محللون: العرب مطالبون بتثبيت الفلسطيني على أرضه قبل الحديث عن أي ترتيبات
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
يرى محللون تحدثوا لبرنامج "مسار الأحداث" أن الدول العربية التي تعكف على بلورة خطة بشأن قطاع غزة مطالبة بإعطاء الأولوية لتثبيت الفلسطيني على أرضه، عبر الإسراع بإعادة الإعمار.
وذكرت وكالة رويترز أن العاصمة السعودية الرياض ستستقبل في وقت لاحق من الشهر الجاري اجتماعا لمناقشة الأفكار المبدئية، بمشاركة كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات.
وأضافت الوكالة أن السعودية تقود جهودا عربية عاجلة للتوصل إلى خطة بشأن مستقبل قطاع غزة، وأوضحت أن خطة مصرية تبدو الأقرب للتوافق عليها قبل اجتماع القمة العربية المرتقب، وهي الخطة التي ستكون بديلا في مواجهة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة.
وحسب الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، د. لقاء مكي، فإن الدول العربية التي ستجتمع في الرياض ستحاول امتصاص زخم الخطة الأميركية المتعلقة بتهجير سكان غزة، "لكن الشيطان يكمن في التفاصيل"، ولم يستبعد أن يواجه العرب تعقيدات في التفاصيل، لأن الشروط الأميركية والإسرائيلية تقضي بمنع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من الحكم وربما منعها من البقاء في القطاع.
وقبل أن تتوضح ملامح الخطة العربية، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إنّ "أي خطة تعيد حركة حماس إلى حكم القطاع وإدارته ستعني إعادة الأمور إلى ما كانت عليه من قبل".
إعلانووفقا لثلاثة مصادر أمنية مصرية، فإن أحدث مقترح قدمته القاهرة يتضمن تشكيل لجنة فلسطينية لحكم قطاع غزة دون مشاركة حركة حماس، وتعاونا دوليا في إعادة الإعمار دون تهجير الفلسطينيين، إضافة إلى المضي نحو حل الدولتين.
وفي السياق نفسه أشار مكي إلى أن إسرائيل حاولت في السابق إقامة كيانات محلية وقبلية لحكم غزة وطرحت بعض الأسماء مثل القيادي السابق في حركة التحرير الوطني (فتح) محمد دحلان، لكنها في فشلت في ذلك.
المقاومة فعل جوهري
وبرأي المحلل السياسي والباحث في معهد الشرق الأوسط، د. حسن منيمنة، فإن الأولوية هي أن يقوم العرب بتثبيت الفلسطيني على أرضه، فخطة الإعمار هي الأساس وبعدها يتم التفاوض على الاعتبارات الأمنية والاجتماعية.
وشدد على أن المقاومة الفلسطينية هي فعل جوهري وهي نتيجة الاحتلال الإسرائيلي، و"عندما تقدم ضمانات أمنية للاحتلال فلا يجب أن تكون على حساب تقويض الأمن الفلسطيني"، يضيف منيمنة، الذي أوضح أن الخطة العربية وضعت نواتها مصر، ولكن لابد من استشارة كل الأطراف العربية من أجل ضمان الحق الفلسطيني.
وقال المحلل السياسي في هذا السياق إن للسعودية دورا أساسيا وهاما جدا، خاصة في ظل العلاقة المميزة بين ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس الأميركي، ومن شأن المملكة إذا تولت موضوع غزة أن تقدم لترامب المخرج مما سماها الموقف الساقط الذي وقع فيه، في إشارة إلى طرحه مسألة الاستيلاء على غزة وتهجير سكانها.
وأردف أن مسؤولية القطاع الفلسطيني هي عالمية، و"العالم شاهد كيف مولت وسلحت الولايات المتحدة الأميركية إسرائيل"، ويرى منيمنة أنه من المهم أن يطرح ولي العهد السعودي الخطة العربية على الصين وروسيا وبقية دول العالم وليس على ترامب وحده كي يرضى عنها.
نتنياهو سيماطلوحول الموقف الإسرائيلي من الخطة العربية التي تجري بلورتها، رجح الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية، د. محمود يزبك أن يناور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كعادته و"يحاول أن يركب على أكتاف ترامب لتغيير الشرق الأوسط كما صرح بذلك أكثر من مرة".
إعلانوذكّر بأن نتنياهو فشل فشلا ذريعا في قطاع غزة، والإسرائيليون أنفسهم يؤكدون على هذا الفشل، ولذلك لا ينبغي للعرب -يضيف يزبك- أن يعطوا نتنياهو أكثر من حجمه، ولو اتخذوا قرارا ببقاء سكان غزة في غزة فلن يستطيع فعل شيء.
ويرى في السياق نفسه أن يكون هناك برنامج عربي توكل خلاله السلطة الفلسطينية بإعادة الإعمار وعدم إدخال إسرائيل في الموضوع، لأنها ستماطل من أجل دفع الغزيين للهجرة خارج أرضهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الخطة العربیة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
محللون: غزة لن تتبخر وإسرائيل خسرت أمورا لا يمكن تعويضها
دفع الفلسطينيون في قطاع غزة أثمانا بشرية واقتصادية فادحة خلال الحرب الأخيرة، لكن ما دفعته إسرائيل من تماسكها الداخلي وصورتها العالمية لا يقل فداحة، بل ولا يمكنه تعويضه، كما يقول محللون.
فقد قتلت إسرائيل نحو 55 ألف مدني -أغلبيتهم من النساء والأطفال- خلال 600 يوم من الحرب، ودمرت القطاع بشكل شبه كامل تقريبا، لكنها لم تحقق أهدافها المتمثلة في إنهاء المقاومة واستعادة الأسرى وجعل غزة منزوعة السلاح، كما يقول الخبير العسكري العميد إلياس حنا.
ووفقا لما قاله حنا خلال برنامج "مسار الأحداث"، فقد فشلت إسرائيل في تحقيق المنجزات العسكرية إلى مكاسب سياسية، في حين خسرت صورتها الإستراتيجية عندما باغتتها المقاومة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفشلت في الحسم السريع، وتحولت من الردع العسكري إلى معاقبة المدنيين.
وإلى جانب ذلك، يقول حنا إن إسرائيل ذهبت إلى ساحة قتال أعدتها المقاومة مسبقا وحددت طريقة الحرب فيها، مضيفا أن تل أبيب غيرت تكتيكاتها أكثر من مرة لكن النتائج بقيت واحدة.
فشل سياسي وانقسام سياسي
ولعل هذا الفشل في استغلال النجاحات العسكرية سياسيا هو ما جعل الحرب سببا لانقسام داخلي إسرائيلي غير مسبوق بعدما كانت محط إجماع في بدايتها، كما يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية ساري عرابي.
إعلانولم يعد هذا الانقسام محصورا في جدوى مواصلة هذه الحرب، ولكنه تجاوزها إلى صراع على شكل إسرائيل التي يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية جعلها بلدا دينيا مستبدا يطوف حول شخصه هو، وفق تعبير عرابي.
ولا يمكن لإسرائيل تجاوز تداعيات هذا الخلاف -برأي عرابي- لأنه خلاف على مستقبل إسرائيل التي أسسها آباء علمانيون كملاذ آمن لكل يهودي في العالم، وحددوا طريقة إدارة الصراع مع الفلسطينيين ومع العرب.
فعلى مدار تاريخها كانت هذه الدولة تقدم حياة اليهودي على أي مكسب، في حين نتنياهو واليمين المتطرف يقدمان ما يعتبرانها "أرض إسرائيل" على حياة اليهود، وبالتالي فهم يحاولون ضرب كل ما قامت عليه هذه الدولة، كما يقول عرابي.
وتكمن خطورة هذا الخلاف الإسرائيلي -برأي الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي- في أنه يضرب كيانا لا جذور له، ودائما ما تعامل مع الحروب بجدية لم تعد موجودة اليوم.
خسارة لا يمكن تعويضها
لذلك، يرى مكي أن غزة دفعت ثمنا بشريا واقتصاديا هائلا خلال هذه الحرب، لكنه يرى أيضا أن "إسرائيل هي الأخرى دفعت أثمانا سياسية واجتماعية باهظة بعدما تمرد عليها الأوروبيون، وأصحبت الولايات المتحدة تتعامل معها كعبء".
كما خسرت إسرائيل أيضا -والحديث لمكي- من خلال تجميد اتفاقات التطبيع لأجل غير مسمى، فضلا عن طلب المحكمة الجنائية الدولية توقيف نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.
ومع الاعتراف بأن لكل حرب أثمانها التي يجب دفعها -يضيف مكي- "سنجد أن المقاومة الفلسطينية حققت نجاحا سياسيا كبيرا خلال هذه المواجهة التي صمدت فيها 600 يوم، ووصلت إلى التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، في حين حزب الله اللبناني -الذي كان أقوى جماعة مسلحة في العالم- لم يصمد أكثر من شهرين أمام إسرائيل".
إعلانلذلك، يعتقد الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات أن كلا الطرفين دفع ثمنا لهذه الحرب، وأن كليهما استفادا منها، لكنه يرى أن ما خسرته إسرائيل أخلاقيا لا يمكن تعويضه، خصوصا أنه دفع دولا إلى المطالبة بالاعتراف بدولة فلسطين، في حين المقاومة ستفرض سرديتها لو خرجت من هذه المواجهة دون التخلي عن سلاحها.
وخلص مكي إلى أن أهل غزة "لن يتبخروا أبدا"، وأن العبرة بالمكاسب التاريخية وليست بالخسائر البشرية، مشيرا إلى أن حركة فتح -التي تحكم فلسطين اليوم- "اكتسبت شرعيتها بالمقاومة المسلحة التي جعلت الرئيس الراحل ياسر عرفات يتحدث أمام الأمم المتحدة".