قوة دفاع البحرين بين حفظ الامن الداخلى والمساهمة فى الاستقرار الاقليمى
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
بقلم: حامد محمود
كاتب متخصص فى الشئون الاقليمية والدولية
يمثل الخامس من فبراير من كل عام ذكرى تأسيس قوة دفاع، وتعود فكرة إنشاء قوة دفاع البحرين إلى الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد في العام 1968، حينما كان وليًا للعهد، حيث تعود الفكرة اليه وهو من وضع هيكلها ومسارها، وأشرف على تأسيسها، وتابع مراحل تطورها عسكريًا وتسليحيًا وبشريًا بداية من تشكيل القوات البرية، فالقوات الجوية والبحرية، ثم تأسيس الأسلحة الرئيسية.
وعلى مدار هذه العقود، واكب الملك حمد بوصفه القائد الاعلى للقوات المسلحة تطور فوة دفاع البحرين، حيث اشرف على مدها بالأسلحة الحديثة والمتطورة، استطاعت قوة دفاع البحرين على مدى السنوات أن تصل إلى أعلى درجات الكفاءة والجاهزية بشريًا وتسليحيًا وخططيًا، لتحقق منجزات عسكرية تضاهي في تطورها ما تمتلكه جيوش كبريات الدول ذات التاريخ العسكري العريق.
وخلال ما يربو على نصف قرن من الزمان، لعبت قوة دفاع البحرين دورا هاما فى مواجهة التحديات التى واجهت البحرين سواء خارجيا حيث المطامع الايرانية والتوترات فى المنطقة التى تسعى الى تغذيتها، زداخليا حيث تسعى ايضا الى محاولة اللعب بالورقة الطائفية.
ولعل احداث فبراير من عام 2011 كانت الاختبار الاقوى لقوة دفاع البحرين، حيث لعبت دورا بارزا حينما حينما واجهت البلاد فتنة كادت أن تهدد البلاد وتشيع الفوضى وعدم الاستقرار، تأثرا بما أطلق عليه «ثورات الربيع العربي»، , وكان لقوة دفاع البحريد دور هام بالتصدي للمؤامرة وإحباطها، خصوصا مع صدور المرسوم الملكي رقم 18 لسنة 2011 بإعلان حالة السلامة الوطنية في جميع أنحاء مملكة البحرين لمدة 3 أشهر، وتكليف القائد العام لقوة الدفاع باتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية اللازمة للمحافظة على سلامة المملكة والمواطنين
وعلى مدى 57 عامًا شهدت قوة دفاع البحرين تطورًا شاملاً ومتكاملاً كان له الأثر البالغ في ترسيخ مكانتها وموقعها، وأهّلها للقيام بواجبها المقدس في حماية الوطن ومكتسباته وسلامة حدوده ودرء الأخطار التي تحيط به، وهو ما يمكن رصده في العديد من النقاط، ومنها:
أولاً: الحرص المستمر على الارتقاء بمستويات منتسبي وأفراد قوة دفاع البحرين من ضباط وضباط صف وأفراد، عبر منظومة كاملة من التطوير لآليات وبرامج التدريب لرفع جاهزيتهم وصقل قدراتهم وفق أحدث النظم العسكرية ، حيث تم التوسع في برامج التدريب والتمارين المشتركة مع الدول الصديقة في القطاعات البرية والجوية والبحرية، والتي تهدف إلى اختبار مدى ما وصل إليه رجال قوة دفاع البحرين من جاهزية تامة واقتدار في تنفيذ المهام الموكلة إليهم وتأكيدًا لإتقان فنون ومهارات العمليات العسكرية الميدانية، ومواكبة لكل المستجدات في مجال التقنيات والمنظومات القتالية الحديثة والمتطورة من خلال الدورات المتخصصة.
وكان من أبرز التمرينات في العام 2022، “التمرين البحريني الإماراتي المشترك لمكافحة الإرهاب (جلمود3)”، والذي شاركت فيه قوات من الحرس الملكي وعدد من أسلحة ووحدات قوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية وجهاز المخابرات الوطني، وكذلك التمرين المشترك “الدفاع المتوهج ” 22 (Neon Defender، والذي نفذته عدد من أسلحة ووحدات قوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية متمثلة بخفر السواحل والقيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية (NAVCENT) ، وأيضا التمرين المشترك (الدرع الواقي/ 11)، وشاركت قوة دفاع البحرين ممثلة بالقوة الخاصة الملكية بمشاركة مجموعة من قوات السلطان الخاصة التابعة لقوات السلطان المسلحة بسلطنة عمان الشقيقة.
كما تقوم الكلية الملكية للقيادة والأركان والدفاع الوطني بدور هام في تأهيل وإعداد الضباط للعمل في مختلف وظائفهم القيادية ومجالاتهم العسكرية مما سيساهم في رفع جاهزيتهم وقدراتهم القتالية، وتهيئة المعاهد والمدارس العسكرية القائمة وتوفير المناهج والمتطلبات التدريبية المرتكزة على أحدث الأسس والأساليب والعلوم العسكرية الحديثة.
ثانيًا: التطوير والتحديث المتواصل للمنظومة التسليحية ورفد قوة دفاع البحرين بأحدث المعدات والأسلحة العسكرية والتجهيزات الإدارية، كما جرى الاهتمام بوضع أسس لصناعات عسكرية وطنية من خلال الأمر الملكي رقم (23) لسنة 2022، بإنشاء “المؤسسة العسكرية لتطوير التصنيع الحربي” في قوة دفاع البحرين بهدف تطوير التصنيع الحربي وتنظيم النشاطات الخاصة بالتصنيع الحربي في القوة بما يشمل القيام بتصميم وتطوير وتعديل الأنظمة الدفاعية والأمنية باستخدام التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى إنشاء المصانع الخاصة بالأسلحة والذخائر والعتاد الحربي وتصنيع التقنيات الحديثة.
ثالثًا: الاهتمام بالبنية التحتية العسكرية في مختلف المنشآت العسكرية بهدف تعزيز جاهزيتها وكفاءاتها، والعمل على تزويدها بأحدث الأنظمة المقاتلة والأسلحة والمعدات، مما جعلها تحقق نموًا في مختلف وحداتها وأسلحتها وتكون على أهبة الاستعداد للحفاظ على أمن الوطن وسلامته.
رابعا: تقوم قوة دفاع البحرين بدور هام على المستويين الإقليمي والدولي، من أجل المحافظة على السلام والأمن والأمان في المنطقة، وتأمين استمرار تدفق النفط للعالم، والمساهمة في محاربة الإرهاب والقرصنة ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، فضلا عن المشاركة في عمليات الإغاثة الإنسانية الدولية.
وتساهم قوة دفاع البحرين بدور كبير مع القوات المسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي في الدفاع عن دول المجلس وتنفيذ الالتزامات الواردة في اتفاقية الدفاع المشترك، وكذلك مع القوات المسلحة العربية في إطار اتفاقية الدفاع العربي المشترك لجامعة الدول العربية، لتقدم رسالة سلام تعكس الوجه الحضاري لمملكة البحرين وشعبها.
حيث شاركت قوة دفاع البحرين ممثلة في سلاح البحرية الملكي البحريني ضمن “القوات البحرية المختلطة”، وهو تحالف بحري متعدد الجنسيات، يهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المياه الدولية للشرق الأوسط. وتسعى هذه القوة إلى مكافحة الإرهاب وعمليات القرصنة والحد من الأنشطة غير القانونية، وتوفير بيئة بحرية آمنة، كما تسلم سلاح البحرية الملكي البحريني قيادة قوة الواجب المختلطة(CTF152) والخاصة بحفظ الأمن البحري في الخليج العربي لثلاث مرات.
خامسا: تقوم قوة دفاع البحرين بدور حيوي في دعم المسيرة التنموية والحضارية الشاملة في مملكة البحرين من خلال تقديم الخدمات الصحية رفيعة المستوى من خلال المستشفى العسكري، ومستشفى الملك حمد الجامعي، ومركز محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة التخصصي للقلب، ومركز البحرين للأورام، والكتيبة الطبية الميدانية، والتي تدار بطواقم وكوادر طبية مدربة طبيًا وفق أعلى المستويات لتقديم الرعاية الصحية اللازمة وتوفير الخدمات العلاجية المطلوبة، إلى جانب إسهامات قوة دفاع البحرين الكبيرة في مجال الإسكان، كما قامت بالعديد من الجهود في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19)، والتصدي لتداعياته، و أنشأت قوة دفاع البحرين بالخدمات الطبية الملكية أحد أكبر مراكز العناية الفائقة في المملكة.
إن قوة دفاع البحرين خلال هذه العقود استطاعت ان تلعب دورا حيويا، ما بين المحافظة على حماية المملكة وأمنها والدفاع عن استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها، وما بين المساعدة فى حفظ وصون الامن الاقليمى والدولى.
Tags: البحرينالملك حمد بن عيسىحمد بن عيسىالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: البحرين الملك حمد بن عيسى حمد بن عيسى قوة دفاع البحرین من خلال حمد بن
إقرأ أيضاً:
وزير الاسثتمار: مصر تنفذ برنامجا للإصلاح الاقتصادي والهيكلي لتعزيز الاستقرار المالي
عقد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، اجتماعًا مع دانيال بينتو، نائب رئيس مجلس إدارة شركة “جي بي مورجان تشيس” وأحد أبرز قيادات القطاع المالي العالمي، على هامش مشاركته في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين.
جاء ذلك؛ لبحث سبل تعزيز التعاون بين الحكومة المصرية والمؤسسات المالية الدولية في دعم جهود الإصلاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وأكد الوزير خلال اللقاء أن الدولة المصرية تنفذ برنامجًا شاملًا للإصلاح الاقتصادي والهيكلي، يهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي والنقدي، وتحفيز النمو القائم على الإنتاجية والاستثمار، من خلال حزمة من السياسات المتناسقة في مجالات المالية العامة، والسياسة النقدية، والسياسة التجارية.
وأوضح أن الحكومة تعمل على ضبط معدلات العجز والدين، وتعزيز كفاءة الإنفاق العام، بالتوازي مع تطوير منظومة الإدارة الضريبية، وتخفيف الأعباء المالية غير الضريبية عن المستثمرين، عبر مراجعة الرسوم والتكاليف المفروضة من مختلف الجهات، وتحسين كفاءة التحصيل، وزيادة الشفافية واليقين الضريبي للمستثمرين.
تبسيط الإجراءات الجمركية والإدارية
واستعرض الوزير الإجراءات التي تم اتخاذها لتحسين بيئة الأعمال، خاصة ما يتعلق بتبسيط الإجراءات الجمركية والإدارية، وتقليص متوسط زمن الإفراج الجمركي من 16 يومًا إلى 5.8 أيام فقط، مع استهداف خفضه إلى يومين بنهاية العام، من خلال تفعيل حزمة جديدة من الإجراءات التنسيقية.
وأشار وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، إلى أن التحول الرقمي يمثل أحد الركائز الأساسية لتحسين مناخ الاستثمار، مشيرًا إلى التقدم في تفعيل المنصة الرقمية الموحدة للتراخيص والخدمات الاستثمارية، والتي تتيح للمستثمر التعامل مع مختلف الجهات من خلال نافذة إلكترونية واحدة، تسهم في تسريع الإجراءات وخفض التكلفة وزيادة الشفافية.
وشهد اللقاء مناقشة سبل تعزيز التعاون مع “جي بي مورجان تشيس” خلال المرحلة المقبلة، بما يتماشى مع أولويات الدولة المصرية في جذب الاستثمارات وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام، وخاصة في مجالات التعاون المالي وتطوير آليات تمويل مبتكرة تلبي احتياجات الاقتصاد المصري.
كما استعرض الوزير جهود اللجنة الوطنية للإعداد لانضمام مصر إلى تقرير “جاهزية الأعمال” الصادر عن مجموعة البنك الدولي، والتي أسفرت عن إعداد مصفوفة إصلاحات تضم 209 إجراءً تشمل تحسين الإطار التشريعي، ورفع كفاءة الخدمات الرقمية، وتعزيز شفافية البيانات، وتهيئة بيئة أعمال أكثر تنافسية وجاذبية للاستثمار المحلي والأجنبي.
وأشار الوزير إلى أن الدولة أطلقت لأول مرة سياسة تجارية وطنية موحدة تُترجم أهداف مصر في الاندماج في سلاسل القيمة العالمية، وتنمية الصادرات، وفتح الأسواق، وتسهيل الإجراءات التجارية، ودعم التصنيع المحلي، بما يخلق بيئة أعمال واضحة ومستقرة للمستثمرين.
كما عرض الوزير ملامح الاستراتيجية الجديدة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، والتي حددت أولويات الاستثمار في 13 قطاعًا اقتصاديًا واعدًا، من ضمنها السياحة، الطاقة، الصناعات الدوائية، مكونات السيارات، التصنيع الأخضر، والخدمات الرقمية.
وأكد أن الوزارة تعمل حاليًا على وضع خطة تنفيذية مفصلة وآليات متابعة دقيقة لضمان تحويل هذه الاستراتيجية إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.
وشدد على أن مصر تتمتع بمزايا تنافسية فريدة تؤهلها لتكون مركزًا إقليميًا للإنتاج والخدمات في ظل التحولات الجيوسياسية وسعي الشركات العالمية لإعادة تموضع سلاسل الإمداد، مشيرًا إلى أن مصر تجمع بين الموقع الجغرافي الفريد، شبكة متطورة من الموانئ والطرق، قوى عاملة مؤهلة، سوق محلية كبيرة، وتكلفة ممارسة أعمال هي من الأكثر تنافسية على مستوى المنطقة، فضلًا عن شبكة اتفاقيات تجارة حرة تتيح نفاذًا تفضيليًا لأسواق تضم أكثر من 2.5 مليار مستهلك.
من جهته، أشاد دانيال بينتو، بجهود الحكومة المصرية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، مؤكدًا أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق نمو مستدام وجذب استثمارات عالية الجودة.
وأعرب عن تطلع “جي بي مورجان تشيس” لتعزيز التعاون مع الحكومة المصرية في مجالات التمويل والاستشارات الاستثمارية، خاصة وأن السوق المصرية تُعد من أبرز الأسواق الواعدة في المنطقة لما تمتلكه من مقومات بشرية، موقع استراتيجي، وبيئة إصلاحية جادة.