200 مليار جنيه| حزمة اجتماعية جديدة لمواجهة التضخم والغلاء.. وخبراء يقيمون القرارات
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
في ظل التحديات الاقتصادية التي تعصف بالعالم والمنطقة، تبرز مصر كدولة تسعى جاهدة لتخفيف الأعباء عن كاهل مواطنيها، حيث أعلن وزير المالية أحمد كجوك عن خطوات جديدة تؤكد التزام الحكومة بدعم الفئات الأكثر احتياجًا. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده الوزير، حيث ألقى الضوء على تفاصيل حزم الحماية الاجتماعية التي تهدف إلى مواجهة التضخم وارتفاع الأسعار، مع تأكيد واضح على أن هذه الإجراءات ستشمل مختلف شرائح المجتمع.
أكد أحمد كجوك أن التضخم، الذي كان يشكل تحديًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، بدأ يشهد تراجعًا ملحوظًا، وهو ما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الدولة. وفي هذا السياق، كشف الوزير عن تقسيم حزم الحماية الاجتماعية إلى مرحلتين رئيسيتين: المرحلة الأولى تمتد حتى نهاية العام المالي الحالي، بينما تبدأ المرحلة الثانية مع بداية يوليو المقبل. هذا التقسيم يهدف إلى ضمان استمرارية الدعم وتوزيعه على نحو يلبي احتياجات المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية المتقلبة.
دعم نقدي شامل لبطاقات التموينفي إطار هذه الحزم، أوضح كجوك أن الدعم النقدي سيصل إلى نحو 10 ملايين أسرة مسجلة في نظام بطاقات التموين. وأشار إلى أن الفرد الواحد في البطاقة سيحصل على مساندة نقدية قدرها 125 جنيهًا، بينما ستحصل البطاقة التي تشمل فردين على 250 جنيهًا. هذه الخطوة تأتي لتخفيف العبء المالي عن الأسر المصرية، خاصة تلك التي تعتمد على التموين كمصدر أساسي لتلبية احتياجاتها اليومية، مما يعكس حرص الحكومة على شمولية الدعم.
تعزيز مخصصات العلاج والمعاشاتلم تقتصر الإجراءات على الدعم النقدي فقط، بل شملت أيضًا زيادة مخصصات العلاج على نفقة الدولة، وهي خطوة تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. وفيما يتعلق بالمعاشات، أعلن الوزير عن زيادة بنسبة 15%، وهو ما سيسهم في تحسين مستوى المعيشة لأصحاب المعاشات الذين يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع المصري. هذه الزيادة تعكس توجّه الدولة نحو تعزيز الأمان الاجتماعي لكبار السن والمتقاعدين.
وفي سياق متصل، أشار كجوك إلى أن برنامج "تكافل وكرامة" سيشهد زيادة دائمة بنسبة 25% بدءًا من أبريل المقبل، إلى جانب تقديم مساندة مالية إضافية بقيمة 300 جنيه لكل أسرة خلال شهر رمضان. كما لم تغفل الحكومة عن العمالة غير المنتظمة، حيث تقرر تخصيص منحة بقيمة 1500 جنيه لهذه الفئة ضمن حزم الحماية الاجتماعية، وهو ما يؤكد شمولية الرؤية الحكومية في مواجهة التحديات.
صندوق للمشروعات الصغيرة وزيادة الأجورلم تتوقف الإجراءات عند حدود الدعم النقدي المباشر، بل امتدت لتشمل دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إنشاء صندوق برأس مال 10 مليارات جنيه، يهدف إلى تأهيل هذه المشروعات وتعزيز دورها في الاقتصاد الوطني. وفي خطوة أخرى، أعلن الوزير عن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه بدءًا من يوليو المقبل، مع زيادة علاوة غلاء المعيشة إلى 1000 جنيه، وهي إجراءات تستهدف تحسين الأوضاع المعيشية للعاملين بالدولة.
تكلفة الحزم الاجتماعية والتوقعات المستقبليةوكشف كجوك أن التكلفة الإجمالية لحزم الحماية الاجتماعية تتراوح بين 35 و40 مليار جنيه لهذا العام، على أن تصل إلى 200 مليار جنيه في العام المقبل. هذه الأرقام تبرز حجم الجهود التي تبذلها الدولة لضمان استدامة الدعم، مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجًا في ظل الضغوط الاقتصادية المستمرة.
رؤية الخبراء: انحياز للطبقات الأقل دخلاًمن جانبه، أشاد الدكتور سامي الجرف، عميد كلية تجارة طنطا والخبير الاقتصادي، بالحزم الاجتماعية، مؤكدًا أنها تتضمن علاوة قطعية بقيمة 300 جنيه لجميع العاملين بالدولة. وأوضح أن هذه الخطوة تعكس توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن تكون الإجراءات أكثر انحيازًا للطبقات الأقل دخلاً، خاصة العاملين في المراحل الأولى من حياتهم المهنية. كما أكد أن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه يعزز من قدرة العاملين على مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.
الدولة تهاجم التضخم بزيادة السلعفي السياق ذاته، أكد الدكتور هاني الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل، أن القرارات التي اتخذها الرئيس السيسي خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير المالية أحمد كجوك تُعد خطوة حاسمة نحو تخفيف الأعباء المعيشية. وأوضح أن الدولة تعمل باستمرار على مهاجمة التضخم من خلال زيادة السلع المعروضة في الأسواق، مما يسهم في ضبط الأسعار وتوفير بيئة مستقرة للمواطنين.
توسع مظلة الحماية الاجتماعيةوأضاف الشامي أن مظلة الحماية الاجتماعية شهدت توسعًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ حجم الدعم في الموازنة العامة 636 مليار جنيه. وأشار إلى أن زيادة المرتبات والأجور تُعد أحد أشكال الدعم التي تقدمها الدولة لمواجهة التضخم العالمي والمحلي، مع توقعات بأن ينخفض التضخم إلى أقل من 16% خلال عام 2025 بفضل السياسات النقدية والمالية التي ينتهجها البنك المركزي ووزارة المالية.
دعم 23 مليون مواطن عبر “تكافل وكرامة”وأبرز الشامي أن برامج مثل "تكافل وكرامة" تلعب دورًا محوريًا في دعم ما بين 22 و23 مليون مواطن مصري، مما يعكس التزام الدولة بتعزيز العدالة الاجتماعية. وأكد أن هذه الحزم الجديدة، التي جاءت بناءً على توجيهات الرئيس السيسي، تستهدف الفئات الأكثر تأثرًا بارتفاع الأسعار، مما يساهم في الحفاظ على مستوى المعيشة رغم الضغوط الاقتصادية.
تكاتف القطاع الخاص والحكومةوفي تعليق اقتصادي متفائل، أشار الشامي إلى أن الثقة في جهود الدولة للحفاظ على إنجازات السنوات الماضية لا تزال قائمة، مشددًا على أن تكاتف القطاع الخاص مع القيادة السياسية سيمكن مصر من تجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية. هذا التفاؤل يعكس إيمان الخبراء بقدرة مصر على تحقيق الاستقرار والنمو في المستقبل القريب.
مصر نحو مستقبل أكثر استقرارًافي الختام، تؤكد حزم الحماية الاجتماعية التي أعلنت عنها الحكومة المصرية التزامها الراسخ بمواجهة التحديات الاقتصادية ودعم مواطنيها. من خلال دعم نقدي شامل، وزيادة في الأجور والمعاشات، وتعزيز برامج مثل "تكافل وكرامة"، تسعى مصر إلى بناء مجتمع أكثر عدالة واستقرارًا. وبينما يتراجع التضخم تدريجيًا، يبقى الأمل معلقًا على استمرار هذه الجهود لضمان حياة كريمة لكل مواطن، في ظل قيادة سياسية واعية بأهمية تخفيف الأعباء عن شعبها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مصر رمضان التموين وزير المالية القطاع الخاص المزيد حزم الحمایة الاجتماعیة تکافل وکرامة ملیار جنیه إلى أن
إقرأ أيضاً:
المشاط: تعظيم الاستفادة من الشراكات الدولية والموارد المحلية للتوسع في برامج الحماية الاجتماعية
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في جلسة وزارية عنالحماية الاجتماعية والتدفقات المالية غير المشروعة، وذلك خلال الاجتماع الوزاري لمجموعة عمل التنمية التابعة لمجموعة العشرين.
وألقت الدكتورة رانيا المشاط، الضوء علي أهمية التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف في الدفع بأجندة التنمية المستدامة مع بقاء خمس سنوات فقط حتى عام 2030، من خلال أحد أهم المنصات الدولية وهي مجموعة العشرين، مشيرة إلي تباطؤ التقدم العالمي في تحقيق أجندة التنمية المستدامة بنسبة 16.7% فقط بسبب الفجوة التمويلية المقدرة بما يتراوح بين 2.5 تريليون و4 تريليون دولار أمريكي سنويًا، ما يتطلب تنويع مصادر تمويل التنمية ومشاركة التدفقات المالية العامة والخاصة والتكامل فيها بينها من أجل تحقيق التوازن والاستدامة.
وأكدت أن تمويل التنمية والاستثمارات في القطاعات الأساسية يمثل حجر الزاوية في النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، مما يستلزم التوسع في نطاق تطبيق الأطر الوطنية المتكاملة للاستدامة والتمويل من أجل ضمان الحوكمة الفعالة والتوافق مع الأولويات الوطنية، وتحسين تخصيص الموارد المحلية للقطاعات ذات الأولوية، وذلك علي خلفية مشاركة مصر الفعالة في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بإشبيلية، وضم صوتها إلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من أجل توسيع نطاق الدعم المؤسسي والتكنولوجي والبشري القائم على الطلب للدول النامية، بما في ذلك دعم الأنظمة المالية وتعبئة الموارد المحلية.
وأبرزت دور مصر الرائد في تنفيذ برامج مبادلة الديون من أجل التنمية المستدامة بالتعاون مع الدول الصديقة مثل ألمانيا وإيطاليا والصين، التي دعمت الحكومة المصرية من تحويل أجزاء من الدين الخارجي إلى استثمارات محلية تتماشى مع الأولويات الوطنية في العديد من الموضوعات والقطاعات مثل العمل المناخي والتعليم والحماية الاجتماعية، مما وضعها في طليعة الدول المطبقة للعديد من آليات التمويل المبتكر للتنمية المستدامة، ومن بينها التمويل المختلط، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وضمانات الاستثمار.
وأبدت مجموعة عمل التنمية التابعة لمجموعة العشرين التزامًا بإعطاء الأولوية للحماية الاجتماعية من خلال دعوة للعمل، مؤكدةً التزامها ببناء أنظمة حماية اجتماعية شاملة ومستدامة، مع التركيز بشكل خاص على حدود الحماية الاجتماعية الوطنية.
وأشارت "المشاط" إلي أنه وفقًا لمنظمة العمل الدولية، تُغطّي برامج الحماية الاجتماعية أكثر من نصف سكان العالم، ومع ذلك، هناك ما يقرب من 3.8 مليار شخص غير مشمولين بها تمامًا، فلا تزال هناك تفاوتات كبيرة في الحماية الاجتماعية بين البلدان، تؤكد علي الحاجة الملحة إلى توسيع نطاق الاستثمار المستدام في الحماية الاجتماعية، وخاصة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في تعزيز الحماية الاجتماعية من خلال العديد من المشاريع والمبادرات التحويلية، مما يعكس الأولويات الوطنية (رؤية مصر 2030)، ومن بين هذه البرامج "تكافل وكرامة"، وهو أبرز برامج الحماية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويصل الآن إلى أكثر من 4.67 مليون أسرة محتاجة (حوالي 17 مليون فرد). وفي عام 2025، احتفلت مصر بمرور عقد على تطبيقه، مؤكدةً التزامها طويل الأمد بالعدالة الاجتماعية والاستثمار في رأس المال البشري. علاوة على ذلك، تهدف مبادرة "حياة كريمة"، وهي مبادرة التنمية الريفية الرائدة في مصر، إلى معالجة معدلات الفقر والبطالة متعددة الأبعاد من خلال تحسين سبل عيش المجتمعات الريفية الفقيرة، حيث حققت المرحلة الأولى معدل تنفيذ بلغ 85.5% بنهاية عام 2024، بينما تهدف برامج أخرى، مثل برنامجي "فرصة" و"مستورة"، إلى تمكين النساء والشباب اقتصاديًا من خلال توفير التدريب وفرص العمل والقروض الصغيرة بدون فوائد للمشاريع الصغيرة، مما يدعم انتقالهم من المساعدات النقدية إلى سبل عيش مستدامة، وقد أعطت مصر الأولوية للمساواة في مجال الصحة من خلال المبادرات الرئاسية مثل مبادرة "100 مليون صحة" للكشف المبكر عن التهاب الكبد الوبائي سي والأمراض غير المعدية ومبادرة دعم صحة المرأة المصرية.
وعرضت التجربة المصرية في الحماية الاجتماعية، من خلال القاء الضوء علي التعاون الدولي وكفاءة تخصيص الموارد المحلية والإنمائية من أجل التوسع في برامج الحماية الاجتماعية والتي تمثل أحد أهم محاور التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة.
وأثنت "المشاط" على الجهود المبذولة تحت رئاسة جنوب أفريقيا، من أجل تطوير المبادئ التي سوف تشكل إطارًا عمليًا للدول لتعزيز الشفافية المالية، وسلامة البيانات، والضرائب العادلة، وآليات الإنفاذ. وأكد التزام إشبيلية، الذي اعتُمد في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، مجموعة من الالتزامات المحددة التي تشمل: تعزيز التعاون الدولي، وتشجيع تبادل أفضل الممارسات والتقنيات، وتوسيع نطاق المساعدة الفنية لمنع الفساد، ودعم البلدان النامية في تحديد مخاطر غسل الأموال واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.
وأكدت «المشاط»، أن مصر أعطت الأولوية لمعالجة التدفقات المالية غير المشروعة ضمن استراتيجيتها التمويلية الوطنية المتكاملة كمسار رئيسي لتعزيز التمويل الخاص المحلي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال ثلاثة مجالات للإصلاح: المؤسسات، والسياسات، وبناء القدرات. وتشمل الإجراءات الرئيسية تعزيز القدرات الإحصائية الوطنية لقياس التدفقات المالية غير المشروعة، والاستثمار في أدوات آلية لقياس عدم التماثل التجاري، ودعم وحدة متخصصة داخل مصلحة الجمارك المصرية لمعالجة التهريب وغسل الأموال وإدارة المخاطر، وقد عملت مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة على تعزيز قدرتها على قياس التدفقات المالية غير المشروعة، مع التركيز على الأنشطة الضريبية والتجارية والجريمة.