موقع 24:
2025-05-20@16:17:37 GMT

المواطنة الثقافية تأصيل للمواطنة الصالحة

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

المواطنة الثقافية تأصيل للمواطنة الصالحة

تمثل الثقافة والفكر والفن والآداب روافد متنوعة تصب في نهر المعرفة، والثقافة هي القوة الناعمة التي ترفع راية الوطن في المحافل الدولية، والمواطنة المثقفة هي الذوق الرفيع والفكر المتطور والإدراك الحسي الواعي، والعلاقة طردية بين المواطنة الصالحة والمواطنة الثقافية.

الاستثمار في الإنسان بمكوناته الفكرية والثقافية هو إدراك لهويته الوطنية

إن الاستثمار في الإنسان بمكوناته الفكرية والثقافية هو إدراك لهويته الوطنية، بل ذاكرة خصبة لكل الثقافة العربية: التاريخ واللغة والآداب والفنون والمعتقدات، هذا لأننا- وبكل اعتداد وفخر- نمثل مهد الحضارات المتجذرة إلى ما قبل التاريخ الإنساني، حيث قدمنا للإنسانية نموذجنا العربي الحامل لموروثه وحضاراته المتعاقبة.

لا ننكر أن هناك تشوهات علقت بالوعي الثقافي، سواء من آليات الاتصال الدولي والتدفق الحر والإمبريالية الثقافية ومجتمع الشبكات، تشوهات هددت قيم المواطنة الصالحة والهوية الوطنية.. وهناك أزمة ثقافة، فما زال الشباب يعاني من ثقافة هشة ومن لغة خطاب ضعيفة، ونمط تفكير ضحل يفتقر إلى التحليل والعمق، وتدن لغوي يشوب غالبية شبابنا.

لذا فإنه لا بد من مفهوم الثقافة كرافعة للمواطنة الصالحة، وترسيخ قيم الثقافة الإسلامية والعربية المعتدلة والواعية، من أجل صناعة المعنى والحياة والحضارة، فهي على صلة متينة بالهوية والتاريخ وبالمستقبل.

هل من شك في أن الثقافة النيرة السليمة هي حائط الصد الأول في وجه أي انحراف في وعي المجتمع.. نحن لا نقف ضد التجديد، لكن في غير الثوابت، بل نسعى لخلق ثقافة دينية تتسم بالتسامح والتعايش، بعيداً عن أي محاولات لتشويه ثوابت الدين ذات النصوص القطعية.

المواطنة الصالحة هي تلك المواطنة المثقفة المؤمنة بقيم العمران والتقدم والإنتاج واحترام دولة القانون، وتعزيز دور القيم المدنية والسلوك والحضاري، فضلًا عن قيم العروبة والإسلام والقيم الإنسانيّة العامة.

لا تجدي المراكز الثقافية والمسارح والمتاحف والقاعات الفنون، ما لم يكن هناك مثقف وطني حقيقي ومتذوق ومبدع، يمتلك حساً مرهفاً يستلهم مفردات تاريخ المنطقة وتراثها وثقافتها الشعبية الأصيلة.

لن نكفَّ هنا عن المطالبة بالخصوبة في الأفكار والإنتاج والإبداع، لمواجهة موجات الأمية الثقافية، وانتشال واقع النشر العربي، الذي لم يستقر كصناعة ثابتة، وقلة فاعلية السياسات اللغوية، وتراجع الفائدة الاقتصادية للغة، وعدم إقامة تكتل عربي من المدخل الثقافي ليحل لنا هذه الـمعضلة.

لا يخفى أن ثمة مشكلات كبرى تواجه أمتنا، منها فقدان الهوية العربية أو تلاشي ملامح هذه الهوية، ما يدعونا جميعاً -كل في موقعه- إلى إحياء الفصحى، أو تفعيل التراث الثقافي العربي، أو التمكين للمعرفة الأصيلة، لمواجهة تلك الغربة الوجودية، التي لا بد من تجاوزها بما تيسر من سبل، من خلال التصدي لكل أدوات البيئة الرقمية والعولمة والطغيان التكنولوجي.

فإذا أردنا ثقافة وطنية صالحة وعميقة ومترسخة، علينا تأسيس مفهوم المواطنة الثقافية، فالعلاقة جد مترابطة ومتفاعلة بين هذين المفهومين، فلن نخلق ثقافة وطنية أصيلة في الشعوب، قادرة على الحفاظ على الأصالة والتراث، أو مواجهة التحديات التاريخية إلا بالمواطنة الثقافية الصالحة.

لا بد في هذا الصدد من بناء المؤسسات والمراكز الثقافية التي توظف الكفاءات المؤهلة، وتعنى بالمثقف الوطني وبمنجزاته الإبداعية.

ومن هنا تأتي أهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به رجال الوطن المثقفون من المؤمنين بالقيم المواطنة الصالحة في تدعيم اللحمة الوطنية أولًا، وتقديم ما يمثل الوطن من قيم إيجابية بناءة تعزز الأمن والاستقرار والتنمية، من أجل فضاء ثقافي يقود لواقع أفضل، بوصفه سلاحاً فعالًا في مواجهة المخاطر والأزمات، سلاحاً يهب المجتمعات القدرة على التميز والابداع والابتكار.

إن موطن المعجزة هو الثقافة الوطنية الواعية، بكل آفاقها العربية الأصيلة المعبرة عن الشعوب على مر اﻷجيال.

على سبيل المثال تمثل السياسة المتزنة تلك السياسة المثقفة، القادرة على انتشال الأوطان من ثقافة الفوضى والغوغاء، في ظل تعقيدات الواقع السياسي.

هناك الكثير من الظواهر السياسية المثقفة، القادره على تعميق الفكر، لا سيما ما تقوم به الإمارات من تحرك ملموس في صياغة المشهد السلمي وصياغة ثقافة تتسم بالحرية والتعايش وقبول الآخر، وكل تلك الإنجازات تحركها قيم الثقافة العربية.

من الجميل أن نذكر بأن هناك ثمة إنجازات ثقافية أحدثت فرقاً جوهرياً في العمل الثقافي في الإمارات، ومنها المهرجانات والأنشطة الثقافية، والمؤتمرات الفكرية، وإشاعة ثقافة السلم، وإحياء كل المناسبات التراثية والوطنية.

علينا -من أجل ذلك- أن نحيي في شبابنا ثقافة القراءة، وأن نخطط لذلك تخطيطًا مؤسسياً، مستفيدين من التجربة الغربية التي يسّرت أمر القراءة أمام الشباب المتطلع إلى الفهم، فجمعت لهم الكتب النوعية في تراثهم في ستين مجلداً، ضمن سلسلة "الكتب العظيمة في الحضارة الغربية".

فهكذا يكون التأثر المفيد.. وهكذا نستلهم خطاهم التي سبقتنا إلى ما يفيد أمتنا، ويرتقي بشبابنا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

آليات تنمية الإبداع لدى الأطفال في لقاء لقصور الثقافة بالسويس

نظم فرع ثقافة السويس عددًا من الأنشطة الأدبية والفنية، ضمن أجندة فعاليات الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، في إطار خطة وزارة الثقافة.

"آليات إعداد جيل مبدع"

 

أُقيمت الفعاليات بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، وتضمنت لقاء بمركز شباب فيصل، بعنوان "آليات إعداد جيل مبدع"، تحدثت خلاله د. هبة حسن، خبير الصحة النفسية، عن خصائص المبدع، والعوامل التي تسهم في تنمية إبداعه، وتساعد  الوالدين على دعم هذا الإبداع، ومنها تشجيع الطفل على الفضول واستكشاف العالم من حوله، تعزيز مهارات التفكير النقدي، والتعليم الإبداعي، ومنحه الفرصة للتعبير عن ذاته بحرية.

قصائد شعرية 

أعقب ذلك فقرة إلقاء قصائد شعرية، ألقت خلالها الشاعرة عائشة عبد الحميد، قصيدة بعنوان "أكتبلها"، وقدم الشاعر حمدي عطية، قصيدة "باب المدد"، بينما ألقى الشاعر مصطفى النحاس، قصيدة "كوكب الاشتغالات"، وقدم جمال نور الدين قصيدتي "طارات الرحيل"، و"النسيان"، واختتمت الأمسية بقصيدة "أكره الوداع" للشاعر مجاهد عبد الهادي.

عرض مسرحية “التحول”

 

من ناحية أخرى، وضمن الأنشطة المنفذة بإقليم القناة وسيناء الثقافي، بإدارة د. شعيب خلف، وفرع ثقافة السويس، بإدارة هويدا طلعت، واصلت فرقة السويس المسرحية عرض "التحول" ضمن عروض الموسم الجديد لهيئة قصور الثقافة والمقدمة على مسرح قصر ثقافة الإسماعيلية.

 

العرض عن رواية الكاتب فرانز كافكا، ومن إعداد محمود سيد، وإخراج محمد عجيزي، وشهد حضور لجنة التحكيم المكونة من المخرج جلال عثمان، الناقد محمد علام، ومهندس الديكور محمود جمال.

 

ويناقش قضايا مجتمعية ويتضح ذلك من خلال الأحداث التي تدور حول رحلتين الأولى للكاتب والكوابيس التي يعيشها وهو يكتب روايته، والثانية حول قصة حياة بطل الرواية "جريجور سامسا" الذي يستيقظ ذات يوم ليجد نفسه تحول إلى مسخ "حشرة"، فتتخلى عنه أسرته.

 

العرض إنتاج الإدارة العامة للمسرح برئاسة سمر الوزير، وإشراف الإدارة المركزية للشئون الفنية برئاسة الفنان أحمد الشافعي، بطولة مجموعة متميزة من فناني السويس، ألحان أمجد صموئيل، ديكور محمود صلاح، تنفيذ ديكور محمد التنجيري، ملابس ميرنا مدحت، ومخرج منفذ محمد فتحي.

مقالات مشابهة

  • في 7 محافظات.. قصور الثقافة تعرض فيلم «المشروع X» ضمن مشروع سينما الشعب
  • آليات تنمية الإبداع لدى الأطفال في لقاء لقصور الثقافة بالسويس
  • قصور الثقافة تُقدم 11 عرضًا مسرحيًا مجانًا بالإسكندرية
  • الرواشدة: الدولة الأردنية أسسها الهاشميون على منظومة من القيم الثقافية والحضارية
  • مجانا حتى الخميس.. عرض الوصل على مسرح قصر ثقافة الزعيم بأسيوط
  • الاحتفاء بإرث سيد حجاب الأدبي ضمن برنامج رموز القرية بالدقهلية
  • اعتبارا من اليوم.. 11 عرضا مسرحيا بالمجان بقصور الثقافة في الإسكندرية
  • زينات علوي.. راقصة الهوانم وصديقة النخبة الثقافية
  • مجلة "ثقافة" تصدر عدداً خاصاً عن البيئة والتنمية الإنسانية المستدامة
  • وزير الثقافة: وضع اللمسات النهائية لافتتاح قصور ثقافة جديدة في المحافظات والقاهرة قريبًا