جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-06@01:41:14 GMT

الهوية والمواطنة في عصر التحول الرقمي

تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT

الهوية والمواطنة في عصر التحول الرقمي

 

 

جنان العلوية

 

في ظل التغيرات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها عالمنا اليوم، أصبحت الرقمنة ضرورة لا غنى عنها في مختلف القطاعات، مما يفرض على الدول تحديات جديدة، خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على الهويات الوطنية أمام المد الرقمي الكاسح للقيم والأعراف المحلية. سلطنة عُمان، التي تفخر بتاريخها العريق وتراثها الغني، ليست بمعزل عن هذه التغيرات، فهي تسير بخطى واثقة نحو التحول الرقمي، الأمر الذي يثير تساؤلات جوهرية حول تأثير هذا التحول على الهوية والمواطنة العُمانية.

فكيف يمكن تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي من جهة والحفاظ على القيم الوطنية من جهة أخرى؟

ومع توسُّع الفضاء الرقمي، تبرز تحديات تتعلق بالحفاظ على الهوية الوطنية وما تحمله من عادات وتقاليد وقيم أصيلة. فقد أدى ازدياد الحضور الافتراضي للأفراد إلى ظهور أشكال جديدة للثقافة العُمانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية. ووفقًا لإحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات الصادرة في مارس 2024، فإن 94% من العُمانيين يمتلكون حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث يتصدر واتساب الاستخدام بنسبة 93%، يليه يوتيوب بنسبة 71%، ثم إنستغرام بنسبة 50%.

ورغم الإيجابيات التي يوفرها هذا الانتشار في نشر الثقافة العُمانية عالميًا، إلّا أنه يطرح تساؤلًا مهمًا: هل تستطيع الأجيال الرقمية الجديدة الحفاظ على الهوية الوطنية وسط التأثيرات الثقافية المتنوعة؟ فالتعرض المستمر للمحتوى العالمي قد يؤدي إلى تراجع بعض العادات والتقاليد لصالح ثقافات أخرى أكثر هيمنة على الفضاء الرقمي. لذا، لا بد من تعزيز المحتوى الرقمي المحلي كوسيلة للحفاظ على هذه الهوية.

ورغم هذه التحديات، فإن التحول الرقمي لا يشكل تهديدًا للهوية العُمانية بقدر ما يوفر فرصًا لتعزيزها، كما يتجلى في الجهود الحكومية والمجتمعية لدعم المواطنة الرقمية. تعمل الحكومة العُمانية على تنفيذ مبادرة التحول الرقمي، التي تهدف إلى رفع كفاءة المؤسسات الحكومية، وتحسين الخدمات الإلكترونية، وتعزيز سرعة إنجاز المعاملات، وهي خطوات تأتي ضمن رؤية "عُمان 2040" لتحقيق مجتمع رقمي متكامل.

إلى جانب تحسين الخدمات الحكومية، يعزز التحول الرقمي من شعور المواطن بالمسؤولية والمشاركة الفعالة، حيث أصبحت المنصات الإلكترونية أداةً للتواصل المباشر مع المؤسسات، مما يرسخ مفهوم المواطنة الرقمية. ومن بين الجهود البارزة لتعزيز الهوية العُمانية رقميًا، يأتي إنشاء متحف افتراضي يتيح للزوار استكشاف التراث العُماني بطريقة تفاعلية، مما يساعد في ربط الأجيال الجديدة بتاريخهم وهويتهم الوطنية. كما شهدت السلطنة إطلاق الهوية الترويجية الوطنية التي تعكس القيم والثقافة العُمانية، حيث تم إشراك المواطنين في اختيارها عبر تصويت إلكتروني، مما عزز من الوعي الجماعي بأهمية الهوية الوطنية.

إضافة إلى هذه الجهود، تسهم المؤسسات التعليمية والمبادرات الثقافية في تعزيز الهوية الوطنية من خلال التقنيات الحديثة، مثل تطوير المنصات التعليمية الرقمية التي تتيح للأجيال الجديدة التعرف على التراث العُماني بأساليب تفاعلية. كما أن تعزيز الأمن الرقمي وحماية البيانات الشخصية يعد من الأولويات، لضمان استخدام آمن يعزز القيم الوطنية ويحد من التأثيرات السلبية للعولمة الرقمية. وتعمل الحكومة على دعم المشاريع التقنية الناشئة التي تركز على المحتوى الرقمي العُماني، مما يسهم في نشر الثقافة المحلية عالميًا بطرق تتماشى مع العصر الرقمي.

وبينما تواصل سلطنة عُمان رحلتها الرقمية، يبقى التحدي الأكبر متمثلًا في كيفية تحويل هذه الطفرة التكنولوجية إلى قوة داعمة للهوية الوطنية. وهو تحدٍ يمكن التغلب عليه من خلال تضافر جهود المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني، لضمان أن يكون الفضاء الرقمي منبرًا يعزز قيم المواطنة والانتماء، تمامًا كما أثبت التاريخ العُماني قدرة العُمانيين على التكيف مع المتغيرات دون فقدان جوهرهم الأصيل.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السورية للبريد تناقش مع البريد القطري تعزيز التعاون المشترك في تطوير ‏خدمات البريد والتحول الرقمي

دمشق-سانا

ناقشت لجنة تسيير أعمال البريد برئاسة مدير الخدمات البريدية عماد شحادة ‏مع وفد من مؤسسة البريد في قطر برئاسة الرئيس التنفيذي لقطاع العمليات ‏البريدية حمد الفهيدة، سبل تعزيز التعاون المشترك في تطوير ‏خدمات البريد والتحول الرقمي، بما يواكب معايير الجودة العالمية.‏

وأوضح الجانب السوري خلال الاجتماع الذي تم عبر تقنية الاتصال ‏المرئي” عن بعد”، التحديات التي تواجه قطاع البريد السوري، والبنية التحتية ‏المتاحة والخدمات ‏المقدمة حالياً، مشيراً إلى الجهود المستمرة لإعادة تأهيل ‏المنظومة وتحديثها ‏رغم الظروف الصعبة.‏

بدوره، استعرض عضو الوفد القطري الرئيس التنفيذي لقطاع المعلومات ‏الرقمية حامد صادق تجربة بريد قطر في التحول الرقمي، وأهم ‏المشاريع في هذا المجال و‏المتضمنة خدمات فرز الطرود وأنظمة التتبع، ‏والخدمات ‏الإلكترونية، وتطبيقات الهاتف المحمول، والخزائن الذكية، ‏وإستراتيجيات ‏تحسين تجربة العملاء، وتطوير الخدمات اللوجستية.‏

‏ وفي ختام الاجتماع، اتفق الجانبان على تشكيل فرق عمل في المجالات: ‏التقني، ‏والطرود والبريد العاجل، وخدمات الدفع المالي، والتجارة ‏الإلكترونية، والتسويق ‏والمبيعات والأمن البريدي، مؤكدين أهمية تعزيز ‏التعاون في مجالات التحول الرقمي والتقني، وإعداد خطة تنفيذية لتدريب ‏فريق عمل البريد السوري تحت مظلة المكتب الدولي، وتعيين نقاط اتصال ‏لمتابعة التقدم في كل مجال، والتأكيد على أهمية الاستمرار في المتابعة ‏والتواصل الفعال لتنفيذ مخرجات الاجتماع.‏

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • "ڤودافون مصر" تعتمد على خبرتها العالمية في دعم جهود التحول الرقمي وتطلق تكنولوجيا ال" 5G" بأوسع تغطية
  • المنيا تستقبل وفد “Kids Camp” في جولة سياحية بالمناطق الأثرية لتعزيز الهوية الوطنية لدى النشء
  • عاجل.. "إي آند مصر" تطلق خدمات الجيل الخامس لدعم التحول الرقمي
  • ڤودافون مصر تعتمد على خبرتها العالمية في دعم جهود التحول الرقمي وتطلق تكنولوجيا ال 5G بأوسع تغطية في مصر
  • إي آند مصر تطلق خدمات الجيل الخامس لدعم التحول الرقمي
  • مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية تعاون بين مصر والاتحاد الدولي للاتصالات لتعزيز التحول الرقمي
  • وزيرة البيئة تطلق دليل المشروعات الصغيرة والمتوسطة الخضراء والآلية الرقمية
  • السورية للبريد تناقش مع البريد القطري تعزيز التعاون المشترك في تطوير ‏خدمات البريد والتحول الرقمي
  • سلام في الجلسة الختامية في مؤتمر الحكومة الذكية: التحول الرقمي هو مدخل لإصلاح ادارات الدولة
  • مجدي البدوي من جنيف: نشارك مؤتمر العمل الدولي لحماية كرامة العامل في ظل التحول الرقمي