تحولت اليمن في زمن المليشيات الحوثية إلى إقطاعيات صغيرة يتنافس على مساحاتها الجغرافية مشرفو "المسيرة القرآنية" كما يصفون أنفسهم لعمليات الجباية بكل أنواعها وأشكالها، حتى أنهم لا يتركوا جهة لا في الريف ولا في المدن إلا وأخضعوها لعميات النهب الممنهج, وتفننوا في عمليات الجباية تحت مسميات لم يكن يعلم بها اليمنيون ولا أباءهم الأقدمون حتى جاء الانقلاب الحوثي المشئوم على اليمن في عام 2014م.

ومع مجيئهم توسعت مساحات الفقر في المجتمع بشكل مخيف وصلت إلى بلوغ مستويات المجاعة في بعض مناطق سيطرتهم، وفي دراسة بحثية أجريت مؤخرا كشفت أن 

قرابة 82.7 % من السكان يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، فيما يعاني 74 % منهم في الفقر المدقع، ومع هذه الأرقام المفجعة لم شفع لليمنيين من بطش الحوثيين ونهمهم في جمع الأموال، بل أغرقوهم بجبايات لا تتوقف طوال العام وتحت مسميات متعددة.

المجهود الحربي أول خطوة في مسيرة الجبايات

بدأ الحوثيون أول عمليات الجباية من اليمنين تحت مسمى المجهود الحربي، ويقصد به تقديم الدعم المالي لمشروعهم العسكري تحت مبرر مواجهة ما أسموه أمريكا وإسرائيل.

ثم تطور المشروع الذي كان يدر المليارات على مشرفي المسيرة الحوثية وبدأوا في اصطناع مسميات جديدة لجبايات الأموال تحت مسميات متعددة وفي مقدمتها "يوم الولاية" و"المولد النبوي" ذكرى استشهاد الحسين و"فريضة الخمس" و"دعم شراء المقابر" ودعم القوة الصاروخية" ودعم غزة ودعم حزب الله ,واحتفالات أخرى رصدها البعض إلى 20 مناسبة طوال العام.

وتفنن الحوثيون بشكل مقزز في أشكال الجبايات، حيث تتنوع أشكالها لتشمل الأموال النقدية، والأدوية والعقاقير التي تفرضها على مراكز بيع الأدوية والصيدليات، وكذلك السلال الغذائية، والماشية، والعقارات، وأصحاب المحلات التجارية والزراعة وبائعي القات وغيرها من الأموال النقدية والعينية, وتوسعوا في عمليات الجباية من المواطنين وأصحاب المحال التجارية بكل أنواعها والمؤسسات والبنوك وغيرها.

كما وسعوا دائرة الجبايات لتطال " العقارات والأراضي والبنايات والبيوت السكنية والمزارع، وهي أملاك لمواطنين ورؤوس أموال، بخلاف العقارات والشركات التي نهبتها من المناهضين لها تحت مسمى "الحارس القضائي"ولم تسلم حتى النساء الارامل او الأسر الفقيرة التي تبيعض بعض المنتجات من صناعة بعض المأكولات والحلويات ولديهن صفحات على الفيسبوك لترويج ما ينتجن من مأكولات وتم ارغامهن على تسليم خمس أرباحهن او تهديهن بإغلاق صفحاتهم على الفيسبوك أو مجاميع الوتساب.

قصص من واقع المعاناة:

سامي أحمد يملك محلا لبيع الأثاث المنزلي يتحدث لموقع مأرب برس قائلا نحن على مشارف الإفلاس الكامل لم يدع الحوثيون لنا شيئا، لا تكاد تتوقف عمليات الجباية ومن يرفض مصيرة السجن وتهمته جاهزة بـأنه عميل لأمريكا وإسرائيل, ويضيف سامي أنا مستمر في العمل كي أتخلص من المخزون الذي معنا في المخزن الذي ندفع إيجاره شهريا ونبيع برأس المال لم يعد أحد له القدرة على الشراء إلا نادرا وعائداتنا بالكاد تعود كرواتب للموظفين ونفقات تشغيليه. 

أم على أرملة يمنية من مديرية أرحب التابعة لمحافظة صنعاء، تقول لمأرب برس "ولدي يتيم الأب وترك لنا مزرعة صغيرة للقات , في كل صباح أرسله بعدة أكياس صغيرة بالقات , قبل وصوله للسوق يعترضه مشرف الحوثيين ويقوم بتسعيرها "وفقا لرغبته" وليس لأسعار السوق ثم يأخذ ما يسميه الخمس , ودائما تباع بأقل من سعر السوق وبالكاد يعود ولدي بشي من احتياجات الاكل لنا.

نفقات خرافية واحتفالات طائفية 

يتعمد الحوثيون إظهار احتفالاتهم الطائفية وفي مقدمتها المولد النبوي بصورة تظفي عليها الفخامة والقوة والظهور والتواجد في كل مكان, فعلى سبيل المثال كشفت مصادر من داخل مكونات الحوثيين أنهم قبل عامين رصدوا للاحتفال بمناسبة المولد النبوي ميزانية مالية تبلغ 55 مليار ريال خصصتها لنشاطاتها واحتفالاتها في المدن والمديريات والقرى والعزل والمؤسسات العامة والخاصة التي ترزح تحت سيطرتها وكل هذه الأموال جمعت عن طريق الجبايات.

اشراك المرأة في عمليات الجباية..

كشفت مصادر متعددة لموقع مأرب برس أن المليشيا الحوثية أنشئت وحدة خاصة الهدف من ورائها هو توسيع عمليات الجباية لدعم أنشطتهم العسكرية والطائفية في اليمن, حيث تم تأسيس ما يسمى بـ«الهيئة النسائية» وتم تشكيلها في عدد من أحياء العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لها، بهدف تنفيذ لقاءات نسوية تتضمن تقديم محاضرات من قبل قيادات نسائية حوثية، وإطلاق ما يسمى «قوافل البذل والصمود»؛ لدعم وتمويل «القوة الصاروخية والبحرية وسلاح الجو المسير» والتصنيع العسكري حسب وسائل إعلام المليشيات.

ووثقت مصادر أخرى إلزام مسؤولي الأحياء في المدن، ومشايخ القبائل والأعيان في الأرياف بتوجيه دعوات للنساء عبر زوجاتهم وبناتهم، إلى جانب تكليف الأمن النسائي للمليشيا (الزينبيات) بتلك المهام لحضور تلك اللقاءات، وإرغام النساء على التبرع بالأموال والحلي لصالح المجهود الحربي للجماعة ومقاتليها في الجبهات.

عائدات تريليونيه:

كشف تقرير اقتصادي أن موارد ميليشيات «الحوثي» من الجبايات "الضرائب" التي وثقت في مستندات رسمية خلال عام 2019 بنحو تريليون ريال يمني أو ما يوازي مليار و651 مليون دولار ، بزيادة سبعة أضعاف عن إيرادات الضرائب في مناطق الحكومة الشرعية للعام نفسه.

وعلى ذات الصعيد كشف التقرير السنوي للجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن للعام 2022 عن مصادر الأموال التي حصلت عليها ميليشيات «الحوثي» بشكل غير قانوني وغير مشروع لتمويل حربها ضد الشعب اليمني، وجاءت الضرائب على رأس القائمة، ويليها الرسوم الجمركية، ومصادرة الأراضي والممتلكات والودائع المصرفية، وتجارة الوقود بالسوق السوداء.

أحدث ثلاث موضات حوثية جديدة لجبايات الأموال:

أولا ملاحقة صناعة المحتوى..

بدأت المليشيا الحوثية في تعقب صانعي المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي وفرض رسوم مالية على محتواهم الإلكتروني، وكذلك فرض جبايات أخرى على أصحاب المواقع الإلكترونية.

تحت اسم ضريبة الدخل، ويجري تحصيلها مقابل ما يتحصل عليه صناع المحتوى ومالكو المواقع الإلكترونية من مبالغ، سواء كانت عائدات من نشاطهم، أو من الإعلانات التي يقدمونها.

ويرى مراقبون أن تلجأ المليشيا إلى إجراءات عقابية بحق الرافضين لتلك المواقع الإلكترونية، مثل الحجب او وقف تصايح العمل.

ثانيا نتائج الطلاب:

فرضت المليشيا الانقلابية رسوماً على نتائج اختبارات طلبة المدارس للنصف الأول من العام الدراسي الحالي في مناطق سيطرتها.

وذكر أولياء أمور الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرسوم التي فرضتها الجماعة الحوثية مقابل الحصول على النتائج تراوحت (بين 300 و600 ريال، حيث تفرض المليشيا سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً)، وجرى تحصيلها من دون سندات.

ثالثا غزة ومعركة البحر الأحمر:

كشفت مصادر غربية ببريطانيا أن مليشيا الحوثي استغلت الأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط، لفرض رسوم وجبايات على السفن التجارية في البحر الأحمر، بغية جني أموال طائلة من السفن العابرة لمضيق باب المندب, ونجح الحوثيون في تحقيق أرباح مهولة تزيد عن ملياري دولار خلال عام 2024، وذلك مقابل السماح للسفن بالمرور الآمن عبر باب المندب، ومياه البحر الأحمر. 

اثراء خزينة المليشيات بخبراء حزب الله 

كشفت المعطيات على الأرض أن كل هذه الأموال الفلكية التي تجمها المليشيات الحوثية من الجبايات لا تهدف إلى دعم الاقتصاد المحلي أو تمويل خدمات للمواطنين، بل إلى إثراء خزينة المليشيات وتمويل أنشطتها الحربية وأجندتها الإقليمية.

وفي وقت سابق كشفت مصادر إعلامية يمنية أن خبراء ماليين لبنانيين قدَّموا رؤية جديدة لميليشيا الحوثي قبل عدة سنوات، بهدف تحقيق زيادة كبيرة في تعبئة الإيرادات المحلية.

وقالت المصادر إن الخبراء اللبنانيين الذين ابتعتهم حزب "الله اللبناني" إلى صنعاء، قدموا لميليشيا الحوثي خطة لرفع سعر أكثر من 50 نوعاً من الرسوم، تشمل كافة رسوم المؤسسات والهيئات والمصالح الإيرادية والخدمية. 

ختاما

أكدت كل الجهات والأطراف التي التقينا بها خلال إعداد هذا التقرير من باحثين ومراقبين وصحفيين ومواطنين ان قضية الجبايات التي تعتمد عليها المليشيا الحوثية في توسعها الطائفي والعسكري في اليمن سحقت بقايا شعبية الحوثيين لدى المغرر بهم من أبناء الشعب اليمني وبات الجميع يدرك جيدا أن هذه الحركة الدموية الإرهابية لا يمكن ان يدوم حكمها في اليمن , حيث أصبح الجميع ينتظرون لحظة الخلاص منها والوقوف مع أي تيار يعلن مواجهتا للقضاء عليها, فقد انكشف غطائها وظهرت حقيقتها أمام كل أبناء اليمن.

   

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

تحصين الجامعات اليمنية في زمن الحروب السيبرانية

أ.د. خالد الحسيني

في المنظور الإسلامي، حماية المؤسسات العلمية من الاعتداءات ليست مجرد تدبير إداري، بل واجب شرعي يدخل في صيانة الضروريات الخمس، وعلى رأسها “حفظ العقل” و”حفظ الدين”، وهو ما لا يتحقق إلا بصيانة أدوات المعرفة الحديثة، وعلى رأسها الأنظمة الرقمية التي أصبحت قلب العملية التعليمية. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71]

والأخذ بالحذر في زماننا يشمل إعداد مؤسساتنا العلمية لتحصينها من الاختراق، والعبث، والتخريب، كما نحصّنها فكريًا ومنهجيًا.

في ظل الحرب السيبرانية الموازية التي رافقت النزاع الأخير، أظهرت المعركة الرقمية جانبًا خطيرًا من الحروب الحديثة، حيث أصبحت المؤسسات التعليمية ومراكز الأبحاث في مرمى الاستهداف، ليس من أجل تدميرها جسديًا، بل لضرب بنيتها المعلوماتية، وسرقة بياناتها، وزعزعة استقرارها المعرفي.

ورغم أن المواجهة التي جرت مؤخرا حدثت خارج اليمن، إلا أن الدروس المستفادة منها تمسّنا بشكل مباشر، لا سيما ونحن نعيش ظروفًا مشابهة في الهشاشة الأمنية، ضعف البنية التحتية، وغياب سياسات واضحة لحماية المؤسسات العلمية من الهجمات السيبرانية.

ما تعرّضت له مؤسسات التعليم في بعض الدول خلال الحرب السيبرانية الأخيرة، يُنبئنا نحن في اليمن بما قد يحدث إذا ما استمرت جامعاتنا مكشوفة إلكترونيًا.

ليس المطلوب أن نحاكي سباق التسلّح السيبراني، بل أن نُدرك أن المعركة اليوم لا تُخاض فقط بالبندقية، بل بالخادم Server، وكلمة المرور Password، وجدار الحماية Firewall، فلنحمي جامعاتنا، نحمي عقولنا. ولنبنِ قدراتنا الرقمية كما نبني مختبراتنا، لأن العلم إذا لم يُصن رقميًا، لن يُثمر واقعيًا.

الجامعات اليمنية مكشوفة سيبرانيًا

– تفتقر معظم الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية على حد سواء إلى أنظمة رقمية مؤمّنة أو فرق متخصصة في الحماية السيبرانية. وغالبًا ما تُدار البيانات الأكاديمية (الطلاب، النتائج، الأبحاث، الشهادات) من خلال أدوات بدائية، بعضها معرّض للاختراق أو الفقدان، سواء بسبب عدم الحماية أو ضعف التخزين.

– في ظل هذا الوضع، فإن أي نزاع أو تدخل خارجي يمكنه بسهولة أن يشلّ العملية التعليمية أو يُخرّب البنية التحتية لمؤسسة تعليمية كاملة من خلال الاستهدافات السيبرانية لمنصات وجامعات رئيسية.

الدرس السيبراني لليمن: المعرفة بحاجة لحماية إلكترونية

الحرب السيبرانية التي جرت مؤخرا لم تكن نزاعًا رقميًا فحسب، بل كشفت أن المعرفة باتت ساحة معركة، وأن من لا يمتلك أدوات الحماية الرقمية، قد يفقد أمنه التربوي والسيادي.

في اليمن، نحن أمام مسؤولية وطنية عاجلة تتمثل في:

– وضع سياسة وطنية لحماية البيانات التعليمية، ضمن استراتيجية شاملة للأمن السيبراني.

– إنشاء وحدات للأمن المعلوماتي داخل الجامعات اليمنية، مزودة بالكفاءات الفنية والتجهيزات المناسبة.

– تدريب الموظفين الأكاديميين والإداريين على كيفية التعامل مع الهجمات الإلكترونية أو الحوادث الرقمية.

– دمج مساقات ومقررات عن الأمن السيبراني ضمن برامج الحاسوب ونظم المعلومات والهندسة.

– بناء بنية تحتية رقمية مؤمنة للمنصات التعليمية الحكومية والخاصة.

 

* أستاذ هندسة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT

 

 

مقالات مشابهة

  • القوات المرابطة بجبهة ثرة تتهم المليشيا الحوثية بعرقلة فتح الطريق
  • قوات الجيش تحبط هجوماً حوثياً مباغتاً شمال غرب الضالع وتكبّد المليشيا خسائر موجعة**
  • مرحبًا بكل من فارق درب المليشيا واصطف مع الجيش
  • أحداث مأساوية وأزمات عالمية.. من الحروب إلى الكوارث الطبيعية
  • الحرب تلتهم الأرواح!
  • بعد تشغيل وحدة الاسفلت.. مصافي عدن: بجهود وتمويل ذاتي نعمل على استعادة النشاط
  • في زمن الحروب والتقلبات.. خبير اقتصادي يكشف خارطة الاستثمار الآمن
  • تحصين الجامعات اليمنية في زمن الحروب السيبرانية
  • رئيس هيئة الرقابة يترأس اجتماعاً لمتابعة الأداء المصرفي وتمويل المشاريع المتوقفة
  • رئيس الوزراء يشارك في فعالية رفيعة المستوى بالأمم المتحدة لبحث حلول الديون وتمويل أجندة إفريقيا 2030