ميثاق نيروبي: ليكن لبنة في بناء الوحدة، لا بوابة للانفصال
تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT
يُعد الميثاق التأسيسي، الذي تم التوافق عليه في 22 فبراير 2025 بين مجموعة من القوى السياسية، حركات مسلحة من دارفور، قوات الدعم السريع، والحركة الشعبية - شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، محطة فارقة في منهجية حل المعضلة السودانية التاريخية. كما يمثل خطوة حاسمة في مسار الحرب المأساوية واسعة النطاق، التي أوشكت على إكمال عامها الثاني.
ميثاق نيروبي ومبادئ التغيير الجذري في بنية الدولة
• ان هذه الوثيقة التأسيسية التي وضعت أسسًا جديدة لدولة السودان في مرحلة ما بعد الحرب تمثل تحولًا جذريًا في المنهجية التقليدية لمعالجة المعضلة السودانية. فقد اعتمدت المناهج السابقة لحل الخلافات السياسية على الانقلابات العسكرية وقمع المعارضة أو التسويات السياسية التي تركز على اقتسام السلطة والثروة دون إحداث تغيير جوهري في بنية الدولة وهياكلها المؤسسية. من المعروف أن السودان، بحدوده الحديثة، تم توحيده خلال الحكم التركي-المصري، بينما أُنشئت هياكل الدولة الحديثة في ظل الاستعمار البريطاني-المصري. وبعد الاستقلال، ورثت الأنظمة الوطنية هذه الهياكل دون تعديل جوهري، ما أدى إلى استمرار الأزمة السياسية وعدم الاستقرار لما يقارب قرنين (1821-2023)، حتى انهارت الدولة عمليًا مع اندلاع حرب 15 أبريل 2023. لقد تشكلت الدولة السودانية الحديثة بوصفها كيانًا مركزيًا مفروضًا بالقوة، حيث تم توحيد مناطق السودان المختلفة دون استفتاء سكانها، الذين يتميزون بتنوع إثني وثقافي وديني واسع، فضلًا عن اختلاف أساليب ووسائل العيش فيما بينهم. وقد نص اول بنود هذا الاتفاق علي ان الدولة السودانية تقوم علي مبدأ الوحدة الطوعية لشعوبها و اقاليمها بما يضمن التعايسش السلمي العادل و الاختيار الحر.
• تم التوقيع على هذه الوثيقة من قبل أكبر تجمع للقوى المسلحة والمدنية، والذي يمثل طيفًا واسعًا يمتد من غرب السودان إلى شرقه، وهي المناطق الأكثر كثافة سكانية والأعلى إنتاجًا، لا سيما في مجالات الزراعة، والثروة الحيوانية، والموارد الغابية. كما أن هذه المناطق شهدت تاريخيًا صراعات ممتدة، سواء في مواجهة الدولة المركزية أو بين مكوناتها المختلفة، خاصة بين المجتمعات الرعوية، التي تُنسب إلى القبائل ذات الأصول العربية، والمجتمعات الزراعية المنتمية إلى القبائل المصنفة ضمن المجموعات الإفريقية أو "الزرقة". وقد عمدت الأنظمة التي أعقبت الاستعمار، لا سيما نظام الإسلاميين، إلى استغلال التنافس الاقتصادي والمصالح المتباينة بين هذه المجموعات، خاصة في ظل تفاقم تأثيرات الجفاف والتصحر. كما أن هذه المناطق كانت الأكثر تضررًا من ممارسات قوات الدعم السريع، التي استخدمها النظام السابق في البداية لقمع الحركات المسلحة في دارفور، قبل أن تتوسع عملياتها لاحقًا إلى كردفان والنيل الأزرق. وعليه، فإن هذا الاتفاق، الذي جمع بين قوات الدعم السريع وقواعدها القبلية الرعوية العربية، إلى جانب الحركات المسلحة وحواضنها الاجتماعية من القبائل الزراعية الإفريقية، يُشكل خطوة محورية نحو تحقيق التعايش السلمي في هذه المناطق. إضافة إلى ذلك، فقد نص الاتفاق على الالتزام بالعدالة والمساءلة التاريخية، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب من خلال محاكمة جميع المسؤولين عن الانتهاكات ضد الوطن والمواطن. ويؤكد هذا النهج على أن تحقيق العدالة يُعدّ حجر الأساس لإرساء سلام مستدام في السودان.
• ثالثًا: أقر الميثاق مبدأ تأسيس دولة ديمقراطية علمانية تقوم على فصل الدولة عن الهويات الدينية والإثنية والثقافية، مع حظر إنشاء الأحزاب السياسية على أساس ديني. ويهدف هذا النهج إلى تعزيز الاعتراف بالتنوع وضمان المساواة بين جميع المكونات والشعوب التي تعيش في السودان، مما يسهم في منع أي شكل من أشكال الاستعلاء أو الهيمنة.وتعدّ العلمانية إحدى القضايا الخلافية في السياسة السودانية، خاصة بعد إقرار قوانين الشريعة الإسلامية عام 1983، والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية في اندلاع الحرب في جنوب السودان.
ما يميز هذا الاتفاق هو أن مبدأ فصل الدين عن الدولة لم يُقر فقط من قبل القيادات السياسية وقيادات الحركات المسلحة، بل حظي أيضًا بموافقة ممثلي الإدارات الأهلية في المناطق الأكثر تمسكًا بالتقاليد، والتي كانت تمثل تاريخيًا قاعدة دعم رئيسية للأحزاب الطائفية، لا سيما حزب الأمة، الذي عارض إلغاء قوانين سبتمبر خلال الديمقراطية الثانية. ويعكس هذا التوافق تحولًا في وعي هذه المجتمعات التي عانت من سياسات الدولة الدينية وترفض أن تُوظَّف لصالح أي جماعة تحت غطاء الدين. كما أن هذا الاتفاق يُعدّ ضمانة لترسيخ مبدأ العلمانية في الدستور الدائم للسودان.
• رابعًا: تبنى الاتفاق مبدأ الحكم اللامركزي، مما يمنح المجتمعات المحلية الحق في إدارة شؤونها الداخلية والسيطرة على مواردها دون تدخل مركزي، وهو ما يُعدّ خطوة أساسية نحو تحقيق توزيع عادل لفرص التنمية بين أقاليم السودان المختلفة. لطالما شكّلت التنمية غير المتوازنة، إلى جانب احتكار المركز للسلطة والثروة، أحد الدوافع الرئيسية وراء لجوء بعض المجموعات في المناطق المهمشة إلى الصراع المسلح ضد الدولة المركزية. ويعود أصل هذا الخلل إلى الحقبة الاستعمارية، حيث قامت الإدارة الاستعمارية بنزع ملكية المجتمعات المحلية للأراضي من خلال تسجيلها كأملاك تابعة للدولة المركزية، إلى جانب إلغاء نظام الإدارة الأهلية التقليدية. ورغم أن الاستعمار أعاد العمل بالإدارة الأهلية لاحقًا، إلا أنه جرّدها من سلطتها الفعلية على الأراضي. واصلت الأنظمة التي أعقبت الاستعمار اعتماد نموذج الحوكمة نفسه، مما جعلها امتدادًا فعليًا للهيمنة المركزية التي أسسها المستعمر. ومن خلال هذا التغيير الجوهري، سيتيح الاتفاق تحرير هذه المناطق من سيطرة المركز، مما يضع أسسًا للعدالة والسلام المستدام. وبهذا، يُترجم الاتفاق فعليًا شعار ثورة ديسمبر 2018: "حرية، سلام، وعدالة."
• خامسًا: نصّ الاتفاق على تمكين المرأة وضمان مساواتها بالرجل، بما يكفل مشاركتها الفاعلة والعادلة في جميع مستويات وأجهزة الحكم (البند 23). ورغم الغياب الملحوظ للنساء عن مراسم التوقيع، وهو مؤشر سلبي يعكس التحديات القائمة، فإن هذا الطابع الذكوري للفعالية لا يعكس بالضرورة إقصاءً ممنهجًا، بقدر ما يُجسد طبيعة الجهات المشاركة في الاتفاق، والتي تضم في معظمها الحركات المسلحة والإدارات الأهلية التقليدية، حيث لا تزال الهيمنة الذكورية سائدة. ومع ذلك، فإن إقرار هذا البند من قبل قيادات تقليدية يُمثل تطورًا إيجابيًا يعكس تنامي الوعي بقضايا المرأة، كما أنه قد يُسهم في تقليل مقاومة هذه الفئات مستقبلاً لأي تشريعات تدعم حقوق النساء، مما يُشكل خطوة جوهرية نحو تحقيق المساواة وتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة.
و رغم ان الميثاق تضمن حوالي 32 مبدأ رئيسي و كلها تحتاج للتحليل و التقييم الا ان ما سبق ذكره يعتبر ركائز اساسية لتحقيق سودان الحرية و السلام و العدالة الذي بشرت به ثورة ديسمبر 2018 و التي كانت هذه الحرب اخر محاولة من اسلامي النظام المخلوع للقضاء عليها.
دعوة لجعل ميثاق نيروبي لبنة في بناء الوحدة، لا بوابة للانفصال
الحرب الحالية، التي تمثل ذروة الصراعات السودانية، أفضت إلى كارثة غير مسبوقة، خلّفت دمارًا شاملًا طال الدولة والمجتمع. وكان المدنيون—وخاصة النساء والأطفال وكبار السن—الأكثر تضررًا، حيث تعرضوا للقتل والتشريد والعنف الجنسي. ورغم أن إسلاميي النظام المخلوع هم من أسسوا قوات الدعم السريع لحماية حكمهم، ودعموها لسنوات رغم انتهاكاتها الوحشية ضد المدنيين، فإنهم اليوم يصفونها بالمتمردين والمرتزقة، متهمين إياها بإشعال الحرب للاستيلاء على السلطة. وقد وجدت هذه السردية قبولًا في الخرطوم ووسط السودان، حيث لم يعايش سكان هذه المناطق ويلات الحروب السابقة، مما عمّق الانقسام مع مجتمعات غرب السودان، خاصة القبائل العربية التي ينحدر منها قادة الدعم السريع.
تصاعد الانقسام في السودان بفعل انتشار خطاب الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يعمّق الشرخ في الوجدان السوداني ويمهّد للانفصال، وهو الخيار الذي بات مفضلًا لإسلاميي النظام المخلوع بعد فشلهم في هزيمة قوات الدعم السريع. في هذا السياق، نشأت ميليشيات قبلية وجهادية جديدة في شرق ووسط وشمال السودان، رغم التجربة المريرة لقوات الدعم السريع. وارتكبت هذه الميلشيات انتهاكات جسيمة ضد أبناء غرب السودان وجنوبه، خصوصًا في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش وتلك التي استعادها في ولايات الجزيرة والخرطوم وسنار، حيث وقعت جرائم قتل واعتداءات وحشية على النساء، مما يعيد إنتاج الفظائع السابقة. حتى لو تحقق انفصال غرب السودان، تلوح مؤشرات على احتمال تمرد ميليشيات قبلية ومناطقية جديدة ضد قيادة الجيش، كما يحدث في شرق السودان، ما ينذر بمزيد من التفكك وانعدام الاستقرار، حتى بعد الانفصال.
لا سيما ان السودان، بفضل موقعه الجيوسياسي المتميز وموارده الوفيرة—من أراضٍ شاسعة ومياه ومعادن وغيرها—أصبح محط أطماع القوى الخارجية، التي لا يعنيها مصير شعبه بقدر ما تسعى إلى تحقيق مصالحها. سواء عبر القتل المباشر بآلة الحرب، أو بوسائل غير مباشرة كالتشريد، المرض، الجوع، والحزن، فإن معاناة السودانيين لا تشكل عائقًا أمام هذا النهم الاستعماري الجديد، الذي لا يرى في السودان سوى ساحة لتحقيق المكاسب. لبذا فإن استمرار الحرب يشكل التهديد الأكبر لوحدة السودان، ويعرضه للتقسيم من أي وقت مضى. وفي ظل تعثر المفاوضات بسبب تدخل إسلاميي النظام المخلوع، تصاعدت تهديدات قوات الدعم السريع باجتياح مناطق نهر النيل والشمالية، باعتبارها معاقل لقادة الجيش. وهو ما ينذر بمزيد من التصعيد، خاصة مع حصول الطرفين على أسلحة نوعية، مما يجعل البلاد ساحة لصراعات إقليمية ودولية.
هناك مسؤولية تاريخية تقع على عاتق القوى السياسية والمدنية، لا سيما المؤمنين بالتحول الديمقراطي، لتقديم رؤية موحدة تساهم في انتشال السودان من أزمته الراهنة، وحماية شعبه وموارده، والمحافظة على وحدته. ومع ذلك، لا تزال هذه القوى تعاني من الانقسامات، وكان آخرها انقسام تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدّم" إلى مجموعتين، عقب نقاشات حول إمكانية تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع. والتي تم حرمان سكانها من الخدمات الحكومية، بدعوى موالاتهم لهذه القوات، بل وأصبحوا هدفًا للقصف بالبراميل المتفجرة بدلًا من تلقي المساعدات. رفضت مجموعة "صمود" فكرة تشكيل حكومة موازية، خشية أن يؤدي ذلك إلى تقسيم السودان إلى دولتين، وسعيًا لتجنب الظهور في موقف منحاز لقوات الدعم السريع. في المقابل، اتخذت مجموعة "تأسيس" قرارًا جريئًا بالوقوف إلى جانب المدنيين في مناطق سيطرة الدعم السريع، لكنها تجاوزت ذلك بخطوة متقدمة وضرورية عبر تقديم ميثاق لتأسيس سودان ما بعد الحرب.
لذا ينبغي اغتنام هذه الفرصة الثمينة والانضمام إلى هذا الميثاق، الذي قد يكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ الوطن من التمزق، لا سيما أنه يحظى بدعم كتلة تاريخية من المناطق التي عانت من التهميش وويلات الحروب لعقود. من المعروف أن قوى التغيير الجذري، التي لم تكن جزءا من "تقدّم"، كانت قد قدمت قبل الحرب ميثاقًا يحمل معظم مبادئ الميثاق التأسيسي. لكنه كان مشروعًا فوقيًا روّجت له نخب سياسية يسارية متمركزة في المدن الكبرى، غير قادرة علي حشد القواعد الشعبية، خاصة في الريف ومناطق الإنتاج التقليدي وهو ما نجح فيه هذا الاتفاق. لذلك، وبدلًا من رفض هذا الميثاق وإطلاق الأحكام المسبقة عليه، بدعوى أنه قد يؤدي إلى تقسيم البلاد، يجب النظر إليه بموضوعية وتقدير الاختراقات التي حققها، لا سيما في القضايا الخلافية مثل الدولة العلمانية التي كان التوافق حولها شبه مستحيل، خاصة بين القوى التقليدية. المهدد الحقيقي لتقسيم البلاد ليس الميثاق التأسيسي ولا الحكومة الموازية، بل الانقسام المناطقي داخل "تقدّم"، باستثناء قلة من السياسيين من الوسط والشمال والشرق، الذين قد يسهمون في وحدة السودان وحمايته من التفكك.
رفض الانضمام إلى الميثاق خشية الاتهام بدعم قوات الدعم السريع غير مبرر، فبرغم جرائمها، تظل جزءًا من الوطن وتمثل كتلة اجتماعية واسعة لا يمكن تجاهلها إذا كان الهدف هو إحلال السلام والحفاظ على وحدة البلاد. شهد السودان حروبًا دامية ارتُكبت خلالها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الجنوب ودارفور، لكنها انتهت باتفاقات سلام بين القادة المتحاربين. لذا، لا ينبغي الانجرار وراء حملات التشويه الإعلامي ضد الموقعين على الميثاق، فهو يمثل تهديدًا مباشرًا لطموحات الإسلاميين الساعين لإعادة ترسيخ نظامهم الشمولي. في المقابل، لعبت قيادة الدعم السريع دورًا محوريًا في التوافق على الميثاق، وستؤكد الايام التزامهم به. و تعهد قائدها لعبد العزيز الحلو بتبني رؤية "الحركة الشعبية" للسودان الجديد، التي تشكل أساس هذا الميثاق. كما نجحت في إقناع القيادات الأهلية التقليدية بالتوقيع عليه، رغم تضمنه بنودًا جوهرية مثل فصل الدين عن الدولة، مما يعكس تحولًا جذريًا في بنية الدولة السودانية.
لا ينبغي لخطاب الكراهية المتفشي في وسائل الإعلام، ولا لمشاعر الغضب الناجمة عن الخسائر، ولا للمصالح الضيقة، أن تعمي بصيرة قادة القوى السياسية والمدنية، لا سيما المنحدرين من الشمال والوسط، عن أهمية هذا الميثاق التاريخي. المطلوب اليوم هو التحلي بالشجاعة، وتجاوز النزعات الأنانية والتفكير الحزبي الضيق، اللذين ساهما في تفاقم الأزمة وأعاقا الوصول إلى حلول مستدامة. فالتغيير المنصف و المستدام ينطلق من رؤية وطنية شاملة، تعالج جذور الأزمة السودانية من مختلف الأبعاد—التاريخية، والجغرافية، والمظالم المتراكمة—بهدف الحفاظ على وحدة السودان، وحماية شعبه من انتهاكات الحرب.
هذا الميثاق يوفر فرصة ذهبية لخلق إجماع وطني حول رؤية موحدة لسودان جديد، تتضمن دستورًا انتقاليًا، وخطة شاملة، وآليات فعالة لإيقاف الحرب وبناء السلام. و يمكن أن يكون هذا الإجماع نفسه أداةً للضغط على قادة الجيش لفك ارتباطهم بالإسلاميين، الذين يستغلون استمرار الحرب للعبث بمصير البلاد، أملاً في استعادة السلطة. وقد نجحوا بالفعل في إفشال جميع محاولات التفاوض، بما في ذلك تلك التي سعى إليها قادة الجيش سرًا، مثل مفاوضات المنامة. وقد صرّح القائد عبد العزيز الحلو بأن الباب مفتوح أمام قادة الجيش للانضمام إلى الميثاق، إذا تمكنوا من فك ارتباطهم بقادة النظام المخلوع.
يمثل هذا الميثاق طوق نجاة للسودان، ليس فقط لإنهاء الحرب المأساوية، بل أيضًا لإنقاذ البلاد من خطر التفتت والانقسام، ولبناء سودان الحرية والسلام والعدالة، الذي بشرت به ثورة ديسمبر 2018 المجيدة.
[email protected]
////////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الحرکات المسلحة النظام المخلوع القوى السیاسیة هذا الاتفاق هذه المناطق هذا المیثاق غرب السودان فی السودان قادة الجیش إلى جانب التی کان میثاق ا لا سیما کما أن
إقرأ أيضاً:
عثمان باونين لـ "الفجر":الشباب أولًا والوحدة أساسًا.. تحالف القوى يحدد خارطة الطريق للسودان
قال رئيس تحالف قوى الخلاص الوطني السوداني، عثمان باونين، إن تحالف قوى الخلاص الوطني السوداني يواصل جهوده لحماية المدنيين وتعزيز السلام والاستقرار في البلاد،ونسعى لتوحيد جميع الفصائل المسلحة ضمن جيش وطني متماسك، وتوحيد الصف السوداني تحت حكومة وحدة، تجمع الكل مع اعتماد دستور منقح يحقق التوافق الوطني الشامل، وإجراء انتخابات دستورية تضمن تمثيلًا عادلًا لكل القوى السياسية المعتمدة والمجتمعية.
أضاف باونين في تصريحات خاصةلـ "الفجر"، أهمية التعاون مع الدول العربية والإفريقية ووالمجتمع الدولي لدعم جهود السلام وإعادة الإعمار، مع الحفاظ على رؤية سودانية خالصة؛ نرحب بالاتفاقيات الدولية بشرط مراعاة مصالح السودان، وندعم الجهود الأمريكية والمصرية والرباعية لوقف الحرب، مع تطوير العلاقات مع جميع الأشقاء والإصدقاء والجيران بشكل براغماتي؛ الشباب السوداني هم أمل المستقبل وأساس أي تغيير حقيقي، ووحدتهم ومشاركتهم الفاعلة مفتاح إعادة بناء الوطن.
ما هو تحالف قوى الخلاص الوطني السوداني؟
تحالف قوى الخلاص الوطني هو كيان سياسي سوداني يضم مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية المعارضة التي تتشارك هدف إنهاء الأنظمة الاستبدادية والمساهمة في تحقيق التحول الديمقراطي في السودان.
ويسعى التحالف إلى توحيد الجهود السياسية والاجتماعية لمواجهة التحديات الداخلية، وتعزيز الحوار الوطني، والمطالبة بحقوق المواطنين، وتحقيق السلام والاستقرار في البلاد.
تحالف قوى الخلاص الوطني - الفجريشارك التحالف في المبادرات الوطنية لتشكيل حكومة انتقالية، ودعم عملية المصالحة الوطنية، والعمل على إصلاح مؤسسات الدولة بما يضمن حكمًا رشيدًا وتوزيعًا عادلًا للسلطة والثروة، مع التركيز على تحقيق العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
أيضا التحالف موجود في جميع ربوع الدولة السودانية وأيضا يملك قنوات الاتصال متعددة مع جميع في الداخل والخارج.
لعب تحالف قوى الخلاص الوطني السوداني دورًا بارزًا في محاولة إيقاف الحرب الحالية من خلال دمج الجهود السياسية والعسكرية لمعارضة النظام السابق ودولته العميقة والمشاركة في النزاعات الإقليمية مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، مع السعي لحماية المدنيين والمجتمعات المحلية، والمشاركة في مفاوضات السلام لضمان حقوق الجماعات المتضررة وتقاسم السلطة والثروة.
حميدتي والبرهان - الفجركما أطلق التحالف العديد من المبادرات السياسية منذ اليوم الأول للحرب بهدف وقف نزيف الدم في السودان، على الرغم من رفض بعض القوى لهذه المبادرات. وقد لاقت هذه الجهود ترحيبًا من الأمم المتحدة، والأمين العام للأمم المتحدة، ومراكز القرار في الوايات المتحدة والاتحاد الإفريقي،وجامعة الدول العربية، وعدد من المنظمات الدولية الأخرى، معتبرة أن هذه الخطوات تمثل مساهمة مهمة في السعي نحو حل سلمي للصراع.
كيف تري تلك الحرب المندلعة الآن في السودان؟
هذه الحرب العبثية التي تدمر الدولة السودانية يجب أن تقف في الحال والبدء في خطة السلام الشامل الاي دعا إليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خصوصًا أنها تلقي ترحيب من الجميع في السودان وأيضا هناك قبول من عدد كبير من قادة الجيش وأيضا قادة الدعم السريع يريدون وقفها ولكن بعض القادة المنتمين إلى الدولة العميقة، جماعة الاخوان المسلمين لا يريدون ذلك.
عندما تتوقف الحرب، يتحقق الاستقرار في السودان، وهو الشرط الأساسي لدمج جميع الفصائل المسلحة ضمن إطار وطني موحد، بالتوازي مع دعم الجيش والالتزام بالمعايير المهنية المعروفة.
ويهدف هذا الدمج إلى تأسيس جيش وطني متماسك لا يقوم على أساس قبلي أو جهوي أو انتماءات حزبية وسياسية أو أيدولوجية بالإضافة أن أرفض تفكيك الجيش نهائيا ولكن إعادة تنظيمه وأيضا نفس الحديث على الدعم السريع الذي يعد جزء من الجيش السوداني وفق قانون 2017.
كما يشمل مشروع الاستقرار توحيد الصف السوداني تحت قيادة واحدة وحكومة وحدة، بما يعزز القدرة على اتخاذ القرارات الوطنية بشكل متكامل.
واقترح اختيار دستور سوداني من الدساتير السابقة، على أن يتم تنقيحه من قبل متخصصين لضمان توافقه مع متطلبات المرحلة الجديدة، والعمل به كإطار قانوني شامل بدلًا من الوثيقة الدستورية التي كانت سبب حقيقي في إشعال الحرب وذلك ما حذرت منه مع العلم أننا جزء من قوي من الحرية والتغيير من أوائل الثوار.
أولًا، يجب على الأحزاب السياسية الابتعاد عن الأفكار والمعتقدات السابقة والعمل بروح جديدة تركز على الحفاظ على وحدة واستقرار الدولة السودانية.
ثانيًا، إطلاق مبادرة وطنية شاملة لإعادة بناء الدولة السودانية، تهدف إلى تعزيز مؤسساتها وتطوير البنية التحتية السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ثالثًا، بعد استكمال جهود إعادة البناء، يتم إجراء انتخابات شاملة يشارك فيها جميع أطياف الشعب السوداني، لضمان تمثيل عادل وشرعية وطنية لكل القوى السياسية والمجتمعية.
الأحزاب السودانية - الفجر ما هي المزايا الأساسية لتطبيق النظام الفيدرالي في السودان؟
من وجهة نظري، يُعد النظام الفيدرالي الاتحادي الأنسب للسودان نظرًا لتنوع أقاليمه وعرقياته وثقافاته، إذ يتيح لكل ولاية أو إقليم إدارة شؤونه المحلية بما يتوافق مع خصوصيته في إدارة التنوع، مع الحفاظ على وحدة وسيادة الدولة.
كما يوفر هذا النظام توازنًا بين الحكومة المركزية والوحدات المحلية، حيث تتولى الحكومة المركزية القضايا الوطنية الكبرى مثل الدفاع والسياسة الخارجية، بينما تتولى الولايات معالجة القضايا المحلية والتنموية بما يلبي احتياجات سكانها.
ويساهم النظام الفيدرالي في تقليل التوترات القبلية والإقليمية من خلال منح كل منطقة درجة من الحكم الذاتي، ويتيح مشاركة أوسع للشعوب المحلية في صنع القرار، مما يعزز الديمقراطية ويقوي شرعية الدولة.
وإذا تم تطبيق هذا النظام بشكل عادل وشفاف مع دستور واضح يحدد توزيع السلطات والصلاحيات بدقة بين المركز والأقاليم، فسيكون السودان قادرًا على إدارة أكثر فاعلية وبناء مرحلة جديدة من الاستقرار والمشاركة الحقيقية لجميع مكوناته.
من وجهة نظري، يمثل التعاون بين السودان والدول العربية والإفريقية والدولية في إطار خطة سلام شامل عنصرًا محوريًا لتحقيق الاستقرار والسلام الدائم في البلاد. هذا التعاون يعزز الشرعية الدولية والدعم الخارجي لجهود التسوية، ويضفي ثقلًا سياسيًا ودبلوماسيًا على أي مبادرة سلام، ويضغط على الأطراف المتحاربة لقبول الحل السلمي. كما يمنح السودان شبكة أمان من خلال تأمين الحدود، وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية، ودعم إعادة الإعمار، بما يقلل من تداعيات النزاع على المدنيين ويحد من المخاطر الاقتصادية. إضافة إلى ذلك، يساهم التعاون الدولي والإقليمي في خلق بيئة سلمية ومستقرة تتيح إعادة بناء مؤسسات الدولة، وإصلاح الهياكل الأمنية، وتعزيز العدالة الانتقالية، مع منع أي محاولات للتقسيم أو سيطرة جماعات مسلحة.
كما تدعم المشاركة الواسعة من الدول العربية والإفريقية والدول المانحة حوافز السلام من خلال دعم الاقتصاد، وبرامج التنمية، وإعادة الإعمار، ما يمنح المواطنين أملًا بمستقبل أفضل ويحد من جذور النزاع. شرط نجاح هذه المبادرات يكمن في أن تكون مبنية على رؤية سودانية خالصة، حيث يقود السودانيون أهدافهم بمبادرة محلية، مدعومة من الخارج بما يعزز السلام ويتيح الموارد والضمانات اللازمة.
كيف تري الجهود الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس ترامب لوقف الحرب في السودان؟من وجهة نظري، تُعد الجهود الأمريكية لوقف الحرب في السودان ذات أهمية كبيرة، لكنها تحتاج إلى صدقية وانخراط فعلي على الأرض لتحقيق نتائج ملموسة.
فالولايات المتحدة تلعب دورًا محوريًا في الدفع نحو هدنة أو وقف إطلاق النار من خلال المبادرات الدبلوماسية، مثل المبادرة الأخيرة ضمن «اللجنة الرباعية» (أمريكا، مصر، السعودية، الإمارات)، التي دعت إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر يليها مسار سياسي شامل.
كما أن تدخل واشنطن يشمل الضغط السياسي والاقتصادي عبر أدوات مثل العقوبات على قيادات النزاع، مما يضعف قدرة الأطراف المتحاربة على الاستمرار في القتال.
ومع ذلك، من الضروري أن تكون الأهداف واضحة، إذ أن الهدنة وحدها لا تكفي إذا لم تتبعها خطوات نحو سلام دائم وسد فجوة الحرب بين الخصمين، إصلاح مؤسسات الدولة، وضمان حماية المدنيين.
ويعتمد نجاح الجهد الأمريكي بشكل كبير على تعاون الأطراف السودانية، بما في ذلك الجيش وقوات الدعم السريع، للالتزام بآليات وقف إطلاق النار وعدم التسويف أو الخروج عن الاتفاقات.
وفي رأي، إذا نُفذت هذه الجهود بصدق وشفافية وبمشاركة فاعلة من داخل السودان، فإنها تمثل فرصة حقيقية لإنقاذ ما تبقى من الدولة، حماية المدنيين، وتمهيد الطريق نحو سلام دائم وبناء سودان جديد.
تصلنا عبر مراكز الدراسات وشبكات الأصدقاء في دوائر القرار بواشنطن مؤشراتٌ تُلمِّح إلى أدوار أوسع في المرحلة المقبلة، وبعض هذه الإشارات يمرّ عبر ما يمكن تسميته بـ“ظلّ الحكومة” في القنوات غير المعلنة. أمّا طبيعة تلك الأدوار فتبقى رهن المشاورات الجارية، وليس كل ما يُعرَف يُقال.
أما بخصوص المرحلة القادمة، فالأمر الأساسي أن الشعب السوداني هو صاحب الحق الأول في اختيار رئيس الحكومة القادم. فالمستقبل السياسي يجب أن يُبنى على إرادة المواطنين، مع ضمان مشاركة جميع الأطراف السياسية والاجتماعية في صياغة الحكومة المقبلة، بما يعكس تطلعات الشعب ويؤسس لحكم رشيد واستقرار دائم في السودان.
سنُدير العلاقة مع روسيا بقدر كبير من البراغماتية، مع إدراكنا لحساسية الدور الأميركي في السودان بوصفه جزءًا من الاستراتيجية الأميركية في قلب إفريقيا.
التعاون مع موسكو يظل ممكنًا في حدود تخدم الاستثمار والاستقرار، بينما تبقى أي ترتيبات عسكرية، ومنها مسألة القاعدة، مرتبطة بحسابات السيادة والتوازن بين واشنطن وموسكو، وبما يضمن ألا يتحول السودان إلى ساحة صراع نفوذ خارجي.
تلعب مصر دورًا كبيرًا وأساسيًا في إنهاء الأزمة السودانية من خلال دعم جهود السلام بشكل محوري واستراتيجي في ظل الحرب الدائرة. فهي تشارك بفاعلية ضمن اللجنة الرباعية مع الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، حيث أصدرت دعوات واضحة لوقف الحرب وبدء مسار سياسي شامل، بالإضافة إلى تواصل مباشر مع القيادة السودانية، مؤكدة دعمها لوحدة السودان وسيادته واستعدادها للمساعدة في إعادة الإعمار وترميم ما دمرته الحرب.
مصر والسودان - الفجركما تضع مصر ملف السودان على رأس أولوياتها الإقليمية، معتبرة أن استقرار السودان جزء من أمنها القومي. وتشترك القاهرة في جهود وقف إطلاق النار ودعم المدنيين وتأمين المساعدات الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، تولي مصر اهتمامًا بما بعد الحرب عبر تعزيز التعاون الثنائي لإعادة الإعمار، وتنشيط الاستثمار، وربط البنى التحتية، بما يعكس رغبتها في بناء مستقبل مشترك يخرج السودان من الأزمة.
إذا استمر هذا الالتزام الصادق، المبني على احترام سيادة السودان وتعاون حقيقي مع الأطراف السودانية، فإن الجهود المصرية ستكون ركيزة أساسية لأي خطة سلام شاملة، وتساهم في كسر حلقة العنف، واستعادة الاستقرار، وتمهيد الطريق نحو إعادة بناء الدولة ومؤسساتها.
كما استقبلت مصر الملايين من أبناء الشعب السوداني خلال هذه الأزمة، ووفرت لهم كل الدعم والخدمات، وهو ما يؤكد أن الشعبين المصري والسوداني شعب واحد.
ما هي فكرة البرلمان الشعبي مع مصر؟
من وجهة نظري، العلاقات القوية بين الدول تبدأ بالأساس من التواصل والتفاهم بين شعوبها. لذلك، بمجرد استقرار الأوضاع في السودان، يمكن العمل على إنشاء برلمان شعبي يُطلق عليه "برلمان شعبي وادي النيل"، ليكون منصة تمثيلية للمواطنين على المستوى الشعبي. يمكن أن يبدأ هذا البرلمان بتمثيل المواطنين مباشرة، ثم يتم تطويره وتوسيع نطاقه ليشمل المستوى الحكومي، بحيث تنتقل التجربة والمشاركة الشعبية إلى صُنع القرار الرسمي.
في المرحلة التالية، يمكن أن يمتد هذا البرلمان ليشمل الدولتين المشاركة في حوض نهر النيل، ثم يتم تعميم الفكرة على باقي الدول الإفريقية المعنية، ما يخلق شبكة حقيقية للتعاون الشعبي والدبلوماسي. هذه الخطوة من شأنها تعزيز الشراكة الحقيقية بين الدول الإفريقية والعربية، وتقوية الروابط الشعبية والسياسية، وتمهيد الطريق لإقامة مؤسسات مشتركة تساهم في تحقيق التنمية المستدامة والسلام الإقليمي.
ما رسالتك إلى المواطن السوداني والشباب السوداني في هذه المرحلة الصعبة؟
إلى المواطن السوداني والشباب السوداني، أود أن أؤكد أنكم أمل المستقبل وعماد أي تغيير حقيقي في وطننا. يعيش السودان اليوم لحظة تاريخية مليئة بالتحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وفي ظل صراعات داخلية وخارجية على مصيره، تصبح أولويتنا إيقاف الحرب وإستتباب السلام استعادة السودان إلى ركب العالم المتقدم، وبناء دولة قوية وعادلة تقوم على إرادة سودانية حرة.
أدعوكم جميعًا إلى اليقظة والمشاركة الفاعلة في بناء وطنكم من خلال المبادرة والعمل المدني والتضحيات من أجل السلام والوحدة، لأن وحدتنا وشبابنا من كل أنحاء السودان هم أساس صمودنا وإعمارنا. في هذه اللحظة الحاسمة، يجب أن نكون قوة بناء لا خراب، وأن نضع مصلحة السودان فوق كل اعتبار، ونعمل معًا لاستعادة الأمن واستقرار الدولة وإعادة بناء مؤسساتها. المستقبل يمكن أن يكون مختلفًا إذا تحركنا جميعًا بوعي وإرادة صادقة، فالسودان جدير بأن يعود فخورًا، حرًا وموحدًا، والشباب هم مفتاح هذا التغييروأعني شباب السودان في كل بقاعه شرقه وغربه جنوبه وشماله، لأنهم كان القدح المعلى فيإدارة التنوع في ثورة ديسمبر التي إنصهروا فيها جميعا دون جهوية أو عنصرية أو قبيلة.