فى الثانى من فبراير 2015، كانت مدينة الصف تشهد مشهدًا من الأمل والتضحية، حين استجاب العميد عاطف الإسلامبولي، مفتش مباحث شرق الجيزة، لاستغاثة كانت أشبه بصرخة فزع من سيارة نقل أموال تعرضت لسطو مسلح على طريق الكريمات. انطلق العميد إلى المكان، ساعيًا وراء العدالة، فى درب مليء بالتحديات والمخاطر، لم يكن يعلم أن تلك اللحظة ستكون آخر لحظات حياته.

 

وهو الذى خدم الوطن 25 عامًا فى صفوف الشرطة، حيث تنقل بين العديد من المناصب حتى أصبح مفتشًا لمباحث شرق الجيزة، لم يكن مجرد ضابط بل كان مدرسة فى الشجاعة والالتزام، وأحد أبرز القامات التى قدمت مثالًا حيًا للوفاء بالواجب. كان يعلم تلامذته أن الدفاع عن الوطن لا يتوقف عند الخوف من الموت، بل هو درب من التضحية لا يعترف بالعودة.

 

فى تلك اللحظة الحاسمة، وعلى الرغم من مخاطرة حياته، اندفع لملاقاة الخطر بشجاعة لا تخشى الموت، ليصبح أول من يدفع الثمن، ويستشهد برصاص المجرمين الذين كانوا فى طريقهم للهروب.

 

تظل ذكراه خالدة فى قلوب من عرفوه، وحتى اليوم، يعبر من حوله عن فخرهم به. تقول ابنته دينا بحزن مفعم بالفخر: "أنا بنت الشهيد، أنا بنت البطل، وبقول لكل بنت شهيد خليكى دايمًا فخورة مش مكسورة"، كلماتها هى إشراقة الأمل فى عيون الأجيال الجديدة، تأكيدًا على أن البطل لا يموت، بل يبقى حيًا فى قلوب من يعشقون وطنهم.

 

رحل العميد عاطف الإسلامبولى عن دنيانا، لكنه ترك إرثًا من الفخر والشجاعة لا يزول. خلف وراءه أبناء يحملون رايته، ويواصلون المسير لحماية هذا الوطن العزيز. ستظل ذكرى عاطف الإسلامبولى راسخة فى ذاكرة مصر، رمزًا للإقدام والتضحية فى سبيل الأمن والعدالة.

 

فى قلب هذا الوطن الذى لا ينسى أبنائه، يظل شهداء الشرطة رمزًا للتضحية والفداء، ويختصرون فى أرواحهم أسمى معانى البذل والإيثار، رغم غيابهم عن أحضان أسرهم فى شهر رمضان، يبقى عطاؤهم حاضرًا فى قلوب المصريين، فالوطن لا ينسى من بذل روحه فى سبيل أمنه واستقراره.


هم الذين أفنوا حياتهم فى حماية الشعب، وسطروا بدمائهم صفحات من الشجاعة والإصرار على مواجهة الإرهاب، هم الذين لم يترددوا لحظة فى الوقوف أمام كل من يهدد وطنهم، وواجهوا الموت بابتسامة، مع العلم أن حياتهم ليست سوى جزء صغير من معركة أكبر ضد الظلام.


فى رمضان، حين يلتف الجميع حول موائد الإفطار فى دفء الأسرة، كان شهداء الشرطة يجلسون فى مكان أسمى، مكان لا تدركه أعيننا، ولكنه مكان لا يعادل فى قيمته كل الدنيا؛ فإفطارهم اليوم سيكون مع النبين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.


مع غيابهم عن المائدة الرمضانية فى بيوتهم، يظل الشعب المصرى يذكرهم فى صلواته ودعواته، تظل أسماؤهم محفورة فى ذاكرة الوطن، وتظل أرواحهم تسكن بيننا، تعطينا الأمل والقوة لنستمر فى مواجهة التحديات.


إن الشهداء هم الذين حفظوا لنا الأمان فى عز الشدائد، وهم الذين سيظلون نجومًا مضيئة فى سماء وطننا، فلهم منا الدعاء فى كل لحظة، وأن يظل الوطن فى حفظ الله وأمانه.







مشاركة

المصدر: اليوم السابع

كلمات دلالية: شهداء شهداء الشرطة شهداء الوطن الداخلية اخبار الداخلية وزارة الداخلية افطارهم في رمضان قصص الشهداء اسر الشهداء حوادث اخبار الحوادث

إقرأ أيضاً:

رحيل الصحفي صالح الجعفراوي يهز قلوب

استشهد الصحفي الفلسطيني والناشط البارز صالح الجعفراوي، مساء أمس الأحد، خلال تغطيته آثار الدمار الذي خلّفه الاحتلال الإسرائيلي في حي تل الهوى جنوبي مدينة غزة.

فبينما كان الراحل يوثق بكاميرته مشاهد الخراب في شارع 8، باغته عملاء متعاونون مع الاحتلال وأطلقوا عليه النار مباشرة، فأردوه شهيدا على الفور.

ويعد صالح من أبرز الصحفيين والمصورين الغزيين الذين وثقوا بعدساتهم القصف الإسرائيلي. والجرائم المرتكبة بحق المدنيين في غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي.

وعرف الجعفراوي بنشاطه على حسابه في إنستغرام، الذي أغلق مرارا بسبب منشوراته التي تعكس حجم الدمار والقتل في القطاع.

واعتبر مغردون أن اغتيال الجعفراوي بهذه الطريقة يشير إلى مخطط إسرائيلي خطير لمرحلة ما بعد الحرب. يهدف إلى مواصلة مسلسل الاغتيالات.

وتناقل ناشطون وصية الصحفي الشهيد صالح الجعفراوي التي قال فيها “أنا صالح. أترك وصيتي هذه، لا وداعا بل استمرارا لطريق اخترته عن يقين”.

“يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهد وقوة، لأكون سندا وصوتا لأبناء شعبي. عشت الألم والقهر بكل تفاصيله، وذُقت الوجع وفقد الأحبة مرارا. ورغم ذلك لم أتوان يوما عن نقل الحقيقة كما هي. الحقيقة التي ستبقى حجة على كل من تخاذل وصمت وأيضا شرف لكل من نصر ودعم. ووقف مع أشرف الرجال وأعز الناس وأكرمهم أهل غزة”.

ويبقى صالح الجعفراوي، صاحب الابتسامة الودودة، حاضرا في ذاكرة الغزيين بحماسه وإصراره على نقل صور الصمود والثبات في مدينته.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • الموت يغيب شقيق ميادة الحناوي.. و«الفنانين السوريين» تنعيه
  • الشرطة تواجه الموت.. نهاية عصابة أبو عصفور بسوهاج
  • رحيل الصحفي صالح الجعفراوي يهز قلوب
  • مقدار المسح الواجب على الرأس في الوضوء ..علي جمعة يكشف الضوابط الشرعية
  • شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يدخل في وصلة رقص مثيرة مع “العميد” خلال حفل جماهيري بالإسكندرية
  • قائد أمن إقليم الشمال يزور العميد المتقاعد الشطناوي
  • أرملة شهيد الواحات: قرار تعييني بمجلس الشيوخ تكريم كبير من الدولة لأسر الأبطال.. والرئيس السيسي لا ينسى أبناء الشهداء
  • منتدى الإعلاميين: الصحفيون الفلسطينيون جسّدوا الشجاعة والمهنية خلال إبادة غزة
  • البابا يدعو إلى الشجاعة لإكمال اتفاق السلام في غزة
  • اللواء مصطفى هدهود: نصر أكتوبر سيبقى علامة مضيئة في تاريخ مصر ورمزًا للعزة