بينما تتهادى الأحرف لتُنسج القصص، وبينما يلتقي الخيال بالواقع في عوالم السرد، تبرز أسماء تضيء سماء الأدب، ومن بينها الكاتبة منار علي، مؤلفة رواية "الشقرا والقمر"، التي حملت قلمها بصدق وإحساس لتروي لنا حكايات تتجاوز حدود المكان والزمان،  في هذا الحوار، نقترب أكثر من تجربة أدبية ثرية، نتعرف على مسيرتها، وطقوسها في الكتابة، وأعمالها التي لامست قضايا إنسانية عميقة.

من معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي تعتبره عيدًا ثقافيًا، إلى رواياتها التي عكست رؤيتها الفريدة للحياة، تأخذنا الكاتبة في رحلة إبداعية شيقة، تحكي فيها عن نشأتها، وتأثير ثقافتها اليمنية على قلمها، وعن الخيال الذي يصوغ عوالمها الروائية،  كما تكشف في حوارها لموقع "صدى البلد"، عن مشاريعها القادمة، والتحديات التي تواجهها في إخراج أعمالها إلى النور.

في هذا الحوار، نغوص في تفاصيل تجربتها الأدبية، لنستكشف كيف يُولد الإبداع، وكيف يمكن للكلمة أن تكون صوتًا يحمل قضايا الشعوب، وأحلام الأفراد، وإلى نص الحوار:

بداية.. كيف رأيت معرض القاهرة الدولي للكتاب في أولى مشاركاتك به؟

معرض القاهرة الدولي للكتاب ليس مجرد حدث ثقافي بل هو عيد الثقافة يلتقي الفكر بالخيال والكاتب بالقارئ وتتصاعد منه الحوارات حول الإبداع وساحة نابضة بالفعاليات، ووجود أي كتاب في المعرض يضيف للكتاب من قيمة المعرض ذاته حتى إذا لم يتم بيعه مجرد نزوله المعرض يعطيه قيمة حضورية بجانب قيمته الفكرية وهذه ليست بأولى مشاركاتي هذه تعتبر الثانية وليست الأخيرة.

لماذا اخترت القاهرة لنشر أولى رواياتك؟

أخترت معرض القاهرة الدولي للكتاب أولا القاهرة بالنسبة لي ليست مجرد مدينة بل هي ذاكرة أدبية عملاقة ومهد للحضارات ومنارة للمفكرين والكتاب واخترت القاهرة للنشر لأني أردت أن تولد أولى رواياتي في بيئة تنفست أدب نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وطه حسين.. ذاكرة أدبية عملاقة كمصر تعيد إنتاج الأدب في عقول القراء مثل ما صنع الناقدين الذين ناقشوا روايتي بإثراء وتفصيل شامل.

ثانيًا اختيار المعرض كان توقيت إلهي من الله سبحانه وتعالى، واقتراح رجل ضليع بالنشر والطباعة (صاحب الدار) الذي أصدر روايتي "الشقرا والقمر"، والذي كان حريص على إصدارها في المعرض مؤكدًا أن إصدارها خارج المعرض سيميتها قبل أن تولد.. وبالنسبة لي فرصة إدخال روايتي ساحة نابضة بالفكر والفعاليات كمعرض القاهرة الدولي الذي يشهد إقبال جماهيري غير مسبوق تجربة مليئة بالنجاح مستحيل أن أتخلى عنها.

روايتك "الشقر والقمرا".. تشير إلى بعض الأحداث التي تحدث في غزة.. هل استلهمتي روايتك منها؟

استلهام الرواية ليس وليد أحداث اليوم وبالتأكيد تأثري بقضية أزلية تعتبر نزيف أمة وجرح دفين في الضمير الإنساني وتلك اللقطات والمشاهد الصعبة ملأت وجداني وفكري وبالتأكيد لا يمكن لأي كاتب أن ينفصل عن العالم حتى لو كتب عن عوالم موازية، والشقرا والقمر مغلفة بغلاف أدبي يمحنها أبعادًا تتجاوز الزمان والمكان لكي يواكب واقع الأحداث الجنونية التي فاقت الخيال.. وما يحدث حولنا لا يغذي أي قلم يبحث عن العمق بل يصيبه بالجنون. 

ماذا عن طقوسك في الكتابة؟

طقوسي في الكتابة هذا السؤال يوحي بأنك ربما تكن  كاتب فلا يدرك ويلم بأن الكتابة لها طقوس سوى كاتب مر بها لأن الكتابة تعتبر حالة من الإبداع المتوهج تحتاج إلى مساحة خاصة إلى صمت يتكلم إلى هدوء يصنع إيقاع أتفاعل معه مثل طقوس الطبيب الجراح سأستعين هنا بتشبيه مثال الطبيب يحتاج أن يعقم نفسه وغرفة العمليات تكن مجهزة لأن هذه بيئة العمليات الجراحية نفس الشيء بخصوص الكاتب يحتاج بيئة يصبح الخيال فيها أكثر وضوح من الواقع ليمتلئ بما تفاعل به فكرًا ووجدًا وتكن أقوى من مشتتات الحياة كلما أخذتني أعود مسارعة ومصممة ألا تأخذني الحياة من خيال ذهبت إليه وعبره إلى نسيج أحداث وشخصيات رواية ويظل العامل المشترك بين الكاتب والطبيب هو الشعور بأنهم على وشك الخروج بنتيجة جديدة مرضيه هم صنعوها بأيديهم.

بعد نفاذ الطبعة الثانية من روايتك.. هل ترين أنها حققت النجاح الذي كنتي تتمنيه؟

نفاذ الطبعة الثانية مؤشر رائع لكنه ليس غايتي لأن  النجاح في الأدب ليس مجرد رقم على غلاف الطبعة بل هو أثر يتركه الكتاب في نفوس قرائه كالأثر الذي تركته أنا في نفوس نقادي فعندما يقول لي دكتور جراح وناقد روائي أن الرواية تملكته لم تتركه ينام حتى الثالثة والنصف صباحًا وهو لديه عمليات في الصباح الباكر لكن لأول مرة تستفزه رواية تجعله يصطدم بمفاجآت في أحداثها وتحكي الواقع في خيال  أن تفعل الرواية هذا بأكبر النقاد وبآخر يشتهر بأنه ضليع في النقد والروايات وتصل سطور الشقرا والقمر إلى كل شخص تشعره أنها تلمس فيه شيء يربطه بالرواية أو يشعر أنه جزء منها هذا هو النجاح الحقيقي.. حوارك معي الآن لاكتشاف كاتبة الرواية أيضًا نجاح لكن يظل نفاذ الطبعة الثانية بالنسبة لي خطوة في رحلة طويلة من الإبداع والتأثير والعطاء.

ماذا عن أعمالك القادمة؟

أعمالي القادمة لديّ الكثير لكن أعمل على مشروعين روائيين جديدين يحملان طابعًا مختلفًا.. أكثر جرأة وتأثير أعمق.. أعد القراء بتجربة سردية تأخذهم إلى مكان غير متوقع تسافر بهم إلى جزيرة صنفتها اليونسكو تراث بيئي.. جزيرة نادرة بكل ما فيها  جزيرة سقطرى فيباسوكهادارا.. والعمل الآخر يحبس الأنفاس لأن المفاجآت كثيرة "سيدة الأعماق" تدور حول الأوهام التي نبنيها والحقائق التي نهرب منها.. ليست مجرد قصة بل رحلة لاستكشاف ما وراء الظاهر.

ذكرتي إنك لديكي مؤلفات كثيرة في ادراج مكتبك.. لماذا لم تخرج إلى النور أم انكي لم ترضي عنها؟

مؤلفاتي لم تخرج جميعها لا يوجد سبب بعينه لربما لأن اهتمامي أو خمولي  مرتبط بحياتي الأسرية وخاصة ابنتي، أغلب تركيزي لها ولهم لهذا لم أكن بهمة أو بالتزام تجاه كتاباتي وأكبر دليل على ذلك الشقرا والقمر، ظللت قرابة العام أحمس نفسي وأدفعها لإخراجها لجمال أسلوبها وتميزها، فيبدو السبب عندي أني من النوع الذي أعطي لحياتي الخاصة أكثر من الاهتمام والتركيز وهذا ما يشغلني عن حقوق مؤلفاتي عليا.

الحمد لله حمدًا يليق بجلال وجهه لا يوجد شيء كتبته أبدًا لم أرضى عنه لأن أي شيء أكتبه يجب أن يكن أقنع وجداني وفكري، وكليهما وجدي وفكري تشربوا من القيم والمبادئ والرسخ العقائدي ما يجعلهما أهلًا للامتلاء بما يليق بهما وبي وكذلك هما بمثابة خط دفاعي الأول الذي يرد عني ما لا يليق بملكّةْ الكتابة ولا يليق بقلمي  وبصمتي في عالم الأدب التي يجب أن تليق بي.

ماذا عن خيال المبدع.. وهل يؤثر عليكي في كتابتك؟

جميل هذا السؤال جدًا وعميق ويحتاج إلى تأمل ماذا عن خيال المبدع.. هو عالم آخر وليس له حدود.. ولا يؤثر عليا في كتاباتي لأنه هو من يصنعها.. خيال المبدع هو من يرسم القصة والأحداث ويستخدم يدي لكتابتها فقط.

هل نشأتك اليمنية وثقافتك.. تؤثر على كاتبتك؟

نشأتي اليمنية وثقافتي هما سبب تعرفي على موهبتي وهما سبب رعايتها وبنائها لأن البيئة اليمنية  والتعليم والعديد من الأسباب الأخرى تنشأ داخلك توازن يخرج منه إبداع.... أسئلتك رائعة.. تشمل بتفصيل حوارك الهدية الإلهية من الله جل جلاله لي وهي مَلكّة الكتابة.. تجعلني بتدرج الأسئلة أسافر لعالم جميل.. نفسي وفكري وبيئتي وقيمي.

في تقديرك.. لماذا يقبل القراء على روايات الخيال العلمي؟

في تقديري يقبل القراء على روايات الخيال العلمي لأنهم يبحثون عن الجديد والغريب وليس التقليدي.. طبيعة العقل ينجذب لكل شيء فيه إضافة ومغامرات.

من هم الكتاب الذي أثرو فيكي وتأثرتي بهم؟

من أبرز الكتاب بدون مبالغة وحقيقة أول من تأثرت بكتابته هو أبي رحمة الله عليه بكل التفاصيل.. جلوسه إلى مكتبه في المنزل كمن يؤدي نسك عبادة كم كان يعشق قلمه وفكره ، كتاباته ومفرداته أسلوب أنطبع داخلي ...ثم الكثير الذي كانت كتبهم العملاقة في مكتبة والدي رحمة الله عليه والكثير من الكتب الأجنبية المترجمة مثل دان بروان ودوستويفسكي وأجاثا كريستي بجانب نجيب محفوظ وكاتب تونسي كتاباته توازي الأدب العالمي لكن أسمه لم يعد يحضرني مع الأسف،  بالإضافة الكتاب الجدد مثل  أحلام مستغماني.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة معرض القاهرة الدولي للكتاب المزيد معرض القاهرة الدولی للکتاب ماذا عن ا یلیق

إقرأ أيضاً:

عاجل: غرامتها 5000 ريال.. "اليوم" ترصد فوضى الكتابة على الجدران ومطالبات بعقوبات أشد

رغم الجهود المتواصلة لتحسين المشهد الحضري، لا تزال جدران العديد من الأحياء والمدارس والمرافق العامة تعاني من ظاهرة الكتابات العشوائية، التي تحوّلت إلى مصدر للتلوث البصري، وتعدٍ واضح على الممتلكات العامة والخاصة، ما يعكس خللاً في الوعي المجتمعي، وسط مطالبات متزايدة بتشديد الرقابة وتغليظ العقوبات.راكان العنزي
ورأى مواطنون في استطلاع أجرته ”اليوم“ أن انتشار هذه الظاهرة يعود إلى ضعف الانتماء، وغياب الإحساس بالمسؤولية، معتبرين أن ما يراه البعض ”هواية فنية“ هو في حقيقته تخريب علني يشوه الصورة الحضارية للمدن.
أخبار متعلقة قبل 6 سنوات من استحقاقه.. 1,2 مليون متطوع يحققون أحد مستهدفات رؤية 2030"صُنّاع الذكاء" يُنمي مهارات الأطفال التقنية في جدةوأشار راكان العنزي إلى أن الكتابة على الجدران تمثل سلوكًا سلبيًا يُسيء للحيز العام والخاص معًا، مؤكدًا ضرورة توحيد الجهود لرفع مستوى الوعي، وطرح حملات إعلامية تثقيفية تحذّر من تبعات هذا التصرف وتربط بين الذوق العام والسلوك الحضاري.
بدوره، بيّن زياد الزهراني أن المدارس تشكل بيئة خصبة لانتشار هذه الظاهرة، لافتًازياد الزهرانيإلى أن الدوافع غالبًا ما تكون مرتبطة بالمراهقة ورغبة بعض الطلاب في إثبات وجودهم أو التعبير عن أنفسهم برسومات أو شعارات، وهو ما يترك انطباعًا سلبيًا لدى أولياء الأمور والزوار.
تجربة إيجابية
ونقل الزهراني تجربة إيجابية شهدها في إحدى المدارس التي تجاوبت مع شكاوى أولياء الأمور، وأزالت الكتابات من جدرانها، مطالبًا بتعميم استخدام كاميرات المراقبة حول المنشآت التعليمية لملاحقة المخالفين وإلزامهم بتحمّل تكاليف الإصلاح.
من جانبها، اعتبرت شيخة محمد أن هذا التصرف يعكس قلة احترام للممتلكات العامة، مطالبة بحلول وقائية مثل تثبيت ملصقات ولوحات تحذيرية في الأماكن الأكثر عرضة للتشويه، إلى جانب إدراج برامج توعوية داخل المدارس لترسيخ ثقافة الذوق العام منذ المراحل الدراسية المبكرة.مسعود علواني
فيما رأى مسعود علواني أن أغلب من يمارسون هذا السلوك هم من المراهقين أو من أصحاب التعليم المحدود، مؤكدًا أن الحل يكمن في تطبيق القانون بشكل صارم وعلني.
وأوضح أن الغرامات الحالية غير كافية لردع المخالفين، داعيًا إلى رفع قيمتها وتخصيص مساحات قانونية لعشاق الرسم والكتابة يمارسون فيها هواياتهم بشكل منظم.

.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } DSC_3547 DSC_3549 DSC_3551 DSC_3552 DSC_3608 var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
وفي المقابل، أبدى ناصر الهاجري تفاؤله بانحسار الظاهرة تدريجيًا، خاصة في المنطقة الشرقية، مرجعًا ذلك إلى زيادة الوعي المجتمعي، وتكامل الأدوار بين المدارس والأسر والجهات الرسمية.
وفي الشق النظامي، أوضح المحامي حسين فتح الله أن المادة الخامسة من لائحة الذوق العام تنص بوضوح على منع الكتابة أو الرسم على الجدران والمرافق العامة، ما لم يكن ذلك بترخيص رسمي من الجهة المختصة.
وأكد أن المخالفة تستوجب غرامة مالية تصل إلى 5 آلاف ريال، وتُضاعف في حال تكرارها، كما يجوز للمتضرر التظلم أمام المحكمة الإدارية المختصة.
عقوبات مشددة
ونوّه إلى أن العقوبات قد تتجاوز الغرامة لتشمل الملاحقة والسجن في حال ثبوت القصد أو التكرار، معتبرًا هذا السلوك أحد أبرز أشكال التشويه البصري التي تتطلب تدخلًا عاجلًا من مختلف الجهات المعنية.
وشدد على أهمية تكاتف الجهود لمكافحة هذه الظاهرة التي تمس الذوق العام، مؤكدًا أن المملكة خطت خطوات كبيرة في هذا المجال، وأصبحت قدوة إقليمية في تحسين المشهد الحضري، مستشهدًا بتراجع هذه الممارسات في عدد من المدن مقارنة بما كانت عليه في السابق.

مقالات مشابهة

  • ألمانيا: الكارثة الإنسانية في غزة تفوق الخيال
  • 23 ظاهرة فلكية تضيء سماء أغسطس.. من زخات الشهب إلى اقترانات الكواكب والقمر
  • في حضن الألم.. منار تشعل شمعة الأمل وتغني للحياة بسرطان الأقصر
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • غوتيريش: سكان غزة يعانون كارثة إنسانية لها أبعاد مروعة
  • غوتيريش: سكان غزة يعانون من كارثة إنسانية لها أبعاد مروّعة
  • الطريق إلى زيكيم.. غزيون يبحثون عن لقمة عيش بين مخالب الموت
  • عاجل: غرامتها 5000 ريال.. "اليوم" ترصد فوضى الكتابة على الجدران ومطالبات بعقوبات أشد
  • بعد القبض على رمضان صبحي في مطار القاهرة.. تعرف على الاتهامات والعقوبة التي يواجهها
  • الكتابة من تحت الأنقاض.. يوسف القدرة: في الشعر لغة فرط صوتية ضد عار العالم