لجريدة عمان:
2025-06-08@18:05:21 GMT

هل المهن الأكاديمية والبحثية مهددة بالانقراض؟

تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT

فرض التقدم التكنولوجي العديد من التحولات في العملية التعليمية والبحثية، وبدأت تزحف التقنيات المتقدمة إلى المهام الأصيلة للعمل الأكاديمي والبحثي، وفي ذات الوقت، لا تبدو هذه المهن في حد ذاتها ضمن الخيارات الأكثر جاذبية مع الفكر الحديث لمهارات ومهن المستقبل، مما يجعل من بناء الجيل القادم من قادة العلوم والبحث العلمي والابتكار تحدياً غير مسبوق.

تعالوا في البدء نقترب من المشهد التنظيمي للقطاعات المعرفية، سنجد بأن التصور النمطي للمهنة في أروقة الأوساط الأكاديمية، والدوائر البحثية هي أقرب ما تكون للمسار الخطي والتصاعدي داخل الوسط العلمي نفسه، ولكن العمل الأكاديمي والبحثي هو جهد جماعي وتشاركي، وبحاجة إلى الكثير من التعاون، والتكامل، والتبادل المعرفي الذي يمكنه إحداث التأثير الاقتصادي والاجتماعي المنشود، وعلى الرغم من أنه لا تواجد حواجز فعلية تفصل الأوساط الأكاديمية عن والقطاعات الإنتاجية والصناعية، إلا أن تنقل الأكاديميين والباحثين عبر هذه القطاعات يُعد من ضمن الممارسات الفردية، ولم يجد التأطير المؤسسي الداعم، وهذا ما يجعل من المهن الأكاديمية والبحثية ضمن المهن الكلاسيكية ذات النمط الأحادي أو المعزول عن القطاعات الأخرى، والتحدي الأكبر يكمن في أن عالم المهن والأعمال قد تغير جذريًا مع تسارع التقدم التكنولوجي، وأنماط الحياة والعمل التي تعيشها البشرية اليوم، كانت غير قابلة للتصور بالنسبة للأجيال السابقة، والمستقبل القادم سيكون بلا شك مدفوعًا بالجيل الجديد من قادة العلوم والبحث العلمي والابتكار، فهم سوف يشكلون هذا المستقبل بناءً على التقدم الحالي، وبذلك فالمستقبل يبدأ من الآن، ويتطلب الخروج من الصورة النمطية السابقة للمهن الأكاديمية والبحثية.

وعلى الرغم من أن الهياكل المؤسسية التي تضم الأنشطة الأكاديمية والبحثية تسعى إلى تعزيز التعاون والعمل المشترك، إلا أنه لا يوجد فهم متسق بالآليات التنفيذية لدعم هذا التعاون بصور عملية ومتنوعة، وقادرة على إتاحة تحقيق أقصى استفادة من الإمكانات الكاملة لقوة الكفاءات البشرية المتنوعة، إذ لا بد من التأكيد على الدور المحوري للأكاديميين من علماء الجامعات، والمفكرين، والباحثين، وذلك باعتبارهم رأس مال بشري وفكري ثمين، والمصدر الأول في توفير مدخلات قيَّمة لعملية الابتكار، كما أن بيئة الابتكار تقوم على التعاون التنظيمي، والشراكة الاستراتيجية، وأفضل تعبير عن المهن الأكاديمية والبحثية يمكن أن يكون بأنها في الأصل «مهن عابرة للقطاعات»، وهذا ما يضفي الوزن الاستراتيجي على محور حركة الأكاديميين والباحثين، وتنقلهم عبر القطاعات، لأنها ترتبط بشكل أساسي مع نفاذية المعرفة والمهارات، واكتساب الفهم الأوسع للاحتياجات البحثية، وفرص تطبيق وخرجاتها لدى المستفيدين من المخرجات المعرفية والتقنية.

فإذا نظرنا إلى واقع الممارسات القائمة في أغلب منظومات الابتكار الوطنية والإقليمية، سنجد بأن تفاعل الأكاديميين والباحثين مع القطاعات المختلفة يتركز حول الأنشطة المشتركة في لجان عمل، أو مشاريع متعددة الأطراف، وهي جميعها أشكال تنظيمية ورسمية، وليست سوى صورة جزئية عن النطاق الكامل للإمكانات الواسعة التي يمكن الاستفادة منها عبر تنقل الباحثين عبر القطاعات، ومن الصعوبة بمكان قياس الأثر الإيجابي من هذه التفاعلات المحدودة لكلا الطرفين، كما أن مسارات الإعارة للتنقل بين القطاعات يتم تنفيذها طبقاً للمرجعيات الأساسية دون تخصيص للأوساط الأكاديمية والبحثية، ويشكل هذا تحديًا للمخططين وصناع السياسات، ومانحي التمويل، والمؤسسات الأكاديمية والبحثية في عملية صياغة استراتيجية متسقة، وقادرة على تنفيذ نهج فعّال لبناء مهنة متنقلة عبر القطاعات، وذلك على الرغم من أن تنقل الأكاديميين والباحثين يمثل حجر الأساس في تعزيز مسارات مهنية جاذبة في الأوساط الأكاديمية والبحثية، وتمكين بناء الجيل القادم من قادة العلوم والابتكار.

وتُظهر الرؤى المستمدة من التجارب الدولية الرائدة لمنظومات الابتكار ذات الأداء العالي في مؤشرات التنافسية بأن تعزيز اكتساب القيمة من المعرفة والمهارات العلمية والبحثية بحاجة إلى إضفاء المزيد من الوضوح والاتساق حتى يتمكن متخذو القرار، وجميع أصحاب المصلحة من إدراك أهمية إعادة تشكيل المهن الأكاديمية والبحثية كمهن عابرة للقطاعات، والنظر إلى التنقل بين القطاعات كأداة أساسية لتعزيز «مسامية» أكبر للمعرفة والتقانة بين قطاعات مختلفة من الاقتصاد، ووضع المبادرات المؤسسية لتسهيل هذا التنقل، لتشمل مجموعة أوسع من الأنشطة الداعمة لتبادل المعرفة والخبرة والقدرات التكنولوجية من جهة، ومن جهة أخرى، المساهمة في خلق المزيد من الفرص الاستراتيجية للاستفادة من الباحثين ذوي المهارات والخبرات الصناعية، وهي كفاءات محدودة في وقتنا الحالي، وكذلك تعزيز الروابط التكاملية بين مؤسسات التعليم العالي، والقطاع العام، والقطاع الخاص، والصناعة، بما في ذلك الوصول إلى شبكات الأعمال، ومصادر التمويل المحتملة، وجلب المهارات اللازمة لقيادة الشركات الناشئة القائمة على الابتكار، وجميع هذه العوائد الطموحة تدعم أهداف الأوساط الأكاديمية والبحثية في تعزيز تأثيرها الاقتصادي والاجتماعي، ودورها في دعم صناعة القرار المبني على الأدلة العلمية.

إن مستقبل المهن يحمل الكثير من الفرص والاحتمالات التي تفرض أهمية الجاهزية والمرونة، ومع أن التركيز الأكبر ينصب حول المهن التي يمكن للتقنيات المتقدمة أن تؤثر على وجودها، إلا أن الأثر البعيد قد يصل إلى القطاعات التي لم تكن يوماً في دائرة الاحتمالات، والقطاع الأكاديمي والبحثي ليس بمنأى عن هذه التحولات، والأمر الحاسم هو الإسراع في بناء وتطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تضمن مسارات مهنية عابرة للقطاعات، وتساهم في إنتاج معرفة عالية الجودة ومؤثرة، ورفع مواكبة القطاعات التقليدية بمسارات مهنية أكثر تنوعًا وتكيفاً مع التغييرات التكنولوجية، ويتطلب ذلك كله توظيف آليات تنفيذية للتبادل المتعدد الاتجاهات للمعرفة، والخبرات، والمهارات، والمواهب، واستقطاب اهتمام متخذي القرار بإبراز الأهمية النوعية لبرامج التعاون المشترك، مثل برامج الزمالات الأكاديمية والعلمية والصناعية، ومختلف أنماط التفاعل مع القطاعات الأخرى داخل منظومات الابتكار، مع التركيز على ترسيخ ثقافة التكامل مع الشركاء والمهتمين والمستفيدين خارج المحيط المهني، وخصوصاً مع الأكاديميين والباحثين الذين هم في المراحل المبكرة من الحياة المهنية، وبذلك يمكن تأسيس نواة لجيل أكثر انفتاحا على العمل عبر عدة قطاعات، لأن الاستجابة للتحديات الحالية والمستقبلية تتطلب وجود الكفاءات المتنوعة علمياً ومعرفياً، والاستفادة من الطيف الواسع لنطاق القدرات البحثية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأکادیمیین والباحثین الأوساط الأکادیمیة

إقرأ أيضاً:

أمن القاهرة: تكثيف التواجد الأمنى بكافة القطاعات لتأمين احتفالات عيد الأضحى

استعدت مديرية أمن القاهرة، لتأمين احتفالات المواطنين بعيد الأضحى المبارك من خلال وضع خطة محكمة لتأمين محيط المنشآت الحيوية بتكثيف تواجد القوات بالشوارع والمحاور، والتعامل الفورى والتصدى الحاسم لكل ما من شأنه تعكير صفو أجواء العيد ، تنفيذًا لاستراتيجية وزارة الداخلية باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، استعدادًا لتأمين المواطنين خلال إجازة العيد.

وطبقا للخطة، فقد تم تحديد جميع الأماكن والمحاور الحيوية، خاصة كورنيش النيل، وسيتم إرسال تدعيم تلك المحاور بجميع الخدمات المختلفة بما يكفل تغطية جميع شوارع القاهرة لمنع تكدسات كما سيتم تعيين خدمات أمنية متنوعه بمناطق المتنزهات والحدائق العامة والمراسي والبواخر السياحية وكورنيش النيل من شبرا إلى حلوان و15 مايو لتنظيم حركة المركبات وتواجد للمواطنين خلال أيام العيد، مع تعزيز انتشار القوات المختلفة بمناطق الملاهى ودور السينما والمسارح وكذلك متابعة حركة السيارات ومنع الاختناقات المرورية بجميع أنحاء المدينة.

وشملت الخطة تكثيف التواجد الأمنى، تعيين الارتكازات، ونقاط ملاحظة الحالة، وتسيير الأطواق مع الدفع بقوات التدخل والانتشار السريع بكل المحاور والطرق والشوارع والميادين والنطاقات الحيوية كما شملت الخطة تواجد القوات بمحيط الحدائق العامة، المتنزهات، المراسي النيلية، و المحلات التجارية، والمولات، والمطاعم، ومناطق تقديم الخدمات الترفيهية لمنع حالات الزحام المرورى مع تكثيف تواجد الشرطة النسائية بمحيط السينمات والحدائق لمنع خالات التحرش وضبط المتورطين فيها.

وتعزز إدارة المرور من انتشار الأوناش المرورية لرفع الانتظار الخاطئ للسيارات مع ربط جميع الخدمات المرورية بغرفة عمليات الإدارة لمتابعة حركة السيارات أولا بأول والإخطار الفورى عن أى ملاحظات مع تعزيز تواجد رجال المرور بجميع المحاور الحيوية بالقاهرة للعمل على منع أى اختناقات مرورية تعوق حركة السيارات بالطرق.

ونسقت إدارة مرور القاهرة مع الإدارة العامة للمرور المركزي لمتابعة حركة السيارات أولا بأول بالكباري الرابطة بين جميع المحافظات وكذلك مداخل العاصمة ومخارجها والعمل على منع أي تكدسات مرورية، مع إعداد خطة متكاملة يشترك فيها القيادات وضباط الإدارة لمتابعة الخدمات المختلفة، والتأكد من حسن انتظامها على الطرق وتأمين رحلات المواطنين وسحب أي كثافات مرورية تظهر على المحاور لحين انتهاء احتفالات العيد.

وسيتم الاستعانة بعناصر من إدارة كلاب الأمن والحراسة لتفتيش محيط المنشآت وتمشيطها، والحضور الميداني لكل المستويات الإشرافية لمتابعة الأداء الأمنى، إلى جانب الانتشار الأمنى المُكثف مع فرض مظلة أمنية محكمة لحماية المواطنين وتأمين ممتلكاتهم لحين الانتهاء من احتفالات العيد .

 







مشاركة

مقالات مشابهة

  • ظهور لافت للجامعات المصرية في كافة المجالات الأكاديمية بتصنيفات "التخصصات العلمية"
  • مهددة بالتوقف.. الاحتلال يعيق وصول الوقود للمشافي في غزة
  • ولادة نادرة لسلحفاتين من نوع مهدد بالانقراض بفرنسا
  • الأمير علي بن الحسين: التأهل إلى كأس العالم يتطلب دعماً وطنياً متكاملاً
  • مستشفيات غزة مهددة بالتوقف
  • ظهور نادر لـ”خنفساء الأيل” المهددة بالانقراض وغرامة 557 ألف ليرة تركية لمن يؤذيها
  • مُسِنُّــون شَرِيحَةٌ تُعَانِي تَحْتَ مُسَمَّى … مُتَقَـاعِـدٌون
  • منظمات تربوية تدق ناقوس الخطر : مؤسسات الطفولة والشباب مهددة بالتصفية
  • تعاون مع مؤسسة سنغافورية.. روشن تعزز الابتكار لمستقبل العقار
  • أمن القاهرة: تكثيف التواجد الأمنى بكافة القطاعات لتأمين احتفالات عيد الأضحى