عقد الجامع الأزهر اليوم الأحد جلسة من جلسات ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية عقب صلاة التراويح بالجامع الأزهر تحت عنوان «الشائعات»، بحضور نخبة من علماء الأزهر، حيث شارك في الملتقى الدكتور محمد أبو زيد الأمير، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الملتقى الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر.

وأكد الدكتور عبد الفتاح العواري أن الشائعات تمثل خطرًا داهمًا يهدد وحدة الأمة وتماسكها، ولذلك وضعت الشريعة الإسلامية سياجًا حصينًا لمنع انتشارها، وجاء الأمر الإلهي واضحًا في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۭ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوآ﴾، حيث لم تأتِ كلمة أخرى تغني عن «فَتَبَيَّنُوا»، لأن ديننا قائم على التبين والتثبت، ورسولنا ﷺ مكلف بالتبيين، كما قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾. فالشائعة قد تقتل بريئًا، أو تهدم بيتًا، أو تؤجج فتنةً، لذلك كان التثبت أمرًا إلهيا لا يقبل التساهل.

وأوضح أن الشائعات لها آثار مدمرة لا يمكن الاستهانة بها، فقد تسببت عبر التاريخ في إزهاق أرواح وسفك دماء دون وجه حق. ويكفي أن نرى كيف تنتشر بعض الأخبار الكاذبة فتثير الفوضى والاضطراب، مما يؤكد أن الشائعة ليست مجرد كلمة تُقال، بل سهم قاتل يُطلق بلا تفكير. فالمسلم مسؤول عن الكلمة التي ينطق بها، وعليه أن يكون عونًا على نشر الحق لا وسيلةً لترويج الباطل والفتن.

من جانبه، شدد الدكتور محمد أبو زيد الأمير على أن الشائعة جريمة ضد الإنسانية، فهي تهدد أمن المجتمع، وتزعزع استقرار الأسرة، وتثير الفتن بين الأفراد. ومروجها مجرم في حق دينه وأمته، إذ يسهم في نشر الفوضى وبث الرعب وإشاعة الفساد. ولذا حذرنا الله سبحانه من أمثال هؤلاء بقوله: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُۥ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ﴾. فالشائعات قد تكون مغلفة بكلام معسول، لكن حقيقتها مريرة ومدمرة.

وأضاف أن مروج الشائعة شخص ضعيف الدين، خبيث النفس، منحرف التفكير، عديم المروءة، تتقاطر من كلماته الخسة والدناءة. فتراه ينشر الأخبار المغلوطة دون وازع من ضمير، متلذذًا بتخريب العلاقات وإثارة البلبلة. ولذا علينا جميعًا أن نكون حائط صد ضد الشائعات، فلا نردد كل ما نسمع، بل نتحرى الدقة ونتثبت قبل نشر أي خبر، حمايةً للمجتمع من الفتن والمخاطر.

و أوضح الدكتور عبد المنعم فؤاد أن الشائعات سلاح خطير يهدد استقرار المجتمعات، فقد تسببت في القطيعة بين الأحبة، وأثارت الفتن بين الأشقاء، بل وزعزعت استقرار الدول والأسر. ولذا عالجها الإسلام بحكمة من خلال صيدلية التثبت، حيث أمرنا الله سبحانه بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۭ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوآ﴾. فالمسلم لا يأخذ الأمور بالظن، لأن الظن أكذب الحديث، ومن ينشر الشائعات دون تحقق يقطع أواصر المحبة ويشيع الفوضى في المجتمع.

وأشار إلى أن الشائعات طالت حتى النبي ﷺ في حادثة الإفك، لكنه واجهها بالصبر والحكمة، حتى أنزل الله القرآن ليبرئ السيدة عائشة رضي الله عنها ويضع منهجًا للتعامل مع الأخبار الكاذبة. لذلك، على كل مسلم أن يكون مسؤولًا عن كلمته، فلا ينشر إلا ما تأكد من صحته، حتى نحفظ مجتمعاتنا من الانقسام والاضطراب.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشائعات ملتقى الأزهر الأمة الأزهر الشريف الجامع الأزهر المزيد الدکتور عبد أن الشائعات

إقرأ أيضاً:

وسط إشادة بدور مصر والأزهر.. استقبال حافل لـ أمين (البحوث الإسلامية) في مؤتمر علمي بالصين

استقبل تشاو تشي مين، الأمين العام للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية،  في مستهل وصوله إلى الأراضي الصينية للمشاركة في مؤتمر علمي تنظمه الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، ويُعقد على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء المقبلين في معهد التاريخ الصيني، تحت عنوان: (التسامح الديني ومناهضة التمييز في إطار مبادرة الحضارة العالمية)، بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين من مختلِف دول العالم.

بـ 5 ندوات.. البحوث الإسلامية يختتم أسبوع الدعوة التاسع بالجامع الأزهرالبحوث الإسلامية يعقد ندوة بعنوان حِفظ الأوطان من مقاصد الشريعة

وتناول الجانبان خلال اللقاء الدَّور الرائد الذي تضطلع به الدولة المصرية والأزهر الشريف في ترسيخ ثقافة التسامح الديني، وتعزيز قِيَم السلام والتعايش الإنساني، ونبذ العنف وإراقة الدماء، مؤكِّدين أنَّ رسائل فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في مجال التسامح والسلام تشقُّ طريقها إلى أصقاع الأرض كافة، حاملةً أنوار الوسطية وسماحة الفِكر.

وأكَّد الدكتور محمد الجندي أنَّ الأزهر الشريف يضطلع بمسئولية تاريخية في نشر قِيَم الحوار الحضاري، والتواصل بين الأمم والشعوب، انطلاقًا من رسالته العالمية التي تقوم على الوسطية والاعتدال، مشيرًا إلى أنَّ مشاركته في هذا المؤتمر تأتي في إطار حرص الأزهر على مدِّ جسور التفاهم الإنساني، وتبادل الخبرات العلمية والفكرية في القضايا المشتركة، وفي مقدمتها قضايا التسامح ونبذ الكراهية، ودعم مبادرات تعزيز السلم الأهلي والعيش المشترك.

وأوضح الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة أنَّ حفاوة الاستقبال التي لقيها من قيادة الأكاديمية وكوادرها العلمية تعبِّر عن عُمق التقدير المتبادل، وتؤكِّد متانة الروابط الثقافية والعلمية بين الجانبين، لافتًا إلى أنَّ الأزهر الشريف ينظر إلى التعاون مع المؤسسات العلمية والثقافية في مختلِف دول العالم بوصفه ركيزةً أساسيةً لتعزيز الحوار البنَّاء وتبادل الخبرات، لافتًا إلى أنَّ الانفتاح على التجارِب الإنسانية المتنوِّعة يثري العمل الدعوي والفكري، ويؤكِّد أنَّ قِيَم التسامح والعيش المشترك هي الأساس المتين لأيَّة نهضة حضارية حقيقية.

من جانبه، أعرب تشاو تشي مين عن تقديره العميق للدور العالمي الذي يضطلع به فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في نشر قِيَم التسامح وتعزيز ثقافة السلام بين الشعوب، مشيدًا بجهوده في توعية المجتمعات ونشر الوعي الديني الصحيح القائم على الاعتدال والفهم المستنير، موجِّهًا شكره لشيخ الأزهر على ما يبذله من مساعٍ حثيثة لترسيخ الحوار، وبناء جسور التواصل الحضاري على أساس من الاحترام المتبادل والمودة الصادقة.

كما أعرب الأمين العام للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية عن تطلُّعه الكبير إلى زيارة قريبة لرحاب الأزهر الشريف؛ للقاء فضيلة الإمام الأكبر، بوصفه رمزًا عالميًّا للسلام، وجسرًا متينًا يصل بين الحضارات، ومنارةً تنشر الوئام وتدعو إلى التقارب بين الشعوب.

طباعة شارك الدكتور محمد الجندي البحوث الإسلامية الأزهر الشريف الصين مصر

مقالات مشابهة

  • أمين البحوث الإسلامية: الأزهر درع الأمة ضد الغلو والتطرف منذ أكثر من ألف عام
  • وكيل الأزهر: الأعمال الوحشية بغزة مظاهر ضد الإنسانية
  • من العملات الصعبة إلى الذهب.. نزيف نقدي يهدد استقرار العملة في المحافظات المحررة
  • ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: سيظل ما نعلمه عن خلق الإنسان أقل بكثير مما هو موجود في القرآن
  • الأزهر والجزائر يعززان التعاون العلمي والدعوي لتعزيز القيم الإسلامية المشتركة
  • أمين البحوث الإسلامية من الصين: الإسلام ينبذ التمييز ويدعو لوحدة الإنسانية
  • أصغر إمام فى محراب الأزهر| الطالب محمد أحمد حسن يؤم المصلين بمدينة البعوث الإسلامية
  • مستقبل وطن: احتلال غزة يهدد استقرار المنطقة ويقوض السلام
  • وسط إشادة بدور مصر والأزهر.. استقبال حافل لـ أمين (البحوث الإسلامية) في مؤتمر علمي بالصين
  • قيادي بالجبهة الوطنية: قرار احتلال غزة جريمة مكتملة الأركان وخطر على أمن المنطقة