بوابة الوفد:
2025-07-07@04:04:38 GMT

الأدب والفن بين الدمار والإبداع

تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT

فى إحدى الأمسيات، كنت أنا وبعض الأصدقاء نناقش تأثير الحرب الاسرائيلية المدمرة على أهل غزة. تساءلنا عن أهوال المجازر هناك وحجم الألم الذى قد نرى أثره فى الأدب والفن القادم. فى خضم الحديث، تذكرنا تأثير الحروب عبر التاريخ على الفن والأدب، وكيف أن المآسى الكبرى أفرزت أعمالًا خالدة. ومن بين تلك اللحظات التاريخية، دار الحديث عن حركة «فن وحرية» فى مصر وتأثير السريالية فى فرنسا.

فى أعقاب الحرب العالمية الأولى، كانت فرنسا تعيش حالة من الصدمة الجماعية، مما دفع الفنانين والأدباء إلى البحث عن أساليب تعبيرية جديدة تتجاوز المألوف. ظهر فى هذا السياق أندريه بريتون، الذى عُرف بلقب «أبو السريالية»، ليقود حركة فنية وأدبية تهدف إلى تحرير الخيال من قيود الواقع. استخدمت السريالية أحلامًا وصورًا رمزية لتجسّد مشاعر الألم والمعاناة التى ولّدتها الحرب.

فى القاهرة، وفى خضم التحولات السياسية والاجتماعية فى أواخر الثلاثينيات، وُلِدت جماعة «فن وحرية» لتكون صدى للسريالية فى مصر. فى عام 1938، أصدرت الجماعة بيانها الأول «عاشت الفنون المنحطة»، معلنة تمردها على الفن التقليدى الذى كان خاضعًا لسلطة الصالونات الرسمية والنخب البرجوازية.

تألفت الحركة من شخصيات مصرية بارزة مثل رمسيس يونان، كامل التلمسانى، وجورج حنين. رأى هؤلاء الفن كأداة لتحرير الإنسان وكسر القيود التى فرضتها الظروف السياسية والاجتماعية. جاءت أعمالهم الفنية والأدبية لتصور الإنسان ككيان ممزق، يعانى من واقع قاسٍ فرضه الاستعمار والفقر.

فى لوحاتهم وأعمالهم الأدبية، استخدم أعضاء جماعة «فن وحرية» الرموز السريالية لتجسيد الدمار الذى أحاط بهم خلال الحرب العالمية الثانية. جسّدت لوحاتهم الموت والحطام، لكنها حملت أيضًا رؤى قيامة جديدة من قلب الخراب. على غرار السرياليين فى فرنسا، رأى هؤلاء الفن وسيلة لكشف الحقائق القاسية عن الفجوة الطبقية والاضطهاد الاجتماعى. دفع رمسيس يونان ثمن مواقفه بالسجن والنفى، لكنه ظل وفيًا لفنه وأصدر كتابات وترجمات مهدت الطريق أمام الأجيال القادمة. وبرع كامل التلمسانى فى التعبيرية والتكعيبية، وقدم أعمالًا تركز على قضايا اجتماعية مثل تسليع الجسد ومعاناة الطبقات المهمشة. أمّا جورج حنين، الشاعر السريالى، فقد ساهم فى نشر الفكر السريالى فى مصر من خلال أعماله الأدبية ومقالاته الجريئة.

لاشك أنّ تجربة «فن وحرية» أظهرت الفن قادرا على أن يكون سلاحًا فى وجه الظلم والاستبداد. كما أن المأساة يمكن أن تكون شرارة للإبداع الذى يخلّد لحظات الألم، ويمنح الضحايا صوتًا يعبر عن معاناتهم.

فى غزة اليوم، كما فى مصر وفرنسا سابقًا، قد يولد من بين الأنقاض جيل جديد من المبدعين يستطيع أن يحول الحطام إلى لوحات أدبية وفنية، تُعبّر عن آلامهم وآمالهم، وتقف شاهدا على مأساة غزة وصمود أهلها البواسل.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأصدقاء الحرب الإسرائيلية الفن والأدب فى مصر

إقرأ أيضاً:

مصير العرب بعد لقاء ترمب مع نتياهو

#مصير_العرب بعد لقاء #ترمب مع #نتياهو
#فايز_شبيكات_الدعجه


ستتدفق خطوات تنفيذ صك الاستسلام العربي ما إن ينتهي لقاء نتياهو مع الرئيس الأمريكي ترمب يوم الاثنين.
ستتوقف العمليات الإسرائيلية مؤقتا تحت ذريعة الهدنة، ثم تستأنف بعد تسليم الأسرى، وستستمر حتى نزع كامل أسلحة حماس وذلك بالتزامن مع مخطط سري متفق عليه لكيفية إدارة غزه، إضافة إلى المباشرة بحركة تطبيع مركزه مع ما تبقى من دول الإقليم، وستأخذ بعين الاعتبار نزع سلاح حزب الله والقيام بإجرأءات صارمة لتحييد إيران، وستنتهي تبعا لذلك صواريخ الحوثيين الموجهة للكيان الصهيوني.
وفي مرحلة لاحقة ستجري عمليات توسعه ملحوظه لعمليات تطبيع في المجتمعات العربية بحمايه قانونية محليه مقرونه بحملات أمنية وتشريعية وإعلامية تحت غطاء شرعي وفتاوي إباحية لمظاهرها المرتقبة.
سيغير اللقاء غدا خريطة التحالفات الاقليمية بدخول سوريا ولبنان على خط التطبيع الإجباري، فالعرب يخضعون الآن لسلطان أمريكا بلا أدنى شك، وستفرض سلاما دائما يناسب الصهاينة. ولقد قال الشاعر الإيطالى الشهير دانتى ذات يوم إن السلام لن يتحقق إلا إذا خضعت البشرية لسلطان واحد، أو لحكم مملكة كونية. وعلى المنوال ذاته سار منظرون آخرون فى تاريخ الفكر السياسى الأوروبي. ولقد ثبت صحة ما قال وبطلان نظرية الفيلسوف الألمانى عمانويل كانط الذى رأى فى كتابه الشهير «السلام الدائم» أن السلام الذى يُفرض بالقوة والقهر أشبه بالهدوء الذى يخيم على المقابر.
ظاهريا سيكون هناك سلاما يانعا تحس به الشعوب برعاية أمريكية باعتبارها مملكة دانتي الكونية بلا منازع. ولقد ظهرت العلامات الصغرى للاستسلام العربي. وستظر العلامات الكبرى قريبا جدا بوضوح تام بلا أي لبس، ولن يكون ثمة أي تحدٍّ مجاور لإسرائيل بأي شكل من الأشكال وسيُعرب العرب عن رغبتهم في وقف القتال والالتزام التام بتعليمات نتياهو.
تبقى مشكلة المقاومه في الضفة الغربية وبخاصة العمليات الفردية هي المنغص الوحيد لعيش إسرائيل، والذي لا يمكنها استأصاله وتحسب له الف حساب، ذلك أنها تقف في مواجهة شعب وليس فصائل وحركات أو جيوش تقليدية وأنظمة يمكن التفاوض معها واخضاعها.

مقالات مشابهة

  • إطلاق جائزة "مدار الأثر" لتكريم الجهات غير الربحية على الابتكار والإبداع في قطاع الفضاء
  • مصير العرب بعد لقاء ترمب مع نتياهو
  • الاحتلال يسرق ركام غزة لحرمان الفلسطينيين من إعادة الإعمار
  • شقيقة كريستيانو رونالدو ترد على منتقديه بسبب غيابه عن جنازة جوتا
  • "فيلم الزعيم يفجّر الجدل: هل عادل إمام أقوى من السياسة والفن؟!"
  • الثقافة تنظم ورشة تدريبية في مجال الرسم والفن التشكيلي
  • فهم الألم المزمن: كيف يعيد الدماغ تشكيل معاناة المرضى؟
  • كريستال تسرد كيف باغتها السرطان.. وتحذر من هذه الأعراض
  • “مراسلون بلا حدود”: اليمن غارق في القمع وحرية الصحافة في أدنى مستوياتها
  • بكتيريا تحول بلاستيك النفايات إلى دواء يعالج الألم!