بدأت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرامية إلى تهجير سكان قطاع غزة تتخبط، وسط موجات من المواقف العربية والدولية الرافضة لهذا المقترح الخطير والمنتهك لأبسط قواعد القانون الدولي.
وقد شكلت الدعوات الحازمة إلى تثبيت الشعب الفلسطيني في أرضه وصون حقوقه المشروعة، جبهة غير مسبوقة، سياسياً وأخلاقياً، لإحباط المشاريع العبثية والشعبوية التي لا تقر بمواثيق ولا تؤمن بمعاهدات.قد لا ينكر البيت الأبيض أنه بات تحت الضغط، منذ أطلق ترامب فكرته الصادمة، وقد اضطر غير مرة إلى محاولة التدارك أو التوضيح، وتناقلت وسائل الإعلام تصريحات متناقضة وأخرى مرتبكة، إلى أن تطوع ترامب نفسه، وقال إنه ليس في عجلة من أمره لتطبيق الخطة، كاشفاً أنه يتعامل مع الأمر مثل "معاملة عقارية"، وهذه بدعة في التعامل السياسي، وخروج عن العرف الدولي والأمريكي وقيم العدالة والإنسانية إزاء القضايا المصيرية للشعوب المضطهدة والخاضعة للاحتلال.
وضمن هذا الارتباك والتخبط أيضاً صدرت المراسيم بفرض عقوبات على محكمة الجنايات الدولية، وقطع التمويل عن وكالات الأمم المتحدة التي تقوم بمهمات حميدة للشعب الفلسطيني على مدى عقود طويلة. وقد لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل سيتجاوزه إلى قرارات أخرى أكثر صدمة وإيلاماً، وبعضها تم التلويح به ويتعلق بالضفة الغربية، وقد يصدر، بين يوم وآخر، ليمنح الضوء الأخضر لتل أبيب حتى تضم الضفة الغربية وتعمل على تهجير سكانها وتطبق ما فشلت في إنجازه طوال العدوان على غزة.
الجانب الإسرائيلي، ليس أفضل حالاً، وهو الذي ادعى أنه فوجئ بمقترح ترامب، وأنه لم يكن يفكر في الأمر، رغم أن تفاصيل الخطة روَّج لها وزراء متطرفون منذ الأسابيع الأولى للعدوان على غزة، وتم إقرار مقترح أطلقوا عليه "خطة الجنرالات"، ويقضي بإعادة احتلال قطاع غزة وتقسيمه واستيطانه. وبهذا المعنى ليس هناك جديد في مقترح ترامب الذي تبنته تل أبيب وباتت تتوهم أنه سينفذ بمجرد أن تفوهت به الولايات المتحدة، وأن الفلسطينيين سيحزمون ما أمكن من متعلقاتهم ويتدفقون خارجاً، وأن الدول العربية مجتمعة ستقبل بأن تحل بالفلسطينيين نكبة أخرى.
أمام صمود المواقف العربية، والموقف المصري أساساً، وثباتها على رفض التهجير القسري للفلسطينيين، بدأت إسرائيل تفقد صوابها، وتطلق تصريحات منفلتة لا علاقة لها بالواقع، كتلك التي صدرت عن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتانياهو، وتحرض على المملكة العربية السعودية، وتطالب ببناء دولة فلسطينية على الأراضي السعودية.
ولا شك أن هذه التصريحات المستهجنة والمتجاوزة على كل الأعراف، تعكس إفلاساً سياسياً عميقاً تعانيه إسرائيل بعد حربها المدمرة على غزة، كما تؤكد أنها لا تملك رؤية لما يمكن أن تؤول إليه الأمور. وبعد طرح ترامب خطته، يتبين أن إسرائيل ما زالت تبحث عن صورة النصر التي لم تجدها، وهي تحاول أن تنجزها بما تراه قوة وقدرة عند حليفها الأمريكي، وهي قدرة ستظل قاصرة ومحدودة، ومآلها الفشل والخسران.
ومن يتصور أن كل ما يصدر عن سيد البيت الأبيض نافذ المفعول، فهو واهم وعاجز عن استيعاب أن الشعوب إذا استجمعت إرادتها وعزمت على الدفاع عن وجودها فلن تقهر أبداً، وسيكون النصر النهائي حليفها مهما طال الصراع وتشعبت المعركة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة
إقرأ أيضاً:
تقارير: ملادينوف بدلا من بلير وجنرال أمريكي عمل بلبنان على رأس “قوة دولية” في غزة
غزة – أفادت تقارير إعلامية بأن السياسي البلغاري نيكولاي ملادينوف قد يكون بديلا عن طوني بلير في مجلس السلام لإدارة غزة، فيما تدرس إدارة ترامب تعيين جنرال أمريكي على رأس قوة دولية بالقطاع.
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز، نقلا عن مصادر، أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق (1997-2007)، طوني بلير، لن ينضم إلى مجلس السلام لإدارة قطاع غزة، وذلك بسبب اعتراضات من دول عربية وإسلامية، على خلفية دعمه للغزو الأمريكي للعراق عام 2003. كما أعربت هذه الدول عن مخاوفها من أن يؤدي تعيين بلير في مجلس السلام، إلى تهميش الفلسطينيين في إدارة غزة.
ووفق التقرير، فإن المقربين من بلير نفوا أن يكون تعيينه قد أثار استياء إقليميا. وأشاروا إلى أن مجلس السلام سيتألف من قادة العالم الحاليين، ما يستبعد تلقائيا رئيس الوزراء الأسبق. ومع ذلك، من المتوقع أن ينضم بلير إلى هيئة أخرى، هي اللجنة التنفيذية، التي ستضم أيضا جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، ومسؤولين رفيعي المستوى من دول عربية وغربية.
وبحسب صحيفة فايننشال تايمز، سيرأس نيكولاي ملادينوف، المنسق الخاص السابق للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط (2015-2020) ووزير الدفاع البلغاري السابق (2009-2010)، اللجنة التنفيذية. ومن المتوقع أن تتولى هذه الهيئة، التي لم تذكر في النسخة الأصلية لخطة غزة، تنسيق عمل مجلس السلام واللجنة الفنية الفلسطينية. وأشارت الصحيفة إلى أنه يرجح أن يتولى ملادينوف منصب المدير الأعلى، وهو المنصب الذي كان مخصصا في الأصل لبلير.
من جهة أخرى تعتزم إدارة ترامب تعيين جنرال أمريكي برتبة لواء لقيادة قوة الاستقرار الدولية في غزة، وفقا لمسؤولين أمريكيين ومسؤولين إسرائيليين.
ومع ذلك، يؤكد مسؤولو البيت الأبيض أنه لن يكون هناك وجود عسكري أمريكي على الأرض في غزة.
وأفاد مسؤولان إسرائيليان بأن سفير الأمم المتحدة مايك والتز، الذي زار إسرائيل هذا الأسبوع، أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترامب ستتولى قيادة قوات الأمن الإسرائيلية وتعيين لواء برتبة نجمتين قائدا لها.
وأفاد مسؤول أمريكي وآخر إسرائيلي بأن اللواء جاسبر جيفرز، قائد العمليات الخاصة في القيادة المركزية الأمريكية، يعد من أبرز المرشحين لهذا المنصب.
وحتى قبل بضعة أشهر، كان جيفرز يرأس الآلية الأمريكية لمراقبة وقف إطلاق النار في لبنان، لكن مسؤولا في البيت الأبيض أكد أنه لم يتخذ أي قرار بعد.
المصدر: أكسيوس+ فاينناشال تايمز