الصليب الأحمر بين الإنسانية والقوانين الدولية
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
لم تكن صدفة أو مواقف عابرة لا يلقي لها الإنسان بالا؛ تلك الهيئة التي كان عليها موظفو الصليب الأحمر في وقائع التسليم الأول والثاني والثالث للأسرى، والتي تمت ولا زالت تتم بين الاحتلال الصهيوني والمقاومة الفلسطينية. فشتان الفرق بين من كانوا في غزة يتسلمون أسرى الاحتلال بوجوه سيطر عليها الوجوم وحركات انفعالية وغضب على الوجوه مرسوم، وبين من كانوا هناك في سجن عوفر يتبادلون أطراف الحديث مع حراس السجن في وئام وانسجام وألفة ظهرت على وجوه ضاحكة في انتظار استلام الأسرى الفلسطينيين.
ثم تدور بنا الأيام مسرعة لنصل إلى مرحلة تسليم 4 جثامين لأسرى من الاحتلال كانت طائراتهم الحربية هي من قتلتهم في الأسر أثناء عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي مارسه الاحتلال على مدار 15 شهرا، أمام مرأى ومسمع العالم المتحضر الذي ينتمي له موظفو هيئة الصليب الأحمر، ليُظهروا أثناء مراسم تسليم الجثامين فيضا غزيرا من الإنسانية وكرما محمودا من احترام الكرامة الإنسانية من خلال موكب مهيب وعمل سواتر تحجب التوابيت عن الكاميرات احتراما للميت.
ونتذكر مع تلك المشاهد منكرا وقع عند تسليم مئات الجثث من الأطفال والنساء والشيوخ من ضحايا توحش الاحتلال، وقد وضعهم الاحتلال الدموي في أكياس زرقاء داخل شاحنات نقل بضائع حيث ألقوا الجثث فوق بعضها البعض وكأنها أكياس قمامة وليسوا ضحايا أبرياء. وحتى لو كانوا عسكريين فلأجسادهم حرمة وكرامة يجب احترامها والتعامل معها وفق ما نص عليه القانون الدولي الإنسان واتفاقيات جنيف الأربع؛ التي تعمل من خلالها ووفق نصوصها منظمة الصليب الأحمر.. تذكرت كيف كان التعامل مع هذه الجثث بدءاً من استباحة الاحتلال لها قبل التسليم ثم وضعها في الأكياس الزرقاء وتحميلها في الشاحنات، وكيف تم تسليمها لوزارة الصحة في غزة وكيف حُملت كالذبيحة أمام المقبرة الجماعية التي أُعدت لهم ودُفنوا فيها.
لم يراعَ حينها من المنظمة الدولية ولم نلمس من موظفيها أي مسعى أو محاولة لاحترام جثث الفلسطينيين، تحقيقا لأبسط القيم الإنسانية وقواعد احترام جثامين القتلى مدنيين أو عسكريين، حتى في مشهد ظهرت فيه المنظمة الدولية وكأنها تخلت عن قيمها وتحللت من قواعد حددت لها وظائف وأدوارا إنسانية مع كل البشر دون تفرقة أو تمييز.
ثم ليستمر مسلسل السقوط المدوي لمنظمة الصليب الأحمر وممارسة التمييز العنصري وتحيزها الفج غير الإنساني مع طرف يمثل احتلالا وقوة لا تتوقف عن ارتكاب كافة صور التوحش والإبادة والتطهير العرقي؛ في وجه طرف يعاني من الاحتلال ويواجه آلة قتل بسبب مطالبته المشروعة بالحياة على أرضه وتخليصه من محتل مختل.. ممارسات لا نتمناها من منظمة دولية يقع على عاتقها مهمة مقدسة بجعل الحروب أقل إيلاما على العسكريين والمدنيين، وحماية التراث الإنساني ومتابعة مدى التزام الأطراف المتحاربة بقواعد القانون الدولي واحترام القيم الإنسانية، ولكن الدنيا لا تأتي بالتمني.
واقع مرير ومُركب في قسوته في ظل سيطرة مفهوم الإنسانية الانتقائية على عقول ونفوس الغرب بكل مؤسساته، المحلية أو الدولية، إنسانية قائمة على الفصيلة لا الفضيلة، فإذا كنت من المنتمين لها شُملت بالحماية حيا وميتا، أما إن كنت غير ذلك فقد خرجت في قاموسهم عن الجماعة الإنسانية!
أزعجتهم 4 توابيت هي أصلا من مظاهر تكريم الموتى وتعبر عن احترام الموتى، فحرصوا على إبعادها عن عدسات المُصورين، في حين أنهم أنفسهم لم يجدوا حرجا في تسليم مئات الجثامين كالذبائح في أكياس بعد وضعها في شاحنات فوق بعضهم البعض، قبل رميها في مقابر جماعية!
إن مثل هذه الإنسانية الانتقائية القائمة على الفصلية تمثل جريمة تمييز عنصري في حد ذاتها وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتقوم في جوهرها على غريزة حيوانيّة، فالإنسانية عنوان ينضوي تحت رايته كل إنسان.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الصليب الأحمر الاحتلال غزة اسرى احتلال غزة الصليب الأحمر انسانية مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصلیب الأحمر
إقرأ أيضاً:
حماس تثمن المواقف الدولية الإيجابية بشأن الاعتراف بدولة فلسطين
عبرت حركة حماس ، مساء اليوم الخميس 31 يوليو / تموز 2025 ، عن تقديرها لما أعلن من مواقف إيجابية في المؤتمر الدولي الذي عقد في نيويورك بشأن القضية الفلسطينية.
ورحبت حماس في بيان صحفي لها تلقت سوا نسخه عنه بالجهود والمواقف الدولية التي تصب في استعادة شعبنا لحقوقه وإقامة دولته المستقلة ، مبينة أن الاعتراف بدولة فلسطين كاملة السيادة هو ثمرة لنضال شعبنا المتواصل وتعبير عن احترام قواعد القانون الدولي.
نص بيان حماس كما وصل وكالة سوا الإخبارية
تنظر حركة المقاومة الإسلامية “حماس” باهتمام بالغ إلى كل خطوة من شأنها تحقيق أي تقدّم إيجابي في مسيرة شعبنا الفلسطيني النضالية على مختلف المستويات. ومن هذا المنطلق، تعبّر الحركة عن تقديرها لما أُعلن من مواقف إيجابية في المؤتمر الدولي رفيع المستوى الذي عُقد في نيويورك حول القضية الفلسطينية.
ونؤكّد ترحيبنا بالجهود والمواقف الدولية التي تصبّ في صالح استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه في أرضه ووطنه، وإقامة دولته المستقلة دون قيد أو شرط، باعتبار ذلك حقاً أصيلاً وطبيعياً من حقوق شعبنا، وأنّ الاعتراف بدولة فلسطين كاملة السيادة هو ثمرة لنضال شعبنا المتواصل، وتعبير عن احترام قواعد القانون الدولي.
إنّ المقاومة وسلاحها استحقاق وطني وقانوني طالما بقي الاحتلال قائماً، وقد أقرّته المواثيق والأعراف الدولية، ولا يمكن التخلي عنهما إلا باستعادة حقوقنا كاملة، وإقامة دولتنا المستقلة ذات السيادة الكاملة.
إنّ وقف حرب الإبادة والتطهير العرقي، ومن ثم إنهاء الاحتلال، هو الخطوة الأولى في أي تحرك دولي جادّ، بما يقتضي عزل الاحتلال ومحاكمة قادته كمجرمي حرب، لا احتضانهم أو إقامة أي اتفاقات أو تطبيع معهم ومع كيانهم الإجرامي.
جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025