حماة- عقب سقوط نظام الأسد، عُقدت آمال أهالي حماة على الإدارة الجديدة المسؤولة عن المحافظة من أجل تحسين الواقع الخدمي والمعيشي فيها نحو الأفضل، ولأجل ذلك يدعمون مبادرات متنوعة أهلية ومجتمعية.

وكانت مدينة حماة ترزح تحت واقع خدمي سيئ خلّفه نظام الأسد المخلوع خلال 5 عقود من الزمن، بسبب تاريخها المعارض لنظام الأسد منذ عام 1982 وصولا إلى الثورة السورية مع بداياتها في عام 2011.

وعاشت المدينة على واقع متردّ للتيار الكهربائي الذي كان يوصل ربع ساعة وينقطع عند وجود أحمال كهربائية عالية لحوالي 5 ساعات متواصلة.

وكانت العديد من أحياء المدينة تعاني من عدم وصول المياه إليها مثل حي القصور والأربعين، وغياب شبكات الصرف الصحي والافتقار إلى أدنى المقومات الأساسية.

قلعة حماة مع قناطرها الأثرية (الجزيرة) خدمات أساسية

وعن واقع الخدمات بحماة منذ تحريرها في 8 ديسمبر/كانون الأول، يقول أبو محمد الكريّم (ستيني من حي الصواعق في حماة) إن جهد التيار الكهربائي، وبعد إصلاحه منذ أيام، كان منخفضًا ولم يستطع الأهالي إنارة منازلهم، كما أثّر انخفاض التيار على إمكانية ضخ المياه وتوفير مياه الشرب لمنازل الحي.

وتحدث الستيني، للجزيرة نت، عن غياب شبكة صرف صحي في المنطقة بأكملها، موضحا أن الصرف الصحي في المنطقة عبارة عن حفر ومسارب قام الأهالي بحفرها أمام منازلهم، وتقع في منتصف الطرقات الرئيسية في الحي، وصولا إلى المصارف الصحية في حي الضاهرية المجاور للصواعق.

وأدت هذه المسارب إلى انتشار الأمراض بشكل كبير، وسط انعدام وجود نقاط طبية في المنطقة أو مستوصف، كما يضيف المتحدث ذاته.

إعلان

من جهته، يؤكد سليمان سبعاوي، وهو محام يقطن في الحي ذاته بحماة، انعدام وجود الخدمات الأساسية في الحي، ومعاناة السكان مع انعدام وجود شبكة للصرف الصحي.

وأشار المحامي، في حديث مع الجزيرة نت، إلى عدم التفات النظام المخلوع إلى مطالب الساكنة سابقًا، وعدم تلبية المديريات الحكومية في حماة لمطالب المواطنين، ومماطلتهم في ذلك لشهور، آملا ألا تتكرر حلقة معاناة أهالي الحي مع الإدارة الجديدة.

كما طالب أبو محمد الكريم بضرورة توفير نقاط أمنية لوزارة الداخلية في المنطقة، للحفاظ على الأمن العام في حي الصواعق بسبب وجوده على أطراف المدينة.

بيع الحطب على الطرقات الرئيسية في حماة (الجزيرة) نقل ومحروقات

وعن توفّر وسائل النقل العامة، تقول ريمة (26 عاما)، وهي موظفة في القطاع الخاص بحماة، إنها تضطر إلى الوقوف يوميا أكثر من ساعة كاملة بانتظار وسائل النقل العامة من أجل الذهاب لعملها، بسبب عدم تنظيم خطوط السير العامة، وعدم توفر العدد الكافي من حافلات النقل العمومي لجميع أحياء المدينة.

وبحسب قولها للجزيرة نت، فإن تكلفة المواصلات وأجور النقل مرتفعة فقد وصلت إلى 4 آلاف ليرة سورية (0.34 دولار) وتشكل عبئًا عليهم، وإنهم بحاجة إلى إعادة دراسة هذه التكاليف من قبل المسؤولين من جديد بما يتناسب مع الدخل الشهري المتوسط للأهالي.

وبخصوص المحروقات، رصدت الجزيرة نت توفّر المحروقات بشكل كبير في أرجاء المدينة، وداخل محطات الوقود، وفي السوق السوداء، في الشوارع الرئيسية وعلى المدارات الطرقية التي تحولت إلى نقاط بيع مباشرة للمازوت والبنزين والغاز.

ووصل سعر لتر البنزين إلى 14 ألف ليرة سورية (1.2 دولار)، أما في محطات الوقود وصل سعر اللتر إلى 1.3 دولار أميركي، وسعر المازوت إلى 11 ألف ليرة، في حين وصل سعر جرّة الغاز إلى 220 ألف ليرة.

وقد لجأ كثيرون إلى مدافئ الحطب التي تعدّ أرخص ثمنًا للأهالي من الطبقة المتوسطة والفقيرة التي تشكّل حوالي 70% من المجتمع المحلي، ووصل سعر كيلو الحطب إلى حوالي 4 آلاف ليرة سورية.

 

بيع المحروقات في الشوارع الرئيسية في حماة (الجزيرة) المرافق العامة

وافتقرت مدينة حماة بشكل عام إلى الاهتمام بالمرافق العامة والحدائق التي تعدّ المتنفس الأول للأهالي، وذلك لاهتمام نظام الأسد المخلوع سابقًا بالملاحقة الأمنية للحمويين، وترك اهتمامه بالخدمات والمرافق كجوانب ثانوية تعتبر آخر اهتماماته، بحسب محمد نور وهو طالب جامعي في العشرينيات من عمره.

إعلان

وقال نور للجزيرة نت "لم نلق سابقًا أي اهتمام من مديرية البلدية أو مجلس المحافظة بالحدائق المنتشرة في مدينة حماة، مثل قلعة حماة الأثرية، وحديقة أم الحسن التي تقع وسط المدينة، والحدائق المنتشرة في الأحياء".

وأضاف أن معظم الحدائق أصبحت مجامع للقمامة، وغير مجهزة بأماكن لجلوس المدنيين فيها، أو أماكن تصلح متنزهات للأطفال.
وطالب الشاب الإدارة الجديدة في محافظة حماة بإيلاء الاهتمام بهذه المرافق التي من شأنها دعم السياحة المنسية في حماة، وتطوير المظهر الحضاري العام لها الذي يختزن حضارة وعراقة هذه المدينة وأهلها.

واقع خدمي سيئ في حي الصواعق بحماة (الجزيرة) توحيد الجهود

وبالمقابل، أطلقت محافظة حماة يوم الاثنين، 28 يناير/كانون الثاني، برعاية محافظها عبد الرحمن السهيان حملة "حماة تنبض من جديد"، بهدف تعزيز وتنسيق العمل التطوعي في المحافظة.

وفي لقاء للجزيرة نت مع محافظ حماة، قال إن الحملة تهدف لتأطير كثير من الجهود الراغبة بخدمة البلد، من أفراد وفعاليات اقتصادية ومجتمعية ومؤسسات حكومية، ومنظمات وجمعيات محلية، ومغتربين سوريين؛ في مسارها الصحيح، وتلافي هدر الجهود وتوظيفها في منصة موحدة ضمن برنامج من الأهداف يتم العمل عليه معا والعمل على تحقيقه.

كذلك إتاحة الفرصة للراغبين بتقديم الخدمات للمحافظة، عن طريق قنوات تواصل الحملة والقائمين عليها، ووضع هذه الخدمات في ما يصب في تحقيق أهداف الحملة، بحسب محافظ حماة.

وعن الأولويات في العمل بهذه الحملة، تحدّث المحافظ عن أن الأمر الأساسي هو القطاع الخدمي، وقال "نحن أمام واقع منهك، كذلك القطاع الصحي والتربوي والتعليمي، والخدمات الفنية، وجميع هذه القطاعات تحتاج إلى إعادة بناء".

كلمة لمحافظ حماة عبد الرحمن السهيان حول انطلاق حملة "حماة تنبض من جديد"#فيديو pic.twitter.com/zd1O9xWGzE

— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) January 31, 2025

إعلان

وكان المحافظ قد أشار، خلال مؤتمر صحفي عُقد الأربعاء في مجلس المدينة، إلى أن حماة كانت كباقي المحافظات السورية، إبّان التحرير، تعاني من واقع خدميّ سيئ ومرير على الأصعدة كافة، والمؤسسات لا تفي باحتياجات المواطنين.

وقال في السياق ذاته إن العمل بخطط إسعافية قد انطلق لمواكبة احتياجات الأهالي وسط العمل على خطة ربعية سريعة للنهوض بهذا الواقع، مشيرًا إلى أن هذه المرحلة هي مرحلة "إيقاف النزيف" لإيقاف سوء الواقع عند هذا الحد، مثل قطاع الكهرباء والمياه والصرف الصحي.

ووجه المحافظ رسالة إلى الجميع وخاصة المغتربين السوريين مفادها أن باب المساهمة والتطوع مفتوح للجميع، وأنه أحد الأسباب الرئيسية لهذه المبادرة، ليكون للجميع سهم في هذا العمل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت فی المنطقة فی حماة

إقرأ أيضاً:

Highest to Lowest.. دراما جريمة تنبض بالإثارة من بطولة دينزل واشنطن

دينزل واشنطن .. في خطوة جريئة تُعيد تعريف الإثارة السينمائية، يقدّم المخرج الشهير سبايك لي فيلمه الجديد "من الأعلى إلى الأدنى" (Highest to Lowest)، من بطولة دينزل واشنطن وهو إعادة تخيّل معاصرة لفيلم "عالية و L للمخرج الياباني أكيرا كوروساوا عام 1963. 

في قلب نيويورك النابض بالحياة، ينسج سبايك لي خيوط الحكاية بأسلوب بصري مذهل وسرد درامي مشوق يعكس صراعات الطبقة والهوية والانتماء في عالم متغير.

حبكة مشوقة تبدأ بخطأ فادح

تدور القصة حول ديفيد كينج والذي يؤدي دوره دينزل واشنطن،  في دور قطب الموسيقى المغرور والمحب لعائلته، والذي تتبدد طمأنينته عندما يُختطف عن طريق الخطأ صديق ابنه المراهق بدلاً من ابنه نفسه. 

وتبلغ الفدية المطلوبة 17.5 مليون دولار، وهو مبلغ يضع ديفيد أمام اختبار أخلاقي عسير: هل ينقذ ابن شخص آخر بثروته الخاصة؟ في هذه اللحظة الحرجة، يستعرض الفيلم التوترات الطبقية العميقة ويطرح أسئلة حول القيمة الحقيقية للإنسان وسط سطوة المال والشهرة.

دينزل واشنطن يقود طاقمًا بارعًا

بأداء لافت وعاطفي، يجسّد دينزل واشنطن شخصية ديفيد كينج في تعاونه الخامس مع سبايك لي. يعود الثنائي إلى أجواء التشويق التي سادت فيلمهما السابق Inside Man، بينما يساهم طاقم داعم مميز - من جيفري رايت إلى إيليا رايت وآيساب روكي - في إغناء الأدوار وإضفاء أبعاد واقعية على الشخصيات.

جديد

عدسة ماثيو ليباتيك ترسم نيويورك كأنها كائن حي ينبض بالحياة. من شوارع بروكلين إلى احتفالات يوم بورتوريكو، ومن شقق "دمبو" الراقية إلى زوايا المدينة الصاخبة، تظهر المدينة كخلفية ديناميكية تعزز التوتر الدرامي وتعكس تناقضات المجتمع الأمريكي.

إخراج بصري مبتكر وأسلوب سردي حيوي

يبرع لي في المزج بين الإثارة السينمائية والتعليقات الاجتماعية، مستخدمًا تقنيات بصرية ذكية مثل الشاشات المقسّمة والتسلسلات الموسيقية. الذروة تأتي في مشهد مطاردة داخل قطار خلال مهرجان صاخب، حيث تندمج الحركة السريعة مع البناء الدرامي المحكم، مدفوعةً بموسيقى تصاعدية لهوارد دروسين ونشيد مؤثر لأيانّا لي.

فيلم يكرّم الماضي ويصنع مستقبله

في حين يتجنّب الفيلم إعادة إنتاج حرفية لعمل كوروساوا، فإنه يحتفي بجوهره، مع توجيه نظرة نقدية معاصرة لوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. إنه فيلم يعرف من أين أتى، ويعرف جيدًا إلى أين يذهب.

مقالات مشابهة

  • Highest to Lowest.. دراما جريمة تنبض بالإثارة من بطولة دينزل واشنطن
  • تمكين الشباب من استكشاف المسارات المهنية الخضراء
  • “حومة” يبحث تنظيم العمل القنصلي والإنساني بالجنوب ضمن مبادرة “معًا من أجل الجنوب”
  • محافظ بورسعيد يتابع العمل بمحطتي معالجة الصرف الصحي الرئيسية ببورفؤاد والفيروز
  • محافظ كفر الشيخ يبحث تطوير وميكنة خدمات التأمين الصحي.. صور
  • مصر الغد.. مبادرة للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي بطريقة تفيد البشرية
  • كرسي متحرك يوقف دموع أم.. ووظيفة تحيي أمل أسرة.. تفاصيل الزيارة التي غيرت حياة أهالي ديرمواس
  • رئيس مياه الإسكندرية يتفقد مواقع العمل لتحسين الخدمات للمواطنين
  • محافظ الغربية: تذليل معوقات مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي بزفتى
  • “ورشات عمرها” في حماة.. مبادرة هندسية شبابية لعرض مشاريع واقعية لإعادة الإعمار