هل يُنجب تحالف الميثاق التأسيسي حكومة موازية في السودان؟
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
الخرطوم- مهّد توقيع قوات الدعم السريع وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي أمس على "الميثاق التأسيسي"، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، وسط مخاوف من تعميق حالة الانقسام من جهة، وتطمينات من جهة أخرى، بأن هذه الخطوة لا تعدو كونها "فرقعة إعلامية" لا أثر لها في الوقع.
وجاء توقيع الميثاق التأسيسي بعد مخاض عسير وتأجيل لـ3 مرات، بسبب خلافات مُبكِرة حول هيكلية السلطة الموازية حسب مصادر تحدثت الجزيرة نت من نيروبي، وفي غضون ذلك، اعتبر حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي في منشور على صفحته في "فيسبوك" أن "الموقعين شركاء في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي مارسته قوات الدعم السريع في السودان".
قال رئيس السلطة الإقليمية وحاكم دارفور الأسبق التجاني سيسي للجزيرة نت إن "الحكومة الموازية لا تتوفر لها فرص النجاح، خاصة أن مجرد طرح فكرة تكوينها أدى إلى انقسام "تقدم" التي سبق أن وقعت اتفاقا مع الدعم السريع العام الماضي في أديس أبابا، بالإضافة إلى التعقيدات التي أدت إلى تأخير التوقيع على الميثاق وإعلان الحكومة الموازية، مما يدل على أن هنالك جملة من التحديات التي تواجه القائمين على هذا الأمر.
إعلانوأوضح أن من أكثر التحديات التي ستواجه الحكومة الموازية هو أنها لن تتمكن من ممارسة سلطتها القانونية في هذا الوقت الذي بدأت فيه القوات المسلحة والقوات المساندة لها بأخذ زمام الأمور وتحرير المزيد من المناطق، "وهي في طريقها إلى تحرير دارفور من قبضة المليشيات" حسب قوله.
وأفاد سيسي بأن قوات الدعم السريع وقيادتها تواجه تحديات أخرى منها العقوبات التي فُرضت عليها من الإدارة الأميركية بالإضافة إلى اتهامها بارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي، بينما تنادي مجموعات دولية ومنها أميركية بتصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية.
وأضاف "في ظل هذه الاتهامات يصعب أن تجد الحكومة الموازية التي ستُشكل بإشراف الدعم السريع أي اعتراف إقليمي أو دولي، ربما نتوقع أن تعترف بها بعض دول الجوار، في تحدٍّ واضح لمواثيق الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة".
قلق أممي ورفض شعبيأعرب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن قلق المنظمة الدولية إزاء إعلان قوات الدعم السريع تشكيل حكومة موازية في السودان، وحذرالمتحدث ستيفان دوجاريك، من أن هذه الخطوة قد تزيد من حدة الانقسام وتُفاقم الأزمة المستمرة في البلاد.
وأكد دوجاريك، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، أهمية الحفاظ على وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه، كشرط أساسي للتوصل إلى حل دائم للنزاع، بينما لم يتأخرالرد الشعبي الرافض للميثاق التأسيسي والتوجه الرامي لإنشاء حكومة موازية في المناطق خارج سيطرة الجيش السوداني.
وشهدت مدينة شندي بولاية نهر النيل اليوم الأحد مسيرة كبرى سيَّرتها القطاعات والفئات المختلفة بالمدينة، رفضا واستنكارا للحكومة الموازية التي أطلق عليها الموقعون على ميثاقها "حكومة السلام والوحدة" في حين أطلق عليها المنددون بها في ميدان المولد اليوم اسم "حكومة العمالة والمهزلة".
إعلان فرقعة إعلامية وعلاقات عامةوقال رئيس حركة تحرير السودان ووالي ولاية غرب دارفور مصطفى تمبور للجزيرة نت إن "ما تم في نيروبي هو فرقعة إعلامية ولقاء علاقات عامة لعناصر مليشيا الدعم السريع ليس أكثر"، وأضاف أن "الفائدة الوحيدة من اجتماعات نيروبي أنها كشفت زيف من كانوا يقولون إنهم محايدون، واتضح أنهم داعمون لمليشيا الدعم السريع".
وأكد أن الدعم السريع وحلفاءه ظلوا منذ وقت طويل يحاولون السيطرة على مدينة الفاشرلإعلانِ حكومةٍ على طريقة ليبيا، لتكون بداية تقسيم السودان، وقطع بأن "السودان لن يتشظى أبدا وسيعود قريبا أقوى وأفضل مما كان".
وقال تمبور "إن مليشيا الدعم السريع تسعى لتكرار النموذج الليبي في السودان لأن الخطة (ب) بعد فشل الاستيلاء على السلطة في الخرطوم هي إعلان حكومة موازية في دارفور، ولكن سنبذل قصارى جهدنا لقطع الطريق أمام هذا المخطط مهما كلفنا ذلك من ثمن".
مؤيدون للميثاقيؤيد الموقعون على الميثاق التأسيسي الحكومة الموازية في السودان، وأبرزهم قوات الدعم السريع، الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، والعديد من الحركات العسكرية والتنظيمات السياسية والمدنية، فضلا عن توقيع رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر عن حزب الأمة القومي، وإبراهيم الميرغني عن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل.
وكان الحزب الاتحادي الأصل قد استبق التوقيع على الميثاق بتوضيح صحفي أشار فيه إلى أن إبراهيم الميرغني تم فصله من الحزب منذ الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2022 ولم يعد يمثل إلا نفسه بمشاركته في ما يسمى بميثاق السودان التأسيسي بنيروبي.
وفي السياق، أوضحت رباح الصادق المهدي القيادية بحزب الأمة القومي في منشور على صفحتها بفيس بوك قبل أيام من توقيع رئيس الحزب فضل الله برمة ناصر، أن مشاركة برمة في تشكيل الحكومة المدنية الموازية انتحار سياسي لشخصه ومحاولة لنحر الحزب.
إعلانوقالت "إن خيارات اللواء برمة خيارات تخصه، أما هذا الحزب فقد بنته مجاهدات وأقيم على أسس ومبادئ ديمقراطية ومؤسسية"، معتبرة أنه لا يمكن لأحد أن يتجاوزها أو يتجاهلها، وأكدت أن الحزب بريء من ذلك.
اتساع الرفضاتسعت دائرة الرفض للميثاق التأسيسي للحكومة الموازية في الأوساط الشعبية والرسمية في السودان، بعد أن كان التوجه نحو خيار الحكومة الموازية سببا مباشرا في انقسام حلفاء الأمس في تنسيقية القوى المدنية "تقدم".
و يستبعد مراقبون اعتراف أي دولة بالحكومة الجديدة بشكل علني باعتبارها الحكومة الشرعية في البلاد، في حين يشير آخرون لدعم غير معلن للحكومة الموازية والقوى الموقعة على الميثاق السياسي.
ومن المرجح أن يتم التعامل مع الحكومة الموازية المرتقبة، التي أثارت قلق الأمم المتحدة قبل تشكيلها، كحكومةِ أمرٍ واقعٍ في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في دارفور غربي السودان، حيث تسعى كثير من الجهات الدولية لإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق خارج سيطرة الجيش، مما يحتم تواصلها وتنسيقها مع السلطات الموجودة على الأرض.
ويبدو أن نجاح الحكومة الموازية في مهامها رهين بمجريات الوضع العسكري والميداني على الأرض، حيث تتسع رقعة تقدم الجيش السوداني الذي تمكن اليوم من الاستيلاء على مدينة القطينة من قبضة قوات الدعم السريع، التي تسعى -وفق محللين سياسيين- لتعويض خسائرها العسكرية بما تعتقد أنه انتصارات وتحالفات سياسية تضمن وجودها وفاعليتها في أي معادلة قادمة لحكم السودان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قمة الويب موازیة فی السودان قوات الدعم السریع المیثاق التأسیسی الحکومة الموازیة حکومة موازیة فی على المیثاق
إقرأ أيضاً:
أكد دعمه الكامل للسلطة الشرعية.. الاتحاد الأفريقي يرفض تشكيل حكومة موازية في السودان
البلاد (القاهرة)
في خطوة حاسمة تهدف إلى دعم وحدة السودان واستقراره، أدان الاتحاد الأفريقي، إعلان قوات الدعم السريع تشكيل حكومة موازية في البلاد، واصفاً الخطوة بأنها”تهديد خطير للسيادة الوطنية ومحاولة لتقسيم السودان”.
وجاء في بيان صادر عن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي أن إعلان ما يُعرف بـ”تحالف تأسيس السودان”، بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، عن تشكيل حكومة انتقالية برئاسة موازية يمثل”انتهاكاً صريحاً لمبادئ الاتحاد، وتهديداً لوحدة السودان وسلامة أراضيه”.
وأشار المجلس إلى أن هذه الخطوة تقوض الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى استعادة الأمن والاستقرار في السودان، محذراً من تداعياتها على العملية السياسية ومستقبل البلاد.
ودعا الاتحاد الأفريقي الدول الأعضاء والمجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بالحكومة الموازية المعلنة من جانب قوات الدعم السريع، وعدم تقديم أي دعم سياسي أو مالي لها، مؤكداً أن هذا النوع من التحركات “لا يسهم إلا في تعقيد الأزمة السودانية، ويطيل أمد معاناة الشعب”.
وشدد الاتحاد مجدداً على دعمه الكامل لـمجلس السيادة الانتقالي برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، والحكومة المدنية الانتقالية التي تم تشكيلها حديثاً برئاسة الدكتور كامل إدريس، معتبراً أن هذين الكيانين هما الجهتان الشرعيتان الوحيدتان في السودان حالياً.
وأكد الاتحاد الأفريقي على ضرورة الوقف الفوري وغير المشروط لإطلاق النار بين الأطراف المتحاربة، مع العودة العاجلة إلى طاولة المفاوضات، وبدء حوار وطني شامل يضمن مشاركة جميع القوى السياسية والمدنية، تحت رعاية إقليمية ودولية شفافة.
وقال بيان مجلس السلم والأمن إن “السبيل الوحيد لإنقاذ السودان من الانهيار هو في توافق سوداني شامل يعيد بناء مؤسسات الدولة على أسس دستورية وديمقراطية متفق عليها”.
وتسعى قوى إقليمية ودولية، من بينها الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، والأمم المتحدة، إلى بلورة حل سياسي للأزمة، لكن تشكيل حكومة موازية من قبل الدعم السريع يمثل عقبة جديدة أمام هذه الجهود.
وبحسب دبلوماسيين أفارقة، فإن موقف الاتحاد الأفريقي”واضح وغير قابل للتأويل” في رفض أي كيان موازٍ للدولة السودانية، واعتبار أي محاولة لتقسيم السلطة من خارج المؤسسات الشرعية أمراً”غير مقبول على الإطلاق”، ويشكل سابقة خطيرة في التعامل مع النزاعات الداخلية في القارة.
ويُنتظر أن يُناقش ملف السودان في القمة المقبلة للاتحاد الأفريقي، وسط توقعات بفرض عقوبات سياسية ودبلوماسية على الجهات التي تعيق مسار التسوية أو تسعى لتقويض المؤسسات المعترف بها.