واشنطن- للرئيس الأميركي دونالد ترامب تاريخ مثير -خلال فترة حكمه الأولى- فيما يتعلق بحرصه على إعادة كافة مواطنيه المحتجزين في دول أجنبية بغض النظر عن سبب احتجازهم، وتصدير ذلك للرأي العام على أنه إنجاز كبير لا يستطيع أحد إلا هو القيام به.

ونجح الرئيس الأميركي وأُفرج عن عدد من مواطنيه من كل من إيران واليمن وروسيا، ومصر من خلال حالة الناشطة آية حجازي.

وخلال خطاب حالة الاتحاد، فجر ترامب أمس الأربعاء تفاخره بالإفراج عن مدرس أميركي كان معتقلا لسنوات في السجون الروسية.

وعقب الخطاب، أصدر البيت الأبيض بيانا بعنوان "الرئيس ترامب يقود بالسلام من خلال القوة" جاء فيه أنه أمّن إطلاق سراح 6 محتجزين أميركيين في فنزويلا، وأميركيين اثنين في أفغانستان، ومواطن أميركي إسرائيلي لدى حركة حماس، ومعلم من بنسلفانيا لدى روسيا، ومواطن أميركي في بيلاروسيا، ليصل إجمالي المفرج عنهم في ولايته الثانية إلى 11 مواطنا.

قلق نتنياهو

وأشارت تقديرات إلى أنه رغم التنسيق الضخم بين الولايات المتحدة وإسرائيل تجاه السعي للإفراج عن كل الأسرى لدى حماس، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يتفق مع أولوية ترامب بضرورة العمل لاستعادة كل الأسرى الأحياء منهم والأموات، حتى لو كان الثمن هو اتفاق على وقف دائم لإطلاق النار.

إعلان

وفي هذا الإطار، فوجئت واشنطن بقيام إدارة ترامب بالتفاوض المباشر مع حركة حماس بالعاصمة القطرية ممثلة في المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون المحتجزين آدم بوهلر.

وغرد الدبلوماسي السابق آرون ديفيد ميلر الخبير حاليا بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولية، يقول إنه "لا يمكن لنتنياهو أن يكون سعيدا بهذا الخبر على أقل تقدير. ما يظهره ترامب من استعداد لاختراق الحواجز التي لا يمكن التغلب عليها تقليديا للحصول على ما يريد، يجب أن يقلق نتنياهو وعليه أن يتذكر انهيار العلاقات التي نتجت عن اجتماع بين ترامب وزيلينسكي في المكتب البيضاوي".

وعما إذا كان ذلك يعني تحولا في سياسة واشنطن طويلة الأمد المتمثلة في عدم التفاوض مع مجموعة مصنفة "بالإرهاب" في قوائم الخارجية الأميركية، يقول غريغوري أفتانديليان خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية بواشنطن "إنه من المدهش بعض الشيء أن إدارة ترامب تجري محادثات مباشرة مع حماس، ولكن ربما ليس مفاجئا بعد كل شيء".

وقال للجزيرة نت إن "ترامب يريد أن يظهر للشعب الأميركي أنه يبذل قصارى جهده لاستعادة الأميركيين المحتجزين، وخلال فترة ولايته الأولى استخدم روبرت أوبراين، الذي أصبح فيما بعد مستشاره للأمن القومي، للتفاوض على إطلاق سراح أكثر من 20 رهينة أميركية من مختلف أنحاء العالم. وأكدت اليوم المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض أنه كلف مبعوثه بالتحدث إلى أي شخص والقيام بما هو في مصلحة الشعب".

ووفق أفتانديليان، فإن تأكيد ترامب -خلال خطاب حالة الاتحاد أمام مجلسي الكونغرس– أنه أطلق سراح مارك فوغال -الذي كان معتقلا في السجون الروسية- يبرز أولوية هذه القضية عنده.

أولوية

في حين اعتبر فريدريك هوف، السفير السابق والخبير بالمجلس الأطلسي، أنه "نظرا لإحجام نتنياهو عن إعطاء أولوية قصوى لقضية المحتجزين، فإن التقارير التي تفيد بأن بوهلر قد اجتمع مباشرة مع ممثلي حركة حماس لتأمين إطلاق سراح المحتجزين الأميركيين -أحياء وأمواتا- لا تفاجئني. إن سلامة المواطنين الأميركيين بالخارج أولوية قصوى للسياسة الخارجية للولايات المتحدة".

إعلان

ومن جانبها، وفي حديث مع الجزيرة نت، أشارت عسل آراد الأكاديمية وخبيرة الشؤون الخارجية الأميركية إلى أنها لم تفاجأ بخطوة ترامب بالتفاوض المباشر مع حماس، وأنه "أظهر خلال ولايته الأولى، وحتى الآن في الثانية، انفتاحا على المحادثات والمفاوضات المباشرة مع خصوم واشنطن".

وأقر أفتانديليان أنه رغم وجود سياسة أميركية معلنة بعدم التحدث إلى الجماعات "المصنفة بالإرهاب" فقد تم تجاهل هذه السياسة عدة مرات. وعلى سبيل المثال، "قبل أن تنبذ منظمة التحرير الفلسطينية الإرهاب، وتعترف بدولة إسرائيل، انخرط المسؤولون الأميركيون في محادثات غير رسمية مع هذه المنظمة".

واتفق السفير هوف -في حديث للجزيرة نت- مع الطرح السابق، وقال إنه "هناك تقليد أميركي قديم في انتهاك سياسة عدم إجراء مناقشات طويلة الأمد مع الجماعات المصنفة على أنها إرهابية".

وتابع "في الحرب الأهلية اللبنانية خلال السبعينيات وأوائل الثمانينيات، كانت هناك مناقشات مستفيضة -معظمها تتعلق بالأمن- مع منظمة التحرير الفلسطينية التي تقودها حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، والتي اعتبرتها واشنطن آنذاك إرهابية. وعادة ما يتم إجراء هذه المناقشات على الجانب الأميركي من قبل أفراد أجهزة الاستخبارات".

تحول

في حين اعتبرت الخبيرة آراد أن "هذا التحول في السياسة الأميركية يتناسب تماما مع ميل ترامب لتفضيل المفاوضات وعقد الصفقات. لقد قال -في إشارة إلى الحرب في أوكرانيا– إنه لإنهاء الحروب عليك التحدث إلى كلا الجانبين، ومن المحتمل أن يكون هذا هو المنطق الذي يدفع قراره بالتحدث مباشرة إلى حماس لتحرير المحتجزين وإنهاء الحرب. ويمكن أيضا اعتباره اعترافا ضمنيا بأن حكومة نتنياهو في إسرائيل لم تكن وسيطا مفيدا للسلام".

وخلال أسابيع حكمه الستة، أظهر الجمهوريون ميلا لدعم ما يقوم به ترامب رغم أن البعض انتقده، فقد أظهر الرئيس القدرة على توحيد الحزب خلفه. وإذا استمر هذا النمط، فإن معظم الجمهوريين سيؤيدون قراره التحدث لحركة حماس، وسيرون أنها وسيلة لتحرير المحتجزين الأميركيين، حسب المتحدثة نفسها.

إعلان

أما بالنسبة للديمقراطيين، فمن الصعب عليهم إظهار معارضة واضحة لتحرك ترامب خاصة بعدما أثبتت السياسة الأميركية السابقة التي ترفض المحادثات المباشرة مع حماس عدم فعاليتها "وهذه خطوة كان يجب على الإدارة الديمقراطية برئاسة جو بايدن اتخاذها أيضا" كما تقول الخبيرة آراد.

ويرى السفير هوف أن رد فعل الكونغرس على هذه الأخبار غير نقدي إلى حد كبير، حيث أظهر الجمهوريون أنهم سيدعمون ترامب بغض النظر عما يفعله، حتى لو تضمن مهاجمة الحلفاء واحتضان روسيا. ومن غير المرجح أن يشن الديمقراطيون هجوما ضد محاولة لتحرير الأميركيين من الأسر و"إذا جاء الانتقاد المستمر من أي مكان، فقد يكون من اليمين الإسرائيلي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان حرکة حماس

إقرأ أيضاً:

سموتريتش يطالب نتنياهو بعدم إبرام صفقة مع حماس

طالب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر بالصمود ومواصلة الضغط العسكري وعدم التراجع إلى الخلف وإبرام صفقة لوقف إطلاق النار بغزة.

وقال سموتريتش "إنه من الخطأ الآن التوجه نحو صفقة تبادل والسماح لحماس بالتعافي، وإن كل من ينتمي إلى حماس مصيره الموت وعلينا مواصلة تدمير قدراتها العسكرية والمدنية".

وعبر الوزير الإسرائيلي عن رفضه بشكل كامل لدخول أي مساعدات إلى قطاع غزة.

وأضاف سموتريتش إنه لا يمكن الاستمرار في الحرب إلى الأبد وأن هناك ضغوطا دولية وداخلية بسبب جنود الاحتياط والاقتصاد.

وأشار إلى أنه "من المهم عدم إسقاط حكومة اليمين والتوجه لانتخابات خلال الحرب، لأنها خطر على مستقبل إسرائيل، وستؤدي إلى خسارة الحرب".

وأمس الثلاثاء، أعلنت بريطانيا وكندا والنرويج ونيوزيلندا وأستراليا فرض عقوبات على سموتريتش وإيتمار بن غفير، بسبب تصريحات "متطرفة وغير إنسانية" بشأن الوضع في قطاع غزة، والتحريض المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ويُعد كل من سموتريتش وبن غفير من الشخصيات المحورية في الائتلاف الحاكم بإسرائيل، فسموتريتش، إلى جانب منصبه وزيرا للمالية، يتحمل مسؤولية الإشراف المدني للاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية، وهو من أبرز المؤيدين لتوسيع المستوطنات غير القانونية وفق القانون الدولي.

إعلان

مقالات مشابهة

  • بعد سبات طويل.. جماعات محلية تتحول إلى أوراش مفتوحة مع قرب الإنتخابات
  • أسعار النفط ترتفع لأعلى مستوياتها خلال شهرين وسط تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران
  • نـ.تنياهو: سنعيد كافة المحتجزين من غـ.زة وسنقوض حكم حـ.ماس
  • نتنياهو: سنواصل الحرب حتى القضاء على حماس
  • أكسيوس: نتنياهو مهتم بالتطبيع مع سوريا ويطلب من واشنطن التوسط
  • هكذا كانت عصابة “موح القوم” تنهب أطنان الرمال من وادي “سيباو “لتمويل جماعات إرهابية
  • سموتريتش يطالب نتنياهو بعدم إبرام صفقة مع حماس
  • ترامب: إذا كان هناك تمرد في كاليفورنيا فسأطبق قانون التمرد.. وضباط إسرائيليون يطالبون الحكومة بإتمام صفقة المحتجزين وإنهاء حرب غزة| أخبار التوك شو
  • نتنياهو: هناك تقدّم في مفاوضات الأسرى
  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو عقد اجتماعا مع وزير الدفاع ورئيس الأركان لبحث مفاوضات الإفراج عن المحتجزين