الذكاء الاصطناعي يختصر 500 مليون عام ليبتكر بروتيناً متوهجاً لم تعرفه الطبيعة من قبل
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
نجح نموذج ذكاء اصطناعي في محاكاة نصف مليار عام من التطور الجزيئي ليبتكر كودًا لبروتين جديد لم يكن معروفًا من قبل، وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في مجلة Science.
esmGFP.. بروتين متوهج لم تصنعه الطبيعة
البروتين المتوهج، الذي يحمل اسم esmGFP، يشبه البروتينات الموجودة في قناديل البحر والشعاب المرجانية، وقد يسهم بشكل كبير في تطوير أدوية جديدة.
96 طفرة و500 مليون سنة
يمثل هذا الاكتشاف طفرة في علم البيولوجيا الجزيئية، حيث وجد الباحثون أن تسلسل الحمض الأميني لهذا البروتين يشترك بنسبة 58% فقط مع أقرب بروتين معروف، وهو نسخة معدلة بشريًا من بروتين موجود في شقائق النعمان البحرية. وبحسب الدراسة، فإن الطبيعة كانت ستحتاج إلى 96 طفرة جينية مختلفة لتطوير مثل هذا البروتين، وهو ما كان سيستغرق أكثر من 500 مليون سنة من التطور الطبيعي.
ما يجعل هذا الابتكار ممكنًا هو نموذج الذكاء الاصطناعي ESM3، الذي لا يخضع لقيود التطور الطبيعي، بل يعمل كحلّال للمشكلات عبر ملء الفجوات في تسلسل البروتينات بناءً على معرفته بمليارات المسارات التطورية المحتملة.
أخبار ذات صلة
اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي ينجح في استنساخ نفسه ويثير قلق العلماء
ثورة البيولوجيا الجزيئية
تم تدريب النموذج على بيانات مأخوذة من 2.78 مليار بروتين موجود في الطبيعة، مما مكّنه من إنشاء تسلسلات بروتينية جديدة لم يتم العثور عليها سابقًا في الكائنات الحية. لا يقوم النموذج بتصميم البروتينات بطريقة تقليدية، بل يتعلم أساسيات البيولوجيا الجزيئية ويستخدم معرفته لتوليد بروتينات وظيفية خارج النطاق الذي استكشفه التطور الطبيعي.
يمثل هذا التقدم قفزة في مجال هندسة البروتينات، خاصة أن البروتينات الفلورية تُستخدم على نطاق واسع في الأبحاث البيولوجية لرصد العمليات الخلوية والتفاعلات الجزيئية. ومع ذلك، يشير بعض العلماء إلى أن هذه الطريقة، رغم قوتها، لا يمكنها استبدال العمليات الطبيعية المعقدة التي طورت الحياة عبر ملايين السنين. ورغم أن هذا الذكاء الاصطناعي قادر على تقديم حلول سريعة وفعالة، إلا أن الطبيعة تطورت بطرق لا يزال العلماء يسعون إلى فهمها بالكامل.
اقرأ ايضاً.. دراسة صادمة.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي الشعور بالألم؟
أبحاث تحت المجهر
تم تطوير هذا البحث من قبل شركة EvolutionaryScale، وهو امتداد لعمل بدأه الباحثون في Meta، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام، قبل أن يؤسسوا EvolutionaryScale في عام 2024.
وقد تمت مراجعة الدراسة من قبل علماء مستقلين، مما يعزز مصداقيتها ويفتح الباب لمزيد من الأبحاث حول استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير البروتينات والعلاجات الطبية المستقبلية.
إسلام العبادي(أبوظبي)
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الكائنات البحرية البروتين الطبيعة الذکاء الاصطناعی من قبل
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يوجه المسيّرات رغم العوائق الطبيعية
في مهمة لإطفاء حرائق الغابات في سلسلة جبال سييرا نيفادا، قد تجد طائرة مسيّرة ذاتية التحكم نفسها تواجه رياح «سانتا آنا» العاتية التي تهدد بإخراجها عن مسارها. التكيف السريع مع مثل هذه التقلبات الجوية غير المتوقعة أثناء الطيران يمثل تحديًا هائلًا لأنظمة التحكم في وضع الطيران الخاصة بهذه الطائرات.
ولمواجهة مثل هذه التحديات، طوّر باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا «MIT» خوارزمية تحكم تفاعلي جديدة تعتمد على تقنيات تعلّم الآلة، قادرة على تقليل انحراف الطائرة عن مسارها المحدد حتى في مواجهة عوائق مفاجئة مثل هبوب الرياح.
وعلى عكس الطرق التقليدية، لا تتطلب هذه التقنية من المبرمج أن يكون على دراية مسبقة ببنية أو نمط هذه الاضطرابات. بدلاً من ذلك، يتعلم نموذج الذكاء الاصطناعي المستخدم في نظام التحكم كل ما يحتاجه من خلال بيانات ملاحظة تُجمع خلال 15 دقيقة فقط من الطيران.
الميزة الأبرز لهذه التقنية تكمن في أنها تحدد تلقائيًا خوارزمية التحسين الأمثل للتكيف مع هذه الاضطرابات، مما يعزز من دقة تتبع المسار. إذ تختار الخوارزمية الأنسب بحسب طبيعة الاضطرابات التي تواجهها الطائرة في كل حالة.
وقد درّب الباحثون نظامهم على تنفيذ هذين الأمرين معًا، التكيّف وتحديد الخوارزمية باستخدام تقنية تُعرف باسم التعلم الفوقي «meta-learning»، والتي تُعلّم النظام كيفية التكيّف مع أنواع مختلفة من الاضطرابات.
النتائج جاءت واعدة، إذ سجل النظام الجديد نسبة خطأ في تتبع المسار أقل بنسبة 50% مقارنة بالطرق التقليدية، سواء في المحاكاة أو في الظروف الحقيقية، كما أثبت كفاءته في التعامل مع سرعات رياح لم يسبق له مواجهتها أثناء التدريب.
يأمل الباحثون أن يُسهم هذا النظام مستقبلاً في تحسين كفاءة الطائرات المسيّرة في توصيل الطرود الثقيلة رغم الرياح القوية، أو في مراقبة المناطق المعرضة للحرائق في المحميات الطبيعية.
يقول نافيد عزيزيان، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية ومعهد البيانات والنظم والمجتمع «IDSS» بمعهد «MIT»، والباحث الرئيسي للدراسة: «قوة طريقتنا تكمن في التعلم المتزامن لمكونات النظام. من خلال الاستفادة من التعلم الفوقي، يتمكن نظامنا من اتخاذ قرارات تلقائية تحقق أفضل تكيف ممكن في وقت قصير».
شارك عزيزيان في إعداد الورقة البحثية كل من سونبوتشين تانغ، طالب دراسات عليا في قسم الطيران والفضاء، وهاويان صن، طالب دراسات عليا في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب. وقد عُرض البحث مؤخراً في مؤتمر «التعلم للديناميكيات والتحكم»
التعلم على التكيف
تتغير سرعات الرياح التي قد تواجهها الطائرة في كل رحلة، لكن من المفترض أن تبقى الشبكة العصبية ودالة الانحدار المستخدمة ثابتتين، لتجنّب إعادة التدريب في كل مرة.
لتحقيق هذه المرونة، اعتمد الباحثون على التعلم الفوقي، ودربوا النظام على مجموعة من سيناريوهات الرياح المختلفة أثناء مرحلة التدريب.
يوضح تانغ: «الهدف ليس فقط أن يتكيف النظام، بل أن يتعلم كيف يتعلم. عبر التعلم الفوقي، يمكننا إنشاء تمثيل مشترك من بيانات متعددة السيناريوهات بسرعة وكفاءة».
في التطبيق العملي، يقوم المستخدم بتغذية نظام التحكم بمسار الطيران المطلوب، ويقوم النظام بحساب قوة الدفع اللازم في الزمن الحقيقي لإبقاء الطائرة على المسار رغم أي اضطرابات جوية.
وقد أثبت النظام كفاءته سواء في المحاكاة أو في اختبارات حقيقية، حيث تفوق على جميع الطرق التقليدية في تتبع المسار، حتى في الظروف الجوية القاسية.
يضيف عزيزيان: «حتى عندما تجاوزت قوة الرياح مستويات لم نشهدها في التدريب، أثبتت تقنيتنا قدرتها على التعامل معها بكفاءة».
واللافت أن تفوق النظام على الطرق الأخرى ازداد كلما زادت شدة الرياح، مما يدل على قدرته على التكيف مع البيئات الصعبة.
ويجري الفريق الآن تجارب ميدانية على طائرات مسيّرة حقيقية لاختبار النظام في مواجهة ظروف جوية متنوعة.
كما يسعى الفريق لتوسيع قدرات النظام ليتعامل مع اضطرابات متعددة المصادر في وقت واحد. فعلى سبيل المثال، تغير سرعة الرياح قد يغيّر من توزيع وزن الحمولة أثناء الطيران، خصوصاً عند حمل مواد سائلة.
كما يطمح الباحثون إلى تطوير خاصية التعلم المستمر، بحيث يتمكن النظام من التكيف مع اضطرابات جديدة دون الحاجة إلى إعادة تدريبه على البيانات السابقة.
وفي تعليق على البحث، قال بروفيسور باباك حسّیبي من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا «Caltech»، والذي لم يشارك في المشروع: «نجح نافيد وزملاؤه في الجمع بين التعلم الفوقي والتحكم التكيفي التقليدي، لتعلم الخصائص غير الخطية من البيانات. واستخدامهم لخوارزميات الانحدار المرآتي مكّنهم من استغلال البنية الجيومترية الكامنة للمشكلة بشكل لم تفعله الطرق السابقة. وهذا العمل قد يساهم بشكل كبير في تصميم أنظمة ذاتية التشغيل تعمل بكفاءة في بيئات معقدة وغير مؤكدة».
وقد حصل هذا البحث على دعم من عدة جهات، منها شركة «MathWorks»، ومختبر «MIT-IBM Watson» للذكاء الاصطناعي، ومركز «MIT-Amazon» للعلوم، وبرنامج «MIT-Google» للابتكار في الحوسبة.