لجريدة عمان:
2025-12-12@21:11:21 GMT

هل المهن الأكاديمية والبحثية مهددة بالانقراض؟

تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT

فرض التقدم التكنولوجي العديد من التحولات في العملية التعليمية والبحثية، وبدأت تزحف التقنيات المتقدمة إلى المهام الأصيلة للعمل الأكاديمي والبحثي، وفي ذات الوقت، لا تبدو هذه المهن في حد ذاتها ضمن الخيارات الأكثر جاذبية مع الفكر الحديث لمهارات ومهن المستقبل، مما يجعل من بناء الجيل القادم من قادة العلوم والبحث العلمي والابتكار تحدياً غير مسبوق.

تعالوا في البدء نقترب من المشهد التنظيمي للقطاعات المعرفية، سنجد بأن التصور النمطي للمهنة في أروقة الأوساط الأكاديمية، والدوائر البحثية هي أقرب ما تكون للمسار الخطي والتصاعدي داخل الوسط العلمي نفسه، ولكن العمل الأكاديمي والبحثي هو جهد جماعي وتشاركي، وبحاجة إلى الكثير من التعاون، والتكامل، والتبادل المعرفي الذي يمكنه إحداث التأثير الاقتصادي والاجتماعي المنشود، وعلى الرغم من أنه لا تواجد حواجز فعلية تفصل الأوساط الأكاديمية عن والقطاعات الإنتاجية والصناعية، إلا أن تنقل الأكاديميين والباحثين عبر هذه القطاعات يُعد من ضمن الممارسات الفردية، ولم يجد التأطير المؤسسي الداعم، وهذا ما يجعل من المهن الأكاديمية والبحثية ضمن المهن الكلاسيكية ذات النمط الأحادي أو المعزول عن القطاعات الأخرى، والتحدي الأكبر يكمن في أن عالم المهن والأعمال قد تغير جذريًا مع تسارع التقدم التكنولوجي، وأنماط الحياة والعمل التي تعيشها البشرية اليوم، كانت غير قابلة للتصور بالنسبة للأجيال السابقة، والمستقبل القادم سيكون بلا شك مدفوعًا بالجيل الجديد من قادة العلوم والبحث العلمي والابتكار، فهم سوف يشكلون هذا المستقبل بناءً على التقدم الحالي، وبذلك فالمستقبل يبدأ من الآن، ويتطلب الخروج من الصورة النمطية السابقة للمهن الأكاديمية والبحثية.

وعلى الرغم من أن الهياكل المؤسسية التي تضم الأنشطة الأكاديمية والبحثية تسعى إلى تعزيز التعاون والعمل المشترك، إلا أنه لا يوجد فهم متسق بالآليات التنفيذية لدعم هذا التعاون بصور عملية ومتنوعة، وقادرة على إتاحة تحقيق أقصى استفادة من الإمكانات الكاملة لقوة الكفاءات البشرية المتنوعة، إذ لا بد من التأكيد على الدور المحوري للأكاديميين من علماء الجامعات، والمفكرين، والباحثين، وذلك باعتبارهم رأس مال بشري وفكري ثمين، والمصدر الأول في توفير مدخلات قيَّمة لعملية الابتكار، كما أن بيئة الابتكار تقوم على التعاون التنظيمي، والشراكة الاستراتيجية، وأفضل تعبير عن المهن الأكاديمية والبحثية يمكن أن يكون بأنها في الأصل «مهن عابرة للقطاعات»، وهذا ما يضفي الوزن الاستراتيجي على محور حركة الأكاديميين والباحثين، وتنقلهم عبر القطاعات، لأنها ترتبط بشكل أساسي مع نفاذية المعرفة والمهارات، واكتساب الفهم الأوسع للاحتياجات البحثية، وفرص تطبيق وخرجاتها لدى المستفيدين من المخرجات المعرفية والتقنية.

فإذا نظرنا إلى واقع الممارسات القائمة في أغلب منظومات الابتكار الوطنية والإقليمية، سنجد بأن تفاعل الأكاديميين والباحثين مع القطاعات المختلفة يتركز حول الأنشطة المشتركة في لجان عمل، أو مشاريع متعددة الأطراف، وهي جميعها أشكال تنظيمية ورسمية، وليست سوى صورة جزئية عن النطاق الكامل للإمكانات الواسعة التي يمكن الاستفادة منها عبر تنقل الباحثين عبر القطاعات، ومن الصعوبة بمكان قياس الأثر الإيجابي من هذه التفاعلات المحدودة لكلا الطرفين، كما أن مسارات الإعارة للتنقل بين القطاعات يتم تنفيذها طبقاً للمرجعيات الأساسية دون تخصيص للأوساط الأكاديمية والبحثية، ويشكل هذا تحديًا للمخططين وصناع السياسات، ومانحي التمويل، والمؤسسات الأكاديمية والبحثية في عملية صياغة استراتيجية متسقة، وقادرة على تنفيذ نهج فعّال لبناء مهنة متنقلة عبر القطاعات، وذلك على الرغم من أن تنقل الأكاديميين والباحثين يمثل حجر الأساس في تعزيز مسارات مهنية جاذبة في الأوساط الأكاديمية والبحثية، وتمكين بناء الجيل القادم من قادة العلوم والابتكار.

وتُظهر الرؤى المستمدة من التجارب الدولية الرائدة لمنظومات الابتكار ذات الأداء العالي في مؤشرات التنافسية بأن تعزيز اكتساب القيمة من المعرفة والمهارات العلمية والبحثية بحاجة إلى إضفاء المزيد من الوضوح والاتساق حتى يتمكن متخذو القرار، وجميع أصحاب المصلحة من إدراك أهمية إعادة تشكيل المهن الأكاديمية والبحثية كمهن عابرة للقطاعات، والنظر إلى التنقل بين القطاعات كأداة أساسية لتعزيز «مسامية» أكبر للمعرفة والتقانة بين قطاعات مختلفة من الاقتصاد، ووضع المبادرات المؤسسية لتسهيل هذا التنقل، لتشمل مجموعة أوسع من الأنشطة الداعمة لتبادل المعرفة والخبرة والقدرات التكنولوجية من جهة، ومن جهة أخرى، المساهمة في خلق المزيد من الفرص الاستراتيجية للاستفادة من الباحثين ذوي المهارات والخبرات الصناعية، وهي كفاءات محدودة في وقتنا الحالي، وكذلك تعزيز الروابط التكاملية بين مؤسسات التعليم العالي، والقطاع العام، والقطاع الخاص، والصناعة، بما في ذلك الوصول إلى شبكات الأعمال، ومصادر التمويل المحتملة، وجلب المهارات اللازمة لقيادة الشركات الناشئة القائمة على الابتكار، وجميع هذه العوائد الطموحة تدعم أهداف الأوساط الأكاديمية والبحثية في تعزيز تأثيرها الاقتصادي والاجتماعي، ودورها في دعم صناعة القرار المبني على الأدلة العلمية.

إن مستقبل المهن يحمل الكثير من الفرص والاحتمالات التي تفرض أهمية الجاهزية والمرونة، ومع أن التركيز الأكبر ينصب حول المهن التي يمكن للتقنيات المتقدمة أن تؤثر على وجودها، إلا أن الأثر البعيد قد يصل إلى القطاعات التي لم تكن يوماً في دائرة الاحتمالات، والقطاع الأكاديمي والبحثي ليس بمنأى عن هذه التحولات، والأمر الحاسم هو الإسراع في بناء وتطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تضمن مسارات مهنية عابرة للقطاعات، وتساهم في إنتاج معرفة عالية الجودة ومؤثرة، ورفع مواكبة القطاعات التقليدية بمسارات مهنية أكثر تنوعًا وتكيفاً مع التغييرات التكنولوجية، ويتطلب ذلك كله توظيف آليات تنفيذية للتبادل المتعدد الاتجاهات للمعرفة، والخبرات، والمهارات، والمواهب، واستقطاب اهتمام متخذي القرار بإبراز الأهمية النوعية لبرامج التعاون المشترك، مثل برامج الزمالات الأكاديمية والعلمية والصناعية، ومختلف أنماط التفاعل مع القطاعات الأخرى داخل منظومات الابتكار، مع التركيز على ترسيخ ثقافة التكامل مع الشركاء والمهتمين والمستفيدين خارج المحيط المهني، وخصوصاً مع الأكاديميين والباحثين الذين هم في المراحل المبكرة من الحياة المهنية، وبذلك يمكن تأسيس نواة لجيل أكثر انفتاحا على العمل عبر عدة قطاعات، لأن الاستجابة للتحديات الحالية والمستقبلية تتطلب وجود الكفاءات المتنوعة علمياً ومعرفياً، والاستفادة من الطيف الواسع لنطاق القدرات البحثية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأکادیمیین والباحثین الأوساط الأکادیمیة

إقرأ أيضاً:

حى شمال الجيزة يحاصر منطقة انفجار الغاز ويزيل 7 منازل مهددة بالانهيار

شهدت مدينة العمال بإمبابة حادث انفجار ماسورة غاز أوقع دمارا واسعا في عدد من المنازل والسيارات، ما دفع حى شمال الجيزة لاتخاذ إجراءات عاجلة لضمان سلامة السكان وحصر الأضرار.

فقد اتخذ حى شمال الجيزة إجراءات فورية لإزالة 7 منازل تضررت بشكل بالغ نتيجة انفجار ماسورة غاز داخل مدينة العمال، بعد أن أكدت المعاينة الهندسية وجود تصدعات هيكلية خطيرة في العقارات المجاورة لمكان الحادث.

انفجار ماسورة غاز يخلف دمارا واسعا في مدينة العمال بإمبابة

كشف التقرير الهندسي أن منزلين ملاصقين للعقار الذى شهد الانفجار أصبحا غير صالحين للسكن تماما، بعد أن تعرضت جدرانهما لتفكك طبقي وتآكل الأعمدة الحاملة، إضافة إلى انهيار جزئي في الأسقف والشرفات.

شملت عملية الإزالة خمسة منازل خلف العقار الأساسي، تبين وجود شروخ طولية وعرضية امتدت من الطابق الأرضي إلى الطابق الثالث، ما يجعل استمرار السكان فيها خطرا مباشرا على حياتهم، وفقا للمسؤولين عن الإدارة الهندسية.

أخلت السلطات جميع الوحدات المتضررة بعد التأكد من خروج السكان، مع توفير مساكن بديلة مؤقتة لبعض الأسر بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي، خاصة لكبار السن والأطفال.

وضعت أجهزة الحى حواجز خرسانية وحديدية حول العقارات المزالة لمنع دخول الأهالي إلى المناطق الخطرة، ووجهت تعليمات لقسم الأشغال لمتابعة أي عقارات مجاورة تظهر عليها علامات ضعف إنشائي لاحقا، لضمان سلامة المنطقة بعد انفجار ماسورة غاز.

بدأت وحدات الحماية المدنية عملية تمشيط موسعة تشمل فحص تمديدات الغاز والكهرباء والمياه، للتأكد من عدم وجود مخاطر إضافية تهدد المنازل المجاورة، كما تم التأكيد على الالتزام بالاشتراطات الإنشائية ومعايير الأمان حفاظا على أرواح السكان.

حى شمال الجيزة يعلن حالة الطوارئ بعد دمار واسع بسبب انفجار ماسورة غاز

أوضح مسؤولو الحى أن القرارات جاءت بناء على تقارير فنية دقيقة، بعد تلقي شكاوى سابقة من الأهالي بشأن قدم شبكات المرافق داخل المنطقة، مؤكدين أن الهدف الأساسي حماية الأرواح وتقليل الخسائر الناتجة عن انفجار ماسورة غاز.

واصل حى شمال الجيزة إعداد تقرير شامل يرفع إلى محافظة الجيزة، يشمل تقدير الخسائر المادية وحجم المساكن المتضررة، والخطط المقترحة لإعادة الإعمار في الفترة المقبلة، لضمان عودة الحياة الطبيعية لأهالي المدينة.

شهدت إمبابة مساء أمس انفجار ماسورة غاز داخل أحد العقارات، ما أدى إلى تضرر سيارتين متوقفتين في محيط الانفجار، من بينها سيارة السائق عم عماد حامد، الذي فقد مصدر رزقه الوحيد.

أكد عم عماد أن السيارة كانت مصدر دخله الرئيسي منذ سنوات، وتعتمد أسرته على هذا الرزق بالكامل، قبل أن تتحطم السيارة نتيجة قوة الانفجار، مشيرا إلى أن الحادث شكل صدمة كبيرة بعد فقدانه وسيلة إعالة أسرته.

طالب عم عماد الجهات المعنية بالتدخل وتعويضه عن الأضرار المادية التي لحقت به وبالسيارة الأخرى، مؤكدا أن حادث انفجار ماسورة غاز ألحق خسائر كبيرة به وبعائلته.

واصلت الأجهزة التنفيذية والأمنية بحى شمال الجيزة أعمالها لحصر الأضرار والوقوف على ملابسات الحادث، مع استمرار إزالة العقارات المتضررة لضمان سلامة السكان، بعد أن خلف الحادث مصرع شاب ووالدته، وإصابة آخرين تم نقلهم للمستشفى لتلقي العلاج.

رصدت عمليات المسح آثار تضرر ثلاثة عقارات وسيارتين، وتجمع الركام الناتج عن انفجار ماسورة غاز، ما يعكس حجم الدمار الكبير الذي خلفه الحادث في مدينة العمال بإمبابة.

القبض على أخطر تاجر أسلحة ومخدرات في قوص النيابة العامة تكسر صمت الانفجار وتفتح أخطر ملفات مدينة العمال بإمبابة رحلة علمية تتحول لكارثة مروعة.. تفاصيل حادث أطباء قنا انفجار غاز يهز أسيوط ويحوّل محل كشري لدقائق رعب حقيقية غموض قاتل بساحل سليم: جثة طفل 12 سنة تحير الشرطة بوابة الوفد تكشف تفاصيل نتائج الحصر العددي لانتخابات مجلس النواب بأسيوط سيد عيد مرشح حزب الوفد بحدائق القبة ينعى رحيل النائب احمد جعفر ويصفه بصاحب الايادي البيضاء تفاصيل التحقيقات الكاملة في قضية سائق محافظ الدقهلية وتهريب الاوكسي انفجار ماسورة غاز في إمبابة يودي بحياة شخص وإصابة 4 آخرين تجديد حبس مجموعة عناصر بؤر إجرامية للمخدرات

مقالات مشابهة

  • القبج.. طائر الكورد القومي مهدد بالانقراض
  • حى شمال الجيزة يحاصر منطقة انفجار الغاز ويزيل 7 منازل مهددة بالانهيار
  • «التعليم العالي» تعرّف الجامعات بفرص برنامج الإعارة العملية للكوادر الأكاديمية
  • رئيس جامعة قناة السويس يبحث توسيع الشراكة مع كلية بيكين لتكنولوجيا المعلومات وتعزيز برامجها الأكاديمية والبحثية
  • الكشف عن شبكات تتاجر بأعضاء حيوانات عبر منصات التواصل
  • بالعملات المشفرة.. الانتخابات البريطانية مهددة بـمال أجنبي لتمويل النفوذ السياسي
  • الرواتب مهددة.. انكماش السيولة يضغط على المصارف العراقية
  • مصدر بالأهلي:صفقة حامد حمدان مهددة بالفشل
  • دراسة في أكسفورد تحذر: آلاف الحيوانات مهددة بالانقراض نتيجة الحرارة وتوسع الأنشطة البشرية
  • الملتقى السنوي للاختصاصات الطبية يستعرض المسارات المهنية والبحثية