كلمة الجميّل.. نحو التمايز عن القوات
تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT
في خضمّ المشهد السياسي اللبناني المُعقَّد، برز خطاب رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل في مجلس النواب امس كإشارةٍ لافتة تهدف إلى إعادة ترتيب الأولويات وتوجيه النقاش بعيداً عن الحسابات الضيقة. فقد أكد الجميّل أن هناك ما هو أهم من مناقشة البيان الوزاري، منوهاً إلى ضرورة تجاوز المرحلة الراهنة نحو رؤيةٍ أوسع تُعالج التحديات العميقة التي تواجه لبنان.
هذه الإشارات التاريخية لم تكن مجرد استحضارٍ للماضي، بل حملت بعداً تحذيرياً من استمرار دوامة الصراعات التي أنهكت البلاد لعقود. فكما خلَّفت اغتيالات الزعماء السابقين فراغاتٍ سياسية واجتماعية، يبدو ان الجميّل يبدي حرصا على تفادي تكرار السيناريوهات ذاتها، عبر الدعوة إلى حوارٍ وطني يفصل عن منطق الاستقطاب. وهذا ما يُفسر توجهه نحو خطابٍ "إلتقائي" بدأه قبل أشهر، ويعتمد على بناء جسورٍ مع أطرافٍ مختلفة، من دون التخلي عن الثوابت التي يُصر عليها حزبه، مثل المطالبة بسلاحٍ واحد للدولة، وانتقاد دور "حزب الله" العسكري، وإن كان الأخير جاء محدوداً هذه المرة، في إشارةٍ إلى رغبةٍ بالحفاظ على مساحةٍ للحوار.
من أبرز أهداف هذا الخطاب، هو التمايز موقف الكتائب عن حزب القوات اللبنانية، خاصة في ظل التشابه الظاهري بينهما في بعض المواقف السياسية. فبينما تتجه القوات إلى خطابٍ أكثر تشدداً تجاه الحزب، يسعى الجميّل إلى تبني نهجٍ أكثر مرونة، يعكس رغبةً في القيام بدورٍ مُسهِّل ودافع وداعم للحوارات بين الأطراف المتنافسة. كما أن الخطاب يهدف إلى امتصاص الضغوط الداخلية داخل الكتائب، حيث تُعارض بعض الأجنحة استمرار الصيفي في لعب دور رأس الحربة، ما يُشير إلى رغبة الجميّل في توحيد الصفوف وتجنب الانقسامات التي قد تُضعف موقف الحزب.
إلى ذلك، يطمح الخطاب إلى فتح مساراتٍ سياسية جديدة، عبر طرح قضايا تمسُّ الحياة اليومية للمواطن، بدلاً من التركيز على الخلافات الأيديولوجية التقليدية. وهذا التحوّل قد يكون محاولةً لاستقطاب شرائحَ جديدة من الشباب والناخبين غير المُنتمين طائفياً، الذين يُعبّرون عن إحباطهم من الأداء السياسي السائد.
دعم العديد من الأطراف خطاب الجميّل، خاصةً لالتزامه بخطٍ متوازنٍ لم يتجاوز الثوابت المعلنة، لكنه في الوقت نفسه لم يغرق في الانتقادات المباشرة التي تُغلق أبواب الحوار. فمطالبته بسلاحٍ واحد للدولة، من دون الهجوم المباشر على حزب الله، تُظهر حساً سياسياً يراهن على كسب التأييد عبر التركيز على المبادئ العامة أكثر من الاصطدام المفتوح.
يبدو أن النائب الجميّل يسعى إلى إعادة تعريف دور الكتائب في الخريطة السياسية، من خلال خطابٍ يجمع بين الحفاظ على الهوية المسيحية في السياسة، وفتح النقاش حول قضايا وطنية عابرة للطوائف. لكن نجاح هذا التوجه مرهونٌ بقدرته على تحقيق توازنٍ دقيق بين الضغوط الداخلية، والتفاعل الإيجابي مع الأطراف الأخرى، في مشهدٍ سياسيٍ لا يزالُ غارقاً في تحدياتٍ وجودية تنتظر الحلول الجريئة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الجمی ل
إقرأ أيضاً:
مسؤول أممي: وقف إطلاق النار الأخير في غزة يعد بارقة أمل حيوية.. وعلى جميع الأطراف احترامه
أكد كارلوس أوليفر كروز، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في مصر، أن وقف إطلاق النار الأخير في قطاع غزة يعد بارقة أمل حيوية، ويجب على جميع الأطراف احترامه بالكامل، والعمل على تنفيذ القانون الدولي، مشددا على ضرورة السماح بوصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة دون قيود.
وقال كروز، في كلمة بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني بالجامعة العربية، إنّ لقاء اليوم يأتي بعد عامين من أعمال مروّعة شهدتها غزة، وبعد بدء وقف إطلاق النار، فالناجون بطبيعة الحال يعانون فقدان أحبّتهم وأطفالهم، وآلاف الجرحى يواجهون الجوع والمرض والصدمات النفسية بينما تعرّضت المدارس والمستشفيات والمنازل للدمار الكامل، وكل ذلك لايزال مستمرًا في الضفة الغربية بما فيها القدس.
وأضاف أن العمليات العسكرية الاسرائيلية، والتوسع الاستيطاني، والطرد، والهدم، والتهديدات بالضم، تتواصل في الضفة الغربية وفي الوقت نفسه قُتل المئات من العاملين في العمل الإنساني، ومن الطواقم الطبية، ومن موظفي الأمم المتحدة، بأعداد غير مسبوقة في التاريخ المعاصر.. متابعا: "لقد فقدنا في هذا الصراع عددًا من العاملين يفوق أي نزاع آخر منذ الحرب العالمية الثانية".
وأشار إلى أن هذه المأساة تمثّل اختبارًا لقواعد الإنسانية وللقانون الدولي، فالقتل والنزوح والمنع الممنهج للمساعدات الإنسانية عن الشعب الفلسطيني أمور لا يمكن قبولها تحت أي ظرف من الظروف.. قائلا: "ويقع على عاتق المجتمع الدولي دعم وكالة الأونروا، التي تمثّل شريان الحياة للفلسطينيين وطوق النجاة لهم في هذه الظروف القاسية".
وجدد كروز الدعوة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية، كما نصّت على ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، والعمل على تنفيذ حل الدولتين وفقًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بحيث يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنبًا إلى جنب.
واختتم المسؤول الأممي كلمته قائلا: «وفي هذا اليوم الذي نحيي فيه تضامننا مع الشعب الفلسطيني، دعونا نستمد الإلهام من صمود هذا الشعب وأمله، فهما مثال حي للإنسانية.. ودعونا نؤكد تضامننا مع حق الفلسطينيين في الكرامة والعدالة وتقرير المصير، وأن نعمل جميعًا من أجل سلام عادل للجميع».
أبو الغيط في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني: مشروع الدولة لم يمت والاحتلال إلى زوال أكد
عاجل.. قافلة «زاد العزة» الـ83 تدخل إلى الفلسطينيين في قطاع غزة
مصر تحيي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني