مقدمة
لطالما اعتُبر حل الدولتين خلال العقود الماضية هو "الحل العادل" للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وأصبح محورا رئيسيا في النقاشات الدبلوماسية، لكن مع مرور الوقت أصبح هذا الحل أقرب إلى السراب منه إلى الواقع، فالحقائق على الأرض والتغيرات السياسية والتوازنات الإقليمية والدولية تشير إلى أن حل الدولتين لم يعد خيارا عمليا، بل بات مجرد شعار موسمي يتم ترداده في الأروقة السياسية دون أي إرادة حقيقية لتنفيذه.
الموقف الدولي: دعمٌ لفظي بلا أفعال
على مدار عشرات السنوات كانت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في الأوساط السياسية الدولية، سواء في الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو جامعة الدول العربية، وحتى في السياسات الأمريكية السابقة، لكن رغم كل التصريحات المؤيدة للفلسطينيين بإقامة الدولة، وقرارات الإدانة للممارسات الإسرائيلية، إلا أن الموقف الدولي لم يترجم هذا الدعم إلى أفعال حقيقية من شأنها إنهاء الاحتلال أو منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، وبالرغم من الشعارات الرنانة، فإنه لم يتجاوز مرحلة الدعم اللفظي، حيث ظلت القرارات والمواقف الرسمية مجرد بيانات بلا تطبيق على الأرض. وفي ظل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية المتسارعة بإنهاء أية فرصة لحل الدولتين يتمحور السؤال المركزي: ما الجدوى من المجتمع الدولي؟
في ظل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية المتسارعة بإنهاء أية فرصة لحل الدولتين يتمحور السؤال المركزي: ما الجدوى من المجتمع الدولي؟
الأمم المتحدة: قرارات بلا تنفيذ
الأمم المتحدة كانت ولا تزال ساحة رئيسية لنقاش القضية الفلسطينية، حيث صدرت عنها عشرات القرارات التي تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني، مثل قرار التقسيم 181 لعام 1947، وقرار 194 الذي ينص على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وقرارات أخرى تدين الاستيطان الإسرائيلي وتطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967، لكن المعضلة ليست في صدور القرارات، بل في غياب أي آليات فعلية لإلزام إسرائيل بتنفيذها.
فإسرائيل المستفيدة من أحادية القطبية في العالم بدعم أمريكي غربي، تجاهلت معظم هذه القرارات ولم تتعرض لأي عقوبات دولية حقيقية، آخرها ما صدر عن محكمة الجنايات الدولية. ومن جانب آخر مجلس الأمن الذي من المفترض أن يكون الجهة الأكثر تأثيرا في فرض القانون الدولي، يعاني من شلل بسبب الفيتو الأمريكي الدائم لصالح إسرائيل، مما يعطل أي محاولات لإصدار قرارات ملزمة.
وفي السنوات الأخيرة زاد الانحياز الأمريكي وضوحا، خاصة بعد قرارات ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، وإجراءات تغيير مسمى الضفة الغربية إلى "يهودا والسامرة"، في خطوة شكلت ضربة قاضية لأي مسار دبلوماسي نحو حل الدولتين، ليعكس تحولا في الأولويات الأمريكية من دعم حل الدولتين إلى دعم "السلام الاقتصادي"، معتمدا على اتفاقية أبراهام، ومتجاهلا الحقوق السياسية للفلسطينيين.
الاتحاد الأوروبي: انتقادات بلا تأثير
من المعروف أن الاتحاد الأوروبي من أبرز الكيانات الدولية التي تعبر عن انتقادات واضحة للاستيطان الإسرائيلي، حيث يُصدر بيانات دورية تؤكد على ضرورة احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، لكن على أرض الواقع لا يتعدى هذا الموقف حدود الكلام، إذ لم يتخذ الاتحاد الأوروبي أي إجراءات فعالة للضغط على إسرائيل، فالاتحاد الأوروبي الذي يعتبر الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل لم يستخدم أية ورقة كأداة للضغط عليها، فالعلاقات التجارية بين الجانبين مستمرة، وحتى عندما أصدرت محكمة العدل الأوروبية قرارا يلزم إسرائيل بوضع علامات على المنتجات القادمة من المستوطنات، لم يتم تطبيق القرار بجدية.
غياب العالم العربي: بيانات الإدانة لا تكفي
يعتبر حل الدولتين أكثر من شعار مفرغ من مضمونه، يُستخدم لتجميل المواقف السياسية دون أي نية حقيقية لتنفيذه، ولا يوجد أي مؤشر على أنه قابل للتحقق، فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تترك مجالا للشك في رفضها لهذا الحل، حيث تؤكد القيادات الإسرائيلية أن الضفة الغربية ستظل تحت سيطرة إسرائيلية دائمة
على المستوى العربي، المواقف العربية باتت متباينة بين من يرى ضرورة دعم الفلسطينيين، وبين من يفضل تعزيز العلاقات مع إسرائيل لتحقيق مصالحه السياسية والاقتصادية، خاصة في السنوات الأخيرة وما شهده العالم العربي تطبيعا متزايدا بين بعض الدول العربية وإسرائيل، وهو ما شكل تحولا كبيرا في المشهد السياسي. هذا التطبيع جاء دون أي التزامات إسرائيلية تجاه الحقوق الفلسطينية، مما جعل الفلسطينيين يشعرون بمزيد من العزلة على الساحة الإقليمية، وبما يخالف المبادرة العربية لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني للقمة العربية في بيروت والتي أطلقها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز عام 2002م، ونصت عن عدم إقامة أي علاقات سلام مع إسرائيل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين.
الاستيطان: نهاية الدولة الفلسطينية قبل أن تبدأ
منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، تضاعفت المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية بشكل غير مسبوق، حتى أصبحت فكرة إقامة دولة فلسطينية متصلة الأركان شبه مستحيلة، فإسرائيل لم تكتفِ بالاستيطان فحسب، بل عمدت إلى تقسيم الضفة إلى مناطق مفصولة بالحواجز والجدران ومحاطة بأكثر من 980 حاجزا، مما جعل السيطرة الفلسطينية على أراضٍ ذات سيادة أمرا مستحيلا.
الخلاصة
على المستوى السياسي، يعتبر حل الدولتين أكثر من شعار مفرغ من مضمونه، يُستخدم لتجميل المواقف السياسية دون أي نية حقيقية لتنفيذه، ولا يوجد أي مؤشر على أنه قابل للتحقق، فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تترك مجالا للشك في رفضها لهذا الحل، حيث تؤكد القيادات الإسرائيلية أن الضفة الغربية ستظل تحت سيطرة إسرائيلية دائمة.
أما على الجانب الفلسطيني، فالوضع الداخلي منقسم، والسلطة الفلسطينية باتت بلا أي نفوذ حقيقي أمام الاحتلال الإسرائيلي، ويبقى السؤال: ما هو البديل الحقيقي الذي يمكن للفلسطينيين السعي وراءه؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات حل الدولتين الفلسطيني الإسرائيلي السلام إسرائيل فلسطين حل الدولتين سلام مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد الأوروبی الضفة الغربیة حل الدولتین دون أی
إقرأ أيضاً:
مندوب باكستان لدى الأمم المتحدة: الغارات الإسرائيلية على سوريا انتهاك واضح للقانون الدولي
نيويورك-سانا
أعرب مندوب باكستان الدائم لدى الأمم المتحدة عاصم افتخار أحمد عن قلق بلاده العميق حيال الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، مؤكداً أنها انتهاك للقانون الدولي.
وبحسب الموقع الرسمي لبعثة باكستان الدائمة لدى الأمم المتحدة على منصة إكس، أوضح أحمد في بيان ألقاه خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي أمس أن الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على كل من درعا والسويداء ودمشق تشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأكد أحمد أن هذه الأعمال تقوض الاستقرار الإقليمي وتعيق تعافي سوريا، مشدداً على ضرورة احترام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاقية فض الاشتباك في الجولان السوري لعام 1974 بشكل كامل.
الغارات الإسرائيلية على سوريا مندوب باكستان الدائم لدى الأمم المتحدة 2025-07-29Belalسابق عودة دفعة جديدة من اللاجئين السوريين من لبنان إلى حمص وسط دعم إنسانيالتالي مساعدات طبية نوعية تعزز القطاع الصحي بدير الزور بدعم من مؤسسة إغاثية انظر ايضاً السعودية تدين بشدة الغارات الإسرائيلية على سوريا وتدعو للوقوف بشكل جاد وحازم أمام هذه الانتهاكاتالرياض-سانا أدانت المملكة العربية السعودية بشدة الغارات الإسرائيلية على سوريا، مجددةً رفضها للمحاولات الإسرائيلية تهديد …
آخر الأخبار 2025-07-29مساعدات طبية نوعية تعزز القطاع الصحي بدير الزور بدعم من مؤسسة إغاثية 2025-07-29مندوب باكستان لدى الأمم المتحدة: الغارات الإسرائيلية على سوريا انتهاك واضح للقانون الدولي 2025-07-29عودة دفعة جديدة من اللاجئين السوريين من لبنان إلى حمص وسط دعم إنساني 2025-07-29محافظ حمص يتفقد مستشفى القصير الميداني ويعلن افتتاحه خلال أسبوعين 2025-07-29مدير عام مصرف التوفير: مستمرون بتقديم عدد من الخدمات المالية والمصرفية 2025-07-29باراك: نقدر بشدّة مساعي الحوار البناء لتعزيز التكامل والوحدة في سوريا 2025-07-29التعليم العالي والعدل في سوريا توقعان اتفاقية لتعزيز وتطوير التعاون العلمي والأكاديمي 2025-07-29انطلاق فعاليات بازار “أياد منتجة” في دمشق بمشاركة 35 سيدة من مختلف المحافظات 2025-07-29الصحة السورية تدرس آلية توحيد تسعيرة الأدوية 2025-07-29سوريا تشارك لأول مرة في أولمبياد العلوم النووية INSO بماليزيا
صور من سورية منوعات اكتشاف بصمة يد عمرها 4 آلاف عام على أثر طيني مصري 2025-07-28 رجل صيني يثير جدلاً بتحويل سيارته إلى حوض أسماك متنقل 2025-07-28
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |