عدنان عبدالله الجنيد

تشهد محافظة القنيطرة في الجنوب السوري تصاعدًا ملحوظًا في الاحتجاجات الشعبيّة ضد التدخلات الإسرائيلية المتكرّرة، حَيثُ ينظم أهاليها احتجاجات حاشدة رفضًا لتوغلات الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، مؤكّـدين تمسكهم بأرضهم ورفضهم لأية محاولات لفرض واقع جديد على الأرض السورية.

احتجاجات جاءت متزامنًا مع زيارة وفد من الأمم المتحدة للاطلاع على الانتهاكات الإسرائيلية، في ظل تصاعد الممارسات العدوانية التي تقوم بها تل أبيب مستغلة التغيرات السياسية والميدانية في سوريا.

رفع المحتجون لافتات تندّد بالاحتلال وتطالب بانسحابه من كامل الجنوب السوري، وسط تأكيد من أبناء الجولان المحتلّ على أنهم باقون في أرضهم ولن يغادروها قسرًا.

بات واضحًا أن المزاج الشعبي السوري يزداد رفضًا للممارسات الإسرائيلية، بل ويتجاوز ذلك إلى تنامي الغضب العام تجاه الاحتلال الإسرائيلي بشكل غير مسبوق، حتى بالمقارنة مع الفترات السابقة خلال حكم الرئيس بشار الأسد. فالاحتلال الإسرائيلي الذي ظل لعقود يستفيد من الفوضى الإقليمية ويستغل الظروف السياسية لتنفيذ مخطّطاته، أصبح اليوم يواجه غضبًا شعبيًّا متناميًا في الداخل السوري، قد يكون بداية لمرحلة جديدة من المواجهة.

إن هذه الاحتجاجات ليست مُجَـرّد رد فعل عابر على اعتداءات “إسرائيل” المتكرّرة، بل قد تكون الشرارة الأولى لموجة انتفاضة سورية جديدة ضد الاحتلال، بعد أن أصبح واضحًا للسوريين أن “إسرائيل” ليست فقط عدوًا خارجيًّا، بل هي أسوأ جار عرفته المنطقة، يسعى لاستغلال أزماتها وفرض هيمنته بالقوة والعدوان.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

حين يُصبح الصمتُ انتصارًا.. لا تسقِ النارَ ريحًا

 

 

د. ذياب بن سالم العبري

ثمَّة لحظات في الحياة تشبه حافة الجمر؛ نخطو نحوها بلا وعي، مدفوعين بوهج الغضب أو وجع الكلمة أو خيبة التصرف. قد لا يرانا الآخرون، لكنّ نارًا تشتعل في دواخلنا، تبحث عن متنفسٍ لتخرج. وهنا، يكون الامتحان الحقيقي للنضج، ليس في مدى قدرتك على الرد؛ بل في مهارة كتم الصوت حين يعلو داخلك، وضبط الانفعال حين يُغريك بالانفجار.

في لحظة انفعال، يبدو الصوت الأعلى هو المنتصر، لكن الحقيقة الأعمق أن الهدوء في وقت العاصفة ليس تراجعًا، بل موقفٌ أخلاقي، يُشبه انتصار النهر على الصخرة: بلا ضجيج، لكن بأثرٍ يدوم.

الغضب- كما تقول الكاتبة جيل لندنفيلد في كتابها المعنون بـ"إدارة الغضب"- ليس مجرد شعور عابر؛ بل حالة بيولوجية ونفسية متكاملة؛ ترتفع معها نبضات القلب، وتضيق معها زاوية الرؤية، وتتعطل قدرات التمييز. ويكفي أن نعلم أن أكثر الكلمات التي نندم عليها، قيلت تحت وطأة الغضب، وأكثر القرارات التي أفسدت العلاقات، وُلدت في لحظة احتقان.

وفي المقابل، فإنَّ الصمت المُختار، والتغافل المتزن، لا يعنيان بالضرورة تنازلًا عن الحق أو ضعفًا في الشخصية؛ بل هما ركنان من أركان القوة المتزنة. إن من يُدير انفعالاته بوعي، هو من يحمي علاقاته، ويحفظ صورته أمام ذاته والآخرين.

لسنا معصومين من الانفعال، ولا نُطالب ببرودة المشاعر، لكننا مدعوون لإدارة الغضب كما تُدار النار في الموقد: لا نتركها تأكل كل ما حولها، ولا نطفئها دائمًا؛ بل نُحكم السيطرة عليها في الوقت المناسب.

فن التغافل ليس أن تتغاضى عن كل شيء؛ بل أن تُحسن الانتقاء: تتجاوز عن الزلات الصغيرة، والتصرفات التي لا تُغيّر مجرى الحياة، والمواقف التي لا تستحق أن تُهدر من أجلها راحتك النفسية. ففي زحام الحياة، من الحكمة ألا نردّ على كل كلمة، ولا نقف عند كل نظرة، ولا نُشعل معركة على كل تفصيلة.

وفي بيئة العمل، كما في محيط الأسرة، كما في المجالس العامة، من يُتقن التغافل، يملك قلبًا أوسع، ورؤية أبعد. فهو لا يُحمّل نفسه عبء كل موقف، ولا يُرهق يومه بصراعات لا نهاية لها.

ولعل في هذا السياق، يحق لنا أن نُفاخر بمجتمعنا العُماني، الذي تشكلت بنيته الأخلاقية على قيم التسامح والتعاطف وتقدير الكلمة الطيبة. فالعُماني بطبعه لا يميل إلى الصدام، بل إلى المصالحة، ولا يرفع صوته إلا حين تقتضي الضرورة، ولا يُصرّ على الخصومة حين يرى فسحة للتجاوز.

وهنا، تبرُز مسؤولية الآباء والمربين في زرع هذا النهج في نفوس النشء؛ أن يُعلّموا أبناءهم كيف يكون الصبر رجولة، وكيف يكون الصمت حكمة، وكيف أن الكرامة لا تُستردّ بالصوت المرتفع، بل بالحضور الهادئ، والنفس المطمئنة.

الحياة ليست ميدانًا لصراعٍ مستمر. لا يمكن أن نقف عند كل زلة، ولا أن نردّ على كل من خالفنا رأيًا أو جرحنا قولًا. بعض النار تنطفئ وحدها إذا لم تجد من يُغذيها، وبعض الحطب لا يشتعل إن لم تلامسه الريح. فاختر دائمًا أن تكون ماءً في وجه اللهب، لا ريحًا تسعّره.

وإن وقفتَ يومًا على مفترق الغضب، فسل نفسك قبل أن تنفجر: هل يستحق الأمر أن أخسر راحتي؟ هل يستحق أن أهدر وقتي وكرامتي من أجل لحظة انفعال؟

ثم تذكّر- كما يقول العقلاء- أن الصمت، حين يكون عن حكمة، هو أبلغ جواب، وأكرم انتصار.

فلا تسقِ النارَ ريحًا… واسقِ قلبك سكينة.

مقالات مشابهة

  • شحنة «زهور نتنياهو» تفجر الغضب في الداخل الإسرائيلي
  • العراق وإيران يؤكدان على انهما جبهة واحدة أمام إسرائيل
  • الجيش الإسرائيلي يعترف: دفاعاتنا ليست محكمة أمام صواريخ إيران
  • عراقجي: إسرائيل تريد توسيع الحرب لتشمل منطقة الخليج
  • حين يُصبح الصمتُ انتصارًا.. لا تسقِ النارَ ريحًا
  • اجراءات جديدة للتبادل التجاري السوري الأردني
  • تنبيهات مشددة للمحافظات بشأن ترشيد الكهرباء.. ومصدر: الخطة ليست جديدة
  • لصالح من اسمرار الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟.. أستاذ العلوم السياسية يجيب
  • الإسعاف الإسرائيلي: 3 قتلى و14 مصابًا إثر سقوط صواريخ إيرانية شمال إسرائيل.
  • إيران تطلق موجة جديدة من الصواريخ تجاه إسرائيل