مباحثات مكثفة تسبق إعلان الحكومة وتوقّعات تناقض نتائج الاتصالات
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
قالت مصادر مواكبة لملف تشكيل الحكومة لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس المكلف نواف سلام يواصل مباحثاته لتذليل العقد المتبقية بعد حل بعض العقد التي تحول دون إعلان التشكيلة الحكومية، لكن المحادثات حول تمثيل الكتل بشكل نهائي ووضع الأسماء «لم تنتهِ بعد».
وقالت مصادر «القوات»: «إننا في مرحلة تأليف الآن، ما يعني أن المفاوضات مستمرة، ولا شيء نهائياً بعد»، مشيرة إلى «ملاحظات أساسية من طبيعة وطنية»، و«هذا لا يلغي ملاحظات أخرى مرتبطة بالتصور العام لمسألة الحكومة ولحضورنا فيها».
وشرحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك ضرورة أن تكون الحكومة من دون ألغام تعطيلية، بالنظر إلى أن هذه الحكومة مهمة كونها ستطبق ما قاله الرئيس (جوزيف) عون في خطاب القسم لناحية احتكار الدولة للسلاح، كما أن عليها تطبيق ما قاله الرئيس سلام في خطاب التكليف، أي بسط (سلطة) الدولة على جميع أراضيها، وبالتالي لا يمكن أن تترك ألغام تعطيل من خلال الثنائي (الشيعي) بداخلها».
وأشارت المصادر إلى أن مهام هذه الحكومة «مزدوجة»، فمن جهة «عليها أن تطبق السيادة، بمعنى تنفيذ وقف إطلاق النار والالتزام بالقرار 1701 وتطبيقه على كل الأراضي اللبنانية»، أما المهمة الثانية فهي «إصلاحية لإصلاح بنية ممتدة من 2005 حتى اليوم، وهذا ما يحتم ألا نبدأ بحكومة عرجاء».
وكتبت" الاخبار": مع دخول عملية التأليف مرحلة بالغة الحساسية، بدأ البعض يسأل عن حجم أصوات الثقة التي ستنالها الحكومة في حال أُعلنت كأمر واقع. ولخّصت المصادر المشكلات القائمة بالآتي:
أولاً، بمجرد الإعلان عن حصول تفاهم بين سلام والثنائي أمل وحزب الله الذي سلّم أسماء مرشحيه مع الحقائب، وترك لرئيسَي الجمهورية والحكومة تسمية المرشح للحقيبة الخامسة بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، برزت إلى الواجهة مشكلة التمثيل السنّي. وخرجت أصوات الكتل النيابية السنّية تحتج على عدم تجاوب سلام مع مطالبها، وتعمّده عدم التواصل معها من الأساس.
وتقول مصادر نيابية معنيّة إن «سلام وصلَ إلى مرحلة غير مقبولة في التعاطي مع القوى السنّية، إذ يعتبر أنه يختصر التمثيل السنّي ولا يرى أحداً». ووصل الأمر بأحد النواب إلى القول: «طلبنا وساطة رئيس الحكومة السابق تمام سلام، ففوجئنا بأن الرئيس المكلّف لم يتفاعل معه، وتصرف على أنه هو من يمثّل آل سلام أيضاً». ومع أن هذه الكتل لم تنجح في عقد اجتماع للخروج بموقف موحّد في ما بينها لوجود تباين بشأن التعامل مع سلام، إلا أنها تتقاطع على فكرة عدم إعطاء الثقة للحكومة في مجلس النواب. فضلاً عن ذلك، يواجه سلام «غضبة» سنية كبيرة بسبب الأسماء التي طرحها، ولا سيما حنين السيد التي دفعت دار الفتوى إلى التواصل معه وتسجيل اعتراض رسمي لديه.
ثانياً، حرب «الضغوط» التي يتعرّض لها سلام، ولا سيما من الجماعات القريبة منه التي تحاول ابتزازه بفكرة أن الفضل في تسميته رئيساً للحكومة كان لها. ولا تزال هذه الجماعات تطالب سلام بعدم إعطاء حزب الله وحركة أمل الحصة التي يطالبان بها وإلا ستكون النتائج «كارثية». ويذهب بعضهم إلى حد طلب استبعاد الحزب بالكامل، وهو ما عبّر عنه النائب مارك ضو بقوله إن «على حزب الله أن يُحاسب على ما فعله بلبنان، ومفروض يدفع حق اللي عملو عالتقيل. واذا بيقعد برا الحكومة بكون أحسن». ومن المعروف أن ضو من أكثر المحرّضين في محيط سلام الذي يكلّفه بمهام مع عدد من النواب السنّة.
ثالثاً، العقدة الكبرى تتعلق بالحصة المسيحية. وانعقدت قيادة حزب «القوات اللبنانية» ليلَ أمس للنقاش في آخر المداولات القائمة مع سلام. ووفقَ المعلومات فإن «الجو لا يزال سيئاً جداً بين القوات وسلام الذي يرفض أن تختار القوات حقائبها أو تسمي أسماء وزرائها». لا بل أكثر من ذلك، طلب منها تبنّي أسماء هو طرحها، مثل جو صدي وكمال شحادة، علماً أن الاثنين لا علاقة لهما بمعراب لا من قريب ولا من بعيد. ويُنتظر أن تعلن «القوات» قرارها النهائي فوراً، أو تؤخره إلى ما بعد إعلان سلام عن تشكيلته، وفي حال لم يأخذ بمطالبها تعلن أنها غير ممثّلة فيها.
وبالتوازي، لا يقلّ موقف «التيار الوطني الحر» سلبية عن موقف «القوات»، فالتيار عبّر عن انزعاجه من التناقض الذي يتعامل به سلام، فهو يبدي في اللقاءات مع ممثلي التيار انفتاحاً وإيجابية، لكنه يعود ويتراجع عن التزاماته عندما يبدأ الحديث عن الحقائب والأسماء.
وكشفت مصادر التيار «أن أي تواصل لم يجر بين الرئيس المكلّف والوزير جبران باسيل منذ نحو أسبوع». وأكّدت أن التيار «لم يضع شروطاً ولم يقدّم مطالب وكان مسهّلاً، لكن هذا لا يعني أننا متنازلون. وكان شرطنا لذلك اعتماد منطق موحّد والمعايير نفسها في عملية التأليف، وهو ما لم يحصل ولا يحصل». ولفتت إلى «أن الجميع على ما يبدو غير مرتاح لأداء الرئيس المكلّف بدءاً من رئيس الجمهورية»، علماً أن باسيل سيتحدث عن الملف الحكومي اليوم، بعد اجتماع المجلس السياسي للتيار، وهو الأول له بعد تسمية سلام، «لتوضيح المغالطات وتوضيح موقفنا لأنه ليس هكذا تُشكّل حكومات». وإلى «القوات» والتيار، يبدو أن حزب «الطاشناق» منزعج هو الآخر. وتعتبر قيادة الحزب أن الأسماء التي يطرحها الرئيس المكلّف لا تمثّل الطائفة الأرمنية.
ويسود اعتقاد لدى القوى المسيحية بأن «سلام يحمِل معه مشروعاً لإلغاء الأحزاب السياسية، بدأ في حراك 17 تشرين، وفيما يظهر في موقع العاجز مع حزب الله وحركة أمل والحزب الاشتراكي، يريد تطبيقه على الآخرين بحجة أنه ورئيس الجمهورية جوزيف عون يختصران التمثيل السنّي والمسيحي».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الرئیس المکل ف حزب الله السن ی
إقرأ أيضاً:
السفارة السودانية بالدوحة: الحكومة تسيطر على معظم البلاد وترفض السلطة الموزاية
الدوحة – استعرض القائم بالأعمال بسفارة السودان بالدوحة السفير محمد ميرغني يوسف ملامح المشهد الراهن في بلاده الذي يتأرجح بين تحديات الأمن والسياسة وجهود الدولة لإعادة الاستقرار، مشددا على رفض المجتمع السوداني محاولات قوات الدعم السريع المتمردة فرض الأمر الواقع عبر تشكيل سلطة موازية.
وأوضح ميرغني يوسف أن الحكومة السودانية تفرض سيادتها على 75% من أراضي البلاد التي بدأت تشهد عودة تدريجية للنازحين إلى المناطق المحررة بفضل التحسن الأمني وإعادة تشغيل الخدمات، في ظل حكومة كفاءات مدنية برئاسة الدكتور كامل إدريس، التي حازت دعما إقليميا ودوليا واسعا باعتبارها خطوة محورية نحو استعادة مؤسسات الدولة وترسيخ التحول الديمقراطي.
وأشاد خلال إحاطة إعلامية بمقر السفارة السودانية في الدوحة بالمواقف الدولية الحاسمة التي أثبتت تمسكها بشرعية مؤسسات الدولة ووحدة أراضيها من خلال رفض المجتمع الدولي محاولات تشكيل سلطة موازية، مؤكدا أن هذه التحركات تمثل تهديدا لوحدة السودان واستقراره.
وشهدت الإحاطة الإعلامية حضور الملحق العسكري بالسفارة السودانية بالدوحة العميد الركن ياسر الطيب حسن، والمستشار بالسفارة عبد الحكيم المهدي، وعدد من ممثلي وسائل الإعلام، والجالية السودانية بالعاصمة القطرية.
وأوضح ميرغني يوسف أن رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان أعلن خارطة طريق في فبراير/ شباط 2025، التي تهدف إلى استقرار الأوضاع، وتهيئة المناخ لعودة النازحين واللاجئين، وتفعيل المؤسسات المدنية.
وانطلاقا من هذه الخطة، تم تعيين رئيس وزراء مدني يوم 19 مايو/أيار الماضي وتكليفه بتشكيل حكومة كفاءات مدنية، باشرت أعمالها بتوفير الخدمات الشرطية وخدمات المياه والصحة والتعليم والكهرباء، التي طالتها أيدي قوات الدعم السريع بالتخريب، وذلك لاستكمال عودة المواطنين إلى ديارهم وتوفير الأمن والعيش الكريم لهم.
إعلانووفق القائم بالأعمال السوداني، فقد ظلت الحكومة السودانية متماسكة وتقوم بواجباتها في إدارة شؤون البلاد وبسط الأمن والاستقرار، وتواصل دورها في تمكين المواطنين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي استردتها القوات المسلحة والقوات المساندة لها.
وركز على إعادة تشغيل المؤسسات الخدمية في مجالات الصحة والكهرباء والمياه والتعليم، وفتح الطرق وتسيير المواصلات في المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية حاليا، مؤكدا أن المواطن بات ينتقل من مدينة وادي حلفا المتاخمة للحدود المصرية في أقصى شمالي السودان إلى أقصى جنوب ولاية النيل الأزرق المتاخمة لـجنوب السودان في طرق آمنة ومعبدة.
وفي إطار العودة التدريجية للعاصمة الخرطوم، أعادت الحكومة فتح كل مراكز الشرطة فيها، حيث عاد إلى المدينة حتى الآن نسبة مقدرة من مواطنيها الذين غادروها في أثناء الحرب، وشرعت الحكومة في صيانة المقار الحكومية والخدمية، وباشرت بعض الوزارات عملها من ولاية الخرطوم مثل وزارة الداخلية.
كما اكتملت صيانة وتشغيل 36 مستشفى ومؤسسة علاجية، وعدد من محطات مياه الشرب ومحطات توليد الكهرباء، وبدأت الجامعات في فتح أبوابها، وسبق أن هبطت طائرة رئيس مجلس السيادة البرهان كأول طائرة مدنية تهبط في مطار الخرطوم بعد سيطرة القوات المسلحة السودانية عليه.
انتهاك القانون الدوليوركز القائم بالأعمال السوداني السفير محمد ميرغني يوسف على ما أسماها "المحاولة اليائسة لمليشيا الدعم السريع المتمردة وحلفائها السياسيين لتهديد وحدة السودان واستقراره عبر إعلان سلطة وهمية موازية، بهدف حكم الشعب الذي أذاقوه ويلات القتل والتشريد والنهب والاغتصاب".
وذكر أن حكومة السودان طالبت في بيان لها الدول والمنظمات برفض وإدانة "المزاعم التي تفتح الباب لتهديد أمن وسلامة المنطقة إن لم يتم التصدي لها بحسم".
بدوره أصدر كل من مجلس السلم والأمن الأفريقي، والجامعة العربية، ومكتب الأمين العام للأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الدولي لإقليم البحيرات العظمى، وبعض الدول الصديقة للسودان، بيانات رافضة للسلطة الموازية، وأكدت على توصيفها كـ"حالة تمرد على الدولة السودانية في جزء من دارفور"، معربة عن التزامها باحترام سيادة ووحدة وسلامة واستقرار السودان، واعترافها فقط بمجلس السيادة الانتقالي.
وأشاد ميرغني يوسف بما أسماها "المواقف المسؤولة والحازمة"، التي تضع دول العالم أمام مسؤولياتها وتدعوها إلى الوقوف بحزم إلى جانب وحدة وسيادة السودان وسلامة أراضيه حفاظا على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
واستطرد ميرغني يوسف في الحديث عن محاولات الدعم السريع تشويه صورة الدولة السودانية، مشيرا إلى "تحركات مربوطة مع بعض الدوائر المشبوهة للقدح في صورة مؤسسات الدولة السودانية وتشويه سمعتها بإطلاق ادعاءات زائفة ضدها، وعلى وجه الخصوص ضد القوات المسلحة".
وشدد على أن القوات المسلحة تراعي في كل عملياتها قوانين الحرب وقواعد الاشتباك والقانون الدولي الإنساني، واضعة في الاعتبار ما يصاحب هذا النوع من عمليات القتال في المناطق المأهولة من خسائر مشتركة أو أضرار جانبية مصاحبة، وقال إنه "لتجنب مثل هذه الحوادث أصدرت القوات المسلحة عدة بيانات تطالب بالابتعاد عن أماكن وجود المليشيا المتمردة باعتبارها أهدافا عسكرية".
إعلانوأضاف "في المقابل لا يخفى على أحد ما تقوم به المليشيا المتمردة من قصف متعمد للمناطق المدنية والمراكز الخدمية مثل محطات المياه والكهرباء والمستشفيات، وارتكابها أبشع الجرائم في حق المواطنين من قتل ونهب وتشريد، واغتصاب للنساء وبيعهن والأطفال لشبكات الاتجار بالبشر العابرة للحدود، وارتكابها المجازر بوحشية وبشاعة في العديد من المناطق".
وركز ميرغني يوسف على استعراض الوضع الإنساني بالسودان، مؤكدا سعي حكومة الخرطوم لتخفيف وطأة الحرب على المواطنين، والمساهمة الفاعلة في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين، حيث فتحت 6 معابر حدودية برية مع الدول المجاورة، ومعبرا بحريا وآخر نهريا و5 مطارات ومهابط جوية لاستقبال المساعدات.
وذكر أنه تم تخصيص عدد من المستودعات في عدة مناطق في السودان لضمان استقبال وتوزيع المساعدات بصورة سلسة، ومنحت حكومة السودان 6485 تأشيرة دخول عاجلة لمنسوبي المنظمات الأممية والعاملين في حقل العمل الإنساني خلال الفترة من سبتمبر/أيلول 2023 إلى يونيو/حزيران الماضي، كما تم إصدار 16 ألفا و978 إذنا في الفترة ذاتها لحركة القوافل الإنسانية والطبية المنقذة للحياة، وفق إحصائيات مفوضية العون الإنساني.
واستدرك ميرغني يوسف قائلا إنه "رغم جهود الحكومة السودانية في توفير الدعم الإنساني وقبولها بفتح المعابر والممرات الإنسانية، والتزامها بالهدن المعلنة والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة في هذا الشأن، فإن المليشيا المتمردة ظلت تخرق بشكل دائم هذه القرارات وتعمل على تضييق الخناق على مدن كادقلي والدلنج والفاشر".
ودعا ميرغني يوسف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للقيام بواجباتهم تجاه المدنيين العزل في المدن المحاصرة بالسودان، والضغط على "المليشيا المتمردة" وإلزامها بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وفك الحصار عن تلك المدن لفتح ممرات إنسانية لدخول المساعدات وإخلاء المرضى والجرحى.