آمنة الضحاك: رؤى خليجية مشتركة لتعزيز الأمن الغذائي
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
أكدت الدكتورة آمنة بنت عبد الله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة توافق الرؤى بين دولة الإمارات وقطر ودول الخليج العربية في ضرورة التعاون المشترك لتعزيز الأمن الغذائي المستدام في المنطقة وإيجاد حلول للعديد من التحديات المشتركة لدعم قطاع الزراعة وزيادة الإنتاج المحلي للمحاصيل الاستراتيجية.
جاء ذلك خلال كلمة الضحاك في حفل انطلاق النسخة الثانية عشرة من «معرض قطر الزراعي الدولي»، أول أمس تحت رعاية الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، وبحضور عبد الله بن حمد بن عبد الله العطية وزير البلدية القطري.
وتستمر فعاليات المعرض حتى 8 فبراير الجاري بالحي الثقافي «كتارا» بالعاصمة الدوحة، بمشاركة أكثر من 29 دولة.
ويستضيف المعرض دولة الإمارات العربية المتحدة كضيف شرف لهذا العام.
وقالت الضحاك خلال حفل الافتتاح: «إن اختيار دولة الإمارات كضيف شرف لهذا الحدث يعكس عمق العلاقات الأخوية والتعاون الاستراتيجي بين بلدينا في مجالات الزراعة والأمن الغذائي والاستدامة البيئية»، مشيرة إلى أنه في ظل التحديات التي نواجهها، مثل ندرة المياه وقلة الأراضي الزراعية، يصبح التعاون الإقليمي والدولي جوهرياً لتعزيز الأمن الغذائي المستدام لشعوبنا والقضاء على الجوع في العالم.
وأضافت: «نؤمن في الإمارات بأن الزراعة هي ركيزة أساسية لبناء مستقبل مستدام، ونعمل من خلال استراتيجياتنا الوطنية على تعزيز هذا القطاع وتمكين المزارعين من خلال مبادرات رائدة مثل البرنامج الوطني «ازرع الإمارات» و«المركز الزراعي الوطني»، وكذلك مشاركة كل أفراد المجتمع من خلال تبني الزراعة المنزلية». وأشارت معاليها إلى أن تجربة الإمارات في مجال الزراعة الحديثة أصبحت أساساً راسخاً تم البناء عليه من أجل إحداث تحول في قطاع الزراعة والغذاء عالمياً، ليس فقط لزيادة الإنتاج من الغذاء بشكل مستدام، بل أيضاً لمواجهة آثار التغيرات المناخي من خلال إحداث تحول في نُظم الزراعة والغذاء إلى نُظم أكثر استدامة وصديقة للبيئة.
وتابعت: «الإمارات تمد أياديها لجميع الدول الأشقاء في المنطقة دائماً للتعاون، لأن تحدياتنا واحدة، ومصيرنا واحد، وهدفنا أن تكون الإمارات وسائر المنطقة واحة عالمية تزدهر فيها الزراعة وتكون عنواناً للاستدامة، وأجد اليوم معرض قطر الزراعي الدولي نموذجاً مصغراً من تلك الواحة التي تضم العديد من الحلول الزراعية والخبرات والتجارب التي يمكننا من خلالها تحقيق كافة أهدافنا المشتركة».
ودعـــت الضحاك ممـثلي الدول المشاركة والحضور إلى زيارة جناح دولة الإمارات للتعرف على تجربتها وإجراء المزيد من النقاش وتبادل الخبرات.
ويتألف جناح دولة الإمارات العربية المتحدة في النسخة الثانية عشرة من «معرض قطر الزراعي الدولي» من المساحات منها، ركن التبادل المعرفي الذي يستعرض تجربة دولة الإمارات في الزراعة وأبرز المشاريع والمبادرات الزراعية على مستوى الدولة.
بالإضــافة إلـى 8 أقسام خـاصــة بمشاركات الجهات الاتحادية والمحلية التي تستعرض أهم مساهماتها في مسيرة الدولة الزراعية، إلى جانب مقهى يستخدم منتجات قمح مزارع مليحة وألباناً من شركة اكتفاء الوطنية، بالإضافة لمعرض خاص بأبرز منتجات المزارعين الإماراتيين من مختلف المحاصيل وتقام نسخة العام الحالي من معرض قطر الزراعي الدولي على مساحة تتجاوز 40,000 متر مربع، مما يجعله النسخة الأكبر في تاريخه ويتضمن مجموعة من الأسواق المتخصصة، مثل سوق التمور وسوق العسل، وسوق الزهور وسوق المحاصيل، مما يعزز التفاعل المباشر بين المنتجين والمستهلكين. وام
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات قطر معرض قطر الزراعی الدولی دولة الإمارات من خلال
إقرأ أيضاً:
د. ثروت إمبابي يكتب: الزراعة تتغير: كيف تصنع سلاسل القيمة مستقبل مصر الغذائي
في عالمٍ تتزايد فيه التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي والضغوط الاقتصادية، لم تعد الزراعة مجرّد نشاط تقليدي، بل غدت محورًا استراتيجيًا للنمو والتنمية المستدامة، خاصة في دول مثل مصر التي تجمع بين الموارد الطبيعية والطاقات البشرية. غير أن الزراعة في مصر، ورغم عراقتها، لا تزال رهينة أنماط إنتاجية تقليدية لا تواكب متغيرات العصر ولا تستغل كامل القيمة الكامنة في كل حبة قمح أو ثمرة طماطم. من هنا تبرز الحاجة إلى التفكير في الزراعة ليس بوصفها مجرد إنتاج للمحاصيل، بل كنظام متكامل يُعرف بـ”سلاسل القيمة الزراعية”.
سلاسل القيمة الزراعية تعني ببساطة أن ننظر إلى كل خطوة في الرحلة التي يقطعها المنتج الزراعي — من البذرة إلى المائدة — باعتبارها فرصة لتعظيم القيمة الاقتصادية والاجتماعية. حين يُزرع المحصول بكفاءة، ويُجمع في الوقت المناسب، ويُنقل ويُخزن ويُعالج ويُسوّق بطرق ذكية، فإننا لا نحصل فقط على طعام أكثر، بل على اقتصاد أقوى، ومزارع أغنى، ومستقبل أكثر أمنًا. وفي السياق المصري، هذه الرؤية ليست رفاهية، بل ضرورة.
رغم وفرة الموارد الزراعية وتنوع المحاصيل في مصر، إلا أن هناك فجوة كبيرة بين الإمكانيات المتاحة والنتائج المحققة فعليًا. كثير من المحاصيل، خصوصًا سريعة التلف، تُفقد في الطريق بسبب ضعف شبكات النقل والتبريد. الفلاحون غالبًا ما يبيعون منتجاتهم بسعر لا يعكس جهدهم، في ظل غياب أسواق منظمة أو عقود عادلة. على الجانب الآخر، تفتقر العديد من المناطق إلى مصانع صغيرة لتحويل المنتجات الزراعية إلى سلع جاهزة أو شبه جاهزة، مما يُهدر فرصًا هائلة للقيمة المضافة.
ومن واقع هذا التحدي، فإن تطوير سلاسل القيمة الزراعية يتطلب نهجًا متكاملاً. لا يكفي تحسين الإنتاج فقط، بل يجب أن يترافق ذلك مع تحديث البنية التحتية من طرق ومراكز تبريد، وإنشاء شبكات تسويق ذكية تضمن استقرار الأسعار وربط المنتج بالمستهلك مباشرة. كذلك، لا بد من إدماج التكنولوجيا الحديثة في الزراعة — من الزراعة الدقيقة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالإنتاج والمخاطر. ولا يقل أهمية عن ذلك تمكين التعاونيات الزراعية، التي تمثل حلاً فعالًا لدمج صغار المزارعين في سلسلة القيمة.
من وجهة نظري الشخصية، أرى أن الحل يبدأ من إرادة سياسية واضحة تتبنى مشروعًا وطنيًا لسلاسل القيمة الزراعية، يدمج بين وزارات الزراعة، التجارة، والنقل، ويمنح القطاع الخاص والمجتمع المدني دورًا قياديًا. كذلك أقترح البدء في مشروع تجريبي نموذجي في إحدى المحافظات، يشمل الزراعة والتجهيز والتسويق، كنموذج يحتذى به. الاستثمار في المعرفة لا يقل أهمية، فالتدريب المستمر للفلاحين على طرق الزراعة الحديثة والتخزين والتسويق أمر لا يمكن تأجيله.
ما سيحدث بعد ذلك ليس فقط تحسنًا في كمية الإنتاج، بل في نوعيته وجدواه الاقتصادية. فعندما نُحسن استخدام كل جزء من سلسلة القيمة، نقلل من الفاقد، ونخلق فرص عمل جديدة، ونعزز قدرتنا على التصدير، بل ونبني نموذجًا زراعيًا قادرًا على الصمود في وجه التغيرات المناخية والاقتصادية. وهذا ما يجعل تطوير سلاسل القيمة الزراعية أحد أهم مفاتيح المستقبل لمصر، ليس فقط كبلد زراعي، بل كقوة غذائية واقتصادية في المنطقة.