سأبدأ مقالتي بهذه العبارة (دعونا نعمل ولا نستمع للشائعات).

هل إطلاق الشائعات يؤثر على صناعة القرار ، هل ينبغي على صناع القرار أن يعطوا أذانهم إلى كل ما يقال ، هل تنهض أمة من خلال الشائعات أم أن مثل هذه الأمور تعود بالأمم عود قهقري إلى الوراء.

لاشك أن ما تمر به أمتنا العربية والإسلامية من مشكلات وقضايا متشابكة لا يمكن بحال من الأحوال أن نتركها تمر أمام أعيننا مرور الكرام ومن ثم يجب أخذ الحيطة والحذر من الحديث عن هذه المشكلات، بل وترك الأمر لأولي الأمر والمتخصصين في معالجة هذه القضايا والمشكلات فليس كل من هب ودب نصب نفسه منظرا، هذا ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال إذا وكل الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة.

ليس هذا وحسب بل إن هذا يفتح المجال لإطلاق الشائعات التي تضرب المجتمعات في صميمها بل وتثير قلقا نفسيا عند أفراد هذا المجتمع. 

فليس من المنطقي أن نترك أعمالنا وما كلفنا به من مهام ونتفرغ للرد على أمثال هذه الشائعات هذا ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال لا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا .

ومن باب فقه درء المفاسد ينبغي التصدي بكل ما أوتينا من قوة لمن يطلق هذه الشائعات المغرضة مستمسكين بكتاب الله القائل (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)

إن ما تتعرض له مصرنا الغالية من هجمات شرسة من الخارج ومن الداخل من خلال نفوس مغرضة مريضة لا تحب الخير لهذا البلد ، بغيتها نشر الفتن وإثارة الفوضى ، عن طريق التشكيك في كل منجز تم على أرض الواقع متخذين من إطلاق الشائعات وسيلة لهم لتحقيق أغراضهم الدنيئة.

فهناك من ينشر شائعات مثل أننا نتعرض لانهيار اقتصادي ، ألا يعلم هؤلاء أننا في مرحلة التعافي الآن وأن هذه الأزمة ضربت العالم بأكمله ، وهناك من يطلق شائعة انحسار مياه البحر المتوسط واحتمالية كارثة طبيعية ، ومن يطلق أننا سنصاب بالجدب والفقر المائي ، أو من يطلق أن ثم فيروس خطير يهدد العالم مستخدما وسائل التواصل الاجتماعي لنشر هذه الشائعات ، فهل مطلوب منا أن نترك أعمالنا التي كلفنا بها ونرد على هؤلاء ، لا وألف لا ، فعجلة الإنتاج انطلقت ولن توقفنا مثل هذه الترهات ، وفي طريقنا إلى تنموية مستدامة إن شاءالله تعالى.

رسول الله صل الله عليه وسلم تعرض لمثل هذه الشائعات في غزوة أحد واطلقت شائعة مقتله ، وإذا كان رد فعل الصحابة ، ووقفوا وكأن على رؤوسهم الطير ، لكنهم استجمعوا أنفسهم وقالوا هيا نموت على ما مات عليه ولملموا أنفسهم وعادوا إلى القتال مدافعين عن دينهم.
حقيق بنا أن نقدم تعريفا للشائعة.

فالشائعة جمع إشاعة، والشائعة عبارة عن معلومة أو فكرة أو خبر ليس لها مصدر موثوق، يتم الترويج لها ونقلها وإذاعتها في صورة شفهية أو مكتوبة أو مصورة عبر مصادر متعددة منها مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات والصحف المجندة بهدف التأثير على الرأي العام لتحقيق أهداف شخصية أو سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية أو عسكرية .

الله سبحانه وتعالى وصف مروجي الشائعات بالفسق وحث الناس على التثبت والتبين قبل قبول الخبر الكاذب .

والقانون الوضعي المصري نص على معاقبة مروج الشائعات بالغرامة المالية التي تصل إلى مائتي ألف جنية والحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات كما طالب مجلس النواب بتغليظ العقوبة على مروجي الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع لتصل إلى السجن لأكثر من عشر سنوات بدلا من ثلاث سنوات.

أما بالنسبة للواجب علينا تجاه الشائعات النهي عن العجلة والتسرع ونشر الأخبار حين سماعها، بل لابد من التأمل الدقيق والتيقن من صحة الخبر والنظر العميق في حقائق الأمور وعواقبها 
قال أهل العلم من الفقهاء وفيها تحريم إذاعة الأخبار خاصة في حالات المحن إلا بعد التأكد من صحتها وعدم الإضرار من نشرها.

وهذا ما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع.

ومن أخطر صور الكذب إطلاق الشائعات وهذا النوع من الكذب يستخدمه أعدائنا لتدمير الشعوب ويسمونه بأسماء كثيرة منها حرب الأعصاب ،والحرب النفسية.

وقد حارب الإسلام الشائعات من خلال حادثة الإفك يقول الله سبحانه وتعالى( إن الذين جاءوا بالافك عصبة منكم لا تحسبوه شرا بل هو خير ).

ومن التدابير النبوية في التعامل مع الشائعات دفع الذرائع المفضية إلى الشائعة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يترك بعض الأعمال قطعا لألسنة الشائعات، وسدا لحديث المغرضين والخائضين بالباطل وهذا من كمال حكمته صلى الله عليه وسلم فقد ترك قتل بعض المنافقين مع اقترافهم ما يستوجب الخلاص منهم، من النكاية بالمسلمين والخيانة.

ونحن لنا في رسول الله صل الله عليه وسلم الأسوة والقدوة الحسنة الذي أمرنا بأخذ الحيطة والحذر من أمثال هؤلاء المغرضين وعدم الالتفات إلى ما يروجونه والمضي قدما إلى الأمام ، فالألسنة لن تسكت ولن تتوقف واخراسها بالعمل والإنتاج لا بالرد عليهم فأبلغ رد هو ما يتحقق على أرض الواقع من منجزات.

طباعة شارك الشائعات صناعة القرار صناع القرار

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشائعات صناعة القرار صناع القرار صلى الله علیه وسلم هذه الشائعات من یطلق

إقرأ أيضاً:

إسحق أحمد فضل الله يكتب: (جلباب…)

(جلباب…)

وجلباب عندك تعني إسلام،
وإسلام تعني عقلًا مغلقًا.
ولعله في عام ألفين كان مهرجان ثقافة في دمشق،
ووفد السودان يرأسه
أحمد علي الإمام… شيخ في جلباب.
وندخل القاعة… والقاعة فيها مشهد الثقافة في دمشق يومها:
شباب في بنطلونات ممزعة… وشعر هائج، وأساور في أيدي الأولاد، وعقود على الصدور، وميكروفون يقصف الراقصين / زحام / بأغنيات بلغات أجنبية و…
وسط هذا المشهد يقف دكتور أحمد علي الإمام بجلباب ولحية.
……
ودقائق الاستراحة من الرقص تُغطّى بكلمات الوفود…
والميكروفون يقدّم مندوب السودان… أحمد علي الإمام.
وأحمد صعد…
ونظرات تحدق في الجلباب في دهشة.
فالمشهد عندهم / جلباب… وعمامة… وثقافة؟؟ / تناقض مضحك…
والبعض بالفعل ضحك.
وأحمد الراسخ يبدأ الحديث.
والجلباب يبدأ المكر.
……
والراقصون يلتفتون إلى المنصة، ويستمعون.
ودقيقة استماع… ثم تحوّلوا للحديث مع بعضهم، متجاهلين المتحدث.
وأحمد الساحر يبدأ في إخراج الأرنب من القبعة…
أحمد يقول جملة، ثم يستشهد لقوله بفولتير…
وأحمد يسرد القول الفرنسي بالفرنسية…
والطرافة تجذب العيون…
والحديث عن الثقافة يجلب الأدب الإنجليزي… وكوزييت…
والشاعر صاحب «أربعاء الرماد» قصيدته تتدفق بالإنجليزية من فم (مولانا الإمام).
ودقائق… والأحاديث الجانبية في القاعة كلها تتوقف، ويقتربون من المنصة…
ومن المنصة تنسكب أبيات نزار… السياب… مطر… سند… محمد عبد الحي و…
والإمام صوته فخم، ومكره الذي يسوق الآذان…
مكر فخم، و…
والدقائق الخمس تمتد… وتمتد.
وأحمد، مثل طائر أسطوري، يهبط…
يهدّئ من صوته… ثم يسكت.
ولحظة صمت…
ثم رعد من التصفيق جعل كل سوداني هناك يتمطّى، ويقول للناس:
تعالوا نعلمكم الثقافة.
……
قبلها بفترة يحكي عمر محمد الحاج قال:
دُعيت في مدني للاشتراك في مهرجان خطابي شيوعي.
وبعد المتحدث الثالث قال مقدم البرنامج:
والآن نقدّم إليكم ممثل الفكر المتعفن، المتحجر، الذي يزرع الجهل والخرافة والدجل، ويُسمّى الثقافة الإسلامية.
قال عمر وصعدت المنصة،
وقلت:
من بديهيات الاستيحاش… البغتة، حيث الفكر يتأطر تحت استوكار الخرافة، ومنافط الإدكار الإيديولوجي ليعيش الاستعادية الذاتية ابتداءً من أنطولوجيات هيدجر وأبيليير وفرويد وحتى أدلر، انعطافًا من هذه الموقفية الانفلاتية المتحررة من البرجوازية الدادائية، وحين أشيطون فإنني…
قال عمر: ولنصف ساعة مضيف أهرف بكل الطين الذي يقع تحت لساني.
وكان واضحًا أنه لم يفهم أحد شيئًا.
وكان واضحًا أنه لا أحد يجرؤ على أن (يفضح) تخلفه ويقول إنه لم يفهم.
وفي نهاية حديثي حملوني على بحر من التصفيق المنبهر.
حكاية هدم المجتمع العربي المسلم حكاية واسعة، لكن…
كيف تقول للأمي الأصم إنه أمي أصم؟
الحركات الإسلامية جاءت لإخراج الحوت من الشبكة

إسحق أحمد فضل الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/14 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة “أن تكون مع بوتين أفضل من الحرب”2025/12/13 هجليج والمسيرية: التصفية والخطر الخارجي2025/12/12 الصحافة الصفراء2025/12/12 أرض تنتزع بالتصفيات … والبقارة في مرمى الصفقة الكبرى ل آل دقلو2025/12/12 الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة2025/12/12 الفيل … وضل الفيل2025/12/12شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات اتجاهات حكومية: ما بين الانتقال ومنع الصيانة 2025/12/12

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (جلباب…)
  • نور على نور
  • قصر النهار.. أسباب سهولة العبادات في الشتاء
  • د.حماد عبدالله يكتب: مصر والمصريون !!
  • منظومة التصدي للشائعات.. قيد مصري جديد على حرية الرأي
  • هل حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره
  • روشتة التصدى للشائعات
  • التصدى للشائعات حماية لأمن واستقرار مصر
  • هل يستجاب الدعاء وقت نزول الأمطار؟.. الإفتاء تجيب