بدون الارتقاء إلى مستوى هذا المنطق سنظل ندور حول المعصرة مغمضي العيون نركز على التفاصيل ونترك الأساس المتمثل في من ينهبون الثروات ويحتلون الجغرافيا الأهم لليمن.. وفي هذا السياق يمكن القول أن وعياً كهذا قد بدأ بتشكل وبدأ تفكيك شفرة أسباب الأوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية في هذه المحافظات والشعارات التي ترفع اليوم في تظاهرات عدن ولحج والضالع وأبين وتعز تجسد أن الأمور تتغير بالاتجاه الصحيح وبدأ الناس يفهموا أنهم في معركة تحرر وطني وأن الاستعمار الجديد الذي يريد السيطرة على هذه الجغرافيا أكثر قبحاً وتدميراً من الاستعمار القديم .
عندما يقبل الكثيرين بسبب الجهل وأوهام رفاهية الاستهلاك بالغزاة فإن المحتلين يستهبلونهم أكثر ويضاعفون معاناتهم كي يضلوا في دوامة البطون الخاوية واحتياجات الحد الأدنى من الخدمات وهذه لعبة قديمة للطغاة والبغاة والمستعمرين.
الذين يلعبون على أن التجويع والتجهيل سيحقق لهم أهدافهم هم بهذا واهمين ..الشعب اليمني أذا استكان فترة أو قبل بما لا يجب القبول به فإنه قد يستيقظ فجأة ولا أحد يستطيع إيقافه وتجارب التاريخ تعطينا الكثير من الأمثلة .
التريليونات التي طبعت ذهبت أدراج الرياح والمضاربة بالعملة أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية التي تعني المواطن الغلبان وهذا يجمع بين حالتين اقتصاديتين متناقضتين التضخم والركود وكلا الحالتين مصطنعتان في إطار ما أشرنا إليه سابقاً .
الدولار يتجاوز سعره اليوم 2300 والريال السعودي يتجاوز 600 والمرتزقة يسرحون ويمرحون في عواصم التحالف العدواني ويرفلون في فنادق وفلل الرياض وإسطنبول والقاهرة وأبوظبي والعواصم الغربية من لندن حتى لاس فيغاس وتبدأ من معين ولا تنتهي عند بن مبارك أما رشاد فهو غير راشد وهو قصة وحكاية لوحده فقد جمع في شخصه كل الموبقات ما يقال ولا يقال وينسحب هذا على من يحاولون الظهور بشكل مغاير أمثال بن دغر والأسوء بين هؤلاء الأخونج في نماذجهم الصغرى الى الكبرى من توكل إلى حميد الأحمر تاجر النعنعي في ( صندقة الأبهر ) كما قال هو عن نفسه ليخفي عنجهيته ولصوصيته في آن واحد.
الحكاية تكمن في أن الشعب بالمحافظات المحتلة إذا نهض بشكل واع ضد الغزاة والمستعمرين قادراً على تغيير واقع هذه المحافظات واليمن كله.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
إقرأ أيضاً:
رحلة إبداع وإرث فني يتجاوز الزمان والمكان
حين يُذكر اسم أم كلثوم، يتبادر إلى الذهن صوت خالد وأغاني خالدة، لكنها كانت أكثر من فنانة. كانت رمزًا ثقافيًا، ووطنياً وإنسانياً، استطاعت أن تجمع بين الإبداع الفني، التأثير الاجتماعي، والمسؤولية الوطنية، لتصبح شخصية لا تنسى في التاريخ العربي والعالمي.
حياتها تُقرأ اليوم كقصة مشوقة تكشف التحديات، الإصرار، والقدرة على مواجهة المصاعب التي غالبًا ما يغفلها الجمهور.
البدايات: رحلة الطفولة من الأرياف إلى القاهرةوُلدت أم كلثوم في الأرياف المصرية في 1904 -وفق المصادر- حيث عاشت طفولة مليئة بالقيم الموسيقية والعائلية. انتقالها إلى القاهرة كان بداية رحلة تحدٍ حقيقي، إذ اضطرت للتأقلم مع مجتمع حضري صارم ومتطلب تغيير مظهرها ليواكب متطلبات النجومية. فقد والدها وشقيقها خالد أثر بشكل كبير على حياتها الداخلية، وشكل شخصيتها القوية التي تمكنت من الصمود أمام الإعلام والجمهور على حد سواء.
الإشاعات والضغط الإعلامي: صبر وإرادةطوال حياتها، كانت أم كلثوم محط متابعة مستمرة من الصحف العربية والعالمية، حيث تداولت الشائعات حول حياتها الشخصية، علاقاتها العاطفية، وصحتها. من The New York Times إلى Le Monde، تركزت التقارير على محاولة تصوير حياتها بأسلوب درامي، لكنها تمكنت من التحكم بصبرها واستراتيجيتها أمام هذه الإشاعات، محافظة على صورتها كرمز للجدية والاحترام، مما جعلها قدوة في ضبط النفس والاحترافية في مواجهة الضغوط الإعلامية.
الحب والزواج: صراعات القلب والفنعاشت أم كلثوم تجارب وواجهت شائعات عاطفية معقدة، بدءا من الشاعر أحمد رامي، مرورًا بخال الملك فاروق شريف صبري، وصولًا إلى خطوبتها للملحن محمود الشريف. هذه العلاقات واجهت رفضًا شعبيًا وإعلاميًا، لكنها استطاعت تحويل ألمها الشخصي إلى إبداع فني متواصل، ووضعت بصمتها في الأغاني التي تعكس الحب والفقد والصبر، لتصبح نماذج فنية خالدة تعبّر عن الروح الإنسانية بصدق وعمق.
الصحة والتحديات الجسدية.. صمود أمام المحنأصيبت أم كلثوم بورم في الغدة الدرقية، ما أثر على قدرتها على الإنجاب، وتعرضت للسرقة والتهديد بالقتل. ورغم ذلك، حافظت على التزامها بالفن، وارتقاء مستوى الموسيقى العربية، وأثبتت أن الإرادة الحقيقية للفنان تكمن في القدرة على تقديم أعمال خالدة رغم الصعوبات الجسدية والنفسية.
الوطنية والفن السياسي.. توظيف الصوت لخدمة مصرأم كلثوم لم تكن مجرد فنانة، بل رمز وطني استخدم الفن لخدمة الدولة المصرية. خلال الحروب المختلفة، ساهمت في جمع التبرعات لصالح الجيش المصري، وأدت أغاني وطنية أثرت على الروح المعنوية للمقاتلين والمواطنين على حد سواء. كانت موسيقاها أداة سياسية ودبلوماسية، فكانت رسالتها واضحة وهي أن تكون قوة وطنية مؤثرة.
السياسة والانزواء بعد ثورة 1956ارتبطت أم كلثوم بالملك فاروق، ومع ثورة 1956 عاشت فترة انزواء وعزلة من نقابة الموسيقيين. عاد لها حقها بالعمل (بفرمان) من الرئيس جمال عبد الناصر، مؤكدًا مكانتها الفنية والسياسية. هذا التوازن بين الولاء الوطني والإبداع جعلها جسرًا بين الفن والسياسة، وشخصية مركزية لفهم العلاقة بين الثقافة والفكر السياسي في مصر الحديثة.
المنديل وصورة الإنسان أمام الجمهوركانت أم كلثوم تحمل منديلًا دائمًا أمام الجمهور بسبب توتر شديد وتعرق اليدين، ما يعكس التزامها بالظهور بأفضل صورة أمام جمهورها واحترامها وتقديرها الشديد لعملها وفنها وإدراكها أنها رسالة. هذه التفاصيل الصغيرة، تكشف إنسانيتها وتواضعها، وعمق احترامها للجمهور، وتثبت أن الأسطورة ليست مجرد صوت بل شخصية متكاملة تصنع الإبداع من داخل المعاناة والتحدي.
الشهرة العالمية وتأثيرها على الصحافة والفنحياتها كانت محور اهتمام الصحف العالمية مثل The Guardian وLe Monde وThe New York Times، التي أشادت بقدرتها على توظيف الفن في خدمة القضايا الوطنية والاجتماعية، وسلطت الضوء على صبرها وإرادتها في مواجهة الضغوط والتحديات، مما جعلها رمزًا عالميًا للقيادة الثقافية والفنية والإنسانية.
إرث خالد يتجاوز الزمان والمكانإرث أم كلثوم يستمر لأنه جمع بين الفن، الإنسانية، والوطنية في لوحة واحدة. صوتها لم يكن مجرد ألحان، بل مرآة للعاطفة، القوة، والصبر في مواجهة التحديات. شخصيتها وفنها شكّلا نموذجًا عالميًا للقيادة الفنية والثقافية، وقدرتها على توظيف الفن كأداة للتأثير السياسي والاجتماعي جعلت صوتها خالدًا في ذاكرة الأجيال. من خلال أغانيها ورسائلها الإنسانية، تظل أيقونة حية، رمزًا للفن الذي يصنع التاريخ ويُلهم المستقبل، وصوتها حاضر في كل زاوية من العالم العربي والعالمي.