4 مارس، 2025

بغداد/المسلة: قال الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي إن أسعار النفط تعرضت لانكسار حاد بعد أن تخلت “أوبك بلس” عن تخفيضاتها الطوعية تحت ضغط أمريكي، مما أدى إلى تراجع الأسعار إلى 70 دولاراً للبرميل. وأوضح أن الاتفاق الجديد يقضي بزيادة الإنتاج بمقدار 120 ألف برميل يومياً على مدى 18 شهراً ابتداءً من نيسان المقبل، مع زيادة حصة العراق بمعدل 12 ألف برميل يومياً.

رأى محللون أن هذا التطور قد يضع العراق أمام تحديات مالية صعبة، خاصة مع تراجع سعر النفط العراقي إلى 67 دولاراً للبرميل. وبحسب التقديرات، فإن الإيرادات النفطية الإجمالية المتوقعة ستصل إلى 108 تريليونات دينار، فيما ستنخفض الإيرادات الصافية – بعد استقطاع تكاليف عقود التراخيص النفطية – إلى 95 تريليون دينار فقط.

وأشار خبراء إلى أن هذا المستوى من الإيرادات بالكاد يغطي بندي الرواتب والرعاية الاجتماعية، مما يعني أن الحكومة قد تجد نفسها في مواجهة عجز مالي متفاقم، يدفعها إلى خيارات صعبة، مثل الاقتراض الداخلي والخارجي. وتتزايد المخاوف من أن يؤدي الضغط المالي إلى تقليل الإنفاق الاستثماري، ما قد ينعكس سلباً على مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية.

وأكد مختصون في أسواق الطاقة أن السياسة الأمريكية الرامية إلى كبح أسعار النفط تأتي في إطار جهودها للسيطرة على التضخم وخفض تكاليف الطاقة محلياً. لكن هذا النهج يفرض ضغوطاً على الدول المنتجة، خصوصاً تلك التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط في تمويل موازناتها العامة. وبالنسبة للعراق، فإن الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للإيرادات يزيد من حساسيته تجاه التقلبات السعرية، مما يجعل الإصلاحات الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل ضرورة ملحّة لتجنب الأزمات المستقبلية.

في هذا السياق، توقع محللون أن تلجأ الحكومة العراقية إلى استراتيجيات تمويل بديلة، تشمل إصدار سندات حكومية، وزيادة الضرائب والرسوم، أو إعادة هيكلة الإنفاق العام. لكن هذه الخيارات تواجه تحديات سياسية واجتماعية، خاصة في ظل الاحتجاجات الشعبية المطالبة بتحسين الخدمات وفرص العمل.

من جهة أخرى، أظهرت بيانات حديثة أن معظم الدول النفطية التي تعتمد على مبيعات الخام لموازنتها تعاني ضغوطاً مماثلة، حيث تحتاج السعودية، على سبيل المثال، إلى سعر 80 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن المالي، في حين أن روسيا تواجه عقوبات اقتصادية تحدّ من استفادتها من ارتفاعات الأسعار السابقة.

يرى مراقبون أن عودة أسعار النفط إلى مستوياتها المرتفعة قد تكون صعبة في ظل الأوضاع الحالية، إذ أن التوجه العالمي نحو الطاقات البديلة، وزيادة الإنتاج الأمريكي، وتراجع الطلب في بعض الأسواق الآسيوية، كلها عوامل تضغط على الأسعار. وفي حال استمرت هذه الديناميكية، فقد تواجه الدول المنتجة سيناريوهات مالية أكثر تعقيداً خلال السنوات القادمة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

مؤشرات بلا ضجيج: الصين تغيّر طبيعة السوق العراقية من دون جيوش

26 يوليو، 2025

بغداد/المسلة:  تمضي الصين بتعزيز مكانتها كفاعل محوري في المشهد الاقتصادي العراقي، مدفوعةً بجنوح لافت في أسواق السيارات نحو التنويع، وبحثٍ محموم عن خيارات أرخص وأكثر مرونة. فارتفاع صادرات السيارات الصينية إلى العراق بنسبة قاربت 80% خلال النصف الأول من 2025، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لا يبدو رقمًا عابرًا، بل تعبيرًا صريحًا عن تحول استهلاكي يحمل خلفيات اقتصادية وسياسية معقّدة.

وتُمثّل هذه الأرقام الواردة في تقرير الخبير منار العبيدي عن تصدير 18 ألف مركبة صينية إلى العراق في ستة أشهر فقط، مؤشّرًا صريحًا على تغيّر في مزاج السوق المحلية، حيث تتزايد شهية المستهلك العراقي نحو البديل الآسيوي في ظل تراجع فعالية الوكلاء الكلاسيكيين وارتفاع كلف السيارات الأميركية واليابانية والأوروبية.

ويتحرك العراق هنا في مناخ اقتصادي هش، لا يُنتج السيارات ولا يضع سياسات حمائية متينة، لكنه يستهلك بكثافة تحت ضغط السيولة النقدية الناتجة عن النفط، وغياب الصناعة المحلية، وضعف الرقابة على جودة المنتجات المستوردة، ما يجعل من السوق العراقية تربة خصبة لاجتياح المركبات الصينية التي تتسلح بسعر تنافسي، وتوافر سريع، وتكيّف سريع مع بيئة الطرق المحلية.

ويعكس هذا التحول كذلك علاقات سياسية واقتصادية متزايدة مع بكين، التي باتت في السنوات الأخيرة شريكًا تجاريًا ثقيل الوزن لبغداد، في ظل شبه غياب للدور الأميركي في إعادة إعمار البنية الاقتصادية، وتراجع الاستثمارات الغربية المباشرة. فالصين لا تكتفي ببيع المركبات، بل تزرع أثرًا اقتصاديًا ناعمًا في مفاصل الحياة اليومية، بدءًا من الهواتف وانتهاءً بالسيارات التي تملأ المعارض والطرقات.

ولا تبدو هذه القفزة الصاروخية مجرد صدفة، بل ناتجة عن سياسات تسويقية مركزة لشركات مثل “جيلي” و”شانغان” و”BYD”، تتقدم بخطى ثابتة في أسواق اعتادت لعقود على هيمنة العلامات الغربية، وسط صمت حكومي شبه كامل عن هذه التحولات في ميزان التجارة.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • النفط يرتفع والذهب يستقر بعد الاتفاق التجاري الأميركي الأوروبي
  • العراق..تمتلك خطة لمد شبكة أنابيب متشعبة لتصدير النفط والغاز
  • الهواء مقابل النفط.. مفارقة الموت البطيء في أرياف العراق
  • العراق يعتزم مد شبكة أنابيب متشعبة لتصدير النفط والغاز
  • مؤشرات بلا ضجيج: الصين تغيّر طبيعة السوق العراقية من دون جيوش
  • أسعار النفط عالمياً تستقر قرب 65 دولارا للبرميل
  • أسعار النفط تهبط لأدنى مستوى في 3 أسابيع.. وخام برنت يسجل 68 دولارا
  • انتقادات للاتفاق النفطي: كوردستان تدفع ثمن النفط من عمر آبارها
  • مستشار السوداني يقرع ناقوس الخطر بشأن العجز المائي والتصحر في العراق
  • تصدير نفط العراق.. تركيا تطالب برفع الرسوم إلى 2.5 دولار للبرميل