ونمط حياة المشاركين في الدراسة.
والحصيلة؟ اكتشاف أنماط وارتباطات دقيقة في وقت قياسي ما يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في فهم المرض وتطوير أساليب العلاج، وربما يكون أكثر تأثيرًا على المدى البعيد من التطبيق ذاته. 

تحالف فريد بين التكنولوجيا والصحة
يجمع هذا التعاون بين قوتين من عالمين مختلفين: خبرة IBM التقنية والذكاء الاصطناعي من جهة، وخبرة Roche في علوم الحياة والرعاية الصحية من جهة أخرى. وهو نموذج ناجح لتكامل الصناعات لخدمة احتياجات صحية حقيقية.
يقول هارتمان: «شراكتنا طويلة الأمد مع IBM تعكس الإمكانات الكبيرة للابتكار بين الصناعات في تقديم حلول فعّالة لاحتياجات صحية غير ملبّاة، وتسريع الوصول إلى نتائج علاجية أفضل».
وأضاف كريستيان كيلر، المدير العام لـIBM في سويسرا: «التعاون مع Roche يُبرهن على قوة الذكاء الاصطناعي عندما يُستخدم لهدف واضح: دعم المرضى في إدارة حالاتهم بشكل أفضل. نحن نوفر بيئة تقنية موثوقة، آمنة، ومخصصة تُعزز الابتكار في مجال الرعاية الصحية». 

دلالات الابتكار لمستقبل التكنولوجيا الصحية؟
بعد سنوات من متابعة التكنولوجيا الصحية، يمكن القول إن هذه الشراكة مختلفة. فهي لا تقدم وعودًا فضفاضة، بل تركز على حل واضح وملموس لمشكلة تؤثر على أكثر من 590 مليون شخص حول العالم يعيشون مع مرض السكري.
إنّ التحول من الإدارة التفاعلية إلى الإدارة التنبؤية لا يُعد مجرد تحسين، بل تغيير في قواعد اللعبة. فبدلًا من انتظار المشكلة، أصبح بالإمكان توقعها ومنعها. الذكاء الاصطناعي هنا لا يستبدل الإنسان، بل يزوّده بالمعلومة في الوقت المناسب ليحسن اتخاذ القرار.
التطبيق متاح حاليًا فقط في سويسرا، وهي خطوة مدروسة لاختبار فعالية النظام قبل تعميمه عالميًا. ومن المتوقع أن يتابعه قطاع الرعاية الصحية عن كثب.
إذا أثبتت هذه التجربة نجاحها، فقد تفتح الباب أمام حلول مشابهة لأمراض مزمنة أخرى، مثل أمراض القلب، الربو، أو حتى اضطرابات الجهاز العصبي كمرض باركنسون.
وفي الوقت الراهن، يبقى الهدف الأساسي هو منح مرضى السكري القدرة على عيش حياة أكثر راحة واستقرارًا حتى أثناء نومهم. وهو هدف إنساني نبيل، يستحق أن يُسخّر له الذكاء الاصطناعي بكل إمكاناته.

أخبار ذات صلة تعليم نماذج الذكاء الاصطناعي ما لا تعرفه "واتساب" يختبر ميزة إنشاء مساعد مدعوم بالذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يتيح للأطباء الدردشة مع السجلات الطبية
  • هجوم حاد على راشد الماجد لاستخدامه الذكاء الاصطناعي في أغنيته الجديدة.. فيديو
  • جامعة القاهرة تتصدّر أبحاث الذكاء الاصطناعي في مصر بـ2,191 بحثًا
  • «شرطة دبي» تنظم ورشة تعريفية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • خلال محاكمة.. الذكاء الاصطناعي يحيل إلى مرجع غير موجود
  • الذكاء الاصطناعي يتنبأ بسكر الدم!
  • الشركات الأمريكية تتمسك بالصين رغم الرسوم الجمركية المرتفعة
  • تعليم نماذج الذكاء الاصطناعي ما لا تعرفه
  • نقابات العمال الأمريكية تبدأ معركتها ضد الذكاء الاصطناعي
  • احذر فخ الذكاء الاصطناعي: مشهد وهمي بتقنية Veo 3 يثير الجدل