نحن في زمن الهوان العربي، في أيام لا يعلم نهايتها إلا الله، يقرر الآخرون عنا، ويفرضون رأيهم، ويجاهرون بعدائهم، بينما يحاول العرب الصراخ في وجه ظالميهم، ومع ذلك لا يستطيعون اتخاذ موقف واضح، وحاسم، وصريح، يأتي «ترامب» الرئيس الأمريكي ليعلن خطته حول تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وإعادة استعمارها من قبل بلاده، ويقترح أوطانا بديلة لسكان غزة، وكأنه يجلس في دكان سمسار يعرض بضاعته على المارة، بل ويؤكد ثقته المطلقة أن مصر والأردن و«دولا أخرى» ستقبل عرضه عاجلا أم آجلا، يصرح بذلك، ولا يشكك فيه، ويضغط على الدول العربية من باب «المعونات الأمريكية» التي تعتمد عليها اقتصادات بعض الدول العربية، وهي ورقة مساومة، وضغط كبيرين، ولا نعلم ما الذي تحمله الأيام القادمة.
في المقابل يطل «بنيامين نتنياهو» برأسه، مدفوعا بتصريحات حليفه الأمريكي ليعلن «أن على السعودية إقامة الدولة الفلسطينية على أراضيها»، ولأنه لا يعرف معنى الوطن، ولأنه سارق لأراضي الآخرين، يعتقد الرجل أن الصفقة يمكن أن تمر، ويمكن له أن يهجّر المواطنين الأصليين من أراضيهم، كما فعل أسلافه الأوروبيون في الولايات المتحدة قبل قرون حين أبادوا سكان الأرض الأصليين، واحتلوا ترابهم، وسكنوا في مساكنهم، وصار الهنود الحمر مجرد «أوباش ومتوحشين» في أفلام رعاة البقر الأمريكية.
يعتقد «نتيناهو» ومن خلفه حليفه الأبدي «ترامب» أن الوطن مجرد بقعة أرض قابلة للبيع، والشراء، والعطاء، والهبة، والاستثمار، ولعلهم لم يستوعبوا الدرس البطولي الذي قدمه أهل غزة طيلة أكثر من 500 يوم للعالم، وهم يقاتلون، ويدفعون دماءهم ثمنا للحرية، ولم يفهم المحتل الإسرائيلي، والرئيس الأمريكي أن الأوطان ليست للبيع، وأن فلسطين قادمة لا محالة، شاءوا أم أبوا، وأن هذه التصريحات المجنونة وغير المسؤولة، لتشتيت انتباه العالم عن القضية الأصلية، وإلهاء أعين الدول الحرة عن الملاحقات القانونية ضد القتلة، ومرتكبي الإبادة الجماعية في غزة لن تجدي نفعا، وأن رمي كرة النار في ملعب العرب لاختبار ردة فعلهم لن يكون في صالح تحالفاتهم على المدى البعيد، وأن سياسة الإملاءات الحمقاء لن تغيّر من الوضع شيئا، وأن القضية الفلسطينية ستنتصر شاء من شاء، وأبى من أبى، وأن الأوطان ليست للتنازل أو المساومة. إن الفوضى السياسية التي يشعلها «ترامب» والتعامل بفوقية تجاه كل العالم حتى حلفائه المقربين، ستزيد من عزلة الولايات المتحدة، وسيضع هذا الرئيس خلال السنوات الأربع القادمة العالم على شفا «الجحيم»، وسيضع على كاهل الرئيس القادم للولايات المتحدة عبئا كبيرا، لإزالة الركام، والأنقاض التي سيخلفها خلال فترة رئاسته، وسيكون للقرارات الارتجالية التي يتخذها ضد كل دولة لا تروق له، أثر كبير على تحالفات بلاده، فمنذ اليوم الأول اتخذ الرئيس الأمريكي قرارات تشبه الخيال، ولا تستند إلا إلى غطرسة أمريكية فعلية، فمع سياسة ترحيل المهاجرين، إلى الدعوة لضم كندا إلى دولته، إلى فكرة احتلال جزر «جرينلاند»، إلى منع المساعدات عن دولة جنوب إفريقيا بسبب موقفها من حرب غزة، إلى فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، و«وعده» بإنهاء الحرب في أوكرانيا في «أسرع وقت»، بضم كييف إلى روسيا!!.. وما هو آت من بنات أفكار الرئيس الأمريكي لا يمكن توقعه. يجلس الرئيس الأمريكي على تلة عالية، في برج عاجي، يقسّم العالم، ويتصرف بعقلية الحاكم المطلق للكرة الأرضية، ولكن ما يعنينا من كل مقترحاته الغريبة، هو دعوته إلى اقتلاع سكان غزة من أراضيهم، دون عودة، واستيلاء الولايات المتحدة عليها، وهو يعني بالطبع استيلاء «إسرائيل» على القطاع، والتي ستبوء بالفشل حتما، ومع ذلك لا نعلم ما الذي يخبئه «ترامب» في جعبته خلال فترة رئاسته الحالية، ولا يمكن التكهن بالنقطة التي يقود العالم إليها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الرئیس الأمریکی
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي يلتقي وفد رجال الأعمال الأمريكيين في المنتدى الاقتصادي المصري الأمريكي
استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، وفد رجال الأعمال الأمريكيين المشاركين في المنتدى الاقتصادي المصري الأمريكي المنعقد بالقاهرة، حيث ترأس الوفد "سوزان كلارك"، رئيسة غرفة التجارة الأمريكية، و "جونكريسمان"، رئيس مجلس الأعمال الأمريكي المصري ورئيس شركة "أباتشي"، وبحضور الدكتور مصطفى مدبولي،رئيس مجلس الوزراء، والمهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل،والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الإقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس قد عقد، قبل الجلسة الموسعة مع رجال الأعمال الأمريكيين، لقاءً مع "سوزان كلارك"، رئيسة غرفة التجارة الأمريكية، و"جون كريسمان"، رئيس مجلس الأعمال الأمريكي المصري ورئيس شركة "أباتشي"، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والمهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، والدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجيةوالهجرة وشؤون المصريين في الخارج، أعرب خلاله سيادته عن إستعداد مصر للتعاون مع مجتمع الأعمال والمستثمرين الأمريكيين في كل المجالات الاقتصادية محل الإهتمام المشترك، خاصة مع توجهات الرئيس ترامب الداعمة لتعزيز التعاون المشترك بين الشركات المصرية والأمريكية، مؤكداً سيادته على تطلع مصر لأن تكون مركزاً صناعيا كبيراً للصناعات الاميركية، مع كونها سوقاً كبيراً وبوابة الى المنطقة العربية والقارة الأفريقية، خاصة مع العلاقات الوطيدة التي تجمع مصر بدول القارة. وأكد الرئيس كذلك على تطلع مصر لإنشاء منطقة صناعية أمريكية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مشدداً على أن الجانب المصري مستعد لتقديم كل التسهيلات اللازمة للمستثمرين الأمريكيين، ومشيراً الى أن الاستثمار في مصر يعتبر فرصة لأي مستثمر، خاصة مع ما تتمتع به مصر من إستقرار سياسي، وإستقرار مجتمعي "توعوي" لدى الشعب المصري، قائم على وعي المواطنين وصلابتهم في تحمل الإصلاحات الإقتصادية الكبيرة القاسية التي تم تطبيقها تحقيقاً للصالح العام، وفي ظل الظروف السياسية الصعبة التي تمر بها المنطقة وما ترتب عليها من تداعيات. ومن جانبها، أشارت السيدة سوزان كلارك إلى أن زيارة وفد رجال الاعمال الأمريكيين الى مصر يؤكد قوة ومتانه علاقة التحالف الإستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية،موضحة ان الشركات الامريكية العاملة في مصر تحقق نجاحات ملموسة وتساهم في عملية التنمية بمصر، وتعتبر نموذجاً يحتذى به في نجاح التعاون الثنائي بين البلدين، على غرار شركة آباتشي، وهو الأمر الذي ثمنه الرئيس،معرباً عن تقديره لنجاح اعمال شركة آباتشي في مصر وتوسيع نطاق عملها بها.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أنه قد أعقب ذلك عقد إجتماع موسع للسيد الرئيس مع ممثلي الشركات الأمريكية، استهلّه السيد الرئيس بالترحيب بهم، والتأكيد على عمق ومتانة العلاقات الإستراتيجية المصريةالأمريكية، وحرص مصر على تعزيزها في كافة المجالات بما يخدم مصالح الطرفين، لا سيما في المجالات الإقتصاديةوالتجارية والاستثمارية، مشيراً إلى أن مصر سوق كبير، وبها بنية أساسية جاهزة ومتقدمة لإستقبال الإستثمارات،وانه تم إجراء إصلاحات تشريعية لدعم جهود جذب الإستثمارات الأجنبية، وان بمصر مناطق كالمنطقة الإقتصاديةلقناة السويس تقدم كل التسهيلات لعمل الشركات والمستثمرين الأجانب، مستعرضاً سيادته الجهود الضخمة التي تقوم بها الحكومة المصرية في إطار برنامج الإصلاح الإقتصادي، مما ساهم في تحسين مؤشرات الإقتصاد الكلي بشكل ملحوظ، وتعزيز الإنتاجية، وخلق فرص عمل.
وذكر المتحدث الرسمي أن الرئيس قد نوه إلى الفرص الكبيرة المتاحة للمستثمرين الأجانب في مصر، خاصةً في ضوء موقع مصر الجغرافي المميز، الذي تلعب من خلاله دور البوابة للاسواق العربية والأفريقية وكذا إلى أوروبا،معرباً سيادته عن الترحيب بالاستثمارات الأمريكية، سواء القائمة أو الجديدة، وان الدولة مستعدة لتقديم كافةالتسهيلات اللازمة وتذليل أية عقبات لضمان نجاح عمل الشركات والمستثمرين الأمريكيين في مصر، وذلك تقديرًا لخصوصية العلاقات المصرية الأمريكية. وأشار الرئيس في هذا الصدد إلى حرص الدولة على تعزيز دورالقطاع الخاص في دفع عجلة التنمية الاقتصادية.
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن الإجتماع تناول مجالات الإستثمار التي تشكل أولوية لمصر، التي تشمل قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذكاء الاصطناعي، انتاج الأجهزة الطبية والأدوية، قطاع صناعة السيارات، إنتاج الطاقة المتجددة، التشييد والبنية التحتية والصناعات الغذائية، وذلك لما تمتلكه مصر من ميزات تنافسية في تلك القطاعات، حيث أكد السيد الرئيس في هذا الخصوص على الأولوية التي تعطيها مصر لتوطين الصناعة.
وأوضح المتحدث الرسمي أن الرئيس إستمع إلى مداخلات من عدد من أعضاء الوفد الأمريكي، الذين عبّروا عنتقديرهم للإهتمام الذي توليه الحكومة المصرية لدعم الإستثمار والتنمية الإقتصادية، مؤكدين حرصهم على الإستفادة من الفرص الواعدة التي يتيحها السوق والإقتصاد المصري، بما يحقق المصالح المشتركة للجانبين.