حديث رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لدى مخاطبته ختام مشاورات القوى السياسية الوطنية والمجتمعية حول رسم خارطة طريق للحوار السوداني السوداني وإحلال السلام والتوافق السياسي، لاقى اهتماماً واسعاً في الأوساط الداخلية والخارجية، لما له من ارتباط برسم الخريطة السياسية للبلاد في اليوم التالي للحرب.

سند الشعب

البرهان في حديثه أشار إلى وقوف الشعب السوداني بجانب القوات المسلحة بالرغم من المعاناة التي واجهها خلال فترة الحرب، مبيناً أن القوات المسلحة لولا سند الشعب ما كانت أن تفعل مثلما فعلت، مشيداً بالقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والقوات المشتركة والمستنفرين من مختلف الفئات الذين كان لهم الدور الرئيسي في صمود القوات المسلحة، منوها لدور القوى السياسية الوطنية والمجتمعية التي وقفت بجانب القوات المسلحة وساندتها في معركة الكرامة، وأضاف نقف وقفة تقدير وإجلال لكل الذين ساندوا الجيش بأموالهم وأقلامهم وجهدهم، وقال يجب أن نتعلم من هذه الحرب لبناء دولة تختلف عما كان عليه الحال في السابق.

جزء أصيل

وأوضح البرهان أن هذا التداعي والحضور من القوى السياسية الوطنية والمجتمعية ينبغى أن نأخذ بتوصياته ومخرجاته لاستكمال مسيرة الفترة الانتقالية، وقال إن هذه القوى ستكون جزءاً أصيلاً مما سيتحقق من نصر كامل في كل السودان، مؤكداً أن الباب ما زال مفتوحاً أمام كل شخص يقف موقفاً وطنياً، وقال نرحب بكل شخص رفع يده من المعتدين.

تكوين حكومة

وقال البرهان نريد لهذا الحوار أن يكون شاملاً لكل القوى السياسية والمجتمعية، مضيفاً أن الفترة القادمة ستشهد تكوين حكومة لاستكمال مهام الإنتقال، وأضاف أن هذه الحكومة يمكن تسميتها حكومة تصريف أعمال أو حكومة حرب، مبيناً أن الغرض منها إعانة الدولة لإنجاز ما تبقى من الأعمال العسكرية والمتمثلة في تطهير كل السودان من هؤلاء المتمردين، موضحاً أن الحكومة ستكون من الكفاءات الوطنية المستقلة، ووجه رسالة للمؤتمر الوطني بضرورة الإبتعاد من المزايدات السياسية وأضاف أن المؤتمر الوطني اذا أراد أن يحكم عليه أن يتنافس في المستقبل مع بقية القوى السياسية، مؤكداً عزمه على المضي قدماً نحو بناء دولة سودانية لها شأن في المستقبل، وقال إنه بعد إجازة الوثيقة الدستورية سيتم إختيار رئيس وزراء ليقوم بمهامه في إدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون أي تدخل، مجددا التأكيد على أنه لاتفاوض مع المتمردين، وقال إذا وضع المتمردون السلاح وخرجوا من منازل المواطنين والأعيان المدنية، بعد ذلك يمكننا الحديث معهم، مضيفا هناك من عرض علينا وقف إطلاق النار في رمضان بغرض تسهيل وصول المساعدات للفاشر، ولكننا أكدنا بأننا لن نقبل وقف إطلاق نار في ظل الحصار الذي تفرضه مليشيا الدعم السريع الإرهابية على المدينة، وتابع أن وقف إطلاق النار يجب أن يكون متبوعاً بإنسحاب من الخرطوم وغرب كردفان وولايات دارفور وتجميع القوات في مراكز محددة.

مثير للجدل

جاء حديث البرهان قاطعا وواضحاً ومباشراً، ما آثار جدلاً بين الخبراء حول التوقيت، ومدى التسرع في رسم خارطة مستقبل البلاد والحرب مازالت مستمرة، إضافة إلى مدى مؤسسية هذا الحديث والذي جاء كما رآه البعض قرارات تحدد مصير الدولة، فيما رآه بعض آخر حديث إيجابي به الكثير من الرسائل التي وضعت النقاط على الحروف، وقطعت الطريق على المصطفين بجانب المليشيا ، وترك الباب مفتوحاً لمن يعدل موقفهم منهم. ولم ينس البرهان توجيه رسائل قوية للمؤتمر الوطني، رأى البعض أنها كانت قاسية في وقت يقاتل فيه الاسلاميون جنباً إلى جنب القوات المسلحة في معركة البلاد المصيرية… فإلى أي مدى يمكن قراءة حديث البرهان في هذا التوقيت وماهي مآلاته وأبعاده؟.

حديث ممتاز

رئيس قوى الحراك الوطني السوداني الدكتور التيجاني سيسي وصف حديث البرهان بـ “الممتاز”. وأشار في حديثه لـ “المحقق” إلى ترحيب رئيس مجلس السيادة بكل من يصطف مع الصف الوطني، وإلى فتح الباب أمام من يعدلون مواقفهم من الجانب الآخر، وقال إن هذا اتجاه محمود للرئيس، ولم ير سيسي بأن هناك استعجال في حديث البرهان، وقال إن الرئيس تحدث وفي نفس الوقت أكد أن الحرب مازالت مستمرة، موضحاً أن حديث البرهان قوبل بارتياح كبير لدى القوى السياسية والمدنية والمجتمعية التي وقفت مع القوات المسلحة واصطفت بجانبها ، وقال نحن جزء من أصحاب المصلحة ومن القضية الوطنية بالبلاد.

جذور الأزمة

وأوضح رئيس قوى الحراك الوطني أن القوى السياسية والمجتمعية تناولت في وثيقتها التي قدمتها اليوم للبرهان الأزمة السودانية منذ الاستقلال. وقال أكدنا في الوثيقة أن هناك جذور لهذه الأزمة وينبغي معالجتها، لأنه بدون ذلك ستستمر الدائرة الشريرة لهذه الأزمة، مبيناً أنه تم تقسيم الفترة الانقالية في الوثيقة إلى فترتين، وقال إن الأولى لمدة عام تكون تأسيسية لمؤتمر الحوار السوداني السوداني، وفي المرحلة الثانية التي سيحدد مدتها مؤتمر الحوار وفيها يتوافق كل السودانيين حول ترتيبات إدارة المرحلة الإنتقالية ويتبع ذلك مؤتمر دستوري.

الموقف الصحيح

وبخصوص حديث البرهان بشأن المؤتمر الوطني، حاولنا الاتصال بعدد من قادة الحزب الحاكم السابق، ولكننا لم نتمكن من الحصول على رد من أي منهم، ورصدنا تدوينة للقيادي بالحزب الدكتور ياسر يوسف على صفحته بـ (فيس بوك) جاء فيها رد تحدث فيه علي مستوى شخصي، وقال يوسف في تدوينته أقف بقوة مع الجيش وقيادته حتي تحرير آخر شبر حاولت المليشيا إختطافه لصالح مشروعها التدميري، وفيما يتعلق بهذا الموقف لم تكن هناك أي حسابات من أي نوع تنتظر موقفاً جماعياً أو توجيهاً، لأنه الموقف الصحيح الذي وقفه الملايين من أبناء الشعب السوداني بفطرتهم السليمة التي أدركت أن هذه المعركة هي معركة فاصلة بين وجودنا وعدمه كسودانيين، وأن إنتصار المليشيا سيعني نهاية الدولة وإنهيارها.

سابق لأوانه

وأضاف يوسف (بعد هذه الرمية) أود القول إن ما انتهينا إليه من حرب شاملة يستدعي منا وقفة صادقة وأمينة تتخلص من إخفاقات الماضي وتتطلع إلي المستقبل ، وأولى الخطوات المهمة في ذلك هي ألا نسمح للمواقف العابرة أن تكون هي الأساس في إتخاذ القرارات الكبيرة (كما كنا دوما)، وتابع نحتاج أن نبني مؤسسات قوية محايدة ومستقلة (المحكمة الدستورية والخدمة المدنية والنيابة العامة وهيئة شؤون الأحزاب والبرلمان وغيرها علي أن تتولي هذه المؤسسات القطع بشأن من يحق له أن يفعل هذا أو يمتنع عن فعل ذلك، لأن طريق المؤسسية هو الذي يعبد الطريق نحو الإستقرار، ويتجاوز بنا إرث الماضي بكل إجتهاداته الخاطئة، وزاد مع عظيم تقديرنا للجيش وقيادته أري أن هذا الأمر سابق لأوانه الآن، وهو بحاجة لرؤية كلية تنظر في أمر التحول بصورة واسعة، وذلك النظر لا يجب أن يستبعد منه بقرار سياسي أحد، وإنما الأجهزة المختصة والمعنية بعد التحري والتحقيق والمحاكمة هي التي تحدد معايير المشاركة من عدمه، وختم بـ (أقول قولي لا أبتغي منه إلا الإصلاح ما استطعت).

سياسات أم رسائل

من جهته تساءل رئيس تحرير صحيفة التيار عثمان ميرغني إلى أي مدى حديث البرهان يطابق الواقع، وإلى أي مدى هو حديث ناتج عن اجراءات وإعداد مؤسسي. وقال ميرغني لـ “المحقق” إنه أحياناً مثل هذه الخطابات تكون مرتجلة ولا تعبر عن سياسات، وقد تعبر عن رسائل فقط، ورأى ميرغني في نفس الوقت أن جزءاً من خطاب البرهان به طرح متقدم جيد ومتسامح ينظر إلى المستقبل دون التركيز على تصفية خلافات الماضي، وقال إن حديثه عن تكوين حكومة ورئيس وزراء مستقل أيضاً ايجابي ومطلوب في هذا التوقيت، معتبراً أن حديثه عن المؤتمر الوطني به استعجال، وقال إن المؤتمر الوطني نفسه لايريد المشاركة في المرحلة الإنتقالية، وهو الذي يدعو إلى الإنتخابات.

نوع من التعسف

ورأى ميرغني أن حديث البرهان عن المؤتمر الوطني بهذه الطريقة به نوع من التعسف، وقال كان يمكن أن توجه له رسالة أخف بدلاً من القول أنه يأتي على أشلاء السودانيين، خصوصاً وهم الفصيل الرئيس الذي يقاتل خلفه باخلاص كبير، لافتاً إلى أن البرهان أخطأ في حق المؤتمر الوطني بهذا الحديث، كما رأى ميرغني أن القوى السياسية التي يعتمد عليها البرهان الآن ليس هناك إجماع من الشعب السوداني عليها، وقال إن معظمها لافتات بدون محتوى، وأنه بذلك يعود إلى الصورة القديمة بشراء الولاءات، مشيرا إلى أن حديث البرهان به رسالة مربكة عن العمليات العسكرية، وقال كان يجب أن يؤجل هذا الحديث في سياق منبر آخر وألا يرتبط بمنبر لقضايا سياسية.

القاهرة – المحقق- صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوى السیاسیة القوات المسلحة المؤتمر الوطنی حدیث البرهان وقال إن أن حدیث یجب أن

إقرأ أيضاً:

من الحرب إلى ما بعدها.. غزة في الميزان

يمانيون| بقلم: أحلام الصوفي

غزة اليوم تقف على مفترق طرق، لا يقل خطورة عن أيام القصف والنار, من جبهات النار إلى جبهات السياسة، تبرز خطة ترامب كخريطة طريق محتملة لإنهاء الحرب، لكن الأسئلة الكبرى لا تزال معلقة: هل توقف القتال يعني حقًا انتهاء الحرب؟ وهل تقود هذه الخطة إلى سلام دائم أم إلى هدنة مفخخة يعقبها انفجار جديد؟

خطة ترامب، وإن ظهرت بوصفها مبادرة لإعادة الإعمار وتهدئة طويلة، تحمل بين سطورها بنودًا تجعل من التهدئة صفقة مؤقتة أكثر من كونها حلًا نهائيًا,تبادل الأسرى، وقف القتال، وترتيبات انتقالية، تبدو في ظاهرها منطقية، لكن الواقع في غزة لا يُقرأ فقط من الورق. فالتاريخ القريب مليء بالاتفاقات التي تم نقضها، والوعود التي ذهبت أدراج الرياح.

ما يُثير القلق أن وقف الحرب قد يكون مشروطًا بإخراج الأسرى، وبعدها يُستأنف القصف بذريعة جديدة، أو يُعاد تشكيل الصراع بوجه آخر: خنق اقتصادي، تحكم بالمعابر، إدارة غير محلية, وهذا بحد ذاته يُبقي غزة في حالة لا حرب ولا سلم، بل في دائرة الترقب والضغط.

من الجانب الإقليمي والدولي، لا يبدو أن هناك إجماعًا حقيقيًا على ضمان سلام دائم, القوى الراعية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تتعامل مع غزة كملف أمني لا كقضية إنسانية أو سياسية عادلة. وبهذا المفهوم، فإن الضمانات لا تتجاوز حدود المصلحة، وسرعان ما تتبخر حين يتغير التوازن.

اللافت أيضًا أن القوى الإقليمية، بما فيها بعض الأطراف العربية، تتعامل مع الخطة بتحفظ، وتخشى من أن تُستغل لفرض حل يُقصي المقاومة ويُعزز النفوذ الخارجي في إدارة القطاع.

في المحصلة، التوقف الحالي للقتال لا يمكن اعتباره نهاية للحرب ما لم يُرافق بخطوات جذرية: رفع الحصار، تمكين الشعب الفلسطيني من قراره، وضمانات دولية حقيقية تُلزم الجميع بعدم العودة إلى العنف, أما دون ذلك، فكل ما يُقال ليس سوى فصل جديد من صراع قد يرتدي قناع “السلام”، لكنه يخبئ في داخله عاصفة أخرى.

مقالات مشابهة

  • ملتقى في ضيافة المحافظ يستعرض المشروعات والمبادرات والمجتمعية بولاية بدبد
  • محاضرات مكثفة وسباقات تجريبية في ندوة التوقيت الإلكتروني «الفوتو فينيش»
  • البرهان يختار امرأة لإدارة دفة بنك السودان.. السيرة الذاتية تتحدث
  • البرهان يصدر قراراً بإعفاء محافظ بنك السودان المركزي وتعيين سيدة بديلا عنه
  • ترامب يشكر الرئيس السيسي على الطائرات المقاتلة التي رافقته لدى وصوله شرم الشيخ
  • خلافات حول صادر الذهب تدفع البرهان لإعفاء محافظ بنك السودان
  • من الحرب إلى ما بعدها.. غزة في الميزان
  • رئيس مجلس السيادة يبعث برقية تهنئة إلى ملك إسبانيا
  • عاجل | وزارة الداخلية في غزة: باشرنا اتخاذ إجراءات بشأن الأوضاع الأمنية والمجتمعية بما يحقق استعادة الأمن والاستقرار
  • بعد قرار تعيينهم.. أعضاء الشيوخ الجدد: تقدير كبير من القيادة السياسية ودافع قوي لمواصلة العمل الوطني.. ويؤكدون: سنكون صوتا أمينا يعبر عن تطلعات المصريين نحو مستقبل أفضل