تصاعدت موجة الصراعات القبلية في مديرية الحدا جنوبي محافظة ذمار، في ظل اتهامات لمليشيا الحوثي بالوقوف وراء تأجيج الفتن بين أبناء القبائل، عبر تغذية النزاعات، وتنفيذ حملات مداهمة واعتقالات تعسفية، فيما اعتبرها مراقبون ردة فعل انتقامية ناجم عن صراع تاريخي ممتد منذ قرون بين قبيلة الحدا والإمامة.

شهدت مديرية الحدا خلال الأيام الماضية حروبًا قبلية وحملات عسكرية حوثية داهمت منازل واختطفت مواطنين وجرائم قتل على خلفية نزاعات أسرية أُججت بواسطة عناصر ومشرفي مليشيا الحوثي المدعومة من النظام الإيراني.

اشتباكات عنيفة تندلع بعد حملة حوثية

وفقًا لمصادر مطلعة، اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة بين أهالي قريتي الأوضان ودحقه في مديرية الحدا، باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وذلك عقب حملة عسكرية نفذتها مليشيا الحوثي في المنطقة.

وشملت الحملة مداهمة منازل واختطاف عدد من المواطنين، مما أدى إلى تفاقم التوتر وتجدد المواجهات بين القريتين.

وأفادت مصادر محلية بأن عناصر حوثية من القريتين قامت بإبلاغ قوات الحملة عن منازل محددة لاستهدافها واختطاف أصحابها، وذلك بسبب رفضهم الانخراط في النزاع القبلي الدائر.

واتهمت المصادر المليشيا بمحاولة الضغط على المواطنين لتحمل تبعات ما يسمى بـ"الغرم"، بينما تُركت العناصر الموالية لها من القريتين طلقاء والتي أسهمت في إشعال الفتنة.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن قيادات حوثية، وعلى رأسها مشرف المنطقة "أبو خلدون دحقه"، تلعب دورًا رئيسيًا في تأجيج الصراع، متجاهلةً الأحكام القبلية السابقة التي كان يُفترض أن تؤدي إلى إنهاء النزاع.

جريمة مروعة بحق طفل

في حادثة مأساوية أخرى، قُتل الطفل وضاح حسين صالح رقبان بعد تعرضه للرجم بالحجارة حتى الموت في قرية بني رقبان بمديرية الحدا في ظل تزايد جرائم القتل في السنوات الأخيرة.

وأفادت مصادر قبلية بأن الجريمة جاءت في سياق توترات متصاعدة بين عائلتي "رقبان" و"بني محسن"، حيث يتهم "آل رقبان" خمسة شبان من الطرف الآخر بالوقوف وراء الحادث، بينما يدعي "بنو محسن" أن الحادثة كانت عراك أطفال.

وتعكس هذه الجريمة مدى تفشي ثقافة الكراهية والعنف في المنطقة، والتي تُعزى إلى السياسات الحوثية المثيرة للانقسامات. وقد أُحيلت القضية إلى إدارة البحث الجنائي التابعة للمليشيا في محافظة ذمار، في انتظار تقرير الطبيب الشرعي لتحديد ملابسات الحادث.

مقتل نجل شيخ قبلي

في قرية وهران بمديرية الحدا، قُتل نجل شيخ قبلي وأصيب اثنان آخران بجروح في اشتباك عائلي مسلح.

ووفقًا لمصادر محلية، فقد توجه أبناء الشيخ "أمين صالح أحمد" ليلاً إلى مزرعة أبناء "حسين ناصر أحمد"، الذين تربطهم بهم صلة قرابة، حيث نشبت بينهم خلافات حادة تطورت إلى اشتباك مسلح أسفر عن مقتل "شهاب أمين صالح" وإصابة شقيقه "أحمد" وابن "حسين ناصر أحمد".

قمع الأصوات المعارضة

لم تقتصر انتهاكات مليشيا الحوثي على تأجيج النزاعات القبلية، بل امتدت إلى قمع الأصوات المعارضة، حيث قامت عناصر المليشيا باختطاف الشاعر الشعبي المعروف "صالح مقبل قاسم السوادي" من قريته البلد في منطقة السواد، واقتادته إلى سجن إدارة أمن المليشيا في مدينة زراجة مركز مديرية الحدا بسبب انتقاداته لممارسات الجماعة.

وبحسب المصادر، فإن الشاعر السوادي يمارس جهدًا قبليًا وعبر قصائده الشعرية المنتشرة في كافة أرجاء الحدا خاصة وذمار عامة والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين لإنهاء الثأرات والنزاعات القبلية ويرفض التفاعل والانخراط مع الفعاليات الطائفية للمليشيا وهو ما أدى إلى التصادم مع أهداف المليشيا ضد القبائل اليمنية وأثار امتعاض قياداتها ودفعها لاختطافه في محاولة لإخضاعه عبر تلفيق تهمة "التحريض" ضد الجماعة.

ولفتت المصادر إلى أن المليشيا أطلقت سراح السوادي بعد يوم ونصف من الاحتجاز، عقب تدخل وجهاء ومشائخ الحدا، ولكنها أرغمته على توقيع تعهد بعدم انتقاد الجماعة مجددًا، كشرط لإطلاق سراحه في خطوة تؤكد سعي الحوثيين لإسكات أي صوت معارض.

يأتي ذلك في أعقاب حادثة أخرى وقعت قبل أسبوعين، حيث اقتحمت عناصر أمنية تابعة للحوثيين منزل طبيبة تدعى "مريم" تعمل في مستوصف العابسية الصحي، واعتدت على بناتها لأسباب غير معروفة، مما أثار استياءً واسعًا بين أبناء القبائل جراء انتهاك حرمة المنزل والأعراف والأسلاف القبلية.

صراع تاريخي ممتد

لطالما كانت قبائل الحدا في محافظة ذمار رقمًا صعبًا في معادلة الصراع مع الإمامة قديمًا وحديثًا، إذ خاضت معارك شرسة ضد أئمة السلالة على مدار القرون الماضية، رفضًا لمحاولات إخضاعها وإذلالها.

واليوم، بعد أكثر من ستة عقود على إسقاط الحكم الإمامي في ثورة 26 سبتمبر 1962، تجد القبيلة نفسها في مواجهة متجددة مع الامتداد الحوثي، الذي يتبنى ذات النهج السلالي في محاولته إعادة إخضاعها، ولكن بأساليب جديدة، تعتمد على تفكيك نسيجها الاجتماعي عبر إذكاء الفتن القبلية وزرع الصراعات الداخلية.

ما تشهده مديرية الحدا اليوم من نزاعات دامية ليس وليد اللحظة، بل هو جزء من سياسة حوثية ممنهجة تستهدف القبائل اليمنية التي كانت تاريخيًا رأس الحربة في مقاومة السلالة في ظل خذلان وغياب الشرعية.

الحدا في مواجهة أئمة السلالة

بدأت مقاومة قبائل الحدا لمحاولات الإخضاع الإمامية منذ قرون، وتعد إحدى المحطات البارزة في هذا الصراع مواجهتها للإمام (أحمد بن عبد الله بن المهدي العباس)، الذي قاد حملة عسكرية إلى زراجة – مركز المديرية حاليًا – لكنها انتهت بالفشل.

ثم توالت المعارك، إذ نجحت القبيلة عام 866هـ في أسر الإمام (الناصر بن محمد بن الناصر) الملقب بـ"المنصور" في منطقة عرقب بلاد الحدا، في واحدة من أبرز الهزائم التي مُني بها الأئمة على يد قبائل يمنية.

وفي القرن التاسع عشر، تجدد الصراع مع الإمام المتوكل (أحمد بن علي بن العباس) عام 1222هـ (1807م)، حيث قادت الحدا تمردًا عنيفًا ضده، ما دفعه إلى إرسال حملات عسكرية عدة، كان آخرها بقيادة الإمام (محمد بن أحمد)، الذي عمد إلى إحراق القرى وتخريب الحصون ونهب الممتلكات وفرض الغرامات والرهائن، في محاولة لفرض الهيمنة بالقوة.

دور قبائل الحدا في ترسيخ الجمهورية

لم يكن غريبًا أن تكون قبائل الحدا في مقدمة من أسقطوا الحكم الإمامي عام 1962، حيث لعب عدد من قادتها ورموزها وأبنائها دورًا محوريًا في ثورة 26 سبتمبر، وامتدادها في حرب السبعين يومًا، وصولًا إلى مطاردة الإمام (البدر) إلى نجران، ما جعلها واحدة من أكثر القبائل الجمهورية التزامًا.

كما ساهمت برفد الدولة بمجاميع من مقاتليها في حروب صعدة الأولى والثانية ضد تمرد الحوثيين في العقد الأول من الألفية الجديدة، وهو ما جعلها هدفًا مباشرًا لانتقام الجماعة بعد سيطرتها على محافظة ذمار.

ومنذ انقلابها وسيطرتها بالقوة على محافظة ذمار، عمدت مليشيا الحوثي إلى تفجير النزاعات القبلية في مديرية الحدا وإذكائها باستخدام وسائل متعددة، منها تغذية العداء وتأجيج الخلافات الداخلية بين الأفراد والأسر والمشائخ والوجاهات والقبائل، وإعاقة جهود الوساطات القبلية، وعلى الرغم من أن أعراف القبائل اليمنية تقوم بشكل أساسي على حل النزاعات عبر التحكيم والمصالحة، إلا أن الحوثيين منعوا المشايخ والوجهاء من القيام بأي جهود تهدئة أو صلح، في محاولة واضحة لضمان استمرار الاقتتال الداخلي وتعميق الانقسامات بين أبناء القبائل.

أكد شيخ قبلي من قبائل الحدا، فضل عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أن التصاعد الخطير للحروب البينية والنزاعات القبلية في مديرية الحدا، إحدى أكبر المديريات التي تشهد صراعات قبلية في محافظة ذمار، هو جزء من مخطط مدروس تقف خلفه قيادات ومشرفو مليشيا الحوثي.

وأوضح، أن سلطة الأمر الواقع (الحوثيين) تتجاهل عمدًا اندلاع أي حرب قبلية في مراحلها الأولى، قبل أن تتفاقم وتؤدي إلى إزهاق الأرواح وسفك الدماء، ولا تبذل أي جهود حقيقية لإخمادها.

وأشار إلى أن المليشيا لا ترسل حملاتها العسكرية أو الأمنية لوقف الحروب إلا بعد سقوط قتيل أو أكثر، في إطار استراتيجية واضحة تهدف إلى غرس الأحقاد والانتقام وزرع الثأرات بين أبناء القبائل في قرى الحدا، مما يعمق الانقسامات ويُضعف ويمزق النسيج الاجتماعي والقبلي على حد سواء.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: بین أبناء القبائل النزاعات القبلیة فی مدیریة الحدا ملیشیا الحوثی محافظة ذمار قبائل الحدا الحدا فی قبلیة فی

إقرأ أيضاً:

دير الزور.. تأمين تغذية طارئة للكهرباء من محطة التيم

دير الزور-سانا

تمكنت كوادر المؤسسة العامة لنقل الكهرباء في دير الزور من تأمين تغذية طارئة للمناطق التي انقطعت عنها الكهرباء أمس، وذلك من محطة التيم، بعد إصلاحات مستعجلة أجريت لها.

وفي تصريح لمراسل سانا بين مدير عام المؤسسة المهندس ياسر العبد الله أن سبب انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء من المحافظة يعود إلى الرياح الشديدة التي شهدتها المنطقة مؤخراً، والتي تسببت بوقوع أعطال على خط جندر – التيم 230 ك.ف، وهو الخط الرئيسي المغذي للمحافظة.

وأوضح العبد الله أن ورش المؤسسة، بالتعاون مع ورش وحدة العمليات الوسطى تعمل على معالجة الأعطال وإعادة تأهيل الخط بالسرعة الممكنة، رغم صعوبة الظروف الفنية والجوية وارتفاع درجات الحرارة.

وأشار العبد الله إلى أنه بهدف تامين الكهرباء للمحافظة، قامت المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء بمحاولة إقلاع محطة توليد التيم لتأمين تغذية طارئة، إلا أن تقادم مجموعات التوليد في المحطة أدى إلى ظهور عدة أعطال فنية تم إصلاحها، وتجري تغذية الأحمال الطارئة، إضافة إلى تشغيل محطة الفرات للمياه لتوفير المياه للأهالي ريثما يتم إصلاح الخط المغذي الرئيسي.

دير الزور محطة التيم 2025-08-01nedalسابق وزير الثقافة يطلع على واقع قصر العظم الأثري في دمشق القديمةالتالي ارتقاء طفلين إثر انفجار لغم من مخلفات الحرب شمال شرق حلب انظر ايضاًدير الزور تطلق التحضيرات للمؤتمر الأول لدمج ذوي الإعاقة بمجتمعهم

دير الزور-سانا  تستعد محافظة دير الزور للمشاركة في المؤتمر السوري الأول لذوي الإعاقة الذي تقيمه …

آخر الأخبار 2025-08-01وزارة الخارجية السورية: الوفد التقني للوزارة الذي يزور ليبيا الشقيقة بهدف تسوية الأوضاع القانونية للمواطنين السوريين، يعلن عن قيامه بتقديم مجموعة من الخدمات القنصلية العاجلة للأخوة المواطنين تسييراً لأوضاعهم وذلك ريثما يتم افتتاح سفارة الجمهورية العربية السورية في ليبيا قريباً، وسيكون تقديم هذه الخدمات مجاناً 2025-08-01إدارة الإعلام في وزارة الخارجية السورية: بناءً على توجيهات وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني يزور وفد رسمي تقني جمهورية السودان لبحث عدد من القضايا المشتركة بين البلدين الشقيقين، وفي مقدمتها معالجة أوضاع الجالية السورية وتسوية مشكلاتها 2025-08-01دير الزور.. تأمين تغذية طارئة للكهرباء من محطة التيم 2025-08-01وزير الثقافة يطلع على واقع قصر العظم الأثري في دمشق القديمة 2025-08-01وقفة لأهالي مدينة الصنمين في ريف درعا رفضاً لكل أشكال التدخل الخارجي في شؤون سوريا 2025-08-01فرق الإطفاء تحاول السيطرة على حريق بموقع حراجي في سهل الغاب 2025-08-01الشؤون الاجتماعية تدعو الأطفال الموهوبين من ذوي الإعاقة إلى المشاركة في مهرجان “تشاخروك” في أرمينيا 2025-08-01مباحثات سورية إماراتية لتعزيز التعاون في الخدمات الاجتماعية ودعم ذوي الإعاقة 2025-08-01وصول أولى رحلات الخطوط الجوية التركية إلى مطار حلب بعد توقف دام 14 عاماً 2025-08-01الشيباني: هناك رغبة مشتركة بين سوريا وروسيا لإقامة علاقات جديدة

صور من سورية منوعات بحيرة في البرازيل تتحوّل إلى اللون الأزرق في مشهد غريب 2025-07-31 اكتشاف فصيلة دم غير معروفة عالمياً لدى امرأة هندية 2025-07-31
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • العثور على جثة امرأة جرفتها السيول في بني سلامة بذمار
  • دير الزور.. تأمين تغذية طارئة للكهرباء من محطة التيم
  • اليمن.. محكمة عسكرية حوثية تصدر حكما بإعـ.دام نجل علي عبد الله صالح
  • اليمن: محكمة حوثية تقضي بإعدام نجل الرئيس السابق
  • محكمة حوثية تقضي بإعدام نجل الرئيس اليمني الأسبق أحمد علي صالح
  • أمنية حضرموت تتهم عناصر تابعة للقاعدة والحوثيين بإطلاق النار على الأطقم العسكرية وتأجيج الفوضى
  • ننشر بالأسماء حركة تنقلات داخلية موسعة لضباط مديرية أمن الفيوم
  • بالأسماء.. ننشر حركة ضباط مباحث مديرية أمن بني سويف
  • مليشيا الحوثي تحاصر منزل الشيخ بينون بعد مقتل مقتحم مسلح داخل باحته
  • توتر قبلي متصاعد في الجوف عقب إحراق الحوثيين منزل مواطن في اليتمة