"عواقب وخيمة".. كيف يؤثر وقف المساعدات الأمريكية على مرضى الإيدز في أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
تواجه المنظومة الصحية في أوكرانيا أزمة حادة بعد ثلاث سنوات من الحرب، حيث تتعرض المستشفيات لهجمات متكررة وتزايد الإصابات القتالية، إلى جانب آثار نفسية خطيرة. كما امتد التأثير ليهدد برامج الوقاية وعلاج فيروس نقص المناعة البشرية، التي أصبحت تعتمد كليًا على التمويل الخارجي.
وفي ظل هذا الواقع، أثار تجميد المساعدات الأمريكية في بداية ولاية الرئيس دونالد ترامب تساؤلات حول مستقبل الدعم الأمريكي، مما دفع منظمات مكافحة الإيدز إلى البحث عن حلول عاجلة لتعويض أي نقص محتمل في التمويل.
وقد قدم برنامج الطوارئ الرئاسي الأمريكي للإغاثة من الإيدز (PEPFAR) ما يقرب من 15.6 مليون دولار لدعم جهود مكافحة الفيروس في أوكرانيا بين عامي 2023 و2024، بما في ذلك العلاجات المضادة للفيروسات والاختبارات، وفقًا لتقرير حديث صادر عن برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز (UNAIDS).
لكن التقرير ذاته يحذر من أن أي قطع كامل للتمويل الأمريكي قد يحرم أكثر من 92,000 شخص – أي ما يعادل 78% من مرضى الإيدز في أوكرانيا – من الحصول على العلاج.
الحرب في أوكرانيا شردت 3.5 مليون شخص، منهم مصابون بالإيدز ومدمنون سابقون بلا دعم.ارتباك حول موقف الدعم الأمريكيبعد فترة وجيزة من توليه المنصب في يناير/ كانون الثاني، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بتجميد مؤقت لجميع البرامج الصحية العالمية الأمريكية، بما في ذلك (PEPFAR). كما تم تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).
إلا أن الإدارة الأمريكية عادت وغيرت موقفها، حيث تم استثناء بعض المساعدات الإنسانية الضرورية، بما في ذلك علاج الإيدز، من التجميد. كما أمر أحد القضاة الأمريكيين برفع الحظر مؤقتًا عن التمويل.
لكن حالة عدم اليقين لا تزال قائمة، حيث حذرت المنظمات الإغاثية من أن توقف العلاج قد يؤدي إلى عودة انتشار وباء الإيدز عالميًا، لا سيما في دول مثل جنوب إفريقيا.
يعد PEPFAR من أنجح برامج الصحة العالمية، إذ يوفر علاج الإيدز لأكثر من 20 مليون شخص. لكنه يواجه تأخيرًا في التمويل يصل إلى 6 أشهر، ما قد يؤدي إلى انتكاس المرض خلال أقل من شهر.ورغم تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بأن (PEPFAR) لن يخضع للتخفيضات، إلا أن غموض الوضع دفع برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالإيدز في أوكرانيا إلى دق ناقوس الخطر، حيث لم يتلق حتى الآن تأكيدًا رسميًا بشأن استمرار التمويل.
حاليًا، يوجد مخزون علاجي يكفي لمدة خمسة أشهر فقط، مع توقعات بوصول دفعة جديدة في مارس، وفقًا ليوليا كفاسنيفيسكا، المسؤولة عن برنامج (UNAIDS) في أوكرانيا. لكنها تحذر من وجود فجوة تمويلية بقيمة 2 مليون دولار قد تهدد استمرارية العلاج بعد أكتوبر المقبل.
وفي الوقت الحالي، خُفضت مدة العلاج التي يحصل عليها المرضى من ستة أشهر إلى ثلاثة، مما يفاقم الأزمة، خاصة للنازحين الذين يواجهون صعوبات في الوصول إلى الرعاية الصحية بشكل منتظم.
أزمة متفاقمة لمرضى الإيدز في أوكرانياولطالما سعت أوكرانيا إلى تطوير برنامج وطني لمكافحة الإيدز، لكنها أصبحت تعتمد بشكل شبه كلي على الدعم الدولي بعد الغزو الروسي، لا سيما من (PEPFAR) والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا.
وكانت أوكرانيا وروسيا من بين الدول التي سجلت أعلى معدلات انتشار فيروس نقص المناعة البشرية في المنطقة. وفي عام 2022، دعت الأمم المتحدة إلى ضمان استمرار الخدمات الصحية لمرضى الإيدز دون انقطاع، نظرًا لوجود 260 ألف مصاب في أوكرانيا.
إلا أن الحرب أدت إلى انخفاض عدد المرضى المسجلين بنسبة 7%، وفقًا لأحدث التقارير، في حين تراجع عدد الذين يتلقون العلاج المضاد للفيروسات بنسبة 9% مقارنة بفترة ما قبل الحرب.
بعد ثلاث سنوات، 12 مليون شخص بحاجة للمساعدة، و6 ملايين ما زالوا نازحين. خدمات الإيدز مهددة مع تراجع الدعم. التمويل والتضامن والتحرك ضرورة.ومع استمرار النزاع، اضطر آلاف المرضى إلى تلقي العلاج خارج البلاد، حيث يعالج نحو 4,400 مريض في بولندا وحدها.
وفي ظل التهجير الجماعي والأزمات النفسية المصاحبة للحرب، مثل الاكتئاب والقلق، ارتفعت معدلات السلوكيات الخطرة، مثل تعاطي المخدرات والدعارة، مما يزيد من احتمالية انتشار الفيروس ويؤثر على قدرة المصابين على الالتزام بالعلاج.
وتبقى الصورة غير واضحة في المناطق المحتلة أو القريبة من الجبهة، حيث من الصعب تتبع المرضى ومعرفة ما إذا كانوا يحصلون على العلاج من روسيا أو يواجهون خطرًا صحيًا متزايدًا.
يحذر خبراء الصحة من أن أي انقطاع في العلاج قد يؤدي إلى زيادة حالات الإصابة بالإيدز والسل، الذي أصبح أكثر انتشارًا خلال الحرب.
وفي ظل هذا الوضع، يدعو برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالإيدز إلى تحرك عاجل وتكيّف سريع لضمان استمرار العلاج، محذرًا من أن التأخير قد يكون له "عواقب وخيمة" على المرضى الذين يعتمدون على العلاج مدى الحياة دون انقطاع.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية عراقجي يلتقي لافروف ويؤكد: "إيران لن تتفاوض تحت الضغط والعقوبات" موسكو تُعلن عن بدء الاستعدادات لقمة مفصلية بين ترامب وبوتين ترامب ينفي ما ورد في صحيفة فرنسية عن زيارة مرتقبة إلى موسكو في يوم النصر وباءدونالد ترامبالولايات المتحدة الأمريكيةالحرب في أوكرانيا المساعدات الإنسانية ـ إغاثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل روسيا فرنسا الحرب في أوكرانيا دونالد ترامب إسرائيل روسيا فرنسا الحرب في أوكرانيا وباء دونالد ترامب الولايات المتحدة الأمريكية الحرب في أوكرانيا المساعدات الإنسانية ـ إغاثة دونالد ترامب إسرائيل روسيا فرنسا أوروبا الحرب في أوكرانيا غزة حركة مقاطعة إسرائيل سوريا الصحة إيران الأمم المتحدة یعرض الآنNext
إقرأ أيضاً:
من أين تحصل أوكرانيا على المال للحرب؟ وكيف ستسدد ديونها؟
كييف– يعد التمويل أحد أبرز هواجس وأولويات حكومة أوكرانيا الجديدة بقيادة يوليا سفيريدينكو وسط حاجة ملحة لتغطية نفقات الحرب وتسيير أمور الدولة.
تنفق أوكرانيا على الحرب ما لا يقل عن 4.5 مليارات دولار شهريا، وتبلغ موازنة الدفاع والأمن لديها نحو 54 مليار دولار، أو 61% من الموازنة الإجمالية البالغة قرابة 94 مليار دولار.
الأكثر إنفاقاوحسب وزارة المالية الأوكرانية، وجهت البلاد 26% من ناتجها المحلي الإجمالي نحو قطاع الدفاع والأمن العام الماضي، وباتت -بذلك- على رأس قائمة دول العالم في هذا المجال.
تقول خبيرة الاقتصاد، والناشطة السياسية، روكسولانا بيدلاسا: "هذا كان في العام الماضي. نار الحرب ستنهش 31.1% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع بنحو 200 مليار دولار في 2025″.
وأضافت بيدلاسا في تعليق للجزيرة نت: للمقارنة فقط. أنفقت روسيا 3 أضعاف ما أنفقته أوكرانيا على الحرب (149 مليار دولار)، لكن هذا لم يتعد 7% من ناتجها المحلي العام الماضي. تنفق إسرائيل 8.8% من الناتج المحلي الإجمالي، ونحن ننفق أكثر بما لا يقل عن 20 مليار دولار".
يبدو أن الخيارات محدودة للغاية أمام الحكومة الأوكرانية لسد عجز سنوي بلغ نحو 40 مليار دولار في المتوسط خلال أعوام الحرب الماضية (2022-2024).
ولسد هذا العجز تعتمد البلاد على المنح والمساعدات الخارجية، والمزيد من قروض صندوق النقد الدولي لسد هذا العجز.
ويقول المدير التنفيذي لمركز البحوث الاجتماعية والاقتصادية الأوكراني، دميترو بويارتشوك: "لتغطية العجز، تدفقت إلى أوكرانيا مساعدات مالية خارجية من الشركاء، جاءت على شكل منح مجانية وقروض ميسرة".
ويضيف في تعليق للجزيرة نت: دخلت نحو 98% من المساعدات الخارجية إلى ميزانية الدولة، وتم توجيهها بشكل رئيس نحو قطاعات التعليم والطب والمعاشات التقاعدية وعمل جهاز الدولة. وبفضل ذلك، تم توجيه اقتصاد أوكرانيا بالكامل تقريبا نحو الحرب".
إعلان حاجة متزايدةلكن حاجة أوكرانيا تزداد مع استمرار واشتداد الحرب، وقد لا تكون مساعدات بحجم 40 مليار دولار كافية خلال العامين الحالي والمقبل، إذ قالت رئيسة الوزراء وليا سفيريدينكو إن "الحرب ستطول، وكييف تتفاوض مع المانحين للحصول منهم ومن صندوق النقد الدولي على قروض مجموعها 75 مليارا تحتاجها البلاد خلال العامين القادمين".
وتوقع البنك الوطني الأوكراني (البنك المركزي)، في تقرير نشر نهاية شهر أبريل/نيسان الماضي، أن تحصل كييف على 55 مليار دولار من الشركاء خلال العام الجاري.
ويقول أستاذ كلية كييف للاقتصاد، تاراس مارشالوك: زيادة الحاجة نابعة من ارتفاع نسبة التضخم بوتيرة تدريجية منذ بداية الحرب إلى ما تجاوز 100% في يونيو/تموز الماضي. وثمة حاجة لضخ 200-300 مليار هريفنا إضافية (4.7-7.1 مليارات دولار) في ميزانية الدفاع. والهريفنا هي عملة أوكرانيا.
ويضيف في تعليق للجزيرة نت: "نظريا، تنتظر أوكرانيا تلقي نحو 58 مليار دولار من الشركاء في عام 2025. وأكبر مصادر التمويل الخارجي هي: برنامج القروض الميسرة المعتمد من قبل دول مجموعة السبع بـ39.6 مليار دولار، و 13.5 مليار دولار إضافية في إطار برنامج الدعم الأوروبي 2024-2027".
ويوضح مارشالوك أن كييف تأمل كذلك الحصول على أرباح الأصول الروسية المجمدة في البنوك الأوروبية، البالغ حجمها 50 مليار دولار.
أبرز الداعمينولا تكشف وزارة المالية الأوكرانية حجم المساعدات الكلي الذي حصلت عليه البلاد منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، لكن دراسة أجراها معهد كيل للاقتصاد العالمي في ديسمبر/كانون الأول 2024 ذكرت أن أوكرانيا تلقت نحو 267 مليار يورو (313.6 مليار دولار) كمساعدات حتى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول 2024.
وحسب بيانات الدراسة، فإن حصة المساعدات العسكرية بلغت 130 مليار يورو (152.7 مليار دولار)، وحصة الدعم المالي 118 مليار يورو (138.6 مليار دولار)، في حين حصلت على 19 مليار يورو (22.31 مليار دولار) كمساعدات إنسانية.
وجاء لائحة أبرز المانحين والمتعهدين بتقديم مساعدات، وفق كشف نشرته وزارة المالية الأوكرانية في نهاية شهر أبريل/نيسان الماضي كالتالي:
الولايات المتحدة بنحو 140 مليار دولار الاتحاد الأوروبي بنحو 116 مليار دولار ألمانيا بما يقارب 43 مليار دولار بريطانيا 27 مليار مليار دولار دول النرويج واليابان وكندا وهولندا والسويد والدانمارك وفرنسا بإجمالي يقارب 108 مليارات دولار.وبحسب الوزارة أيضا، فإن هذه الدول وغيرها تعهدت بتقديم ما يصل مجموعه إلى قرابة 410 مليارات يورو (481.6 مليار دولار).
كيف ستسدد أوكرانيا الديون؟
بالإضافة إلى ما سبق، حصلت أوكرانيا منذ بداية الحرب على 9 شرائح قروض من صندوق النقد الدولي وصل حجمها في بداية شهر يوليو/تموز الجاري إلى 10.6 مليارات دولار.
وتدفع هذه الأرقام الضخمة الأوكرانيين وغيرهم إلى التساؤل: هل هي ديون؟ وكيف ستعمل كييف على سدادها قريبا أو في المستقبل، ولماذا لا تعتبر همّا يشغل حكومة كييف، على عكس المتوقع؟
إعلانويجيب أستاذ كلية كييف للاقتصاد، تاراس مارشالوك على هذه التساؤلات، قائلا: "معظم المساعدات التي حصلت عليها أوكرانيا من الولايات المتحدة كانت مجانية، ومع ذلك، تظل الديون من أكبر الأعباء التي سنواجهها. فحجمها تجاوز حاجز الـ190 مليار دولار في الربع الأول من العام 2025، أي ما يقارب نسبة 100% من الناتج المحلي".
مع ذلك، يقول مارشالوك في تعليق للجزيرة نت: "الحكومة لا تخوض في موضوع الديون، لأنه، وبسبب الحرب، حصلت على معظمها بشروط تفضيلية، تنص على عدم سداد جزء كبير من الديون إلا بعد سنوات عديدة، وعلى تحمل بعض الشركاء دفع تكاليف الفوائد جزئيا".
ويضيف "بعبارة أخرى، في السنوات الثلاثين المقبلة، لن نسدد هذه الديون. السداد سيكون على شكل امتيازات تفضيلية وخدمات تقدم للدول والجهات المانحة والمساعدة، وبالتالي لا تشكل الديون عبئا كبيرا في الوقت الحالي والمستقبل القريب"، على حد قوله.
ورغم هذه التسهيلات، يبقى اقتصاد البلاد في وضع صعب، فهو الآن في المركز الـ58 عالميا بعد أن كان في المركز 46 قبل الحرب، ويتوقع خبراء "فوربس" أن تعجز أوكرانيا عن تحسين موقعها خلال الأعوام الـ15 القادمة، إلا بمركز واحد فقط.