عربي21:
2025-06-04@19:00:26 GMT

الصليب الأحمر بين الإنسانية والقوانين الدولية

تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT

لم تكن صدفة أو مواقف عابرة لا يلقي لها الإنسان بالا؛ تلك الهيئة التي كان عليها موظفو الصليب الأحمر في وقائع التسليم الأول والثاني والثالث للأسرى، والتي تمت ولا زالت تتم بين الاحتلال الصهيوني والمقاومة الفلسطينية. فشتان الفرق بين من كانوا في غزة يتسلمون أسرى الاحتلال بوجوه سيطر عليها الوجوم وحركات انفعالية وغضب على الوجوه مرسوم، وبين من كانوا هناك في سجن عوفر يتبادلون أطراف الحديث مع حراس السجن في وئام وانسجام وألفة ظهرت على وجوه ضاحكة في انتظار استلام الأسرى الفلسطينيين.

ثم نجد نفس هذه الوجوه وقد سادت عليها القسوة مع هؤلاء الأسرى وتعنيفهم داخل الباصات وكأنهم ليسوا ناجين من جحيم اعتقال غير إنساني وضحايا تعذيب جسدي ونفسي بحاجة إلى الدعم والاستيعاب.

ثم تدور بنا الأيام مسرعة لنصل إلى مرحلة تسليم 4 جثامين لأسرى من الاحتلال كانت طائراتهم الحربية هي من قتلتهم في الأسر أثناء عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي مارسه الاحتلال على مدار 15 شهرا، أمام مرأى ومسمع العالم المتحضر الذي ينتمي له موظفو هيئة الصليب الأحمر، ليُظهروا أثناء مراسم تسليم الجثامين فيضا غزيرا من الإنسانية وكرما محمودا من احترام الكرامة الإنسانية من خلال موكب مهيب وعمل سواتر تحجب التوابيت عن الكاميرات احتراما للميت.

ونتذكر مع تلك المشاهد منكرا وقع عند تسليم مئات الجثث من الأطفال والنساء والشيوخ من ضحايا توحش الاحتلال، وقد وضعهم الاحتلال الدموي في أكياس زرقاء داخل شاحنات نقل بضائع حيث ألقوا الجثث فوق بعضها البعض وكأنها أكياس قمامة وليسوا ضحايا أبرياء. وحتى لو كانوا عسكريين فلأجسادهم حرمة وكرامة يجب احترامها والتعامل معها وفق ما نص عليه القانون الدولي الإنسان واتفاقيات جنيف الأربع؛ التي تعمل من خلالها ووفق نصوصها منظمة الصليب الأحمر.. تذكرت كيف كان التعامل مع هذه الجثث بدءاً من استباحة الاحتلال لها قبل التسليم ثم وضعها في الأكياس الزرقاء وتحميلها في الشاحنات، وكيف تم تسليمها لوزارة الصحة في غزة وكيف حُملت كالذبيحة أمام المقبرة الجماعية التي أُعدت لهم ودُفنوا فيها.

لم يراعَ حينها من المنظمة الدولية ولم نلمس من موظفيها أي مسعى أو محاولة لاحترام جثث الفلسطينيين، تحقيقا لأبسط القيم الإنسانية وقواعد احترام جثامين القتلى مدنيين أو عسكريين، حتى في مشهد ظهرت فيه المنظمة الدولية وكأنها تخلت عن قيمها وتحللت من قواعد حددت لها وظائف وأدوارا إنسانية مع كل البشر دون تفرقة أو تمييز.

ثم ليستمر مسلسل السقوط المدوي لمنظمة الصليب الأحمر وممارسة التمييز العنصري وتحيزها الفج غير الإنساني مع طرف يمثل احتلالا وقوة لا تتوقف عن ارتكاب كافة صور التوحش والإبادة والتطهير العرقي؛ في وجه طرف يعاني من الاحتلال ويواجه آلة قتل بسبب مطالبته المشروعة بالحياة على أرضه وتخليصه من محتل مختل.. ممارسات لا نتمناها من منظمة دولية يقع على عاتقها مهمة مقدسة بجعل الحروب أقل إيلاما على العسكريين والمدنيين، وحماية التراث الإنساني ومتابعة مدى التزام الأطراف المتحاربة بقواعد القانون الدولي واحترام القيم الإنسانية، ولكن الدنيا لا تأتي بالتمني.

واقع مرير ومُركب في قسوته في ظل سيطرة مفهوم الإنسانية الانتقائية على عقول ونفوس الغرب بكل مؤسساته، المحلية أو الدولية، إنسانية قائمة على الفصيلة لا الفضيلة، فإذا كنت من المنتمين لها شُملت بالحماية حيا وميتا، أما إن كنت غير ذلك فقد خرجت في قاموسهم عن الجماعة الإنسانية!

أزعجتهم 4 توابيت هي أصلا من مظاهر تكريم الموتى وتعبر عن احترام الموتى، فحرصوا على إبعادها عن عدسات المُصورين، في حين أنهم أنفسهم لم يجدوا حرجا في تسليم مئات الجثامين كالذبائح في أكياس بعد وضعها في شاحنات فوق بعضهم البعض، قبل رميها في مقابر جماعية!

إن مثل هذه الإنسانية الانتقائية القائمة على الفصلية تمثل جريمة تمييز عنصري في حد ذاتها وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتقوم في جوهرها على غريزة حيوانيّة، فالإنسانية عنوان ينضوي تحت رايته كل إنسان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الصليب الأحمر الاحتلال غزة اسرى احتلال غزة الصليب الأحمر انسانية مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصلیب الأحمر

إقرأ أيضاً:

قوات الاحتلال تُفرج عن 8 معتقلين من قطاع غزة

أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، 04 يونيو 2025، عن ثماني معتقلين من قطاع غزة .

وأفادت مصادر محلية، بأن المُفرج عنهم نُقلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وسط القطاع، عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة بعد فترة احتجاز طويلة.

وبين الفينة والأخرى، يفرج الاحتلال عن أعداد من المواطنين الذين اعتقلهم منذ بدء الإبادة.

وحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، "لم تترك منظومة السجون بحسب إفادات لمجموعة من المعتقلين، أي أداة في سبيل سلبهم إنسانيتهم، ومحاولة كسرهم نفسياً، ومع مرور 20 شهراً على الإبادة، فإن الأوضاع وظروف الاعتقال لا تزال كما هي وفي المستوى نفسه، بل إنها تتفاقم، إذ يشكل عامل الزمن عاملا حاسماً في مصير المعتقلين، مع استمرار هذا التوحش في المستوى نفسه".

المصدر : وكالة وفا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من أخبار غزة المحلية "اليونيسف": انهيار القطاع الصحي يهدد حياة الأطفال في غزة بشكل خطير بالفيديو: قصف إسرائيلي يستهدف سطح مبنى الإدارة بمستشفى شهداء الأقصى في دير البلح "أكشن إيد": الحصول على الغذاء في غزة بات مصدرا آخر للموت الأكثر قراءة “سلاح قتل”: الجوع يَنهش صحفيي غزة تحت الحصار الإسرائيلي الهلال الأحمر الفلسطيني يعيد تشغيل خدمات النساء والتوليد في غزة سبب وفاة نعيمة بوحمالة الفنانة المغربية – ويكيبيديا تحميل تكبيرات الحج MP3 بدون نت بجودة عالية لمدة ساعة كاملة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتلال تُفرج عن 8 معتقلين من قطاع غزة
  • مراكز توزيع المساعدات الإنسانية.. «مصائد قاتلة» للمدنيين بغزة
  • جيش الاحتلال يحذر سكان غزة: لا تقتربوا من مراكز توزيع المساعدات الإنسانية
  • التضامن الاجتماعي تمثل مصر في ورشة العمل الدولية لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة
  • مجزرة جديدة يرتكبها الاحتلال بمواقع توزيع المساعدات في رفح
  • مخاطر تسليم سلاح المقاومة
  • البرش: ما يحدث في غزة عجز للإنسانية وفشل للمنظمات الدولية
  • محافظ اللاذقية يبحث مع وفد من اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعزيز التعاون
  • بلجيكا تتعهد بتصعيد لهجتها تجاه الاحتلال.. وتصف أوضاع غزة بالكارثة الإنسانية الكبرى
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: مستمرون في جهودنا الإنسانية والطبية بغزة رغم الظروف الصعبة