تعمل سلطنة عمان على إيجاد تشريعات مرنة وسلطة تشريعية مستقلة وذات صلاحيات كاملة، مع وجود نظام رقابي فاعل ومستقل يوظف الشفافية والإفصاح ويكافح الفساد، ودور رقابي بصيرٍ وفاعل للإعلام ومجتمع واعٍ قانونيًا ومشارك بفاعلية في التشريع والرقابة.

ويُعدُّ تطوير المنظومات التشريعية والقضائية والرقابية أحد أبرز ممكنات النمو الاقتصادي، ويسهم إلى حدٍّ كبير في تعزيز ثقة المؤسسات الاستثمارية المحلية والعالمية في الاقتصاد الوطني، وتركز أولوية التشريع والقضاء والرقابة وفقًا لتقرير "رؤية عمان 2040" في أهدافها على أهمية وجود قضاء ناجز ونزيه ومتخصص يوظف تقنيات المستقبل.

وتسعى العديد من وحدات الجهاز الإداري للدولة إلى تحقيق هذا التوجه الذي من شأنه تحقيق مستوى مرتفع من النمو الاقتصادي والرفاه والعدالة الاجتماعية، فضلًا عن تطوير منظومة العمل في الأجهزة المعنية بالعدالة والتشريع والرقابة، وتعزيز النزاهة في مختلف التعاملات بوحدات الجهاز الإداري للدولة، وحماية الموارد الطبيعية والمقدرات الوطنية، وتأكيد سيادة القانون في أوساط المجتمع العماني.

ومؤخرًا تقدمت سلطنة عمان في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024م، إذ احتلت المرتبة الـ 50 عالميًا من بين 180 دولة، والرابعة عربيًا، حسب مؤشرات منظمة الشفافية الدولية ببرلين التي تصدر تقريرها سنويًا.

ووفقًا لتقرير رصدته "رؤية عمان 2040" فإنَّ سلطنة عمان عملت على إيجاد نظام رقابي شامل ومستقل يحمي المقدرات الوطنية ويكافح الفساد ويحقق مبادئ المساءلة والمحاسبة، مع الاهتمام بالشفافية والإفصاح، وفي هذا الإطار تركز المنظومة الرقابية على تعزيز العمل الرقابي، وتطوير الأدوات الرقابية، وإيجاد بيئة مؤسسية تشاركية بين جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة والجهات المشمولة بالرقابة لحماية المال العام ومنع التعدي عليه، فضلًا عن إرساء ثقافة المساءلة والمحاسبة، وتطوير الكفاءات الوطنية الرقابية المتخصصة وتأهيلها للقيام بالأدوار المنوطة بها وصولًا إلى تحقيق رقابة مستقلة وفاعلة.

استراتيجية وطنية

وتُعتبر الخطة الوطنية لتعزيز النزاهة بمثابة الأداة المرجعية للعمل الوطني والتكامل المؤسسي في مجال تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، التي أتت لتؤكد على حرص سلطنة عمان على تبني أفضل الممارسات الدولية، إلى جانب التزامها بالمتطلبات الواردة في الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي انضمت إليها سلطنة عُمان بموجب المرسوم السلطاني رقم 64/2013م، والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، التي صادقت عليها بموجب المرسوم السلطاني 28/2014م، وذلك بهدف تعزيز التدابير الرامية لمكافحة الفساد، وتعزيز الكفاءة في استخدام الموارد، وتجسيد قيم العمل المؤسسي لتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة.

وتسعى الخطة إلى تحقيق عدد من النتائج، منها تحقيق الكفاءة في مكافحة الفساد من خلال التعاون الفاعل والمساهمة الإيجابية من كافة القطاعات والمجتمع، وتعزيز كفاءة أداء مؤسسات الدولة وحسن إدارة الموارد، وتحسين الشفافية والنفاذ إلى المعلومات، ورفع مستوى وعي المجتمع بشكل عام، والمواطنين بشكل خاص، بجهود مؤسسات الدولة في تحسين كفاءة الأداء وحماية المال العام، وتحقيق الردع العام والرقابة الوقائية، وتبني أفضل الممارسات إقليميًا ودوليًا في مجالات تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، وتحسين موقف سلطنة عُمان في المؤشرات الدولية ذات الصلة.

ولتفعيل الخطة الوطنية لتعزيز النزاهة 2022-2030، تم خلال السنوات الماضية عقد الحلقة التنفيذية للخطة، وتحديد نقاط الاتصال مع الجهات ذات العلاقة، وعقد 13 اجتماعًا مع الجهات المعنية لمناقشة أدوارها في التنفيذ، كما تم عقد عدد من الاجتماعات مع وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040 للتنسيق في مجال وضع آلية تحديد الأدوار في الخطة. وقد تم تفعيل لوحة إدارة المؤشرات والبدء في تنفيذ الخطة في مجال تحسين التصنيف في مؤشر مدركات الفساد، فقد تم تشكيل فريق وطني ممثلًا بالجهات ذات العلاقة، وقد قام الفريق بدراسة تفصيلية لنتائج سلطنة عمان وصياغة التوصيات الرامية إلى تحسين المؤشر. وقد قامت اللجنة الوطنية للتنافسية باعتماد الدراسة والتوصيات ورفعها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لإقرارها والتنسيق مع الجهات المعنية بتنفيذ التوصيات.

ويواصل الفريق الوطني المعني بتحسين المؤشر، بالتعاون مع المكتب الوطني للتنافسية، متابعة تنفيذ خطة تحسين تصنيف سلطنة عمان في المؤشر، والرصد المستمر للأداء، والتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بالتقييم للحصول على أفضل الممارسات المعنية بتحسين المؤشر والبيانات المطلوبة.

المنظومة الرقابية

وتتضمن الخطط المستقبلية لجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة دراسة تطوير التشريعات المتعلقة بالمنظومة الرقابية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، واستكمال التنسيق للربط والتكامل مع الجهات المشمولة بالرقابة، وتفعيل الشراكة المجتمعية مع مؤسسات المجتمع المدني، وتأهيل الكفاءات الرقابية الوطنية بالتنسيق مع الجهات المختصة بالرقابة، وترسيخ الرقابة الذاتية في المجتمع.

وأكدت الحكومة على بذل العديد من الجهود لتحسين المنظومة الرقابية، أهمها إطلاق الخطة الوطنية لتعزيز النزاهة والحوكمة وآليات المتابعة، وتعزيز الثقة والشفافية مع المجتمع من خلال نشر الملخص المجتمعي، والانتهاء من مشروع تعديل قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح. فقد أقر مجلس الوزراء دراسة تعديل القانون بهدف تعزيز الشفافية والإجراءات الحكومية المتخذة لمكافحة الفساد، حيث قام جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بالتنسيق مع الجهات المختصة بإدخال التعديلات على القانون الساري تحقيقًا للمزيد من الحماية للمال العام، بالإضافة إلى تأهيل الكفاءات الوطنية في المجالات ذات الصلة، والربط الإلكتروني مع الجهات المشمولة بالرقابة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لمکافحة الفساد تعزیز النزاهة سلطنة عمان مع الجهات

إقرأ أيضاً:

في ذكرى 11 ديسمبر.. بن مبارك يشيد بوحدة الشعب ويؤكد دور الذاكرة الوطنية في تعزيز السيادة”

أشرف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الكريم بن مبارك اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025، على ندوة تاريخية بمناسبة إحياء مظاهرات 11 ديسمبر 1960.
وحضر الندوة حشد من الإطارات والمناضلين، حيث كانت سانحة لاستذكار تضحيات أسلافنا من المجاهدين والشهداء.
في كلمته، أكد الأمين العام للأفلان أن مظاهرات 11 ديسمبر تستند إلى عدة مرجعيات روحية ووطنية وسياسية. أولها مرجعية بيان أول نوفمبر، الذي أعلن القطيعة مع الاستعمار وربط المعركة بالحرية والكرامة وبناء الدولة الوطنية المستقلة.

كما أشاد الأمين العام بوحدة الشعب حول جبهة التحرير الوطني، التي حولت كل مواطن إلى خلية مقاومة وكل شارع إلى قلعة صمود.

وأضاف أن هذه المظاهرات تعكس مرجعية الرفض الجذري للمشروع الاستعماري، الذي حاول تفتيت الشعب وتشويه الهوية وتمرير أطروحة “الجزائر فرنسية”.

وأكد كذلك مرجعية الحق القانوني والتاريخي في السيادة، باعتبار الشعب الجزائري صاحب حضارة ممتدة ودولة ذات جذور عميقة قبل الاستعمار.

وتابع بن مبارك قائلا:”إنّ مظاهرات 11 ديسمبر لم تكن مجرد تجمعات احتجاجية، بل كانت معركة سياسية متكاملة نقلت الثورة من الجبال إلى المدن، ومن العلن إلى تأكيد العلن ودعمه، وأجبرت العالم على رؤية الحقيقة التي حاول المستعمر طمسها لأكثر من 130 سنة”.
وأضاف أن مظاهرات 11 ديسمبر تكشف أنّ الشعب الجزائري، رغم القمع والتنكيل والحصار، تمكن من إفشال كل الرهانات الاستعمارية، فقد خرجت الجماهير بمئات الآلاف، ترفع العلم الوطني وتردد بصوت واحد:
“الجزائر مسلمة… الجزائر حرة… جبهة التحرير الوطني تمثلنا …”
وهذه الدلالات التاريخية لا تزال حيّة إلى اليوم وتحتاج إلى قراءة واعية من خلال:
أولًا: إثبات الشرعية الثورية
لقد أكد الشعب الجزائري أنّ جبهة التحرير الوطني هي من تقوده، وأنها ليست تنظيمًا فوقيًا، بل حركة شعبية أصيلة، وبالتالي سقطت كل أطروحات الاستعمار حول ما سماه “الأقلية الصامتة”.
ثانيًا: تدويل القضية الجزائرية
فقد نقلت هذه المظاهرات الثورة إلى المنتظمات الدولية، خصوصًا الأمم المتحدة، ونسفت كل الدعاية الفرنسية التي حاولت تصوير الوضع على أنه “شأن داخلي”.
ثالثًا: انهيار المشروع الاستعماري
بفضل 11 ديسمبر، اقتنع العالم أنّ بقاء فرنسا في الجزائر لم يعد ممكنًا، وأن الشعب قرر مصيره بنفسه، مهما كانت التضحيات.
رابعًا: ولادة الوعي الوطني الحديث
لقد صنعت المظاهرات تحولًا عميقًا في وعي الجزائريين بذاتهم، بقدرتهم، بكتلتهم التاريخية الموحدة، وبحقهم في بناء الدولة الوطنية المستقلة.
السيدات والسادة الأفاضل،
لم تكن المظاهرات غاية في ذاتها، بل كانت وسيلة نضالية لتحقيق جملة من الأهداف الواضحة، التي يمكن تلخيصها في أربعة محاور رئيسية:
— تثبيت استقلالية القرار الوطني:
أي رفض كل أشكال التفاوض التي تتجاوز جبهة التحرير الوطني، وإسقاط ما كان يسمى “مشروع ديغول” الذي حاول الالتفاف على مطلب الاستقلال.
— توحيد الجبهة الداخلية:
فالمظاهرات شكلت إجماعًا وطنيًا شعبيًا حول الثورة، ورسخت وحدة الصف والهدف، وحمت الثورة من محاولات الاختراق الداخلي.
— تأكيد الطابع الشعبي للثورة المسلحة:
وأضاف أن الشعب أثبت أنّ الثورة ليست حركة نخبة، بل حركة أمة كاملة، وهذا ما أعطى الثورة شرعيتها التاريخية والسياسية.
— دعم العمل الدبلوماسي المكمل للعمل المسلح:
حيث ساعدت مظاهرات 11 ديسمبر 1960 في ترجيح الكفة لصالح الوفد الجزائري في المحافل الدولية، ودعمت المفاوضات التي ستقود لاحقًا إلى اتفاقيات إيفيان.
وتابع الأخ الأمين العام للحزب أن استحضار هذه الذكرى المجيدة اليوم لا ينفصل عن الجهود الكبيرة التي يبذلها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في مجال حماية الذاكرة الوطنية وترسيخها، فقد جعل رئيس الجمهورية من ملف الذاكرة أولوية سياسية وسيادية، إدراكًا منه بأن مستقبل الأمم لا يمكن أن يُبنى على النسيان، بل على الحقيقة، والاعتزاز بالهوية، واستعادة رموزها وقيمها.

مقالات مشابهة

  • مناقشة تعزيز الشراكة بين وزارة الثقافة وهيئة مكافحة الفساد في التوعية والتثقيف
  • ندوة إرث سليمان تستحضر شخصية أحد أعلام القضاء والفقه في سلطنة عمان
  • اجتماع موسع في طرابلس لبحث تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد
  • في ذكرى 11 ديسمبر.. بن مبارك يشيد بوحدة الشعب ويؤكد دور الذاكرة الوطنية في تعزيز السيادة”
  • السفارة البحرينية في عمان تحتفل بالأعياد الوطنية وذكرى عيد الجلوس لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة
  • ليبيا تستضيف اجتماعاً دولياً لتعزيز استراتيجيتها الوطنية لـ«مكافحة الفساد»
  • أكاديمية أبوظبي العالمي تنظّم فعاليات حول تأهيل الكفاءات الوطنية
  • منصور بن زايد يُصدر قراراً بتشكيل اللجنة الوطنية لسردية الاتحاد
  • سلطنة عمان والبحرين يناقشان تسويق منتجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بين البلدين
  • تعديل القوانين الانتخابية في المغرب.. هل تعزز النزاهة أم تقيّد حق الترشح؟