المباحثات السعودية - الأمريكية.. قراءة في الأبعاد الخفية والتداعيات المحتملة
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
يجري وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مباحثات في واشنطن مع نظيره الأمريكي في إدارة ترامب، في لقاء يحمل بين طياته دلالات سياسية وعسكرية عميقة، خصوصًا مع مشاركة رئيس الأركان السعودي والسفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر.
إن مشاركة السفير السعودي في هذه المباحثات تحديدًا تفرض علينا التوقف والتساؤل:
لماذا يأتي حضوره في اجتماع عسكري رفيع المستوى بين الرياض وواشنطن؟
ولماذا تتزامن هذه الزيارة مع بدء سريان العقوبات الأمريكية على مليشيات الحوثي؟
إن توقيت الزيارة ومشاركة آل جابر، المعروف بأنه "عرّاب التنازلات" لصالح مليشيات إيران في اليمن، يعيدان إلى الواجهة الدور الحقيقي للسعودية في الملف اليمني، لا سيما أن السفير آل جابر لعب دورًا محوريًا في انتزاع مكاسب سياسية للحوثيين، وإضعاف الحكومة الشرعية، بل كان من أبرز مهندسي الانقلابات ضد الرئيس هادي في عدن.
•• السعودية والحوثيون: هل تتوسط الرياض لدى واشنطن لتخفيف العقوبات؟
خلال الأشهر الماضية، وقف السفير السعودي ضد كل القرارات السيادية التي اتخذتها الحكومة الشرعية لمواجهة المليشيات الحوثية، وكان آخرها قرارات البنك المركزي، حيث تدخل لإجهاضها خدمةً للمليشيات. ولم يكن هذا التدخل الوحيد، فقد دفع بقوة لتمكين الحوثيين من السيطرة على أربع طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية، في خطوة تمثل سابقة خطيرة في دعم قدرات الحوثيين الاقتصادية والسيادية.
لكن السؤال الأهم هنا: لماذا يشارك السفير السعودي في مباحثات واشنطن؟
أحد الدبلوماسيين سبق أن أبلغني بأن جماعة الحوثي طلبت من السعودية التدخل لدى الأمريكيين لتخفيف العقوبات، أو على الأقل تأجيل تنفيذها.
في هذا السياق، أشارت إحدى الصحف البريطانية مؤخرًا إلى وجود هدنة غير معلنة بين الحوثيين والأمريكيين بوساطة إحدى الدول.
شخصيًا، لا أستبعد أن تلعب السعودية دور الوسيط لصالح الحوثيين، سواء عبر محاولة رفع العقوبات أو تأجيلها، خاصة أن السياسة السعودية في اليمن منذ 2017 شهدت تحولًا دراماتيكيًا، حيث انتقلت من دعم استعادة الدولة وهزيمة الحوثيين، إلى تبني مخطط الإطاحة بالرئيس هادي ونائبه محسن، ثم التعايش مع الأمر الواقع الذي فرضته إيران.
•• تواطؤ سعودي أم استراتيجية مدروسة؟
هذا الطرح ليس تكهنًا ولا استنتاجًا متسرعًا، بل حقائق قائمة على معطيات ملموسة.
خلال معارك محافظة الجوف، التقيت بوزير الدفاع اليمني الذي كان الإحباط يكسو ملامحه بسبب حجم الخذلان. وعندما سألته عن دور التحالف في دعم الجيش، اكتفى بإعطائي خطابًا عاجلًا أرسلته وزارة الدفاع إلى رئيس القوات المشتركة للتحالف، يطالب فيه بزيادة حجم تدخل الطيران، وتسريع تقديم الدعم اللوجستي.
لكن الرد السعودي كان بمثابة الصدمة الكبرى.
رئيس القوات المشتركة للتحالف كتب بيده جملة لا تحتاج إلى تأويل:
"حياكم الله، بلادكم دافعوا عنها بكل ما تستطيعون، أما المملكة فستتعايش مع الجنوب كما تعايشت مع شمال المملكة."
عندما قرأت الرد، أدركت أن المملكة قد قررت التعايش مع نفوذ إيران في اليمن، كما فعلت في العراق.
اليوم، كل الشواهد تؤكد أن تحرير اليمن من الاحتلال الإيراني لم يعد ضمن السياسة السعودية، وأن المعركة باتت معركة الشعب اليمني وجيشه والمقاومة فقط.
لكن القيادة اليمنية ظلت تدفن رأسها في الرمال، مراهنةً على تغيير موقف المملكة، وانتظار أن تعود لتبني خيار الحسم العسكري.
•• اليمن على شفير الهاوية.. والمخرج الوحيد
نحن اليوم أمام منعطف مصيري خطير، حيث بات اليمن بكل مكوناته على حافة السقوط في الهاوية.
الإصرار السعودي على المضي في مسار الحل السياسي، وفرض "خارطة الطريق" التي تتمسك بها الرياض، ليس مجرد سياسة عشوائية، بل جزء من مخطط طويل الأمد، لم يكن الإطاحة بالرئيس هادي سوى محطة ضمنه.
لكن رغم ذلك، المعادلة اليوم تغيرت، وخارطة الطريق التي تحاول السعودية إحياءها قد ماتت ولن يُبعث فيها الحياة من جديد.
اليمن يدخل عامه الـ 21 من حرب التمرد والانقلاب، والحقيقة الثابتة التي يجب أن يدركها الجميع هي أن الحرب لن تتوقف إلا بهزيمة إيران وتحرير اليمن بالكامل.
ندرك تمامًا ما الذي يريده المحيط الإقليمي منا، ونعلم أهدافه الحقيقية، وسنتعامل مع هذه المعطيات بما يعزز معركة التحرير.
اليوم، بات من الضروري أن نعيد ترتيب أولوياتنا الوطنية، ونتمسك بمصالحنا بعيدًا عن حسابات الآخرين.
رسالة إلى السفير السعودي.. وقراءة في كواليس المفاوضات
على السفير السعودي محمد آل جابر أن يدرك أن "قطار إسقاط اليمن في قعر الجحيم وتسليمه لإيران" قد وصل إلى محطة التوقف الإجباري.
أما تلك المفاوضات الجارية في واشنطن، والتي أراها بعين التشاؤم، فإنني أدعو الجميع للتعمق في تفاصيلها، لأن كواليسها ستكشف مزيدًا من حقائق الخديعة الكبرى التي تمارسها السعودية في اليمن.
المعركة الحقيقية اليوم لم تعد فقط ضد الحوثيين، بل ضد كل من يسعى لفرض واقع يخدم النفوذ الإيراني، سواء عن قصد أو عن جهل.
ولن يكون هناك أي سلام حقيقي، ما لم تُكسر هذه المعادلة، وتُستعاد صنعاء بقرار يمني خالص، بعيدًا عن تدخلات من لا يريد لليمن أن يتحرر.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا السعودية مباحثات الحوثي السفیر السعودی فی الیمن آل جابر
إقرأ أيضاً:
البطاقة الجديدة التي تفرضها حكومة المرتزقة.. تهديد للأمن القومي وتكريس للانفصال:صنعاء تؤكد رفضها لإجراءات حكومة المرتزقة الاحادية وتطالب المجتمع الدولي بالقيام بدوره في حماية وحدة اليمن واستقراره
الثورة / قضايا وناس
أثار قرار حكومة مرتزقة العدوان بفرض بطاقة شخصية إلكترونية ذكية جديدة موجة رفض عارمة في أوساط اليمنيين لما يمثله هذا القرار من تهديد خطير لأمن البيانات والخصوصية للمواطنين اليمنيين، كون قاعدة البيانات الرئيسية لهذه البطاقات موجودة في دولة العدوان السعودية، ما يفتح الباب أمام استغلال هذه البيانات الحساسة لأغراض استخباراتية معادية ضد الشعب اليمني.
المخاطر الأمنية ..تخزين البيانات خارج اليمن
تحتوي البطاقة الذكية الجديدة على معلومات بيومترية حساسة مثل بصمات الأصابع العشر ومسح قزحية العين، وهي بمثابة «توقيعات بشرية فريدة» يمكن استخدامها لتتبع الأفراد وتحليل تحركاتهم، والأخطر أن هذه البيانات لا تخزن في سيرفرات محلية في عدن، بل يتم الاحتفاظ بها في خوادم خارجية في السعودية، في انتهاك صارخ لسيادة اليمن على بيانات مواطنيه .
مخاطر التجسس والاستغلال
تحتوي البطاقة على شريحة إلكترونية وصفها خبراء بأنها «شريحة تجسسية خطيرة»، حيث يمكن كشف مكوناتها الداخلية المشبوهة عند خدش أو ضغط جسم البطاقة، وهناك مخاوف جدية من أن هذه البيانات قد تباع لأطراف ثالثة أو تستغل من قبل جهات أجنبية لتحقيق أهداف سياسية واستخباراتية، بما في ذلك إنشاء هويات وهمية لتنفيذ عمليات إرهابية .
ضعف الحماية السيبرانية
حذر مختصون من أن الخوادم الخارجية قد لا تكون محمية بشكل كافٍ، مما يعرض البيانات لخطر القرصنة والسرقة من قبل جهات أجنبية أو قراصنة وهذا الوضع يهدد الأمن القومي اليمني، حيث يمكن استخدام البيانات المسروقة في تشكيل خلايا أمنية وهمية أو تنفيذ جرائم دولية بأسماء يمنية .
تكريس الانفصال وتقويض النسيج الاجتماعي
يمثل فرض البطاقة الذكية إجراءً أحادي الجانب يعزز سياسة الانفصال، حيث يتم ربط جوازات السفر بهذه البطاقة التي تصدر من عدن بموافقة الرياض، متجاوزةً بذلك المؤسسات الرسمية في صنعاء. هذا الإجراء يكرس الانقسام السياسي والجغرافي ويقوض الوحدة الوطنية .
انتهاك السيادة اليمنية
يشكل قرار تخزين بيانات المواطنين في السعودية انتهاكاً صارخاً للسيادة اليمنية، حيث أصبحت المعلومات الشخصية للمواطنين تحت سيطرة جهات أجنبية ومعادية .
الردود الرسمية والشعبية على المشروع
حذرت الحكومة الوطنية في صنعاء من تداعيات هذا القرار على الأمن القومي لليمن وتقويض النسيج الاجتماعي وتكريس الانفصال .
وفي لقاء جمعه بوكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن والاستخبارات اللواء علي حسين الحوثي، ورئيس مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية اللواء محمد الحاكم مطلع الأسبوع الماضي أكد وزير الخارجية جمال عامر اهتمامه ومتابعته لهذا التصعيد الخطير الذي كانت قد تمت مناقشته على أكثر من مستوى سياسي ومنه ما تم طرحه على المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن ومكتبه باعتباره المسؤول عن خفض التصعيد وضرورة اضطلاعه بمسؤولياته لوقف تلك الإجراءات الأحادية كونها تعد تصعيدًا متواصلا يهدد جهود السلام والاستقرار،
وأوضح أنه تم توجيه رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أكدت تحميل المجتمع الدولي عواقب ما تقوم به حكومة عدن المكلفة من الرياض من تهديد لوحدة وسلامة وسيادة أراضي الجمهورية اليمنية، وهي المبادئ التي تؤكدها وتدعمها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بولاية المبعوث الأممي.
فيما حذر وكيل وزارة الداخلية من التداعيات الأمنية الجسيمة التي تشكلها هذه البطاقة، خاصة وقاعدة بياناتها الرئيسية تقع في دولة العدوان السعودية، ما يثير مخاوف جدية بشأن أمن وخصوصية بيانات المواطنين اليمنيين واستغلالها لأغراض معادية
وتم التأكيد خلال اللقاء على موقف صنعاء الثابت الرافض لأي محاولات لتقسيم اليمن أو المساس بسيادته الوطنية، ودعوة المجتمع الدولي للاضطلاع بدوره في حماية وحدة اليمن واستقراره.
رفض شعبي واسع
عبر مواطنون عن استيائهم الشديد من هذه الإجراءات، مشيرين إلى أنها تزيد من أعبائهم المالية والمعنوية وتعرض بياناتهم للخطر والاستغلال من جهات معادية .
كما حذر خبراء أمنيون وقانونيون من مخاطر المشروع، مطالبين بإحالة القائمين عليه إلى المحاكمة .
قضية أمن قومي
من المؤكد أن مشروع البطاقة الذكية التي تحاول حكومة المرتزقة فرضه يتجاوز كونه مجرد أداة إدارية، ليتحول إلى قضية أمن قومي تمس سيادة اليمن وخصوصية مواطنيه، فالمشروع في شكله الحالي يهدد ليس فقط أمن البيانات، بل يمس كرامة اليمنيين ويقوض سيادتهم الوطنية، مما يستدعي موقفاً وطنياً موحداً لمواجهة هذه التحديات الخطيرة.